الصحافة الحزبية الكوردية بين الواقع والمطلوب

أكرم الملا

لقد اتّسعت مجالات الصحافة لتشمل جميع نواحي الحياة واتّخذت الأحزاب من الصحافة لسان حال لها تعبّر من خلاله عن آرائها وتدافع عن أفكارها ومبادئها وسلكت الأحزاب الكوردية هذا الطريق.
 إذاً فالصحافة الحزبيّة، الكوردية هي تلك الصحف التي تعبّر عن فكر سياسي معين أو اتجاه أو مذهب إيديولوجي خاص وتتحدّد وظيفة الصحيفة الحزبيّة في الإعلام عن فكر الحزب والدفاع عن مواقفه وسياساته.
كما أنها تحتوي على أفكار وآراء تحاول إقناع الرأي العام بمبادئ ونهج الحزب ومحاولة جذب الناس إلى صفوفه.
 لكن الصحافة الحزبية ينقصها عرض ما سيقدمه هذا الحزب أو ذاك للناس والحلول للمشاكل التي يعانون منها، كونها (الصحافة الحزبية) تقود الجماهير إلى الرأي الذي تراه صائباً وانطلاقاً من عقيدتها الحزبية وإيديولوجيتها المعتنقة، لذلك نراها صحافة بمثابة مرآة عاكسة في أغلب الأحيان لرأي القيادة الحزبية، لا منبراً حراً لنشر الأفكار والمبادئ. إن نظرة سريعة على معاناة الصحافة الحزبية الكوردية تجعلنا نقف مضطرين عند بعض العوائق والحواجز التي تمنع تقدمها وتطورها فنياً وإعلاميا وتحديثها فكرياً ومنها :
1-  غياب نوعي للمهنية والاحترافية في إدارة الصحافة الحزبية.
2-  سيف الرقابة الحزبية الممشوق دائماً في وجه القائمين على إدارة الإعلام الحزبي.
3-  استلام المسؤولين الحزبيين الأميين إعلاميا للإدارة.
4-  نشر المواد في الصحافة الحزبية وفق منظور حزبي بيروقراطي. 
5-    هذه العوائق ليست إلا غيض من فيض السلبيات التي أصبحت توأماً لهذا الجانب الحيوي والهام من الحياة السياسية ألا وهو الإعلام.
إذا أردنا أن نخرج من قوقعة النشرة الحزبية الموجهة والتي في أغلب الأحيان تذكرنا بالنشرة الداخلية التي تتصف بها صحافتنا الحزبية والدخول في عالم المهنية والاحتراف للصحافة التي لا تكون حقيقية بغياب الرأي السياسي. لا بد من طرح بعض الأسئلة التي ستكون إجابتها بمثابة الحل الجذري للصحافة الحزبية في مواكبتها ولو بتأن مع المعايير المهنية والفكرية للصحافة. لماذا لا تكون صحف الحزب منبراً وطنياً لكلّ الأقلام الجريئة المشهود لها بالخبرة والكفاءة؟ لماذا لا تتجرأ الصحف الكوردية الملتزمة، بتخصيص ولو صفحة واحدة للرأي الآخر؟ 
لماذا لا تتم الاستعانة بكوادر تخصصية ومهنية بغض النظر عن انتمائها من عدمه للحزب؟ لماذا اتّباع الهرمية الحزبية في إدارة الصحافة الحزبية؟ ونود أن نطرح هنا سؤالاً يحمل بين طياته نكهة اقتراح. 
لماذا لا تنشر صحف الحزب جدول أعمال اجتماعات القيادة السياسية للحزب والمناقشات التي تتمّ والقرارات التي تُتّخذ حتّى يطّلع كلّ أعضاء الحزب والمؤيدين والأصدقاء على ما يجري داخل الحزب؟. وهذا لا يعني نشر الوثائق السرية ذات خصوصية معينة.
صحيفة الحزب لا تعني على الإطلاق لسان حال اللجان المركزية للأحزاب فقط بل هي المنبر الإعلامي للحزب وهذا يعني مشاركة الحزب قيادة وقواعد وأصدقاء المساهمة فيها، بل يمكن الذهاب أبعد من ذلك بإعطاء دور رقابي لصحافة الحزب على أداء القيادة وهيئاتها ومؤسساتها من حلال كشف السلبيات وتعقّب الانحرافات والفساد؟. 
المطلوب إذاً مراجعة شاملة للصحافة الحزبيّة بحيث يصل التطوير والتحديث إليها لأنّها جانب هام من حياتنا السياسية والعامّة وهذا يتطلب الجرأة والحسم من قبل القيادات السياسية وهو المرجو والمأمول .

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

عدنان بدرالدين   بينما تتجه الأنظار اليوم نحو أنطاليا لمتابعة مجريات المنتدى الدبلوماسي السنوي الذي تنظمه تركيا، حيث يجتمع قادة دول ووزراء خارجية وخبراء وأكاديميون تحت شعار ” التمسك بالدبلوماسية في عالم منقسم”، يتبادر إلى الذهن تساؤل أساسي: ما الذي تسعى إليه أنقرة من تنظيم هذا اللقاء، وهي ذاتها طرف فاعل في العديد من التوترات الإقليمية والصراعات الجيوسياسية، خصوصًا…

جليل إبراهيم المندلاوي   في عالمنا المليء بالتحديات الجيوسياسية والأزمات التي تتسارع كالأمواج، هناك قضية كبرى قد تكون أكثر إلهاما من مسرحية هزلية، وهي “ضياع السيادة”، حيث يمكن تلخيص الأخبار اليومية لهذا العالم بجملة واحدة “حدث ما لم نتوقعه، ولكنه تكرّر”، ليقف مفهوم السيادة كضحية مدهوشة في مسرح جريمة لا أحد يريد التحقيق فيه، فهل نحن أمام قضية سياسية؟ أم…

أمجد عثمان   التقيت بالعديد من أبناء الطائفة العلوية خلال عملي السياسي، فعرفتهم عن قرب، اتفقت معهم كما اختلفت، وكان ما يجمع بينهم قناعة راسخة بوحدة سوريا، وحدة لا تقبل الفدرلة، في خيالهم السياسي، فكانت الفدرالية تبدو لبعضهم فكرة دخيلة، واللامركزية خيانة خفية، كان إيمانهم العميق بمركزية الدولة وتماهيها مع السيادة، وفاءً لما نتصوره وطنًا متماسكًا، مكتمل السيادة، لا يقبل…

بوتان زيباري   في قلب المتغيرات العنيفة التي تعصف بجسد المنطقة، تبرز إيران ككيان يتأرجح بين ذروة النفوذ وحافة الانهيار. فبعد هجمات السابع من أكتوبر، التي مثلت زلزالًا سياسيًا أعاد تشكيل خريطة التحالفات والصراعات، وجدت طهران نفسها في موقف المفترس الذي تحول إلى فريسة. لقد كانت إيران، منذ اندلاع الربيع العربي في 2011، تُحكم قبضتها على خيوط اللعبة الإقليمية،…