صوت الأكراد *
إن الحديث عن عملية الإصلاح في الحركة الوطنية الكردية في سوريا بات مطروحاً بشكل واسع من قبل مختلف مكونات شعبنا الكردي ساسةً كانوا أم شخصيات ثقافية و اجتماعية مستقلة , ولعل السبب المباشر في هذا المنحى هو الحالة اللاواقعية والمرضية التي وصلت إليها الحركة الكردية في أدائها , وكذلك نتيجة لحالة التشرذم والمهاترات التي تعتري مسيرتها بشكل كبير , خاصةً وأنه في الجانب الآخر من المشهد لا يتردد النظام في زيادة وتيرة الإجراءات الشوفينية والقمعية بحق شعبنا الكردي وقضيته العادلة في محاولةً منه لصهره وإنهاء وجوده في مناطقه التاريخية, كل ذلك في ظل التنامي المتزايد لمفاهيم الديمقراطية وحقوق الإنسان وعدم القبول بالأمر الواقع ومحاولات التطوير والتقدم في العالم, وانتشار العولمة والانترنيت ووسائل الاتصال الأخرى من فضائيات وغيرها جعلت من شعبنا لا يقبل بالركود والتخلف عن مسيرة الإصلاح والتطور …
إن الوقوف على هذا الموضوع يعتبر خطوة حساسة لما لها من تشابكات وتداخلات قد تفهم الغاية منها بشكل مغلوط , ولكن لا بد لنا من ذلك نظراً للحاجة الماسة لمعالجة هذا الواقع وتجاوز هذه الأزمة من خلال تشخيص الحالة و تحليلها وبالتالي إمكانية السير باتجاه الحل ….
يعرف الإصلاح عموماً بأنه (التغيير والتعديل نحو الأفضل لوضع شاذ أو سيء ولا سيما في ممارسات وسلوكيات مؤسسات فاسدة ، أو متسلطة ، أو مجتمعات متخلفة ، أو إزالة ظلم ، أو تصحيح خطأ أو تصويب اعوجاج …).
فإذا ما أسقطنا ذلك على واقع الحركة الكردية في سوريا فسندرك حتمية وضرورة عملية الإصلاح” ونؤكد هنا على الإصلاح وليس الهدم أو الإنهاء الكلي ” , ولكننا نؤكد أيضاً أنه لا بد أن تتوفر في أية محاولات إصلاحية شروط أساسية فيجب أن تكون غاية التغيير السير نحو الأفضل للكل وليس التغيير لصالح الجزء , كما لا بد لها أن تتصف بالاستمرارية لا أن تكون كبعض الأنظمة التي تزين واجهتها قبل الحملات الانتخابية أو في حال الأزمات ثم ما تلبث أن تعود إلى طبيعتها مع انتهاء ذلك الظرف الطارئ , ولا بد لعملية الإصلاح أن تأخذ بعين الاعتبار بعض الحقائق التي لا يمكن الاستغناء عنها , فقرارات الإصلاح يجب أن تكون حاسمة وغير ارضائية أو اسعافية مهدئة , ولا بد أن يكون الإصلاح منطلقاً من أهداف وأفكار راسخة تنبع من أيديولوجيات تتناسب مع رغبات الجماهير , وليست مجرد نزوات تنتاب هذا الشخص أو ذاك لغايات معينة أو شخصية , كما أن هناك نقطة غاية في الأهمية وهي أن الإصلاح يجب أن يكون ذات جبهة واسعة لضمان تحقيق أهدافه , فكلما اتسعت قاعدة المشاركة في عملية الإصلاح كلما زادت شرعية الإصلاحات ، فالإصلاح الذي يتم من أجل حريات الناس ومصالحهم ومن أجل مستقبلهم ، لا شك سوف يدفعهم إلى التمسك به وحمايته ممن يحاولون عرقلته أو الإساءة إليه ، وبالتالي لابد من أن يؤدي الإصلاح إلى حراك اجتماعي وخلق إرادة جماهيرية ، وبخلاف ذلك فإنه تبقى الإصلاحات جزئية وغير مؤثرة يسهل التراجع عنها ، وذلك لغياب الجماهير التي يمكن أن تدافع عن هذه الإصلاحات وتتمسك بها.
وعلينا إن ندرك أيضاً أن الإصلاح من الصعوبة بمكان , فهو ليس ذلك المبتغى السهل المنال فكما للإصلاح أنصار فإن للطرف المناوئ له أنصار أيضاً وإن كانوا قلة فهم أصحاب قرار ونفوذ وبيدهم وسائل التأثير المختلفة سواء المادية أو الإعلامية وغيرها, فالفئة المتسلطة والمعارضة للإصلاح مهما نادت بمصالح الفقراء والبسطاء، فإنها لا تسعى إلا لحماية وزيادة مكاسبها، وبالتالي فانه من المستبعد أن تتخلى طواعيةً عن هذه المكاسب, الأمر الذي يعني أن الإصلاح قد يكون نتاج صراع مجتمعي بين قوى سياسية متضادة، وقد يأخذ هذا الصراع أشكالاً غير مستساغة في بعض الأحيان , لذلك لا بد للإصلاحيين أن ينتهجوا سياسات معينة مع هذه الفئة كاعتماد الحوار مع الطرف الآخر كخطوة أولية لإقناعهم بعملية الإصلاح وهنا يجب الحذر من محاولات الالتفاف من قبل الفئات المتسلطة على بعض الإصلاحيين من خلال تقديمهم تعويضات أو مغريات لهم بغية تفتيت الصف الإصلاحي , وكذلك على الإصلاحيين أن يتوجهوا إلى الجماهير لتوسيع جبهتهم لخلق تيار إصلاحي فعلي يحسب لتحركاته حسابات حقيقية .
ولعل السبب في عدم رضوخ بعض الساسة في الحركة الوطنية الكردية في سوريا لمحاولات الإصلاح هو ضعف الإرادة السياسية عندهم , وقلة خبراتهم وعدم قدرتهم على التأقلم مع المستجدات ومواكبة التطورات السياسية والحضارية الكبيرة التي يشهدها الواقع السياسي الكردي , و وكذلك لم تعد السياسة حكراً وعرشاً لشخصٍ بعينه , أو أنهم باتوا مسلوبي الإرادة وذلك بتبعيتهم لجهات ما , وكذلك خوفهم من أن يكون الإصلاح قاضياً على مصالحهم الاقتصادية ومكانتهم الاجتماعية ….
وعليه , فالحركة الكردية مطالبة بالتحرك سريعاً للبدء بعملية إصلاح حقيقية من خلال التفاعل مع مطالب الجماهير الوطنية ورغباتها , وتطوير أنظمتها الداخلية التي باتت غير ملائمة لعصرنا الحالي ” فهي منذ سنوات التأسيس الأولى لم تطرأ عليها أية تغيرات تذكر ” , وكذلك إنهاء الهالات حول شخصيات تعتبر نفسها رموز للشعب الكردي والتخلص من مرحلة التبعية في كل شيء للشخص” رغم عدم إنكارنا لدور الشخص في حالات معينة في تقدم بلادهم و تحقيق أهدافهم , والتاريخ مليء بالأمثلة الدالة على ذلك كالبارزاني الخالد وغاندي وهوشيمنا..” إلا أن القدسية التي يحاول البعض في الحركة إلصاقها بأنفسهم ومحاولاتهم اعتبار ذواتهم قادة ضروريين لقيادة الشعب , فلا بد لهذه الأوهام أن تتغير, وكذلك من خلال العمل الجاد لإنهاء حالات التشرذم والتفرقة بين صفوفها من خلال إنجاح جهود المجلس السياسي الكردي في سوريا في مساعيه لعقد مؤتمر وطني كردي بمشاركة ممثلين عن جميع فعاليات المجتمع الكردي وبالتالي إزالة الحالة الضبابية عن أهداف الحركة الكردية لتكون أهداف واضحة ومتفق عليها من قبل الجميع , ونكون صفاً واحداً ” حركة سياسية وجماهير وطنية ” في وجه الإجراءات العنصرية و الشوفينية التي يتعرض لها أبناء شعبنا الكردي , ولا بد للحركة الكردية أن تشخص جيداً حالة الخروقات الأمنية في صفوفها ووضع حدّ لهذه الحالة ومحاولة قطع أواصر الصلة بين الحركة وبين أولئك , وبذلك يكون الإصلاح قد وضع على مساره الصحيح …
وما تشهده الساحة السياسية الكردية في سوريا اليوم تبشر بفرص حقيقية لنجاح هذه المحاولات, وخاصةً أننا نسمع الأصداء الإيجابية لمحاولات الإصلاح التي بدأت شراراتها الأولى تندلع هنا وهناك … مع يقين علمنا أن طريق الإصلاح لم ولن يكون مفروشاً بالورود, بل هو طريق وعرٌ يصعب المسير فيه, فهو مسؤولية صعبة ودقيقة وتحتاج إلى قيادة وحنكة وصبر واستعداد للتضحية ودفع الثمن في هذه المرحلة الحاسمة التي يتوقف على نتائجها مصير ومستقبل قضيتنا الكردية العادلة ، وبخلاف ذلك فان الإصلاح يحتاج إلى معجزة سياسية، ونحن في عصر انتهت فيه المعجزات.
* لسان حال اللجنة المركزية للحزب الديمقراطي الكردي في سوريا (البارتي) – العدد (425) آذار 2010 لتنزيل العدد انقر هنا
يعرف الإصلاح عموماً بأنه (التغيير والتعديل نحو الأفضل لوضع شاذ أو سيء ولا سيما في ممارسات وسلوكيات مؤسسات فاسدة ، أو متسلطة ، أو مجتمعات متخلفة ، أو إزالة ظلم ، أو تصحيح خطأ أو تصويب اعوجاج …).
فإذا ما أسقطنا ذلك على واقع الحركة الكردية في سوريا فسندرك حتمية وضرورة عملية الإصلاح” ونؤكد هنا على الإصلاح وليس الهدم أو الإنهاء الكلي ” , ولكننا نؤكد أيضاً أنه لا بد أن تتوفر في أية محاولات إصلاحية شروط أساسية فيجب أن تكون غاية التغيير السير نحو الأفضل للكل وليس التغيير لصالح الجزء , كما لا بد لها أن تتصف بالاستمرارية لا أن تكون كبعض الأنظمة التي تزين واجهتها قبل الحملات الانتخابية أو في حال الأزمات ثم ما تلبث أن تعود إلى طبيعتها مع انتهاء ذلك الظرف الطارئ , ولا بد لعملية الإصلاح أن تأخذ بعين الاعتبار بعض الحقائق التي لا يمكن الاستغناء عنها , فقرارات الإصلاح يجب أن تكون حاسمة وغير ارضائية أو اسعافية مهدئة , ولا بد أن يكون الإصلاح منطلقاً من أهداف وأفكار راسخة تنبع من أيديولوجيات تتناسب مع رغبات الجماهير , وليست مجرد نزوات تنتاب هذا الشخص أو ذاك لغايات معينة أو شخصية , كما أن هناك نقطة غاية في الأهمية وهي أن الإصلاح يجب أن يكون ذات جبهة واسعة لضمان تحقيق أهدافه , فكلما اتسعت قاعدة المشاركة في عملية الإصلاح كلما زادت شرعية الإصلاحات ، فالإصلاح الذي يتم من أجل حريات الناس ومصالحهم ومن أجل مستقبلهم ، لا شك سوف يدفعهم إلى التمسك به وحمايته ممن يحاولون عرقلته أو الإساءة إليه ، وبالتالي لابد من أن يؤدي الإصلاح إلى حراك اجتماعي وخلق إرادة جماهيرية ، وبخلاف ذلك فإنه تبقى الإصلاحات جزئية وغير مؤثرة يسهل التراجع عنها ، وذلك لغياب الجماهير التي يمكن أن تدافع عن هذه الإصلاحات وتتمسك بها.
وعلينا إن ندرك أيضاً أن الإصلاح من الصعوبة بمكان , فهو ليس ذلك المبتغى السهل المنال فكما للإصلاح أنصار فإن للطرف المناوئ له أنصار أيضاً وإن كانوا قلة فهم أصحاب قرار ونفوذ وبيدهم وسائل التأثير المختلفة سواء المادية أو الإعلامية وغيرها, فالفئة المتسلطة والمعارضة للإصلاح مهما نادت بمصالح الفقراء والبسطاء، فإنها لا تسعى إلا لحماية وزيادة مكاسبها، وبالتالي فانه من المستبعد أن تتخلى طواعيةً عن هذه المكاسب, الأمر الذي يعني أن الإصلاح قد يكون نتاج صراع مجتمعي بين قوى سياسية متضادة، وقد يأخذ هذا الصراع أشكالاً غير مستساغة في بعض الأحيان , لذلك لا بد للإصلاحيين أن ينتهجوا سياسات معينة مع هذه الفئة كاعتماد الحوار مع الطرف الآخر كخطوة أولية لإقناعهم بعملية الإصلاح وهنا يجب الحذر من محاولات الالتفاف من قبل الفئات المتسلطة على بعض الإصلاحيين من خلال تقديمهم تعويضات أو مغريات لهم بغية تفتيت الصف الإصلاحي , وكذلك على الإصلاحيين أن يتوجهوا إلى الجماهير لتوسيع جبهتهم لخلق تيار إصلاحي فعلي يحسب لتحركاته حسابات حقيقية .
ولعل السبب في عدم رضوخ بعض الساسة في الحركة الوطنية الكردية في سوريا لمحاولات الإصلاح هو ضعف الإرادة السياسية عندهم , وقلة خبراتهم وعدم قدرتهم على التأقلم مع المستجدات ومواكبة التطورات السياسية والحضارية الكبيرة التي يشهدها الواقع السياسي الكردي , و وكذلك لم تعد السياسة حكراً وعرشاً لشخصٍ بعينه , أو أنهم باتوا مسلوبي الإرادة وذلك بتبعيتهم لجهات ما , وكذلك خوفهم من أن يكون الإصلاح قاضياً على مصالحهم الاقتصادية ومكانتهم الاجتماعية ….
وعليه , فالحركة الكردية مطالبة بالتحرك سريعاً للبدء بعملية إصلاح حقيقية من خلال التفاعل مع مطالب الجماهير الوطنية ورغباتها , وتطوير أنظمتها الداخلية التي باتت غير ملائمة لعصرنا الحالي ” فهي منذ سنوات التأسيس الأولى لم تطرأ عليها أية تغيرات تذكر ” , وكذلك إنهاء الهالات حول شخصيات تعتبر نفسها رموز للشعب الكردي والتخلص من مرحلة التبعية في كل شيء للشخص” رغم عدم إنكارنا لدور الشخص في حالات معينة في تقدم بلادهم و تحقيق أهدافهم , والتاريخ مليء بالأمثلة الدالة على ذلك كالبارزاني الخالد وغاندي وهوشيمنا..” إلا أن القدسية التي يحاول البعض في الحركة إلصاقها بأنفسهم ومحاولاتهم اعتبار ذواتهم قادة ضروريين لقيادة الشعب , فلا بد لهذه الأوهام أن تتغير, وكذلك من خلال العمل الجاد لإنهاء حالات التشرذم والتفرقة بين صفوفها من خلال إنجاح جهود المجلس السياسي الكردي في سوريا في مساعيه لعقد مؤتمر وطني كردي بمشاركة ممثلين عن جميع فعاليات المجتمع الكردي وبالتالي إزالة الحالة الضبابية عن أهداف الحركة الكردية لتكون أهداف واضحة ومتفق عليها من قبل الجميع , ونكون صفاً واحداً ” حركة سياسية وجماهير وطنية ” في وجه الإجراءات العنصرية و الشوفينية التي يتعرض لها أبناء شعبنا الكردي , ولا بد للحركة الكردية أن تشخص جيداً حالة الخروقات الأمنية في صفوفها ووضع حدّ لهذه الحالة ومحاولة قطع أواصر الصلة بين الحركة وبين أولئك , وبذلك يكون الإصلاح قد وضع على مساره الصحيح …
وما تشهده الساحة السياسية الكردية في سوريا اليوم تبشر بفرص حقيقية لنجاح هذه المحاولات, وخاصةً أننا نسمع الأصداء الإيجابية لمحاولات الإصلاح التي بدأت شراراتها الأولى تندلع هنا وهناك … مع يقين علمنا أن طريق الإصلاح لم ولن يكون مفروشاً بالورود, بل هو طريق وعرٌ يصعب المسير فيه, فهو مسؤولية صعبة ودقيقة وتحتاج إلى قيادة وحنكة وصبر واستعداد للتضحية ودفع الثمن في هذه المرحلة الحاسمة التي يتوقف على نتائجها مصير ومستقبل قضيتنا الكردية العادلة ، وبخلاف ذلك فان الإصلاح يحتاج إلى معجزة سياسية، ونحن في عصر انتهت فيه المعجزات.
* لسان حال اللجنة المركزية للحزب الديمقراطي الكردي في سوريا (البارتي) – العدد (425) آذار 2010 لتنزيل العدد انقر هنا