مقاولو الأزمات ….!!

خليل كالو  

عندما تصبح ممارسة السياسة وسيلة للمتعة الشخصية وستارا للجاه وجمع المال على حساب القيم الجمعية والقومية غصبا وتضليلا وتتجاوز كل الأعراف السياسية الشرعية والمتعارف عليها تاريخا وفلسفة دون ضابطة  أخلاقية رادعة وتصل بأفعالها القبيحة والشنيعة إلى حد الاستهتار الفاضح  علنا بالقيم النضالية للقوم والاتجار بطموحات شعب ما زال يئن تحت وطأة الظلم والحرمان والفقر الشديد وبلا هوية سيادية متمايزة . فلا بد أن يكون ذاك الإطار الحاضن والمنتج لمثل هكذا ثقافة وسلوك أشبه بمكتب مناقصات مقاولاتي يعمل وفق سياسة ومنطق الربح والخسارة التجارية ولن يختلف حينها أخلاقا ووظيفة وعرفا عن أي سوق تجاري تعرض فيه قيم الشعب كسلعة وبضاعة  تبعا قانون العرض والطلب .
كثيرون هم مقاولو السياسة الكردية الآن وقد كانوا من قبل أيضا مناكفة ومجاكرة لمزايدات علنية  شعاراتية وتفكير تجاري مناسباتي ليزيدوا من رصيدهم الحرام بعد أن امتهنوا تجربة سنوات مما أخرجوا نصف الشعب أو أكثر من ساحة معركته وإشغاله بقضايا مفتعلة وجانبية ثانوية سخيفة بحيث مكن هؤلاء من خلال منهج تضليلي مفتعل ودعائي خلق قطيع يسهل قيادته وتحميله ثقافة الكراهية والتفتت واستحضار التاريخ اللا مشرق والعمل عليه ليل نهار في استخلاص خطط لخلق الفتن وتفعيل الثارات المطمورة عند اللزوم  تزامنا بالعمل بنظرية المؤامرة  في تبرير فشلهم..  أولا كرجال متعهدين للعهدة وثانيا للحالة المعاشة والراهنة  بحيث جعل من الشخص في المجتمع عنصر بائسا يائسا متشائما ومتكلا متسولا أي غير اجتماعي كرديا ومخربا بحق نفسه وشاذا عابثا بالوحدة الأسرية الكردية  إلى أن بات المجتمع مفتتا معطلا في نصفه ورحل خارجا من دائرة  المستقبل وجعل النصف الآخر متخندقا  متصلبا لا مرونة فيه حتى يسهل كسره  ليؤمن طريق استمرار الابتزاز والعبث كما يشاء بعد أن تعودوا على سلوك ومتعة الاغتصاب وأصبح جزءا من حياتهم اليومية ومدمنون عليها  تحت أسماء  ويافطات بارزة على أبواب مكاتب موزعة علي شوارع  سياحية متعوية موزعة في أمكنة شتى حتى كاد لا يعرف الزبون المفتعل به كيفية الدخول والخروج منها وكيف افتعل به ومتى ..؟
 
مناسبة هذا الكلام هي تقية وما يفرضه الظرف المعاش الآن حيث لا يعرف المرء منا إلى أين ستؤول به الأحوال غدا وهذا يعتبر حق شخصي بالتساؤل ممن يغتصب حقوقا ويعبث بها ليست له ولا ملك أبيه قبل أن يكون حق جمعيا  وخاصة في خضم هذه الحرب القذرة والخراب الهائل  التي تشارك في إدارتها عددا من الثقافات المتناقضة المتصارعة تاريخيا من كل حدب وصوب مترافقة بالأجندات السياسية المخربة للجسم السوري ككيان ومجتمع بشكل عام وكرديا بشكل خاص ناهيك عن تشابك المصالح الدولية التي تتحكم بقرار أي حل منظور . حيث لا يزال هناك من يتاجر بنا كشعب في أسواق النخاسة إماء “عبيد” فقط ومن ثم فقط لأجل الحفاظ على استمراره كحالة مفروضة شاذة منتدبة  في غفلة من التاريخ حتى دون أدنى فعل أخلاقي مقنن مقنع أو انجاز بسيط يبرر القبول به قوادا في بيوت حمراء .
مختصر الكلام: إن القيادة السياسية لشعب ما لا تعني اجتماع عدد من الأشخاص في مكان وفي إطار ما لكي يضعوا بعض الشعارات والقرارات وتعيين الأهداف ظاهرا فقط بلا تضحية وامتلاك القوة وأسبابها ومن ثم التأمل عملا من أجل مطالب ثانوية إطاراتية هلامية وشخصية متعوية بخسة لا تخص الجماعة التي وجدت من أجلها زعما ووصاية دون أن تقوى على شيء سوى القيام  بفعل التخريب البنيوي للفرد واستغلال ظروفه الخاصة والقيام بفعل التمزق والتضليل مجتمعيا فقط وفقط  من أجل المتعة. لذا لا بد من إدراك وفهم حقيقة هؤلاء واستيعاب تاريخهم واستحضاره للذاكرة دوما والقضاء على هذه البؤر الجرثومية السارية بثقافة التغيير وحداثة المفاهيم ومنهج التفاعل ” ذلك وظيفة المثقف الجاد “. لان كل هم هؤلاء هو الحصول على امتيازات خاصة دون صرف جهد أو بذل عمل …….!!
 
14.3.2014

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

خالد حسو إن مسيرة الشعب الكوردي هي مسيرة نضال طويلة ومستمرة، لم تتوقف يومًا رغم الظروف الصعبة والتحديات المتراكمة، لأنها تنبع من إرادة راسخة ووعي عميق بحقوق مشروعة طال السعي إليها. ولا يمكن لهذه المسيرة أن تبلغ غايتها إلا بتحقيق الحرية الكاملة وترسيخ مبادئ العدالة والمساواة بين جميع أفراد المجتمع، بعيدًا عن أي شكل من أشكال التمييز القومي أو الديني…

مسلم شيخ حسن – كوباني يصادف الثامن من كانون الأول لحظة فارقة في التاريخ السوري الحديث. ففي مثل هذا اليوم قبل اثني عشر شهرًا انهار حكم عائلة الأسد بعد أربعة وخمسين عاماً من الدكتاتورية التي أثقلت كاهل البلاد ودفعت الشعب السوري إلى عقود من القمع والحرمان وانتهاك الحقوق الأساسية. كان سقوط النظام حدثاً انتظره السوريون لعقود إذ تحولت سوريا…

زينه عبدي ما يقارب عاماً كاملاً على سقوط النظام، لاتزال سوريا، في ظل مرحلتها الانتقالية الجديدة، تعيش واحدة من أشد المراحل السياسية تعقيداً. فالمشهد الحالي مضطرب بين مساع إعادة بناء سوريا الجديدة كدولة حقيقية من جهة والفراغ المرافق للسلطة الانتقالية من جهة أخرى، في حين، وبذات الوقت، تتصارع بعض القوى المحلية والإقليمية والدولية للمشاركة في تخطيط ورسم ملامح المرحلة المقبلة…

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…