ودوافع الحيطة والحذر من تفاقم الأزمة إلى اقتتال بين الإخوة فضلا عن المسؤولية السياسية والتاريخية، دفعت بالرئيس (مسعود بارزاني) إلى محاولة تطويق الأزمة وبث روح الطمأنينة لدى شعب الإقليم، والتوجه نحو التهدئة عبر التحذير من مغبة اشتعال فتيل الفتنة التي ستذهب بأرواح الكرد، فأعرب عن عزمه على حلحلة الأزمة وتطويقها ووقوفه ضد أي سلوك من شأنه أن يسهم في هدر الدم الكردي.
بعد هذه المقدمة التي حاولنا فيها أن نرسم صورة المشهد السياسي في الإقليم، لا سيما في السليمانية وكركوك، نرى أن نبش أوراق الماضي والتراشق بالتهم بين الاتحاد الوطني وحركة التغيير في هذا الوقت بالذات، لا يخدم مصلحة الكرد ولا الطرفين المتخاصمين.
فهم يتحدثون عن قضايا لا تعد من أولويات الكرد في الإقليم والعراق، ولا تخص مصلحة الشعب المصيرية، كما أن حقوقه المسلوبة والمتنازع عليها حتى الآن قابعة في المحاكم العراقية، والمتهمون بدمار وقتل الشعب الكردي والعبث بمقدراته يتمتعون بحريتهم ولم يحاكموا بعد.لذا ينبغي أن لا تؤدي الخلافات الحزبية إلى تغيير مسار الحركة والتيه في دوامات البحث عن أخطاء الآخرين، لأننا إزاء واقع سياسي شائك وبالغ التعقيد، كما أننا لم نحصل حتى الآن على حقوقنا المشروعة لا داخليا ولا دوليا، بل إن وضعنا ما زال مرهونا بمدى ارتباط مصالح أميركا بالعراق والمنطقة، ومقرونا بجدلية الربح والخسارة! ولكن عموما هذا السجال لا يعني المواطن بقدر توفير الخدمات والقضاء على البطالة ومحاربة الفساد والقضاء على المحسوبية والمنسوبية، لذا يجب على الفرقاء السياسيين بالدرجة الأساسية، استقطاب الناخب عبر توفير ما يصبو إليه وليس بالتنظير والشعارات وغيرها..
والساحة السياسية تتسع للجميع.
ولكن المثير للريبة هذه الأيام، أن ثمة من يشير إلى أن التوازن العسكري بينهما مختل، مستندا إلى مصادر عسكرية وخبراء..
إذ إن الاتحاد الوطني كفته هي الراجحة بوصفه يمتلك كذا من الإمكانات العسكرية! علينا أن نكون أكثر فطنة في التعامل مع هذه الطروحات، فلو أنها صدرت من جهات في الاتحاد الوطني، فالدلالة توحي بأن الاتحاد يفرض إرادته عبر السلاح ولا يفهم غير هذه اللغة! وهذا فيه من الإساءة الكثير للاتحاد وللحركة الكردية برمتها.
أما إذا كانت الغاية تحريضية يذكيها أعداء الكرد، فعلينا تفويت الفرصة على هؤلاء، فإن اندلاع الاقتتال، يعني خراب كل ما شيدناه بدمائنا وعرقنا، وإضعاف دورنا السياسي، وما نضطلع به من دور في عملية البناء الديمقراطي في العراق، فضلا عن دمار البنى التحتية والخدمات وفقدان الموارد البشرية وتحول الإقليم إلى بيئة طاردة للاستثمار..
وسلسلة طويلة من الخيبات والخسارات.
إذن تغليب لغة الحوار بدلا من السلاح هو الحل الأمثل والأوحد، فالتلويح بالسلاح معناه خسارة للجميع.
وما يجري يجب تفهمه بوصفه حالة صحية في المسار الديمقراطي، وأن الاختلاف في وجهات النظر أمر طبيعي، من دون تخوين الآخر أو اللجوء للقوة، فلكل حزب أو تيار رؤيته المختلفة، شريطة أن تخدم مصالح الشعب لا أن تمجد الأشخاص.
*كاتبة وأكاديمية
من إقليم كردستان العراق