المثقف ودوره في اللحظة الكردية الراهنة..؟؟

ادريس خلو

أستطاع المثقف فيما مضى من عمر الحركة الوطنية الكردية أن يكون العامل الحاسم في حالته الكردية ليؤدي المهام الملقى على عاتقه ,فكان هو الحامل والرافعة والحاضنة الثقافية والسياسية لمرحلة أتسمت بخصائص العمل السري فكان المثقف عرضة للأعتقال والملاحقة والتعذيب في فترة كان القابض على الهم الثقافي والسياسي كالقابض على الجمر, وليس خافياً أن النهوض الوطني والمعرفي الذي شهدناه في مراحل سابقة من عمر حراكنا السياسي والثقافي السري كان الفضل الأول والأخير يرجع الى المثقف فهو كان من واضعي مانيفستو الحياة السياسية ورفع السوية الثقافية الكردية بين الجماهير وتعبئتهم في صفوف النضال, وكان المثقف المنضوي أصلاً في صفوف الحركة هو بوصلة العامل والفلاح والطلاب في المدارس والجامعات هذ ا الدور المشهود للمثقفين ورموزهم على مدى أكثر من خمسة عقود لا ينكر بل يسجل لهم التاريخ في لوح محفوظ.
وأذا كان المثقف هو أداة التغيير في إزالة البنى التحتية التقليدية من فكر وثقافة وعادات وقيم اجتماعية وسياسية عفى عليها الزمن ولا تتناسب مع روح العصر والمرحلة والأتيان بالبدائل العصرية التي تنهض بالمجتمع وتحقق له التنمية في كل مجالات الحياة فأن الواجب يتحتم على مثقفينا في روج آفا كردستان أن يقوموا بالمهام الملقى على عاتقهم وأن يتخلصوا من دورهم النقدي والتنظيري والانتقال الى دورهم العضوي والعملي فالمفكر الأيطالي غرامشي يحدد بدقة ماهية المثقف الحقيقي في هذا المجال أذ يسرد ما معناه فيرى غرامشي ان كل البشر مثقفون بمعنى من المعاني ، ولكنهم لا يملكون الوظيفة الاجتماعية للمثقفين ، وهي وظيفة لا يمتلكها الا اصحاب الكفاءات الفكرية العالية الذين يمكنهم التأثير في الناس .. ومن هنا يستخلص الفارق بين المثقف النظري والمثقف العضوي .. الاول يعيش في برجه العاجي ويعتقد انه اعلى من كل الناس ، في حين ان الثاني يحمل هموم كل الطبقات وكل الجماهير وكل الفقراء والمحرومين والكادحين .. وعليه ، فان المثقف الحقيقي هو المثقف العضوي الذي يعيش هموم عصره ويرتبط بقضايا شعبه فالمثقف الذي لا يتحسس الام شعبه لا يستحق لقب المثقف حتى وان كان يحمل ارقى الشهادات الجامعية  ,لأن المثقف الحقيقي لا يليق به أن يتمسك بالثقافة التبريرية والتشكي والهروب من الواقع والعيش في أبراج عاجية أو في عزلة نتشوية بعيدة عن الناس وهمومهم, كما لا يليق بمثقفينا المراهنة وانتظار فشل الحركة الوطنية الكردية كشكل من أشكال التشفي, ناسياً بأن دوره التاريخي يحتم عليه أن ينتقل من عالم الرومنسيات في السيياسة الى واقع روج آفا كردستان حيث الحركة الوطنية الكردية لا تستطيع أن تفعل كل شيء بمفردها أمام الحالة الجديدة على أرض الواقع ,كما أن المتربصين بالحالة الكردية من التكفيريين والدول الأقليمية والارهاب الذي أصابهم من جراء ( الفوبوبيا الكردية) الصاعدة لنيل حقوقها المشروعة تقض مضاجعهم, كما أن الصراعات الدولية قد أفرزت وضعاً لصالح الشعب الكردي وقضيته العادلة , كل ذلك يزيد من أعباء الحركة الوطنية و المثقفين بالدرجة الأولى ليكملوا دورهم التاريخي لأن المثقفين في عموم العالم وفي مختلف المراحل التاريخية عندما كانت شعوبهم تمر في المراحل المصيرية كانو يتخلون عن الصغائر ويتكاتفون مع حركاتهم الوطنية للوصول الى أهدافهم وأمانيهم لأن تاريخ الشعوب الطامحة الى الحرية تعلمنا بأن المثقف كان يناضل في الصفوف الأمامية من نضال شعبه في السلم والحرب .
– 9-12-2014-

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…