جان كورد
بدايةً أتقدم بالتهنئة والشكر إلى كل المساهمين في أعمال المؤتمر التوحيد لأحزاب “الاتحاد السياسي الكوردي في سوريا” المنعقد مؤخراً في هولير (أربيل) عاصمة إقليم جنوب كوردستان، كما أتقدم بالشكر الجزيل إلى الإخوة والأخوات جميعاً في الإقليم، الذين أفسحوا المجال لديهم لعقد هذا المؤتمر التاريخي، وفي مقدمتهم الأخ الرئيس مسعود البارزاني، فقاموا بواجب الضيافة الكريمة لأعضاء المؤتمر، ونحيي المسؤولين وفي مقدمتهم أعضاء مكتب السيد الرئيس، الذين تحملوا لشهورٍ طويلة عناءً شاقاً في سبيل الوصول إلى لحظة الإعلان عن تأسيس “الحزب الديموقراطي الكوردستاني – سوريا”،
هذا الحزب الذي تعقد عليه آمال عظيمة الآمال لإعادة بناء وهندسة و تطوير المشروع القومي لحركتنا الوطنية الكوردبة “السورية” بما يدفعها لاحتلال موقعها الأمامي في مسيرة شعبنا صوب نيل حقوقه القومية العادلة ضمن إطارٍ الحرية والديموقراطية والسلام وتآلف سائر المكونات السورية، الدينية والقومية، على أساس الاحترام المتبادل والتشارك في الحقوق والواجبات.
فرحتي كبيرة بهذا الاسم الذي اختاره المؤتمر، حيث أنني منذ عام 1999 أطالب ب”إعادة إحياء البارتي الأول” وسعيت لذلك عقداً من الزمن، وصرفت في سبيل أن ترى الفكرة النور جل طاقتي المتواضعة، إلا أن هذه الفرحة الغامرة لفؤادي لا تقلل من مخاوفي التي تلقي بظلالها على الأماني والآمال، وهي مخاوفٌ أسبابها عديدة.
قبل كل شي، بمكن اعتبار هذا المؤتمر خطو ةً هامةً لدفع حركة “البارتي” إلى إعادة ترتيب بيته وبناء تنظيمه وتوسيع دائرة تأثيره السياسي، هذه الحركة العريقة التي عانت عقوداً من الزمن من الانشقاقات والتمزقات، وخسرت كثيراً من مواقعها في شتى أنحاء غرب كوردستان أمام حزب العمال الكوردستاني، الذي تفوق تنظيمياً وإعلامياً على كل منافسيه وأبدى حركيةً وفعالية شعبية في التعامل مع المتغيرات على الساحة السورية، منذ بداية ثمانينيات القرن الماضي، مستفيداً من جملةٍ من المؤثرات الإيجابية والظروف المساعدة والعلاقات مع المحيط، ومما أحدثته ثورته المسلحة في شمال كوردستان من تأثير عميق على الكورد في غرب كوردستان إجمالاً.
وبقدر ما تتمكن حركة “البارتي” من إعادة قولبة ذاتها وضبط وتفعيل قواها ولملمة صفوفها يزداد “النهج البارزاني” عمقاً وتوهجاً بعد ركودٍ طال أمده، وهنا يجدر بالذكر أن السيد الرئيس مسعود البارزاني لن يتخلى عن الجماهير الكبيرة التي تؤمن في غرب كوردستان بهذا النهج وهي مستعدة للتضحية من أجله، وكيف لا وهو نجل القائد الخالد، البارزاني مصطفى، الذي كان ولا يزال أبداً أكبر داعم لفكرة توحيد “البارتي” وكان أول من دعا إلى مؤتمر وطني كوردي سوري في جنوب كوردستان بعد توصله إلى اتفاقٍ مع الحكومة المركزية العراقية على منح الشعب الكوردي حكماً ذاتياً في عام 1970، ولم يتذرع آنذاك بضيق المجال وكثرة الأعداء و قلة الإمكانات… والكورد السوريون الذين ظلوا ولايزالون أوفياءً لهذا القائد يستحقون أن يجدوا في نجله وحزبه وبيشمركته سنداً لهم في هذه المرحلة أيضاً ، وبخاصة فإن أوضاع إقليم جنوب كوردستان أحسن وأفضل من تلك المرحلة بكثير. إن المؤتمر التوحيدي لأحزاب الاتحاد السياسي الكوردي (بارتي 1 + بارتي 2، آزادي 1+ آزادي 2، يكيتي كوردستاني) وانبثاق الحزب الديموقراطي الكوردستاني – سوريا عنه، يبدو وكأن السيد مسعود البارزاني قد عزم اقتحام الساحة الكوردية السورية بقوة سياسية منقذاً بذلك “النهج البارزاني” من الهزيمة على أيدي أعدائه في هذا الجزء من كوردستان… إنه اقتحام كبير بدون سلاحٍ أو قتال… وإذا كان من حق حزب الله اللبناني وسواه أن يتدخلوا في سوريا بقواتٍ مسلحة تحارب المعارضة السورية بذريعة “حماية مراقد السيدة زينب وسواها”، فلماذا لا يحق للسيد البارزاني التدخل قي الساحة ذاتها لحماية الاحياء من أبناء وبنات شعبه؟ ولكن كما قلنا سابقاً في مقالٍ لنا وفي مقابلتنا مع برنامج راسته راست لقناة دنيا DUNYA TV (الكوردية) بأن تدخل البيشمركة في الصراع الدائر في سوريا لن يكون لصالح الشعب الكوردي، والدعوة إلى ذلك من قبل بعض الثعالب السياسية ليس إلا إعداداً لفخٍ بهدف الإيقاع بالبيشمركه وحكومة الإقليم، ولا يستبعد أن يكون المالكي وحلفاؤه وراء هكذا دعوة مريبة، وهذا ما يجب الحذر منه كلياً، إلا أن أي مشروعٍ سياسي كوردي أو سوري في هذه المرحلة من تاريخ سوريا الحديث سيكون عقيماً مالم تكن هناك قوة مسلحة قادرة على حماية المشروع والعاملين له لأن الإطار الظرفي الحالي للحياة السياسية في سوريا لا يسمح بتواجد قوى فعالة سياسياً ليست لها قوة حماية ذاتية. وهذا يعلمه السيد البارزاني وكذلك المؤتمرون من أجل بناء مشروع الحزب الديموقراطي الكوردستاني – سوريا.
من ناحية أخرى، فإن نشوء وتطور هذا الحزب الذي حمل اسماً طموحاً وأهدافاً طموحة سيفتح الباب لنشوء معارضة حقيقية لحزب الاتحاد الديموقراطي الذي يتصرف في المنطقة الكوردية في شمال سوريا، وكأنه الآمر الناهي والقادر على تحطيم كل الأرقام القياسية في مختلف السباقات السياسية، وله العديد من التصرفات اللاديموقراطية في التعامل مع المعارضة الكوردية له فيما سماه ب”كانتونات” الأمة الديموقراطية. ومن شروط الديموقراطية وجود معارضة قادرة على المنازعة السياسية للحاكم، ويعني ذلك أن أي محاولة من قبل حزب الاتحاد الديموقراطي لسد الطريق على الحزب الديموقراطي الكوردستاني – سوريا سيفضح حقيقة آيديولوجيته (الآبوجية) المعادية للديموقراطية، وهذا لن يكون في صالحه بالتأكيد. ويجدر القول هنا بأن شعبنا يدرك الفارق الكبير بين “الإدارة الذاتية الديموقراطية” التي يطبقها حزب “الحكومة” القائمة أو “حكومات المقاطعات” الآن هناك و”الفيدرالية” التي يطالب بها حزب “المعارضة” لغرب كوردستان. وهذا كافٍ كأساس لقيام “معارضة ” في مواجهة الكانتونات، إذ أن الحزب الديموقراطي الكوردستاني – سوريا لا يهدف إلى الحكم في هذه الكانتونات وإنما إلى إقامة فيدرالية قومية للشعب الكوردي، وهذا يتطلب جهوداً حثيثة ضمن صفوف المعارضة الوطنية والديموقراطية السورية لكسب شرائح وقوى وتنظيمات سورية غير كوردية إلى جانبه.
أما المخاوف المستبدة بنا من جراء أسلوب وتطور المشروع التوحيدي فهي عديدة، وأهمها قد تم الحديث عنه من قبل بعض من حضروا المؤتمر بأنفسهم، ومنهم من كتب لي ولبعض الأصدقاء ما لا أريد نقله هنا لأنه مؤلم حقاً، كما أبدى حوله البعض آراءهم ممن رأوا كيف أدت التناحرات الحزبية الضيقة والمصالح الشخصية والعلاقات المشبوهة لبعض الزعامات إلى نسف مشروع المؤتمر الوطني الأول للحركة الكوردية، المشروع الذي بدأ تحت رعاية القائد الخالد مصطفى البارزاني، وصار للكورد ثلاثة أحزاب عوضاً عن اثنين أراد البارزاني مصطفى توحيدهما، مثلما حدث للبابوية، حيث أدى النزاع عليها بين إيطاليا وفرنسا إلى وجود بابا ألماني أيضاً بعد محاولات التوحيد… وإن النظام السوري الذي كان لمشروع البارزاني مصطفى بالمرصاد لايزال قائماً ولو بساقين ضعيفتين الآن…
ومن تلك المخاوف أيضاً أن تؤدي بعض الإجراءات اللاديموقراطية التي جرت قبل انعقاد المؤتمر وأثناء عقده إلى تراجعات، ومن أشدها خطراً على مستقبل الحزب تلك المساومات التكتلية والشخصية السابقة والمرافقة لانتخاب أعضاء اللجنة المركزية، وعدم وضع خطة عمل زمنية لمهام اللجنة المركزية المنتخبة وكذلك عدم وجود ميزانية تأخذ بعين الاعتبار خطة العمل إن وجدت، والاكتفاء بطرح المنهاج السياسي والثقة الكبيرة بالشخصيات المرجو قيادتها للحزب والاعتماد على ولائهم للنهج البارزاني وخبراتهم الشخصية الحزبية، وليس على مؤهلاتهم وطاقاتهم للعمل على الصعيد الدولي والإقليمي، وهذا غير كافٍ لبناء تنظيمٍ حديثٍ ومأمولٍ من قبل جماهير شعبنا، إضافةً إلى عدم الأخذ بالاعتبار أهمية التوزيع المناطقي العادل للديموغرافيا الكوردية في غرب كوردستان، وهذا ما تحدث عنه أيضاً أحد أهم الأعضاء المنتخبين للقيادة قبل يومين… إذ كيف يتم انتخاب عدة أعضاء من قرية واحدة في الجزيرة وينتخب 3 أعضاء فقط لمنطقة جبل الأكراد كلها (365 قرية ومدينة صغيرة) في غرب حلب مثلاً، وهي منطقة تعتبر من أهم وأعرق قلاع البارزانية وحزب البارتي منذ نشوء الحركة الوطنية الكوردية وإلى الآن؟
وهنا يتبادر إلى الذهن أيضاً سؤالان:
لماذا “الكتلة الضامنة – Girseya desteber” طالما الجميع “ديموقراطيون!” ومؤمنون ب”نهج البارزاني”؟ ربما يقول البعض بأن هذا كان ضرورياً لإنجاح المؤتمر ولن يبقى للكتلة الضامنة وجود بعد الانتهاء من المؤتمر… إن هذا يذكرني ب”الوطنيين” الذين تم اقحامهم بالذريعة ذاتها في المؤتمر الوطني الكوردي الأول وترك ذلك ظلالاً داكنة على مسار الحزب بعد المؤتمر حتى إفشاله الشهير. وعلى الرغم من أن جميع أعضاء “الكتلة الضامنة” من الحزبيين الملتزمين بأحزاب الاتحاد السياسي، إلا أن الشعور السائد هو كالتالي:” هؤلاء محظوظون أكثر من غيرهم والثقة بهم أكبر من سواهم…!!!” وهذا برأيي ينافي الأصول الديموقراطية السليمة.
هل تم محاسبة أعضاء قيادات الأحزاب المساهمة في هذا المشروع ومنهم من تم انتخابه كعضو في القيادة الجديدة على الأخطاء والتقصير والمسؤوليات التي كانوا يتحملونها في أحزابهم؟ كيف تتم وحدة أحزاب بدون تعريض أحد لمحاسبة في دائرة اسمها “الديموقراطية!”؟ أم أن المحاسبات ستاتي في مؤتمر لاحق؟ أنا ليست لدي معلومات عن محاسبات جرت في هذا المؤتمر … لا أدري… فإن تم ذلك فآمل أن تشطبوا على سؤالي هذا…
وعلى الرغم من تأكيدنا على أهمية نجاح هذا المؤتمر في توحيد بعض فصائل وأجنحة الحركة الوطنية في غرب كوردستان، وهذا ما نؤيده وندعمه كلياً من قلوبنا، إلا أن هناك باقة من الأسئلة تتعلق بالأعمال السياسية التي على القيادة الجديدة القيام بها، وأهمها:
هل للقيادة المنتخبة خطة لكسب ثقة الشباب والنساء وتجميع وحشد طاقات مختلف القوى الكوردية الناشطة على الساحة السورية وخارج البلاد وفي معسكرات اللاجئين لزجها في خدمة المشروع الذي عليه يتوقف مستقبل الحياة الديموقراطية في غرب كوردستان؟ وبخاصة فإن دور الشباب والنساء في المؤتمر كان ضعيفاً…
ما الموقف من “الهيئة الكوردية العليا” الخامدة و”المجلس الوطني الكوردي” و”الائتلاف الوطني السوري” وهيئات المثقفين وتنسيقيات الشباب وبعض فصائل القوات الكوردية المقاتلة، والعلاقة مع “حزب الاتحاد الديموقراطي” وما أفرزته “حكومات!!!” الأمر الواقع وقوات حماية الشعب، وجوازات السفر المحلية، ودعوة هذا الحزب لأن يتحمل أحزاب “هو لير!!!” مسؤوليتهم في مواجهة الغزاة والإرهابيين، وسائر الموضوعات المتعلقة بهذه الهياكل السياسية، الكوردية والسورية ومنها مسألة الموقف من النظام الأسدي القائم…؟ هل للقيادة مشروع تطرحه على شعبنا وفي وسائل الإعلام على الأقل؟
ماذا في حيال قيام بعض المساهمين في المشروع الجديد والكبير بالإعلان عن انسحابهم، كما حدث بعد المؤتمر الوطني الأول؟ هل من خطة لتفادي ذلك؟
هل القيادة الحالية بقدراتها وطاقاتها وأشخاصها قادرة على وضع برنامج عمل شامل لتغطية مختلف جوانب القضيتين السورية والكوردية في سوريا؟
وأخيراً…. حتى لا يطول المقال… ما دور التقنيين والخبراء والوطنيين ذوي التجارب الطويلة الأمد في الكفاح الوطني – القومي والعمل المعارض في هذه المسيرة؟
وفي النهاية، أكرر تهنئتي ودعمي للمشروع، وآمل أن يتم تصنيفنا كصديق مؤازر له الحق في ممارسة النقد وطرح الأسئلة…
والله ولي التوفيق
09 نيسان، 2014
فرحتي كبيرة بهذا الاسم الذي اختاره المؤتمر، حيث أنني منذ عام 1999 أطالب ب”إعادة إحياء البارتي الأول” وسعيت لذلك عقداً من الزمن، وصرفت في سبيل أن ترى الفكرة النور جل طاقتي المتواضعة، إلا أن هذه الفرحة الغامرة لفؤادي لا تقلل من مخاوفي التي تلقي بظلالها على الأماني والآمال، وهي مخاوفٌ أسبابها عديدة.
قبل كل شي، بمكن اعتبار هذا المؤتمر خطو ةً هامةً لدفع حركة “البارتي” إلى إعادة ترتيب بيته وبناء تنظيمه وتوسيع دائرة تأثيره السياسي، هذه الحركة العريقة التي عانت عقوداً من الزمن من الانشقاقات والتمزقات، وخسرت كثيراً من مواقعها في شتى أنحاء غرب كوردستان أمام حزب العمال الكوردستاني، الذي تفوق تنظيمياً وإعلامياً على كل منافسيه وأبدى حركيةً وفعالية شعبية في التعامل مع المتغيرات على الساحة السورية، منذ بداية ثمانينيات القرن الماضي، مستفيداً من جملةٍ من المؤثرات الإيجابية والظروف المساعدة والعلاقات مع المحيط، ومما أحدثته ثورته المسلحة في شمال كوردستان من تأثير عميق على الكورد في غرب كوردستان إجمالاً.
وبقدر ما تتمكن حركة “البارتي” من إعادة قولبة ذاتها وضبط وتفعيل قواها ولملمة صفوفها يزداد “النهج البارزاني” عمقاً وتوهجاً بعد ركودٍ طال أمده، وهنا يجدر بالذكر أن السيد الرئيس مسعود البارزاني لن يتخلى عن الجماهير الكبيرة التي تؤمن في غرب كوردستان بهذا النهج وهي مستعدة للتضحية من أجله، وكيف لا وهو نجل القائد الخالد، البارزاني مصطفى، الذي كان ولا يزال أبداً أكبر داعم لفكرة توحيد “البارتي” وكان أول من دعا إلى مؤتمر وطني كوردي سوري في جنوب كوردستان بعد توصله إلى اتفاقٍ مع الحكومة المركزية العراقية على منح الشعب الكوردي حكماً ذاتياً في عام 1970، ولم يتذرع آنذاك بضيق المجال وكثرة الأعداء و قلة الإمكانات… والكورد السوريون الذين ظلوا ولايزالون أوفياءً لهذا القائد يستحقون أن يجدوا في نجله وحزبه وبيشمركته سنداً لهم في هذه المرحلة أيضاً ، وبخاصة فإن أوضاع إقليم جنوب كوردستان أحسن وأفضل من تلك المرحلة بكثير. إن المؤتمر التوحيدي لأحزاب الاتحاد السياسي الكوردي (بارتي 1 + بارتي 2، آزادي 1+ آزادي 2، يكيتي كوردستاني) وانبثاق الحزب الديموقراطي الكوردستاني – سوريا عنه، يبدو وكأن السيد مسعود البارزاني قد عزم اقتحام الساحة الكوردية السورية بقوة سياسية منقذاً بذلك “النهج البارزاني” من الهزيمة على أيدي أعدائه في هذا الجزء من كوردستان… إنه اقتحام كبير بدون سلاحٍ أو قتال… وإذا كان من حق حزب الله اللبناني وسواه أن يتدخلوا في سوريا بقواتٍ مسلحة تحارب المعارضة السورية بذريعة “حماية مراقد السيدة زينب وسواها”، فلماذا لا يحق للسيد البارزاني التدخل قي الساحة ذاتها لحماية الاحياء من أبناء وبنات شعبه؟ ولكن كما قلنا سابقاً في مقالٍ لنا وفي مقابلتنا مع برنامج راسته راست لقناة دنيا DUNYA TV (الكوردية) بأن تدخل البيشمركة في الصراع الدائر في سوريا لن يكون لصالح الشعب الكوردي، والدعوة إلى ذلك من قبل بعض الثعالب السياسية ليس إلا إعداداً لفخٍ بهدف الإيقاع بالبيشمركه وحكومة الإقليم، ولا يستبعد أن يكون المالكي وحلفاؤه وراء هكذا دعوة مريبة، وهذا ما يجب الحذر منه كلياً، إلا أن أي مشروعٍ سياسي كوردي أو سوري في هذه المرحلة من تاريخ سوريا الحديث سيكون عقيماً مالم تكن هناك قوة مسلحة قادرة على حماية المشروع والعاملين له لأن الإطار الظرفي الحالي للحياة السياسية في سوريا لا يسمح بتواجد قوى فعالة سياسياً ليست لها قوة حماية ذاتية. وهذا يعلمه السيد البارزاني وكذلك المؤتمرون من أجل بناء مشروع الحزب الديموقراطي الكوردستاني – سوريا.
من ناحية أخرى، فإن نشوء وتطور هذا الحزب الذي حمل اسماً طموحاً وأهدافاً طموحة سيفتح الباب لنشوء معارضة حقيقية لحزب الاتحاد الديموقراطي الذي يتصرف في المنطقة الكوردية في شمال سوريا، وكأنه الآمر الناهي والقادر على تحطيم كل الأرقام القياسية في مختلف السباقات السياسية، وله العديد من التصرفات اللاديموقراطية في التعامل مع المعارضة الكوردية له فيما سماه ب”كانتونات” الأمة الديموقراطية. ومن شروط الديموقراطية وجود معارضة قادرة على المنازعة السياسية للحاكم، ويعني ذلك أن أي محاولة من قبل حزب الاتحاد الديموقراطي لسد الطريق على الحزب الديموقراطي الكوردستاني – سوريا سيفضح حقيقة آيديولوجيته (الآبوجية) المعادية للديموقراطية، وهذا لن يكون في صالحه بالتأكيد. ويجدر القول هنا بأن شعبنا يدرك الفارق الكبير بين “الإدارة الذاتية الديموقراطية” التي يطبقها حزب “الحكومة” القائمة أو “حكومات المقاطعات” الآن هناك و”الفيدرالية” التي يطالب بها حزب “المعارضة” لغرب كوردستان. وهذا كافٍ كأساس لقيام “معارضة ” في مواجهة الكانتونات، إذ أن الحزب الديموقراطي الكوردستاني – سوريا لا يهدف إلى الحكم في هذه الكانتونات وإنما إلى إقامة فيدرالية قومية للشعب الكوردي، وهذا يتطلب جهوداً حثيثة ضمن صفوف المعارضة الوطنية والديموقراطية السورية لكسب شرائح وقوى وتنظيمات سورية غير كوردية إلى جانبه.
أما المخاوف المستبدة بنا من جراء أسلوب وتطور المشروع التوحيدي فهي عديدة، وأهمها قد تم الحديث عنه من قبل بعض من حضروا المؤتمر بأنفسهم، ومنهم من كتب لي ولبعض الأصدقاء ما لا أريد نقله هنا لأنه مؤلم حقاً، كما أبدى حوله البعض آراءهم ممن رأوا كيف أدت التناحرات الحزبية الضيقة والمصالح الشخصية والعلاقات المشبوهة لبعض الزعامات إلى نسف مشروع المؤتمر الوطني الأول للحركة الكوردية، المشروع الذي بدأ تحت رعاية القائد الخالد مصطفى البارزاني، وصار للكورد ثلاثة أحزاب عوضاً عن اثنين أراد البارزاني مصطفى توحيدهما، مثلما حدث للبابوية، حيث أدى النزاع عليها بين إيطاليا وفرنسا إلى وجود بابا ألماني أيضاً بعد محاولات التوحيد… وإن النظام السوري الذي كان لمشروع البارزاني مصطفى بالمرصاد لايزال قائماً ولو بساقين ضعيفتين الآن…
ومن تلك المخاوف أيضاً أن تؤدي بعض الإجراءات اللاديموقراطية التي جرت قبل انعقاد المؤتمر وأثناء عقده إلى تراجعات، ومن أشدها خطراً على مستقبل الحزب تلك المساومات التكتلية والشخصية السابقة والمرافقة لانتخاب أعضاء اللجنة المركزية، وعدم وضع خطة عمل زمنية لمهام اللجنة المركزية المنتخبة وكذلك عدم وجود ميزانية تأخذ بعين الاعتبار خطة العمل إن وجدت، والاكتفاء بطرح المنهاج السياسي والثقة الكبيرة بالشخصيات المرجو قيادتها للحزب والاعتماد على ولائهم للنهج البارزاني وخبراتهم الشخصية الحزبية، وليس على مؤهلاتهم وطاقاتهم للعمل على الصعيد الدولي والإقليمي، وهذا غير كافٍ لبناء تنظيمٍ حديثٍ ومأمولٍ من قبل جماهير شعبنا، إضافةً إلى عدم الأخذ بالاعتبار أهمية التوزيع المناطقي العادل للديموغرافيا الكوردية في غرب كوردستان، وهذا ما تحدث عنه أيضاً أحد أهم الأعضاء المنتخبين للقيادة قبل يومين… إذ كيف يتم انتخاب عدة أعضاء من قرية واحدة في الجزيرة وينتخب 3 أعضاء فقط لمنطقة جبل الأكراد كلها (365 قرية ومدينة صغيرة) في غرب حلب مثلاً، وهي منطقة تعتبر من أهم وأعرق قلاع البارزانية وحزب البارتي منذ نشوء الحركة الوطنية الكوردية وإلى الآن؟
وهنا يتبادر إلى الذهن أيضاً سؤالان:
لماذا “الكتلة الضامنة – Girseya desteber” طالما الجميع “ديموقراطيون!” ومؤمنون ب”نهج البارزاني”؟ ربما يقول البعض بأن هذا كان ضرورياً لإنجاح المؤتمر ولن يبقى للكتلة الضامنة وجود بعد الانتهاء من المؤتمر… إن هذا يذكرني ب”الوطنيين” الذين تم اقحامهم بالذريعة ذاتها في المؤتمر الوطني الكوردي الأول وترك ذلك ظلالاً داكنة على مسار الحزب بعد المؤتمر حتى إفشاله الشهير. وعلى الرغم من أن جميع أعضاء “الكتلة الضامنة” من الحزبيين الملتزمين بأحزاب الاتحاد السياسي، إلا أن الشعور السائد هو كالتالي:” هؤلاء محظوظون أكثر من غيرهم والثقة بهم أكبر من سواهم…!!!” وهذا برأيي ينافي الأصول الديموقراطية السليمة.
هل تم محاسبة أعضاء قيادات الأحزاب المساهمة في هذا المشروع ومنهم من تم انتخابه كعضو في القيادة الجديدة على الأخطاء والتقصير والمسؤوليات التي كانوا يتحملونها في أحزابهم؟ كيف تتم وحدة أحزاب بدون تعريض أحد لمحاسبة في دائرة اسمها “الديموقراطية!”؟ أم أن المحاسبات ستاتي في مؤتمر لاحق؟ أنا ليست لدي معلومات عن محاسبات جرت في هذا المؤتمر … لا أدري… فإن تم ذلك فآمل أن تشطبوا على سؤالي هذا…
وعلى الرغم من تأكيدنا على أهمية نجاح هذا المؤتمر في توحيد بعض فصائل وأجنحة الحركة الوطنية في غرب كوردستان، وهذا ما نؤيده وندعمه كلياً من قلوبنا، إلا أن هناك باقة من الأسئلة تتعلق بالأعمال السياسية التي على القيادة الجديدة القيام بها، وأهمها:
هل للقيادة المنتخبة خطة لكسب ثقة الشباب والنساء وتجميع وحشد طاقات مختلف القوى الكوردية الناشطة على الساحة السورية وخارج البلاد وفي معسكرات اللاجئين لزجها في خدمة المشروع الذي عليه يتوقف مستقبل الحياة الديموقراطية في غرب كوردستان؟ وبخاصة فإن دور الشباب والنساء في المؤتمر كان ضعيفاً…
ما الموقف من “الهيئة الكوردية العليا” الخامدة و”المجلس الوطني الكوردي” و”الائتلاف الوطني السوري” وهيئات المثقفين وتنسيقيات الشباب وبعض فصائل القوات الكوردية المقاتلة، والعلاقة مع “حزب الاتحاد الديموقراطي” وما أفرزته “حكومات!!!” الأمر الواقع وقوات حماية الشعب، وجوازات السفر المحلية، ودعوة هذا الحزب لأن يتحمل أحزاب “هو لير!!!” مسؤوليتهم في مواجهة الغزاة والإرهابيين، وسائر الموضوعات المتعلقة بهذه الهياكل السياسية، الكوردية والسورية ومنها مسألة الموقف من النظام الأسدي القائم…؟ هل للقيادة مشروع تطرحه على شعبنا وفي وسائل الإعلام على الأقل؟
ماذا في حيال قيام بعض المساهمين في المشروع الجديد والكبير بالإعلان عن انسحابهم، كما حدث بعد المؤتمر الوطني الأول؟ هل من خطة لتفادي ذلك؟
هل القيادة الحالية بقدراتها وطاقاتها وأشخاصها قادرة على وضع برنامج عمل شامل لتغطية مختلف جوانب القضيتين السورية والكوردية في سوريا؟
وأخيراً…. حتى لا يطول المقال… ما دور التقنيين والخبراء والوطنيين ذوي التجارب الطويلة الأمد في الكفاح الوطني – القومي والعمل المعارض في هذه المسيرة؟
وفي النهاية، أكرر تهنئتي ودعمي للمشروع، وآمل أن يتم تصنيفنا كصديق مؤازر له الحق في ممارسة النقد وطرح الأسئلة…
والله ولي التوفيق
09 نيسان، 2014