اليوم وفي ظل الظروف التاريخية الاستثنائية المواتية وتوفر الفرصة السانحة ليستثمزها الكورد في نيل حقوقهم القومية والوطنية والديمقراطية، يتطلب منهم توفير مستلزمات الصمود وإثبات الحضور وتفعيل الدور لضمان استحقاقات المرحلة المفصلية الراهنة على الصعيدين الوطني والقومي .
إن وجود المجلسين الكورديين (ENKS)و(EGRK) بوضعهما الحالي توفيرٌ للجهود واختصارٌ للوقت واختزالٌ للأرقام وتجاوزٌ للبدايات المعروفة بصعوبتها، أي هناك جاهزية لدى الطرفين تنظيمياً وسياسياً وإدارياً ونفسياً للتعاون والتنسيق أوالتشارك أو التوحد ضمن إطارٍ واحد في حال توفر الإرادة والجدية لديهما، والشعور بالمسؤولية التاريخية الملقاة على عاتقهما.
أولاً: من الناحية السياسية هناك رؤية سياسية مشتركة بين المجلسين تم الاتفاق عليها في هولير 23/11/2012 ((العمل من أجل بناء سوريا اتحادية تعددية ديمقراطية علمانية يؤمن لجميع المكونات العرقية والدينية المساواة في الحقوق والواجبات، ويحل القضية الكوردية وفق العهود والمواثيق الدولية بالاعتراف الدستوري بهويته القومية على أنه جزءٌ أساسي من النسيج الوطني والتاريخي، واعتبار المناطق الكوردية وحدة سياسية متكاملة)) يمكن البناء عليه وتطويره بما يتوافق والمستجدات من الظروف والأوضاع.
ثانياً: أما من ناحية الحكومة المحلية في المناطق الكوردية والمشتركة، فهناك مسودة مشروع مشترك للمجلسين بتاريخ 8/9/2013 ، يمكن العودة إليه، وإعادة النظر في شكله ومضمونه، ليتوافق مع الادارة الموجودة حالياً (الادارة الذاتية) والتغيرات الحاصلة على الأرض، بعد اجراء التعديلات اللازمة على هيكلياتها وآلياتها وأنظمتها النافذة في كافة المجالات الأمنية والتشريعية والمالية والخدمية والادارية..إلخ.
ثالثاً: أما ترتيب البيت الكوردي وترميمه وتوحيده فيتطلب البدء بالحوار بين المجلسين لأجل عقد مؤتمر وطني كوردي عام وشامل بصورة عاجلة ومباشرة على طاولة مفتوحة بدون شروط مسبقة عدا إجراءات بناء الثقة وتلطيف الأجواء وتهيئتها كوقف الحملات الاعلامية..، وعلى أرضية كل شيء قابل للنقاش والتفاوض، والاستفادة من التفاهمات والاتفاقات الموقعة سابقاً بين الطرفين برعاية السيد مسعود البارزاني رئيس إقليم كوردستان العراق.
رابعاً: لانجاح هذه المبادرة لا بد من وضع عدة أمور ومسائل بعين الاعتبار:
1- إلتزام المجلسين بخصوصية القضية الكوردية في سوريا، على أنها المهمة الأساسية والساحة الرئيسية لنضال الحركة الكوردية ونشاطاتها على المسارين المتلازمين الوطني والقومي.
2- إلتزام المجلسين باستقلالية الحركة الكوردية في سوريا ككتلة موحدة على غرار التحالف الكوردستاني في العراق، وعدم الانجرار إلى خنادق الصراعات القائمة على أسس طائفية أو عرقية أو اقليمية، وألا يصبحوا ثواراً تحت الطلب يساهمون في تنفيذ أجندات جهات لا ناقة للكورد فيها ولا جمل، وعليه يجب انسحاب كافة مكونات المجلسين (وبخاصة الأحزاب السياسية) من الأطر والتشكيلات السورية القائمة كالائتلاف الوطني وهيئة التنسيق وغيرها، وتحديد التعامل معها على أساس التعاون والتنسيق مع أطرافها المتفقة سياسياً مع رؤى وتوجهات الحركة الكوردية قومياً ووطنياً، والملتزمة بقضاياها القومية والوطنية.
3- إلتزام المجلسين بالوقوف على مسافة واحدة من جميع القوى الكوردستانية بدون استثناء، ومنع تدخلاتها (مهما كان المبرر والشكل والأسلوب والوسيلة..) في شأن الحركة والتحكم بارادتها وقراراتها، أو لأجل تنفيذ أجندات خاصة بها، بل العمل من أجل الاستفادة من خبراتها وامكاناتها وعلاقاتها وفق آليات وضوابط على أساس التضامن الأخوي والاحترام المتبادل والمصير المشترك.
4- الاستعانة بشخصيات وطنية مستقلة من ذوي الخبرة والقدرة (كطرف محايد مراقب ومشارك في الحوارات والتحضيرات)،للمساهمة في تقريب وجهات النظر وردم الهوات بين الطرفين في المسائل الخلافية العالقة، وايجاد الحلول والمخارج التوافقية لها.
5- إيلاء أهمية خاصة بحماية المناطق الكوردية، والحفاظ على السلم الأهلي والتعايش الأخوي بين مكوناتها، باشراك باقي المكونات ( عرب ومسيحيين وتركمان وجاجان..) في العملية السياسية والادارية والأمنية في المناطق المشتركة.
خامساً: بانجاز اطار كوردي عام وشامل(مرجعية كوردية) للعمل المشترك أو الموحد تصبح الحركة الكوردية موضع اهتمام وتقدير لدى الأشقاء والأصدقاء والأعداء على حد سواء، ورقماً معتبراً في الحسابات المحلية والكوردستانية والاقليمية والدولية، وستكسب الهيبة والشرعية والصلاحية لتمثيل الكورد، وقيادة نضالاتهم في جميع النواحي والأصعدة، لتحقيق تطلعاتهم القومية والوطنية (العادلة والمشروعة) ضمن وحدة البلاد، وبذلك تكون قد ضمنت غطاء من الرأي العام لحراكها وأهدافها.
سادساً: الانضواء تحت سقف واحد يعني بالضرورة الاتفاق على برنامج عمل مشترك، وبالتالي وجود مشروع متكامل بآليات وأساليب تنفيذية على الأرض من النواحي السياسية والأمنية والخدمية..إلخ.
وفي الختام: لا يسعنا إلا الاشارة إلى التطورات المتسارعة والتغيرات الحادة في الأوضاع والأحداث، والمستجدات المتتالية من الظروف والمعطيات، التي تنبئ بالمفاجآت والاحتمالات المليئة بالتحديات والمخاطر، والتي تفرض على الحركة الكوردية المزيد من الاستعدادات وأخذ الحذر والحيطة لمواجهتها واستثمارها لصالح قضايا الكورد المصيرية، التي طالما كافح الكورد طويلاً وضحوا كثيراً من أجلها ، كما لا يسعنا سوى التذكير بالنزيف الخطير والمستمر ديموغرافياً واقتصادياً من المناطق الكوردية، والذي يهدد مستقبل الكورد ومصيرهم، كما أن نجاح هذه المبادرة سيخفف بالتأكيد القلق والخوف واليأس لدى الكورد، وسيعزز عندهم الثقة والأمل والتفاؤل..، لأنهم ينتظرون بفارغ الصبر اشعال شمعة في آخر النفق المظلم الذي يسيرون فيه ضمن الأزمة السورية القائمة.
———————– انتهت ————————-