دلكش مرعي
حسب تعريف أرسطو // المثقف هو ذاك العالم بالكليات // وإذا ما أخذنا هذا التعريف بلغة العصر فأن المثقف هو ذاك الشخص الذي يمتلك المعارف العلمية العامة ويمتلك فكراً نيراً تمكنه من إظهار الحقيقة في هذا الجانب من الحياة أو تلك … أي أن للمثقف وظيفة معرفية شبه شاملة تمكنه من تبيان الأسباب الحقيقة والجوهرية التي تنتج الوقائع الاجتماعية المتنوعة كالتطور والتقدم أو التخلف والصراع ليتمكن عبر هذه المعرفة من وضع الحلول العلمية الصحيحة والناجعة التي تخدم تطور الشعوب وتمكنها من إزالة قيم التخلف التي تنتج التناقضات والصراعات المجتمعية .. وبصيغة أوضح يمكن القول بأن الوظيفة الأساسية للمثقف في الراهن المعاصر هو تحرير العقل البشري من القيم والعقائد والثقافات الهرمة والمتعفنة التي تنتج على الدوام التخلف والظلم والاستبداد والحروب والمآسي للبشر.
فالمثقف بهذه المعنى هو بدون أدنى شك يبقى ضمير الشعوب ووجدانها ومن المستحيل أن يتحول المثقف الذي يمتلك هذه الصفة أن يتحول إلى بوق نشاز يبيع وجدانه وضميره لهذا السلطة المستبدة الغاشمة أو لهذا الحزب المتخلف المتعفن أو أن يتحول إلى عميل مأجور لتحقيق مصالح أنانية رخيصة وبخسة يتلاعب عبر ذلك بمصير الشعوب ومستقبلها … ولكن من المؤسف القول بأن العديد من الذين كانوا يعتبرون أنفسهم من الشريحة المثقفة في غربي كردستان قد انضموا إلى الأحزاب والمنظمات المختلفة وتحولوا عبر ذلك إلى جزء من الصراع الدائر بين الأحزاب وهذه المنظمات بدل أن يكونوا جزء من الحل ويشكلوا ضغطاً عبر قيادة الشارع ضد الذين يتلاعبون بمصير الشعب الكردي في هذا الظروف المصيرية والحساسة التي تمر على غربي كردستان …
ما نود قوله هنا هو إن واقع الشعوب والمرحلة الحضارية التي تعيشها هي بدون أدنى شك هي نتاج ثقافاتها وقيمها العامة فما هو ثقافي هو الذي ينتج ما هو سياسي وليس العكس أي أنهما كالحامل والمحمول ولا يمكن بأي حال من الأحوال فصل ما هو سياسي عن البنية الثقافية التي تنتجها فلكل سياسة ركيزتها الثقافية التي تستند إليها ولكل سلوك سنده القيمي أي من المستحيل فصل الناتج عن المنتج ويأتي هذا الناتج هكذا من العدم أو من الفراغ ..
فهل نستطيع على سبيل المثال فصل ما هو طائفي عن ما هو ديني ونبرر ساحة الدين عن نتاج الصراع الطائفي الدموي ؟ أليس ما هو طائفي يستند إلى ما هو ديني ؟ وهل كنا سنشاهد الحروب الطائفية بين الكاثوليك والبروتستانت أو بين السنة والشيعة بغياب الدين المسيحي والإسلامي ؟ ولكن من المؤسف القول بأن هناك من يبرر أعمال المنظمات التكفيرية من الفكر الديني ويدعون بأن هذه الأعمال هي بعيدة كل البعد عن قيم الدين الحنيف ويحاولون تبرير ساحة هذا الفكر عن ما يجري من وقائع دموية ومهولة على الأرض ولكن لو طرح سؤال وقيل لهؤلاء ما معنى الآية التي تقول : // إذا انقضى الشهر الحرم فاقتل المشركين حيث ما وجدتموهم // أو بماذا يفسر هؤلاء آية الأنفال التي تقول // ما كان للنبي أسرى إلا بعد أن يثخن في الأرض // ومعنى كلمة يثخن أن يقتل ويبالغ في القتل دون رحمة أو شفقة وقد استندا / صدام حسين / على هذه الآية وقتل في عمليات الأنفال السيئة الصيت أكثر من مائة وثمانين ألفاً من أبناء الشعب الكردي وأخيراً بماذا يفسر هؤلاء قطع رقاب تسعمائة يهودي من بني قريظة بعد غزوة الخندق وفي عهد النبي ؟
للحديث بقية