صناعة داعش في ضرب المنطقة الكردية

مروان سليمان

الواجب الأخلاقي أولاً و الوطني ثانياً يقضي بأن يعترف حكام المنطقة و شعوبها بأخطاء سياساتهم الطائفية و زيادة خصوماتهم سواء كانت سياسية أو مذهبية أو حتى عرقية ، و لكن الصورة يبدو أنه لا عبر من دروس الماضي و تتكرر المأساة كما كانت في السابق و لكن بأساليب مختلفة. فالتهديدات ما زالت قائمة سواء من قبل الجماعات الإرهابية التي تسمى داعش أو حتى بعض السياسيين كما يحدث بين حين و آخر في أروقة صالات السياسيين العراقيين في تهديد الكرد و منطقتهم حتى وصل الحد إلى تهديد النواب الكرد داخل البرلمان العراقي نفسه، هذا غير التهم الجاهزة للكرد و هذا يشمل الكل و ليس السياسيين فقط بل السياسيين العرب و شعوبهم.
فمن الواضح أن هؤلاء قد إمتزجت بدمائهم الخصومات و هم يعملون على تهيئة الأجواء لها في التحريض و القتل و خاصة بعد أن سرعت بعض الدول الإقليمية إلى دعم و مساندة الجماعات الإرهابية مادياً و عسكرياً و تدريباً و تشجيعها على الهجوم لإحتلال المنطقة الكردية برمتها و تشريد الشعب الكردي و خاصة إن الفرصة مواتية للتغيير الديمغرافي الذي تشهده منطقتنا بسبب حرب النظام على الشعب منذ ما يقارب الأربع سنوات و خاصة الجماعات الإرهابية التي تتخذ من الدين الإسلامي وسيلة للوصول إلى مبتغاهم و أهدافهم الدنيئة على حساب الشعب الكردي فمن هم هؤلاء الذين حملوا راية الإسلام و يحاربون الكورد؟.
كما إن المعامل الفاسدة لا تنتج غير البضاعة الفاسدة كذلك الدواعش هم بضاعة فاسدة من بيئة فاسدة، و إن كان بينهم قلة قليلة من الأجانب الذين يقاتلون في صفوفها إلا إن العدد الأكبر هم من أبناء المنطقة سواء كان ذلك في سوريا أو العراق و خاصة في المناطق الغربية من العراق فكلما دخل الدواعش منطقة ما وجدوا أهلها جميعم من الدواعش و هذا يشكل بيئة حاضنة لهم يصعب القضاء عليهم بوقت قصير، لكننا نحن الكرد و بما أننا لا نفكر بطريقة مذهبية و طائفية و لكن لدينا مشروع قومي و مشروع حماية شعبنا الكردي من هذه الهجمات و عدم وجود بيئة حاضنة لهذا الإرهاب فلذلك لن يستطيعوا التمدد في المنطقة الكردية حتى و إن احتلوها لفترات قصيرة يتم فيها السلب و النهب و السرقة، و لا ننسى بسالة المقاتلين في الدفاع عن مناطقهم و أعراضهم بإيمان عميق.
فالخليفة الخامس هو بعثي بإمتياز و أعمال جماعته الإرهابية و التفنن في القتل الجماعي و رمي الجثث في الأنهار و الوديان و دفنهم في المقابر الجماعية في الصحارى و الوديان تذكرنا بحملات الأنفال و القتل الجماعي التي كان يقوم بها سيده صدام و هذا يعيدنا إلى نفس المربع الأول و لكن الدرس يجب أن يكون في تغيير العقلية و الذهنية و الثقافة قبل أن يكون في تغيير الأشخاص.
شعوب منطقتنا بمثابة معامل لصناعة الديكتاتوريات، و لكن مع هذه الصناعة الرديئة التي تمتد عمرها لمئات السنين لم نتعظ بعد و مع ذلك نصنع ديكتاتوريات جديدة و لكننا نخسر أوطاننا بمعنى أننا قد نكسب شخصاً لقضاء مصالح آنية و لكننا نخسر وطناً نعيش على أرضه و نأكل من خيراته و لذلك نجد بأن التغيير الذي حصل في هذه الفترة الجديدة هو القضاء على الديكتاتوريات القديمة المستبدة و لكن أنتجنا ديكتاتوريات ذات خطاب طائفي و مذهبي فبدل أن نفكر في قضيتنا كشعوب المنطقة أصبحنا بحد ذاتنا قضية و أصبحت تلك القضية في مأزق.
و السؤال: هل ما زلنا ننظر إلى داعش على أنه جسم غريب في المنطقة أم أنه جزء أصيل لا يتجزأ من ثقافتهم، و هل أعمالهم غريبة عن تاريخ المنطقة أم أنها جزء أصيل من التراث و التصرفات و ما دفاع رجال الدين عنهم إلا دليل على ذلك.

مروان سليمان

18.10.2014

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

شادي حاجي في السنوات الأخيرة، بات من الصعب تجاهل التحوّل المتسارع في نبرة الخطاب العام حول العالم . فالعنصرية والكراهية والتحريض عليهما لم تعودا مجرّد ظواهر هامشية تتسلل من أطراف المجتمع، بل بدأت تتحول، في أكثر الدول ديمقراطية ولم يعد ينحصر في دول الشرق الأوسط ( سوريا . لبنان – العراق – تركيا – ايران وو .. نموذجاً ) وحدها…

ياسر بادلي ليس اختيارُ الرئيس العراقيّ السابق، برهم صالح، مفوّضاً سامياً لشؤون اللاجئين حدثاً عابراً يمرّ على أطراف الأخبار؛ بل هو لحظةٌ ينهضُ فيها تاريخُ شعبٍ كامل ليشهد أن الأمم التي صُنعت من الألم تستطيع أن تكتب للإنسانيّة فصلاً جديداً من الرجاء. فالمسألة ليست منصباً جديداً فحسب… إنه اعترافٌ عالميّ بأنّ الكورد، الذين حملوا قروناً من الاضطهاد والتهجير، ما زالوا…

المحامي عبدالرحمن محمد   تتواصل فصول المسرحية التركية وسياساتها القذرة في الانكار والنفي للوجود التاريخي للشعب الكوردي على ارضه كوردستان، ومحاولاتها المستمرة لالغاء ومحو كلمتي كورد وكوردستان بوصفهما عنوانا للهوية القومية الكوردية والوطنية الكوردستانية من القاموس السياسي والحقوقي والجغرافي الدولي، سواء على جغرافيا كوردستان او على مستوى العالم. تارة يتم ذلك بحجة وذريعة الدين (الاسلام)، وتارة اخرى باسم الاندماج والاخوة،…

  إبراهيم اليوسف وصلتني صباح اليوم رسالة من شاعرة سورية قالت فيها إنها طالما رأتني وطنياً لكنها تجدني أخرج عن ذلك، أحياناً. رددت عليها: صديقتي، وما الذي بدر مني بما يجعلك ترين وطنيتي منقوصة؟ قالت: أنت من أوائل الناس الذين وقفوا ضد ظلم نظام البعث والأسد. قلت لها: ألا ترينني الآن أقف أيضاً ضد ظلم السلطة المفروضة- إقليمياً ودولياً لا…