التطرف في الأديان السماوية

د. محمود عباس

  
  تاريخ العنف الإنساني، بدأ مع
ظهوره على الأرض، منذ الجريمة البشرية الأولى، قابيل لهابيل، الحدث الأسطوري الوارد
في نصوص الأديان السماوية، المطروحة في النصوص الإلهية كبداية لمسيرة الصراع
الإنسان الذاتي، بين قوى العنف كنزعة لاشعورية وروح الخلود إلى السلام بتركيز شعوري.
على خلفية تلك الجريمة شابت جميع الثقافات المتراكمة على الشعوب المتبعة لتلك
الأديان وعلى مر التاريخ، تشوهات فكرية، أثرت على مسيرته الروحية والمادية، وبرزت
تحت طغيانها طفرات شاذة في كل المراحل التاريخية الدينية، أرغمته، ككيان له حس
وشعور ويميز بين الخير والشر، على الارتباط بقوانين تلك الجريمة، والرضوخ للنتائج
التي حددتها النصوص المقدسة. 
 وعلى تبعات ذلك الصراع، الذي قضي
حينها على ربع البشرية في هيئة قتل هابيل، المنسوخة في الأديان الثلاثة المتناقضة برؤيتها
ومفاهيمها مع الأبعاد العلمية في الخلق والتطور، بررت المجازر والجرائم بكل
أنواعها، وعلى منطقها حددت معظم العقوبات الروحية. ورغم أن الجريمة الأولى تلك المبنية
على غاية، كانت وليدة اللحظة، لكنها من حيث البعد الروحي النفسي، حدثت على خلفية
تراكمات مسبقة في اللاشعور، المبنية على الحسد والحقد وكراهية الأخر، المشارك له
الأرض والمُلك بكل أبعادها، ونزعة الأنا المستسقاة من العدالة الإلهية المنحازة
إلى طرف دون آخر،  والنزعات العنفية الأخرى
التي تخلق مع الإنسان ورضخ لها والتي بنيت عليها كل أنواع العنصريات الظاهرة على
مر التاريخ، كالعائلية إلى القبلية إلى الفكرية والقومية والمتوسعة فيما بعد مع  ظهور الحضارات، ومن ثم طغيان ثقافة العنف
والتطرف التي استندت عليها الأديان والمحتلة أجزاء واسعة من نصوصهم، والمتفاقمة مع
مرور الزمن وبمساندة تأويلات شرهة لمضامين تلك النصوص من قبل مذاهب بشرية ولغايات
ذاتية، متقصدين الخلط بين الإيمان بالدين والغايات السياسية والنزعة القومية. 
   الرواية الدينية هذه، وبدون 
التأويل في التمييز الإلهي لنوعية الضحية المفضلة والمقدمة مع الدم أو
المهملة التي رافقتها السلام والروحانية، تعكس تفضيل الغريزة العنفية المرافقة
للدم على الصوفية، وتدوين أسباب الخلاف في الأديان الثلاث وخلفيات التفضيل والمبنية
على أبعاد إلهية أو مدارك ذاتية نبوية، مستسقاة من سيرة حياة اجتماعية ومعيشية
وصراعات إنسانية بكل جوانبها، النفسية والحسية مع تداخل بين الشعور واللاشعور،
والصراع على الملذات التي كان يدركها واضعي القصة ذاتها، والتي دفعت بهم لجعل
الجريمة على خلفية امتلاك لذة إنسانية في النص الإلهي الإسلامي، لذة شراكة الضعيف
التابع والملك، وفيها تظهر قناعة واضعي الأسطورة في تبعية المرأة للرجل وطغيان
العنصر الذكوري وانعدام رأيها منذ باديات ظهور الإنسان، وتفضيل إلهي  في النص التوراتي الأسبق، حيث الأنانية والحسد
الإنساني من  التقييمات الإلهية. 
  كانت لذة العنف إحدى الأركان
الرئيسة التي دفعت إلى توريد الأسطورة بهذه النهاية المأساوية، وكأن في داخل الراوي
صراع ذاتي بين رغبتين، لذة القتل، مقابل حب الخلود إلى السلام، ولا شك هذه
الأسطورة في أبعادها لا تتفق والرؤية العلمية للعالم البشري، من حيث الظهور الأولي
للإنسان، والتطور والمراحل التي أوصلته إلى بدايات التاريخ، وظهور الأديان
والفلسفات، وتشكيل الدول. ولسنا في عداد البحث ضمن هذه المسيرة، فهي دراسات تعمقت
فيها اختصاصيون وبنوا بحوثهم على ركائز علمية دقيقة قابلة للنقد والدحض والتبديل
والإضافة والتغيير، بعكس المفاهيم الدينية ونصوصها المطلقة المغلفة بالقدسية الإلهية،
باستثناء تأويلات لا تخرج عن كلية النص. 
 والإنسان في البعدين الديني
والعلمي، لم يتمكن من إلغاء نزعة العنف التي أدرجت من شعور فردي إلى ثقافة تدرجت وتبنتها
الأديان السماوية بمفاهيم مطلقة مرتبطة بمشيئة إلهية، ومن حيث النظرة العلمية، الإنسان
خلق ومعه نزعة القتل والعنف الحيواني، خاصة في حالة الجوع، والصراع على الملكية
الذاتية، والتي هي صبغية ضمن الجينات وتتوارث، مثلها مثل كل الصفات الإنسانية
الأخرى، كالحب والبكاء والضحك، وغيرها، ولا شك أن التطور الحضاري الثقافي والوعي
الحسي تؤثر فيها لتروضها، لأن الشعور كثيرا ما يضيق على هذه النزعة أو يوسعها. 
 ظهرت الثقافات والأديان والفلسفات الإنسانية،
لتطوير بعض هذه الصفات أو تقنن في بعضها، وركز معظمهم على تلك التي أضفي عليها
الصفات (الإنسانية) جدلاً تمييزا عن العنف الحيواني، وهي في الحقيقة توصيف خاطئ،
فالعديد من الحيوانات تنزع إلى الحب والهدوء والسلام أكثر مما يحتضنه اغلب البشر،
لكن الأغلبية حاولوا ويحاولون تليين هذه النزعة وتوجيه الرغبات إلى المهادنة مع الذات
والسلام مع الروح، والتعامل بالمحبة، وتكرار مقولة (الإنسانية) فيها الكثير من
التجاوز، والعديد من المصطلحات المدرجة في الأدبيات أو في المجتمع والمبنية على
هذا المصطلح، تعبير غير منطقي ولا تعكس الحقيقة، فعلى سبيل المثال كثيرا ما يقال- يجب
أن تكون العلاقات بين الشعوب على سوية العلاقات الإنسانية- على أنه  طموح إلى الهدوء والاستقرار والتوجه نحو السلام
والمحبة، لكن في الواقع الفعلي العلاقات الإنسانية وعلى مر التاريخ غارقة في
الصراعات الدموية والمجازر، لأن الإنسان في بعده الكلي متكامل بوجود العنف والسلام،
وعليه من الأهمية بمكان تحديد نوعية العلاقات الإنسانية المطلوبة إبرازها. 
   الأديان والفلسفات القديمة وفيما بعد التيارات السياسية والثقافية احتضنت البعدين
في سيكولوجية الإنسان، العنف بأقصى درجاته والصوفية بأرق صفاتها، وفي أجزاء واسعة
من نصوصهم وأدبياتهم يوجد تحريض مباشر على تفعيل النزعة العنفية وتنميتها، لغايات متنوعة،
ذاتية، فردية أو جماعية، من حب لطغيان إلى سيادة مع شريحة مساندة، إلى الاستبداد
الفكري أو الثقافي. أي كان نوعه، أو سنده، إلاهياً أو إنسانيا، الأديان السماوية
الثلاث بشكل خاص صفحات نصوصها الإلهية مليئة بقراءات التحريض على العنف والقتل، تبعتها
تبريرات بتأويلات حول الغاية الإلهية منه، والمجازيات اللغوية اللامحدودة أبقت
الحدود الفكرية والتأويلية مفتوحة على كل الجهات، لتدخل التيارات من كل المشارب وشرح
 النصوص حسب مبتغاها، معظمهم يغطون على
أجزاء ويلقون الضوء على أخرى، فيطبقون النص المرغوب بحرفتيه، أو كما يدعون بأن هذا
ما يطلبه إله النص من تابعيه، بل وفي بعضه يؤولونها إلى الأفعال التي قام بها صاحب
النص ذاته في حياته، وهي حقيقة لا يمكن أن يتجاوزه الفرد، رغم ما تغلف تلك الأفعال
بتبريرات وغايات مرتبطة بالرغبات الإلهية، وحكمته. 
   فملوك اليهود وتحت سقف النصوص
اليهودية، الذين قدسوا وأضفي عليهم صفة الأنبياء، قاموا بأبشع المجازر واستخدموا
أبغض أنواع العنف، ولم يكتفوا بالطغيان في الواقع المادي، بل بشعوا في العالم
الروحي أيضا، عندما أسندوا مجازرهم على نصوص تبين مساندة إلهية، وخدمة من
الملائكة، لهم لرفعهم إلى قدسية، ونقلهم من سوية الملوك إلى رتبة الأنبياء، وحينها
كانت بشائعهم ضد أقوام اتهموا بكل الموبقات مبرراً، والحكم في أفعالهم وشرورهم
تنزيل إلهي، فالأنبياء أولياء الله على الأرض ويتطلب منهم تطبيقها، وعليه كانت
المجازر عبادة مباشرة لله. 
   ولم تتخلص المسيحية من هذه البشائع، وأسند العنف
فيه مثلها مثل اليهودية بكليته إلى نصوص تظهر في التاريخ الحاضر وكأنها صفحات لا
تعرف سوى الرحمة والسلام، وفي الواقع وعلى مدى ألف سنة وأكثر تحت فيئها قضي على
الملايين من البشر وأحرق الألاف من النساء والرجال أحياء، إلى أن روض الدين ونصه
الإلهي بعد قرون من الصراع، وقيد المسيطرين على تأويلات ذلك النص، وحدد جغرافية
طغيانهم الروحي، وعزلوا عن الواقع المادي. لكل من هذه الأديان أطوار تاريخية لا بد
وأن يمروا فيها ويثبتوا ذاتيتهم العنفية قبل أن تطغى الجانب الروحي عليه. 
  فحاضر الشرق المتصارع يسيطر عليه
الإسلام بكل مذاهبه، والتأويلات التي تعرضها التيارات المتقاتلة، الذين يمثلون
المذهبين السني والشيعي، معظمها تبرز الآيات والأحاديث التي تنزع إلى جوانب العنف
في النص الإلهي. والسيطرة كانت ولا تزال لهذه التيارات منذ ظهور الإسلام كقوة
عسكرية، ورغم التوازن التام بين الكفتين العنفي والروحي في النص، إلا أن استخدام
العنف طغى، وتأويلات قادة هذا الجانب تسيطر على شريحة واسعة في العالم الإسلامي. رغم
أن الصراع مستمر ودائم ولم يخمد يوما، بينهم وبين الجانب الصوفي أو مؤولي النص في
جانبه الروحي، والقائلين بإن الإسلام ظهر لتقليص نزعة الإجرام في الإنسان، ورفع
شأنه كمحب للخير والسلام، لكن معظم التيارات الفكرية المتضاربة والخلافات
المنهجية، جرفت نزعة التطرف إلى استخدام العنف لنشر الإسلام والسيطرة على العالم
عن طريقها، وسحبت معها معظم القوى السياسية في العالم الإسلامي. ومنذ ظهور أول
خليفة إسلامي وحتى يومنا هذا، تتصارع القوى الإسلامية ضمن هذه الحلقة، حلقة إما
نشر الإسلام عن طريق المحبة والخير  وإقناع
الآخر بالطرق الروحية أو إرضاخ الأخر بالقوة، واستخدام العنف، ونشر السيادة، ومنطق
الموالي والإمة، والسبي، وقتل ونهب الأخر غير المؤمن بالإسلام، وكأننا هنا أمام
إلهين في النص القرآني ذاته، إله  العنف
وإله الخير والرحمة، ربما البعض سيؤولها إلى صراع بين الله والإبليس، لكنه في
الواقع العملي مسنود إلى تأويلات نصية، صراع بين مؤمنون بطرفين متناقضين في النص،
أو بالأحرى، صراع بين عدم دمج النص بكليته وغياب النتيجة المبتغاة منه. 
  ظهرت وعلى مدى التاريخ الإسلامي
تيارات عديدة، ومن مشارب متنوعة، فكرية وديمغرافية، الصوفية منها سادت بأغلبيتها خارج
جغرافية وديموغرافية الجزيرة العربية، معظم مفكريها اتهموا بالكفر والزندقة من قبل
القوى المتطرفة العنفية التجسيدية والمسيطرة بكليتها على العالم الإسلامي منذ بدء
الدين، وكان القصاص منهم عنيفا ورهيباً، طالتهم جسدا وروحاً، فكراً وقناعات، وبالمقابل
كان الرد دائما بأن التيارات العنفية أو التكفيرية المندرجة ضمن قائمة الإسلام
السياسي أو مؤخراً الإسلام القومي، لا تمثل الإسلام لا بأفعالها ولا بنهجها،
وتأويلاتها الحيزية، متطرفة وظلامية، ليس فقط تجرم بحق الإنسان المخالف للإسلام،
بل تشوه الإسلام ذاته، والقصد هنا الإسلام الروحي، الصوفي الفكر والقناعة،
والأمثلة على هذا الصراع عديدة جداً في التاريخ الإسلامي،  وراح ضحيتها المئات من المفكرين والمتدرجين إلى
الدرجات العليا من البعد الصوفي، كما وكان الصراع شنيعا بين التيارات التكفيرية
والمتطرفة والعنفية ذاتها، والتي أدت إلى قتل أو تسميم اكثر من 75% من الخلفاء
الذين سادوا الدولة الإسلامية منذ ثاني الراشدين إلى آخر العباسيين، كما وقتل
المسلمون بيد بعضهم أضعاف ما قتلوا بيد الغرباء، وهنا السؤال: 
  1. هل كانت هذه الصراعات ومسيرة الإسلام السياسي العنفية
    والتطرف بكل أبعاده قائمة على تأويلات ذاتية غير مسنودة بنص قرآني؟
  2. أليس التطرف الروحي في الصوفية أو الإسلام الصوفي شبه
    معدوم التأثير على الإسلام منذ ظهور الخليفة الأول أمام التطرف العنفي التجسيدي
    على الأرض، وكلاهما مسنودان بالنص الإلهي؟
  3. هل يتساوى التطرف الديني الإيديولوجي والمخلف للمجازر،
    مع التطرف الفكري الصوفي في الإسلام أو في غيره من الأديان الأخرى؟
  4. ألا يعطي هذا التطرف والمغالات في فرض الإسلام على
    الأخرين بوضع شروط ثلاث للذين لا يقبلون الدين مجابهة متطرفة وصراع يحافظ الأخرين
    فيه على الذات من تبعات التكفيريين المتطرفين؟
  5. هل يمكن تبرئة الإسلام عن المجازر العديدة الشنيعة،
    والتي حصلت على مر تاريخها وعن سلوك المشايخ أصحاب التأويلات والفتاوي الشاذة،
    والذين يتبعهم أغلبية المسلمين، والذين ينخرطون ضمن التيارات والمذاهب المتطرفة،
    والذين يستندون إلى الآية التالية أو المشابهة لها بعداً، ” إِنَّمَا جَزَاءُ
    الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ
    يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ
    أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ
    عَذَابٌ عَظِيمٌ ” المائدة 33..
  6.  وهل يمكن اعتبار أن الإسلام هو الإسلام الصوفي وحده الذي لا صوت ولا
    قوة له حتى في عصر الرسول ذاته؟
مثلها اليوم وفي خضم ظهور التيارات الظلامية والتكفيرية في العالم، والتي
تتهم بأنها تمثل الإسلام العنفي أو الإسلام في حقيقته النصية، تحارب من قبل شريحة
إسلامية واسعة على أنهم لا يمثلون الإسلام ومعظمهم خلقوا لتشويه الدين في عمقه، فتظهر
حوارات وصراعات من عدة جوانب وعلى جبهات متنوعة، بين التيارات الظلامية والذين
يرفضون العنف، وكأننا أمام تقسيم للدين الإسلامي على  درجات الإيمان بجوانب النص منفصلة  أو متكاملة، من الليبراليين إلى الراديكاليين،
الذين لا يفصلون السياسة عن الإسلام، مقابل الشريحة التي لا ترى وجوداً للإسلام في
حال انخراطها في السياسة ومساوئها وبعدهم عن الإله، وبين الإسلام الروحي
والمتضررين من التيارات التكفيرية وحاملي راية الإسلام القومي. 
 يحمل التيار الإسلامي الروحي-الصوفي
في خضم هذه الصراعات العبئ الكثير، علما أنها شريحة لا قوة لها في الواقع، وهي أقلية بسيطة مقابل الأغلبية المطلقة للإسلام العنفي،
مع ذلك تتحرك على عدة جبهات معاً، منها جبهة لأقناع المتضررين من تيارات الإسلام
العنفي، على أن الحاصل لا يمثل الإسلام، وأخرى مع التكفيريين بطرح تأويلاتهم
الروحية للنص وإقناعهم بعدمية إسلامهم الظلامي، أو الإسلام السياسي والذي بدأ ينقلها
العروبيون، كالبعثيين، إلى الإسلام القومي لمواجهة القوميات غير العربية كالكرد
والأمازيغ بشكل خاص، لإفراغهم من الذاكرة القومية كليا وضخ ذاكرة إسلام مشوه، وثالثة
مع مشايخ التكفيريين لدحض أعمالهم وتصحيح تأويلاتهم الخاطئة عن النص الإلهي،
وتبيان شرورهم التي لا تعكس حقيقة الإسلام المحمدي، لكنه وللأسف يخسر على كل هذه
الجبهات، كما خسرها منذ ظهور الإسلام وحتى اللحظة، لأنهم  لا يبحثون في البيئة الحقيقية، المؤدية إلى
ظهور كل هذا التطرف وهذه التيارات الشاذة في الإسلام منذ ظهوره وحتى الأن، والتي تحتضنها
النص الإسلامي ذاته، وعليه تذهب جهودهم هدراً، رغم أنهم يكفرون حاضراً بشائع داعش
والنصرة والقاعدة وغيرها من المنظمات الظلامية والتي تستسقي من النص القرآني روحها
ودمائها، وفتاوي مجازرها، وطرق تعاملها الهمجية مع البشر، وما يحدث حاضرا في  العالم الإسلامي وبشكل خاص في العراق وسوريا من
الشرور ضد الطوائف غير المسلمة كالمسيحيين والإيزيديين والبعض المسلم أيضا كالكرد
عامة، يسندونها إلى النص القرآني بشكل مباشر، ويرددون الآيات قبل كل مجزرة لتثبيت
الجريمة إلاهياً، ونقصد إلههم العنفي الوارد في النص، وقلائل من المتصوفين بحثوا
في النص الإسلامي، ونوادر من أرادوا البحث في التأويلات النصية تلك، لتتلاءم وتطور
العقل البشري وثقافته وعلومه، ومع الحضارة والعصر الحديث. 
  
د. محمود عباس 
الولايات المتحدة الأمريكية 
  
نشرت في جريدة بينوسا نو العدد(28) الناطقة باسم رابطة الكتاب والصحفيين
الكرد في سوريا. 
  

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…