المثقف الحزبوي. وعصا السياسي الفاشل ؟

خليل كالو

 عندما يفشل السياسي الكردي على الأرض هذه الأيام يستنجد بمن جند من أصحاب الأقلام البائسة بلا رسالة كعصا الرد والدفاع عن خيبته وترقيعها وذلك من خلال إعلام محرض متحرض بأشكاله وهذا السلوك يشبه إلى حد كبير ما كان يسلكه الآغا أيام الأجداد لرد الاعتبار أو الرد على رد باستخدام أزلامه في خلق الأزمات وافتعال الحوادث والبلبلة لإلهاء الناس بمعارك جانبية منها ما كانت وهمية وأخرى مفتعلة للسيطرة عليهم ضعفاء ومن ثم تكون المصالحة يوما على وليمة دسمة على لحم خروف من الزعامات الوهمية. فهذا هو حال الكاتب ومثقف الكلام  والسياسي الفاشل عملياتيا في خضم الأزمة التي تعيشها الكرد هنا في روز آفا.. أي كلام الخير يمت بالكردايتي يخرج من فم هذا ولا ذاك سوى السوء. فبئس هكذا ألسنة وهكذا خطاب ووجدان وضمير ميت ..
 إن المتتبع لصفحات المواقع الالكترونية الكردية هذه الأيام التي تنشر باللغة العربية على الأخص يتراءى للمرء أن ما يكتب فيها من كلام هو في أغلبه ردود أفعال تنم عن عصبية وتخلف فكري وتفكير مدجن تشتم منها رائحة ثقافة  أقرب إلى النمط العشائري منها للحداثة والنقد البناء والتغيير وأغلب الظن بأنه تأتي مقابل عطية أو الانتظار لها والتبعية العمياء لأجندات خاصة والمحسوبية الحزبية المضللة ولا ترتقي إلى مستوى الثقافة المسئولة والفكر المنتج كما ينبغي حيناً ولا تخرج من الإطار الشخصي الأناني والتشهير أحياناً أخرى وهذه الظاهرة لا تبشر بمستقبل مشرق وواعد للصحافة الكردية الحديثة وفكر التغيير وكذلك للثقافة الكردية والمثقف الكردي. إن هذا النمط من الخطاب المتسرع غير فعال وغير مجدي ولا ينم على وعي وإبداع فكري وثقافي راقي ولا نعتقد بأن الكرد بحاجة إليه أصلاً وقد دفعوا ضريبته سابقا وهنا لا نضع اللوم على إدارة المواقع الالكترونية بقدر ما يتحمل وزر هذا الإشكالية الكاتب نفسه والمواضيع التي يتناولها وهي في أغلبها ردود أفعال عمياء حزبوية إن لم نقل حكم مسبق أو غل دفين ولا علاقة لها بتنمية ذهنية القارئ وإصلاح الفكر وطريقة أدائه الخلاق ولا تمت بصلة إلى الثقافة المسئولة والكردايتي وهذا الفعل يشبه ما كان في تراث السلف من الآباء والأجداد المهزوم تاريخيا.  

  الكاتب  ليس حمال للثقافة وحمار السياسي يحمل أسفارا ومنتج للفتنة والتهويل وإخفاء الحقائق والتضليل والبحث عن الارتزاق وإنما هو ضمير الناس قبل أي شيء آخر وصوت من لا صوت له  وكما هو ليس ضمير الحزب والسكرتير والمال السياسي والأنانية . فكل مثقف فاقد لذلك الضمير القومي والشعبي يتجرد كثيرا من الأخلاق الإنسانية وبتعد عن دائرة الرسالة المنوطة به أيضاً كون الخطاب المصطنع والمرسل يبنى على قضية مقدسة وحقيقة شعب مظلوم وحينئذ كل ما يدعيه مثل هكذا كاتب ومثقف هو باطل ونفاق وأن كل مقاربة نحو أي المثقف خلاف هذا المنهج والحكم كمقياس لوجوده وتوصيفه يبقى كلاما لا معنى له وتشويه لمعنى الثقافة والمثقف..  فإذا كانت وظيفة الفكر والثقافة هو التغيير والتحديث في البنى الأساسية للمجتمع ومن أهمها المنظومة القيمية ـ الأخلاقية لشخصية الأفراد فيه من خلال المصطلح والمفاهيم والنظرية ونقد التراث الثقافي والسياسي البالي وإحياء الثقافة والفنون والآداب بالإضافة إلى التوازن والتزاوج بين الأصالة والحداثة لغد أفضل لا بد من أن يكون الكاتب على درجة كبيرة من الوعي والمعرفة بهذه الحقائق والمسئولية أيضا وأن لا يخرج من الإطار العام  لأجل الخاص لأجل النهوض بالمجتمع في ذلك الاتجاه الذي يؤسس لمثل هكذا تغيير والبحث عن أدوات جديدة تساعده على ذلك باعتباره قد قبل هذه الوظيفة وتطوع لأداء رسالة إنسانية وجب عليه أن يكون صادقا مع نفسه ومسئولا عن إتقان عمله حتى يكون منتجا حقيقيا ومؤثرا. 
24.5.2014

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اعتبر الزعيم الكوردي رئيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني مسعود بارزاني، يوم الجمعة، أن الارضية باتت مهيأة لإجراء عملية سلام شامل في منطقة الشرق الأوسط للقضية الكوردية. جاء ذلك في كلمة ألقاها خلال انطلاق أعمال منتدى (السلام والأمن في الشرق الأوسط – MEPS 2024) في الجامعة الأمريكية في دهوك. وقال بارزاني، في كلمته إنه “في اقليم كوردستان، جرت الانتخابات رغم التوقعات التي…

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…