ابراهيم محمود
لحظة النظر في الأحداث الجارية في سورية ” بغضّ النظر عن الموقف منها ” ومنذ ثلاث سنوات تقريباً “، كما هو معروف بداهة، ومن خلال المستجد في الجاري اعتماده ” روجآفا كردستان “، يمكن القول إزاء المعلَن عنه والجاري بنوع من العدوى التحزبية في المراكز الحزبية الكردية، والجهات التنظيمية والاجتماعية التحزبية الكردية مجدداً، والمراكز التي تحمل أسماء ثقافية تدار حزبياً، والكم الهائل من الأنشطة الثقافية وغيرها، والمقدمة فيها، يمكن القول أن هذا الكم اللافت يكاد يبز عدد كل الأنشطة التي عرِفت بها الأحزاب الكردية في سوريا ” في روجآفا كردستان، حصراً “، مند قرابة ستة عقود زمنية.
لكن..! ؟ لحظة النظر في الأرضية التي تقوم أو تتنشط عليها، يحصل الفارق الكبير جداً جداً، وإلى درجة مأسوية.
فبالنسبة لي، ولم أكن حزبياً يوماً، وكما شاهدت وعاينت، كان تقديم أي نشاط حزبي كردي، ثقافي أو سياسي، يجري فيما يشبه حقلاً من الألغام وخصوصاً في البدايات ، نظراً للمراقبة السلطوية والبعثية الصارمة، وما يعقب ذلك من اعتقال وتنكيل بحق القائم بالنشاط والمشرف عليه والداعي إليه والمروّج له وحتى المدعو إليه. كانت السرّية قائمة ومرعية. إنه لتاريخ مختلف تماماً، ولا بد من التوقف عنده، بغض النظر عن الأخطاء في الممارسة، وهذا ليس دفاعاً عن الحزبي الكردي ، إنما هو توضيح لموقف .
وكما أعلم جيداً، كان من الصعب أن يُعرف الحزبي، أو يكشف عن نفسه بسهولة، جرّاء الوضع الأمني والملاحقة الأمنية، ومن باب الحماية الذاتية، وبحيث إن أحدهم يدرك خطر تهجئته ولو لمرة واحدة، ولو قراءة لكلمة ” كردستان “، والتعبير عن الكردية بيسر، نعم، كان ثمة مجابهة مع سلطة تجد أن التهجئة إعلان حرب على نظام قامع وتأكيد ذات قومية.
حديثاً، وفي الحيّز الزمني الموسوم، صار في وسع أي كان أن يتهجى كردستان في أمكنة كثيرة، أن يسمي نفسه حزبياً دون أن يلتفت يمنة أو يسرة، أن يقدم نشاطاً أو أكثر في اليوم الواحد، نظراً لعدوى المراكز التحزبية وراياتها العقيدية الخاصة ” وهذا وضع آخر “، أن يسمي السلطة ذاتها، ويتحدث عن الشمولية ” التوتاليتارية “، دون أن يفكّر في موقعه الزمني، وأين كان قبل بدء الأحزاب، إلى درجة أنه من السهولة بمكان رؤية كم متضخم ومريع من الوجوه وهي تسعى إلى تلفزة ذواتها، والتعبير عن ” هوياتها ” الخاصة، والتنافس على الأنشطة، كما لو أنها تعوض عما فات، مقارنة بالذين تراجعوا إلى الوراء وهم في ذهول ضمني مما يحصل.
صار في وسع الكثيرين أن يسموا أنفسهم، ويسردوا تاريخهم الشخصي على الملأ، دون الالتفاتة إلى ما كان حتى عهد قريب جداً جداً، في التخفي والتستر والتكتم والتواري والتحجب، ويوقتوا لأنشطتهم وينشروا مضامينها مع الصور الديجيتالية في اللحظة ذاتها انترنتياً أو سريعاً، ويُبث عنها تلفزيونياً، وأن نشهد عروضاً لا تسعها المراكز المختومة بأسماء وشارات متحزبيها، ولا مشكل هنا لدى مقدّمي أنشطتهم وظهور نوع من الإدمان اللفظي: كردستان، كردستان، كردستان، وما يصلهم بكردستان، سعياً إلى لفت الأنظار، والأضوائية، وما يمكن أن يعرّفوا به في وضع كهذا مقارنة مع ما سبق.
ليُعرف جيداً أنني لا أتحدث عن حق الكردي في أن يبتهج بوضع مختلف، إنما عن طريقة تمثيله لهذا الحق، ومن يحاول ختمه والترويج له، وهو حق لذاكرتنا وتاريخنا المشتركين .
هذه الكرنڤالات الحزبية تضع الكردي، وشخصية الكردي، وثقافة الكردي على محك التاريخ ونوعية الثقافة التي يبني عليه اسمه الاجتماعي ويروّج له، وما يقدّمه ثقافياً، وما يكونه الكردي في التصريف التاريخي والإيديولوجي، وهو يعيش تحديات وتحديات، حيث يتم خلْط الأوراق، والانزلاقات الجانبية ليكون المضحى به إزاء اللازم التنبه إليه: التاريخ .
أقول” كرنڤالات ” مع التحفظ على الكلمة، لأن أصل الكرنڤال مهرجان، ويقام احتفاء بحدث سنوي جرى الاتفاق عليه، وهو متنوع، ولكنه يعرّف بمجتمعه والقائمين عليه، أما هنا، فالظاهرة الكرنڤالية تقترب من الموضة من خلال عروض من يقدمونها ويمثلونها، رغم أن الموضة وما تجسده مادياً ورمزياً لها أصولها وأهلها، سوى أن الفوضى التي نشهدها كردياً، تخرج ليس الكرنڤال كمفهوم عن مساره، إنما الكردي المندفع والمتدافع والمدفوع والدافع إلى الأبعد كثيراً مما يجب النظر فيه، والمآل الخطر الذي يتطلب إمعان الكشف عن حقيقته من الجهات الأربع، وبين الكرد أنفسهم.
لا يقول كردستان، ويشدد على كردستان، ويكرر كردستان، وبنوع من الهذيان، وبحركة جسمية رعادة، إلا من يريد التشويش على سواه، أي التعتيم على تاريخه الشخصي الحزبي والتحزبي والمجاور له ومن لم يكن حزبياً لينشهر بالحزبي لغاية في نفسه ” الكردية ” .
ما أرخص الاسم، في سوق خردة التهافت الشعاراتي والمزايدات حيث يغيب الرقيب والحسيب، أي الكلفة الفعلية.
ثمة كلمة أخيرة أقولها هنا: نعم، كانت كردستان ضحية مؤامرات ومطامع وغزوات كبرى محلية ودولية، لكن الشيء الذي يجب التركيز عليه، لحظة السؤال عن هذه الاستحالة التي تجعل كردستان الدولة والمجتمع الواحد واقعاً حتى اللحظة، هو : الكُردي نفسه، أم أن علينا، ومن باب التذكير بمن يتنكر لفضيلة الذاكرة وقوتها:
دود الخل منّو فيه، أي ji darê ye kurmê darê!
دهوك
فبالنسبة لي، ولم أكن حزبياً يوماً، وكما شاهدت وعاينت، كان تقديم أي نشاط حزبي كردي، ثقافي أو سياسي، يجري فيما يشبه حقلاً من الألغام وخصوصاً في البدايات ، نظراً للمراقبة السلطوية والبعثية الصارمة، وما يعقب ذلك من اعتقال وتنكيل بحق القائم بالنشاط والمشرف عليه والداعي إليه والمروّج له وحتى المدعو إليه. كانت السرّية قائمة ومرعية. إنه لتاريخ مختلف تماماً، ولا بد من التوقف عنده، بغض النظر عن الأخطاء في الممارسة، وهذا ليس دفاعاً عن الحزبي الكردي ، إنما هو توضيح لموقف .
وكما أعلم جيداً، كان من الصعب أن يُعرف الحزبي، أو يكشف عن نفسه بسهولة، جرّاء الوضع الأمني والملاحقة الأمنية، ومن باب الحماية الذاتية، وبحيث إن أحدهم يدرك خطر تهجئته ولو لمرة واحدة، ولو قراءة لكلمة ” كردستان “، والتعبير عن الكردية بيسر، نعم، كان ثمة مجابهة مع سلطة تجد أن التهجئة إعلان حرب على نظام قامع وتأكيد ذات قومية.
حديثاً، وفي الحيّز الزمني الموسوم، صار في وسع أي كان أن يتهجى كردستان في أمكنة كثيرة، أن يسمي نفسه حزبياً دون أن يلتفت يمنة أو يسرة، أن يقدم نشاطاً أو أكثر في اليوم الواحد، نظراً لعدوى المراكز التحزبية وراياتها العقيدية الخاصة ” وهذا وضع آخر “، أن يسمي السلطة ذاتها، ويتحدث عن الشمولية ” التوتاليتارية “، دون أن يفكّر في موقعه الزمني، وأين كان قبل بدء الأحزاب، إلى درجة أنه من السهولة بمكان رؤية كم متضخم ومريع من الوجوه وهي تسعى إلى تلفزة ذواتها، والتعبير عن ” هوياتها ” الخاصة، والتنافس على الأنشطة، كما لو أنها تعوض عما فات، مقارنة بالذين تراجعوا إلى الوراء وهم في ذهول ضمني مما يحصل.
صار في وسع الكثيرين أن يسموا أنفسهم، ويسردوا تاريخهم الشخصي على الملأ، دون الالتفاتة إلى ما كان حتى عهد قريب جداً جداً، في التخفي والتستر والتكتم والتواري والتحجب، ويوقتوا لأنشطتهم وينشروا مضامينها مع الصور الديجيتالية في اللحظة ذاتها انترنتياً أو سريعاً، ويُبث عنها تلفزيونياً، وأن نشهد عروضاً لا تسعها المراكز المختومة بأسماء وشارات متحزبيها، ولا مشكل هنا لدى مقدّمي أنشطتهم وظهور نوع من الإدمان اللفظي: كردستان، كردستان، كردستان، وما يصلهم بكردستان، سعياً إلى لفت الأنظار، والأضوائية، وما يمكن أن يعرّفوا به في وضع كهذا مقارنة مع ما سبق.
ليُعرف جيداً أنني لا أتحدث عن حق الكردي في أن يبتهج بوضع مختلف، إنما عن طريقة تمثيله لهذا الحق، ومن يحاول ختمه والترويج له، وهو حق لذاكرتنا وتاريخنا المشتركين .
هذه الكرنڤالات الحزبية تضع الكردي، وشخصية الكردي، وثقافة الكردي على محك التاريخ ونوعية الثقافة التي يبني عليه اسمه الاجتماعي ويروّج له، وما يقدّمه ثقافياً، وما يكونه الكردي في التصريف التاريخي والإيديولوجي، وهو يعيش تحديات وتحديات، حيث يتم خلْط الأوراق، والانزلاقات الجانبية ليكون المضحى به إزاء اللازم التنبه إليه: التاريخ .
أقول” كرنڤالات ” مع التحفظ على الكلمة، لأن أصل الكرنڤال مهرجان، ويقام احتفاء بحدث سنوي جرى الاتفاق عليه، وهو متنوع، ولكنه يعرّف بمجتمعه والقائمين عليه، أما هنا، فالظاهرة الكرنڤالية تقترب من الموضة من خلال عروض من يقدمونها ويمثلونها، رغم أن الموضة وما تجسده مادياً ورمزياً لها أصولها وأهلها، سوى أن الفوضى التي نشهدها كردياً، تخرج ليس الكرنڤال كمفهوم عن مساره، إنما الكردي المندفع والمتدافع والمدفوع والدافع إلى الأبعد كثيراً مما يجب النظر فيه، والمآل الخطر الذي يتطلب إمعان الكشف عن حقيقته من الجهات الأربع، وبين الكرد أنفسهم.
لا يقول كردستان، ويشدد على كردستان، ويكرر كردستان، وبنوع من الهذيان، وبحركة جسمية رعادة، إلا من يريد التشويش على سواه، أي التعتيم على تاريخه الشخصي الحزبي والتحزبي والمجاور له ومن لم يكن حزبياً لينشهر بالحزبي لغاية في نفسه ” الكردية ” .
ما أرخص الاسم، في سوق خردة التهافت الشعاراتي والمزايدات حيث يغيب الرقيب والحسيب، أي الكلفة الفعلية.
ثمة كلمة أخيرة أقولها هنا: نعم، كانت كردستان ضحية مؤامرات ومطامع وغزوات كبرى محلية ودولية، لكن الشيء الذي يجب التركيز عليه، لحظة السؤال عن هذه الاستحالة التي تجعل كردستان الدولة والمجتمع الواحد واقعاً حتى اللحظة، هو : الكُردي نفسه، أم أن علينا، ومن باب التذكير بمن يتنكر لفضيلة الذاكرة وقوتها:
دود الخل منّو فيه، أي ji darê ye kurmê darê!
دهوك