الكرد ليسوا «عروساً يخطب ودَّها الجّميع» !!

عمر كوجري

لم يحسم الأمر بعد بالبت النهائي لنتائج الانتخابات العراقية التي جرت في السابع من الشهر الجاري، وتطالعنا مفوضية  الانتخابات يومياً بالنتائج الجزئية التي لم ترضَ بعض القوائم كقائمة إياد علاوي عن أدائها، وتسريبها المجزأ للنتائج، والذي هدد باللجوء للأمم المتحدة لما يكتنف سير فرز الأصوات من انتهاكات وتزوير، وفيما كانت قائمة دولة القانون التي يرأسها نوري المالكي تنظر بعين الرضا لواقع احتساب الأصوات وفرزها، خرجت هي أيضاً عن طورها اليوم، وتقدمت بشكوى لمفوضية معبرة عن اعتراضها على فرز أصوات الناخبين في بغداد ومناطق أخرى متهمة هي أيضاً المفوضية بالتزوير وغيره.
وفيما تشهد مدينة أربيل ” هولير” نشاطاً محموماً من مختلف الأطياف المشاركة في الانتخابات للتشاور في مستقبل ورسم معالم الحكومة العراقية المقبلة  تقول بعض الأخبار إن قائمتي علاوي والمالكي متساويتان في الأصوات وبالتالي وبعد فرز أكثر من 80 بالمئة من الأصوات تأكد حصول كلتا القائمتين على 87 مقعداًً  من أصل 310 مقاعد، بينما حصل الائتلاف الوطني العراقي الذي يضم الأحزاب ‏الشيعية على حوالي 67 مقعداً في حين حصل التحالف ‏الكردستاني على 38 مقعداً.


ما يهمنا في هذا المقام ان نعرج على وضع كرد العراق الذين شاركوا بقوائم متعددة شتتت أصواتهم بالتأكيد وفرقت من شملهم، والتوقعات التي تشير على فوز الكرد بحوالي 65 مقعداً ليست دقيقة على ما يبدو، فالكرد شكلوا في انتخابات 2005 صوتاً موحداً قوياً، إذ حصلوا على 53 مقعداً، واستطاعوا أن يكونوا زخماً قوياً في البرلمان العراقي.
بمطلق الأحوال ومهما شطت بنا، أو بـ “الوطن” الشطارة في اختيار العناوين المثيرة ” للريبة غالباً”:
كرد العراق ليسوا ” عروس يخطب ودها الجميع” كما عنونت وبالبوند العريض وعلى   صدر الصفحة الأولى صحيفة  الوطن السورية ” المستقلة جداً ”  من باب التهكم والانزعاج لما قد يحصل عليه الكرد في الانتخابات الحالية، في إشارة إلى أن القوائم الأساسية التي تودُّ تشكيل حكومة جديدة لا تستطيع تجاوز الكرد ، ولا بد من التحالف معهم، ورأت الوطن ” المستقلة” أن المشهد السياسي المفتوح على التغيرات والمساومات الصعبة، يعود من جديد ليتشكل في الباحة الشمالية العراقية، أي في إقليم كردستان، حيث يصبح التحالف مع الأكراد بيضة القبان للائتلاف الذي سيشكل الحكومة، و”يتوالى توافد كبار السياسيين العراقيين إلى منطقة كردستان العراق، حيث يتمسك الأكراد بورقتهم التي تتلخص بضم كركوك ونحو اثنتي عشرة مدينة صغيرة إلى إقليمهم”
إذاً: كرد العراق – ولنكن صريحين – ليسوا بقوة ووحدة انتخابات 2005 ويعلمون أنهم    ظلموا بالتوزيع غير العادل لمقاعد البرلمان الرعاقي حين توسع من 275 مقعداً إلى  د310 مقاعد.
 لكن ينبغي التنبيه إلى عدة أمور حتى لا تضيع بين أيديهم اليوم ما حققوه أمس.
فحلفاء أمس ليسوا حلفاء اليوم، والجميع سمع أو قرأ التصريحات النارية من قادة بعض الكتل السياسية الذين أنكروا البعض القليل ما يمكن أن يحصل عليه الكرد من كعكة الدولة، فصالح أو طالح المطلك نظر، وينظر إلى إقليم كردستان والشر يستطير من عينه، وكأنه يحن لأيام سيده صدام حين يقول إن يديه مكسورتان لأنه خارج السلطة، ويصرح بان كردستان ليست موجودة إلا في إيران، وإنه حالما يستلم السلطة سيأمر جيشه” بغزو” كردستان” واستباحة أهلها     
ومثنى حارث الضاري ” ابن العالم الروحاني والمتسامح الإنساني (!!!) حارث الضاري، وقدهدّد، وتوعد ابن الضاري الكرد وإقليم كردستان بدباباته لسحق “الجيب العميل”  
 و”بالأمس القريب وعد أياد جمال الدين من على شاشة قناة فضائية عربية بإلغاء إقليم كردستان إذا نجح في الانتخابات.
ويأتي طارق الهاشمي ليحرق آخر ورقته الشوفينية، ويعلن فضح توجهه بوجوب أن يكون رئيس العراق عربياً من بني قحطان لأن العراق بلد عربي حسب زعمه، وكأنه لم يقرأ الدستور الذي لم يوص بوجوب عربية هوية رئيس العراق، ويعلن عداءه ومخاصمته للتوجه الكردي الذي يتمسك بورقة إعادة ترشيح جلال الطالباني لمنصب رئاسة الجمهورية العراقية رغم أن هذا المنصب يكاد أن يكون تشريفياً لا يحل، ولا يربط، واعتُبِر المالكي آكل البيضة وقشرتها في المرحلة السابقة، حيث ترددت كثيراً أخبار شكوى مجلس الرئاسة من تصرفات المالكي الفردية وو.
في هذا الوضع المعقد ينبغي على الكرد أن يتكابروا على جراحهم الناكئة، ويتجاوزوا الحزازيات الفردية، والأطماع والمكتسبات الحزبية الضيقة، وعلى المتحدث باسم قائمة التغيير أن يعتذر ويتراجع عن تصريحات قائمته التي قالت: “لسنا أتباعاً مطيعين.

وسيكون عملنا مع الأحزاب السياسية الأخرى وخصوصا الاتحاد الوطني الكردستاني والحزب الديمقراطي الكردستاني في بغداد مشروطاً جداً.
يفترض أن يكون جميع الفائزين ومن مختلف القوائم في كردستان العراق مطيعين من اجل تحقيق أهداف شعبهم، والكرد لم يثبتوا قوة ضاربة حتى في كركوك، لأن القائمة العراقية ” علاوي” الذي ينضوي تحت خيمة قائمته جماعة صالح المطلك، والهاشمي وغيرهم من ” أحبة الكرد”  هذه القائمة ..

سحبت البساط من تحت أرجل الكرد ، وفازت بنسبة مؤثرة من المقاعد المخصصة لمحافظة كركوك وهذا يعني فيما يعني تراجع فرص حسم مشكلة كركوك، بما يتفق مع التطلعات الكردية.
لماذا؟؟ لأن أصوات الكرد تبعثرت في هذه القائمة وتلك، وفازت في ” كركوك تصوروا” جماعة المطلك!!!!
فـ مصير كركوك والمناطق والقصبات والأقضية الكردية التابعة للحكومة المركزية أهم وأعلى شأناً من أي شخص أو حزب، ومصير الدستور الذي أعلن صراحة بشراكة الكرد في الوطن العراقي، وأقر بالفيدرالية أكبر بكثير من مصير أية جماعة،.
ليضع ساسة كردستان أيديهم على ضمائرهم، ويفكروا بمصير سكان كردستان العراق، بجميع مللهم ونحلهم ،وتطلعهم إلى حياة أفضل وكرامة وعيش رغيد وتنمية وإعمار.
وليضربوا مواقع الفساد والمستفيدين والمستزلمين،والمتسلقين وأصحاب النفوذ والذين سخروا السلطة والمركز لمصالحهم الشخصية، وكل ما من شأنه إعاقة مشروع التنمية الشاملة في كردستان، هذا ما يجب أن يكون عليه ساسة كردستان العراق، ويفكروا فيه ملياً .

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

مسلم شيخ حسن – كوباني يصادف الثامن من كانون الأول لحظة فارقة في التاريخ السوري الحديث. ففي مثل هذا اليوم قبل اثني عشر شهرًا انهار حكم عائلة الأسد بعد أربعة وخمسين عاماً من الدكتاتورية التي أثقلت كاهل البلاد ودفعت الشعب السوري إلى عقود من القمع والحرمان وانتهاك الحقوق الأساسية. كان سقوط النظام حدثاً انتظره السوريون لعقود إذ تحولت سوريا…

زينه عبدي ما يقارب عاماً كاملاً على سقوط النظام، لاتزال سوريا، في ظل مرحلتها الانتقالية الجديدة، تعيش واحدة من أشد المراحل السياسية تعقيداً. فالمشهد الحالي مضطرب بين مساع إعادة بناء سوريا الجديدة كدولة حقيقية من جهة والفراغ المرافق للسلطة الانتقالية من جهة أخرى، في حين، وبذات الوقت، تتصارع بعض القوى المحلية والإقليمية والدولية للمشاركة في تخطيط ورسم ملامح المرحلة المقبلة…

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…