زيور العمر
تستحق كتابات , الأستاذ المفلح , الديمقراطية الليبرالية , حق الرد و النقاش و الحوار , ليس لأنها , حصراً من نتاج كاتب منفتح على هموم الشأن السوري , و التي يشكل المسألة الكردية , إحدى تحدياتها المهمة , إن لم نقل أهمها , و إنما بسبب الإصرار و العزم , على مناقشة قضية تهم , مستقبل البلاد , و إستقرارها.
و يبدو من المقالة الأخيرة , أنه لم يطلع على مقالتي حول , الدولة الوطنية الديمقراطية في سوريا , و التي أرى أنها , حسب قناعاتي و تجربتي الطويلة , في الحركة السياسية الكردية , الشكل الأمثل , للدولة التي يحلم بها السوريين.
و يبدو من المقالة الأخيرة , أنه لم يطلع على مقالتي حول , الدولة الوطنية الديمقراطية في سوريا , و التي أرى أنها , حسب قناعاتي و تجربتي الطويلة , في الحركة السياسية الكردية , الشكل الأمثل , للدولة التي يحلم بها السوريين.
في البداية , أريد التوقف عند مقولة (سورية دولة /أمة) , و ليست ( دولة طوائف و أقوام و أديان) , و هنا أريد أن أتساءل : ما هي طبيعة المجتمع السوري , في حقيقته , و ليس كما يحلو لنا أن نفترض ؟ … ألا يحمل مشروع بناء الدولة الحديثة العصرية , في طياته أخذ خصوصية المجتمع بعين الإعتبار , عند وضع الدساتير, و آليات تنظيم العلاقة بين الدولة و المجتمع / مكوناته , على إعتبار أن النسيج الإجتماعي السوري , متنوع و متعدد , بتعدد الأقوام و الطوائف و الأديان , المشكلة له ؟ و هنا أسألك الأستاذ المفلح , لماذا لم تكن قضية الباسك , او قضية الألمان , على سبيل المثال , مشكلة في بناء الدولة العصرية في كل من إسبانيا و بلجيكا , نظرا ً للإقرار القانوني و الحقوقي , لهاتين القوميتين أو المكونين , في شكل من الإدارة الذاتية و الثقافية , في دستوري البلدين ؟ و هل شكل , إعتبار بلجيكا , بلد متعدد القوميات , مشكلة بالنسبة الى المشرع القانوني و الحقوقي , لإيجاد علاقة منظمة و دستورية , بين مكونات المجتمع البلجيكي , في إطار سيادة الدولة الفيدرالية ؟ لا شك أن الإستاذ غسان ما زل يتخوف , من (جريرة) الإعتراف , بوجود شعب متميز , بتاريخه و ثقافته و لغته , في داخل الوطن , ولا أدري سبب هذا التخوف , هل هو الخوف من إختيارات الأجيال القادمة , عندما تتسنح لها الظروف و الموازين , فتطلب بما هو أكثر ؟ .
ليس من الممكن الحديث عن سوريا دولة /أمة بالمعطيات الراهنة , إذ لا بد من الإتفاق أو بلوغ حتى تصور مشترك على الأقل , لألية إنجاز الحالة المتقدمة: سوريا دولة /أمة.
إن الإعتراف المتبادل بين جميع مكونات الشعب السوري , على أنهم شركاء في الوطن , على قاعدة إقرار التنوع القومي في البلاد , هو السبيل الوحيد لبلوغ المواطنة الحقيقية .
فقد تعرض الشعب الكردي في سوريا , جراء عدم الإعتراف به , الى مشاريع و ممارسات عنصرية مقيتة و مخلة بكل الأعراف و القوانين الإنسانية , و هو ما أثار لديه , حساسية خاصة , تجاه كل مقاربة , تجاور المشكلة الحقيقية لديه , ألا وهو الإعتراف به .
فوجه الخلاف الأساسي ما زال محصوراً في كيفية بلوغ المواطنة الكاملة , للكردي و الأشوري و غيره في هذا الوطن .
فليس من خلال إلغاء التمييز بحق الشعب الكردي , يتحقق المواطنة الكاملة , و إنما من خلال الإعتراف به , و لأن أية أمة , لا بد أن تكون لها تعريف و صفة و قالب متميز , فإن من الضروري إيجاد تعريف لهذه الأمة.
هنالك في دول عديدة , أقاليم ذات خصوصية متميزة , تمليها إعتبارات إثنية أو دينية , من دون أن يشكل وجودها أي خطر على السلطة المركزية , أو أن تجزأ السيادة الوطنية , و لكن المهم دائماً الأقرار بالحقائق التاريخية و الجغرافية , كبداية الطريق الى الإتفاق السياسي.
هل مناطق الكرد في سوريا (الجزيرة , كوباني و عفرين) جزء من أرض كردستان التاريخية , و هل وجود الشعب الكردي على هذه الأرض محل شك أو ريبة ؟ هل يشكل تواجد الأشوريين و العرب في هذه المناطق, إنتقاصاً , من حقيقتها , تاريخياً و جغرافياً , كجزء من كردستان ؟ و ماذا لو أصر الكرد في سوريا , على تسمية مناطقهم في سوريا , بكردستان سوريا , هل يشكل هذا الإصرار , عقبة في طريق , بلوغ سوريا كدولة كاملة السيادة ؟
لهذا أجد من العبث , (إفتعال) مخاوف غير واقعية , لا تعززها اية مخاطر جيو سياسية راهنة , حتى في وجود ثلاث دول كردية مستقلة في جوار حدود سوريا الحالية.
القضية الكردية في سوريا , ظهرت جراء سياسة الإنكار و طمس الحقائق , التي مهدت لممارسة سياسة التذويب و التعريب , بحق الشعب الكردي في سوريا .
لذلك حتى تنجح محاولات إدماج الشعب الكردي , في الهوية الوطنية السورية , يجب العودة الى جذر المشكلة, و ليس إغفالها , و هو الإعتراف بوجود شعب كردي , متميز تاريخياً و ثقافياً , و إلا لن يؤدي الحوار القائم الى أية نتيجة .
فإذا ما تنازلت و تراجعت النخب الثقافية و السياسية السورية عن تسمية الجمهورية السورية بالعربية , عندها يحق مطالبة الكرد بالتنازل عن (ملفوظة) الكردستانية .
(الكردستانية) لا تشكل بديل (السورية) كما يتساءل السيد المفلح , و إنما تقابل (العربية) في تعريف الدولة .
فالكرد في ظل سياسة الإنكار والتمييز لا يعتبرون أنفسهم جزء من سوريا , و لا يعيرون لهذه الرابطة أي إهتمام , خاصة إذا كان موقف القوى الليبرالية و الديقراطية , لا يختلف عن موقف السلطة الشمولية القائمة , فيما يتعلق بطبيعة و أساس القضية الكردية في سوريا.
ثمة إقحام , من قبل الأستاذ المفلح , للتجربة العراقية في الشأن السوري , من دون أن يكون لهذا الإقحام القسري , أي مبرر أو مسوغ, عدا التخوف من إمتداد , تأثيراتها و تداعياتها , على الشأن الداخلي السوري, لا سيما فيما يتعلق بالجانب الكردي منه.
فالكرد السوريين لم يعرجوا في برامجهم السياسية , التكتيكية منها و الإستراتيجية , على طرح قضايا الجيوش و السفارات و غيرها.
فهي لم تتعد في أقصى الحدود , مسألة الإعتراف السياسي و الثقافي و الإجتماعي في إطار الحدود و السيادة الوطنية , سواءا في ظل الدولة (السلطانية) الحالية , أو في ظل دولة ديمقراطية دستورية.
إن السيادة التي يتخوف عليها الأخ المفلح , مرهون بشكل الدولة الحاضنة , لأفرادها و مجموعاتها , و بالتوزيع العادل لثروات البلاد , في المشروع التنموي من أجل نهضة البلاد.
إن شعور و إحساس مواطني الدولة , بالكرامة و الإحترام و ضمان الحقوق, هو الكفيل بتعزيز السيادة الوطنية , و الزود عنها , بالغالي و النفيس , كما برهن عليه , جميع أبناء الشعب السوري في مراحل سابقة.
أقول للأستاذ غسان أنه لو رجع الى مقالتي المنشورة في إيلاف تحت عنوان (القضية الكردية في سوريا و وهم الحل القومي لها) لوجد أن الحراك الفكري و السياسي الكردي في سوريا , لم يعد منغلقاً و محبوساً , في قفص الطرح القومي المحض , و إنما باتت تظهر آراء و رؤى متنوعة , في سعيها الحثيث , للبحث عن حل وطني و ديمقراطي للقضية الكردية في سوريا , في إطار السيادة الوطنية .
و قد طرحت في مقالتي , مشروع الدولة الوطنية الديمقراطية , القائمة على التنوع و التعدد , و حق كل مكون سوري في الإعتراف به , و ذكرت ضمناً, ان الطرح الجغرافي القومي , لا يشكل حلا بأي حال من الأحوال , كما طرحه حزب يكيتي الكردي في مؤتمره السادس على سبيل المثال.
بل ذهبت أكثر من ذلك و قلت أن , اللامركزية الديمقراطية, تشكل مخرجاً منطقياً و عقلانياً , يتماشى مع الخصوصة السورية , بكل تنوعاتها و تفرعاتها , القومية و الدينية و المذهبية.
و أرجو أن لا يتم أي مقاربة هذا الطرح , مع أمثلة في الجوار السوري , اللبناني أو العراقي , على وجه الخصوص.
إن مجرد إقرار دستور سوري , يعتمد التنوع و التعدد , في تركيبة النسيج الإجتماعي للبلاد, و ليس إعتبار الدولة ملكاً لمكون ما , تحت مسميات الأغلبية و الأكثرية , يشكل الخطوة الأولى للتفاهم و التقارب , بحيث يمكن الوصول الى الإتفاق على أن (السورية) هي الهوية الوطنية و الحضارية و الإنسانية لكل أبناءها , بمعنى يجب إعادة تعريف الهوية الوطنية السورية , على أسس و مرتكزات جديدة .
إن إعتبار هوية الدولة السورية , عربية , يشكل إنتقاصاً , لمكونات الشعب السوري الأخرى , و شراكتها في حاضر و مستقبل البلاد .
إن إعادة النظر في هذه الهوية , يشكل مسألة في غاية الأهمية , ليس بالنسبة الى الكرد فحسب , و إنما بالنسبة لباقي مكونات الشعب السوري الأخرى أيضاً.
لذا عندما يتم طرح شكل من أشكال الإدارة الذاتية , إعتقد أن من الضروري التركيز على الجانب المناطقي , أي حق كل منطقة في إدارة نفسها بما يلبي إحتياجات سكانها من التنمية , إجتماعياً و ثقافياً و خدمياً , و يلبي طموحات مواطنيها , في المشاركة السياسية الغير منقوصة.
و هنا أود التذكير بأن المسميات , لا تشكل عائقاً أمام مناقشة و أيجاد مخرج , (للمناطق المختلطة سكانياً), كما هو الحال في منطقة الجزيرة , حيث يتعايش الكرد و العرب و الأشوريين جنباً الى جنب.
و هنا لا بد من الإعتراف , بحجم التحديات , و جدية القضايا التي تحوم حولها , بعض النزاعات و المناكفات , و لكن مع ذلك لا بد من وضعها في إطار التحول الإنتقالي , الذي يرافقه عادة , ظهور مصالح و رغبات فئوية و جمعية , قد تعرقل , و لكنها لا توقف العجلة.
لذا فإن شكل الشراكة الديمقراطية , لمكونات الشعب السوري , في وطنهم , لا يمكن رهنه , ببازار الموازين , و لو كان الأمر متوقف عند هذا الحد , لأمكن القول أن الكرد بإستطاعتهم , الذهاب في طروحاتهم , أكثر من ما هي مطروحة في الوقت الراهن , باعتبار أن موازين القوى , تميل الى صالحهم , سياسياً و تنظيميا و جماهيرياً .
لهذا يجب إستبعاد الموازين , من على طاولة الحوار , و عوضاً عنها , يجب إعطاء الجانب القانوني و الحقوقي الحيز الأهم .
فمن شأن إستمرار الحوار , و فتح أبوابه لمشاركة الرأي العام فيه , أن يسهل من توفير ثقافة القبول و قبول الأخر في بلدنا , و يخرج القضايا , من تابوهات جامدة.
و لا شك أن الحوار الذي تدعو له , يندرج في سياق الهدف النبيل الذي تسعى إليه , متمنيا لكم دوام التوفيق و الإزدهار.
ليس من الممكن الحديث عن سوريا دولة /أمة بالمعطيات الراهنة , إذ لا بد من الإتفاق أو بلوغ حتى تصور مشترك على الأقل , لألية إنجاز الحالة المتقدمة: سوريا دولة /أمة.
إن الإعتراف المتبادل بين جميع مكونات الشعب السوري , على أنهم شركاء في الوطن , على قاعدة إقرار التنوع القومي في البلاد , هو السبيل الوحيد لبلوغ المواطنة الحقيقية .
فقد تعرض الشعب الكردي في سوريا , جراء عدم الإعتراف به , الى مشاريع و ممارسات عنصرية مقيتة و مخلة بكل الأعراف و القوانين الإنسانية , و هو ما أثار لديه , حساسية خاصة , تجاه كل مقاربة , تجاور المشكلة الحقيقية لديه , ألا وهو الإعتراف به .
فوجه الخلاف الأساسي ما زال محصوراً في كيفية بلوغ المواطنة الكاملة , للكردي و الأشوري و غيره في هذا الوطن .
فليس من خلال إلغاء التمييز بحق الشعب الكردي , يتحقق المواطنة الكاملة , و إنما من خلال الإعتراف به , و لأن أية أمة , لا بد أن تكون لها تعريف و صفة و قالب متميز , فإن من الضروري إيجاد تعريف لهذه الأمة.
هنالك في دول عديدة , أقاليم ذات خصوصية متميزة , تمليها إعتبارات إثنية أو دينية , من دون أن يشكل وجودها أي خطر على السلطة المركزية , أو أن تجزأ السيادة الوطنية , و لكن المهم دائماً الأقرار بالحقائق التاريخية و الجغرافية , كبداية الطريق الى الإتفاق السياسي.
هل مناطق الكرد في سوريا (الجزيرة , كوباني و عفرين) جزء من أرض كردستان التاريخية , و هل وجود الشعب الكردي على هذه الأرض محل شك أو ريبة ؟ هل يشكل تواجد الأشوريين و العرب في هذه المناطق, إنتقاصاً , من حقيقتها , تاريخياً و جغرافياً , كجزء من كردستان ؟ و ماذا لو أصر الكرد في سوريا , على تسمية مناطقهم في سوريا , بكردستان سوريا , هل يشكل هذا الإصرار , عقبة في طريق , بلوغ سوريا كدولة كاملة السيادة ؟
لهذا أجد من العبث , (إفتعال) مخاوف غير واقعية , لا تعززها اية مخاطر جيو سياسية راهنة , حتى في وجود ثلاث دول كردية مستقلة في جوار حدود سوريا الحالية.
القضية الكردية في سوريا , ظهرت جراء سياسة الإنكار و طمس الحقائق , التي مهدت لممارسة سياسة التذويب و التعريب , بحق الشعب الكردي في سوريا .
لذلك حتى تنجح محاولات إدماج الشعب الكردي , في الهوية الوطنية السورية , يجب العودة الى جذر المشكلة, و ليس إغفالها , و هو الإعتراف بوجود شعب كردي , متميز تاريخياً و ثقافياً , و إلا لن يؤدي الحوار القائم الى أية نتيجة .
فإذا ما تنازلت و تراجعت النخب الثقافية و السياسية السورية عن تسمية الجمهورية السورية بالعربية , عندها يحق مطالبة الكرد بالتنازل عن (ملفوظة) الكردستانية .
(الكردستانية) لا تشكل بديل (السورية) كما يتساءل السيد المفلح , و إنما تقابل (العربية) في تعريف الدولة .
فالكرد في ظل سياسة الإنكار والتمييز لا يعتبرون أنفسهم جزء من سوريا , و لا يعيرون لهذه الرابطة أي إهتمام , خاصة إذا كان موقف القوى الليبرالية و الديقراطية , لا يختلف عن موقف السلطة الشمولية القائمة , فيما يتعلق بطبيعة و أساس القضية الكردية في سوريا.
ثمة إقحام , من قبل الأستاذ المفلح , للتجربة العراقية في الشأن السوري , من دون أن يكون لهذا الإقحام القسري , أي مبرر أو مسوغ, عدا التخوف من إمتداد , تأثيراتها و تداعياتها , على الشأن الداخلي السوري, لا سيما فيما يتعلق بالجانب الكردي منه.
فالكرد السوريين لم يعرجوا في برامجهم السياسية , التكتيكية منها و الإستراتيجية , على طرح قضايا الجيوش و السفارات و غيرها.
فهي لم تتعد في أقصى الحدود , مسألة الإعتراف السياسي و الثقافي و الإجتماعي في إطار الحدود و السيادة الوطنية , سواءا في ظل الدولة (السلطانية) الحالية , أو في ظل دولة ديمقراطية دستورية.
إن السيادة التي يتخوف عليها الأخ المفلح , مرهون بشكل الدولة الحاضنة , لأفرادها و مجموعاتها , و بالتوزيع العادل لثروات البلاد , في المشروع التنموي من أجل نهضة البلاد.
إن شعور و إحساس مواطني الدولة , بالكرامة و الإحترام و ضمان الحقوق, هو الكفيل بتعزيز السيادة الوطنية , و الزود عنها , بالغالي و النفيس , كما برهن عليه , جميع أبناء الشعب السوري في مراحل سابقة.
أقول للأستاذ غسان أنه لو رجع الى مقالتي المنشورة في إيلاف تحت عنوان (القضية الكردية في سوريا و وهم الحل القومي لها) لوجد أن الحراك الفكري و السياسي الكردي في سوريا , لم يعد منغلقاً و محبوساً , في قفص الطرح القومي المحض , و إنما باتت تظهر آراء و رؤى متنوعة , في سعيها الحثيث , للبحث عن حل وطني و ديمقراطي للقضية الكردية في سوريا , في إطار السيادة الوطنية .
و قد طرحت في مقالتي , مشروع الدولة الوطنية الديمقراطية , القائمة على التنوع و التعدد , و حق كل مكون سوري في الإعتراف به , و ذكرت ضمناً, ان الطرح الجغرافي القومي , لا يشكل حلا بأي حال من الأحوال , كما طرحه حزب يكيتي الكردي في مؤتمره السادس على سبيل المثال.
بل ذهبت أكثر من ذلك و قلت أن , اللامركزية الديمقراطية, تشكل مخرجاً منطقياً و عقلانياً , يتماشى مع الخصوصة السورية , بكل تنوعاتها و تفرعاتها , القومية و الدينية و المذهبية.
و أرجو أن لا يتم أي مقاربة هذا الطرح , مع أمثلة في الجوار السوري , اللبناني أو العراقي , على وجه الخصوص.
إن مجرد إقرار دستور سوري , يعتمد التنوع و التعدد , في تركيبة النسيج الإجتماعي للبلاد, و ليس إعتبار الدولة ملكاً لمكون ما , تحت مسميات الأغلبية و الأكثرية , يشكل الخطوة الأولى للتفاهم و التقارب , بحيث يمكن الوصول الى الإتفاق على أن (السورية) هي الهوية الوطنية و الحضارية و الإنسانية لكل أبناءها , بمعنى يجب إعادة تعريف الهوية الوطنية السورية , على أسس و مرتكزات جديدة .
إن إعتبار هوية الدولة السورية , عربية , يشكل إنتقاصاً , لمكونات الشعب السوري الأخرى , و شراكتها في حاضر و مستقبل البلاد .
إن إعادة النظر في هذه الهوية , يشكل مسألة في غاية الأهمية , ليس بالنسبة الى الكرد فحسب , و إنما بالنسبة لباقي مكونات الشعب السوري الأخرى أيضاً.
لذا عندما يتم طرح شكل من أشكال الإدارة الذاتية , إعتقد أن من الضروري التركيز على الجانب المناطقي , أي حق كل منطقة في إدارة نفسها بما يلبي إحتياجات سكانها من التنمية , إجتماعياً و ثقافياً و خدمياً , و يلبي طموحات مواطنيها , في المشاركة السياسية الغير منقوصة.
و هنا أود التذكير بأن المسميات , لا تشكل عائقاً أمام مناقشة و أيجاد مخرج , (للمناطق المختلطة سكانياً), كما هو الحال في منطقة الجزيرة , حيث يتعايش الكرد و العرب و الأشوريين جنباً الى جنب.
و هنا لا بد من الإعتراف , بحجم التحديات , و جدية القضايا التي تحوم حولها , بعض النزاعات و المناكفات , و لكن مع ذلك لا بد من وضعها في إطار التحول الإنتقالي , الذي يرافقه عادة , ظهور مصالح و رغبات فئوية و جمعية , قد تعرقل , و لكنها لا توقف العجلة.
لذا فإن شكل الشراكة الديمقراطية , لمكونات الشعب السوري , في وطنهم , لا يمكن رهنه , ببازار الموازين , و لو كان الأمر متوقف عند هذا الحد , لأمكن القول أن الكرد بإستطاعتهم , الذهاب في طروحاتهم , أكثر من ما هي مطروحة في الوقت الراهن , باعتبار أن موازين القوى , تميل الى صالحهم , سياسياً و تنظيميا و جماهيرياً .
لهذا يجب إستبعاد الموازين , من على طاولة الحوار , و عوضاً عنها , يجب إعطاء الجانب القانوني و الحقوقي الحيز الأهم .
فمن شأن إستمرار الحوار , و فتح أبوابه لمشاركة الرأي العام فيه , أن يسهل من توفير ثقافة القبول و قبول الأخر في بلدنا , و يخرج القضايا , من تابوهات جامدة.
و لا شك أن الحوار الذي تدعو له , يندرج في سياق الهدف النبيل الذي تسعى إليه , متمنيا لكم دوام التوفيق و الإزدهار.
27/01/2010