الأمازيغي: يوسف بويحيى
كثيرا ما صرح الساسة المشكوك في كوردياتيتهم بأن حلم الشعب الكوردي صار من الماضي بعد سقوط “كركوك” لدورها الإقتصادي بغض النظر على هويته الجغرافية و التاريخية الكوردستانية.
لو تمعنا قليلا للاحظنا أن كل تصريحات إحباط إرادة الذعب الكوردي و النيل من الحلم صدرت من قادة و تيارات و أحزاب و شخصيات بالأساس أصلا معادون للمشروع القومي ،لدى فمواقفهم بعيدة عن المنطق و مصدرها الحقد و الكراهية للإنسان الكوردي.
الأنظمة الإمبريالية لا تحب أن تصبح الشعوب سيدة نفسها و تعمل دائما على عرقلة طريق حريات الشعوب و الحركات التحررية عن طريق تسخير أجندتها لذلك المتمثلة في الأنظمة الإقليمية تحت وصايتها.
لم تكن كوردستان نائمة و لا حتى جاهلة بما يجري علما ان القادة الكورد كانوا على علم بما يخطط و ما سيجري و ما ستؤول إليه الأحداث منذ سنة 2014 ،كانت أول رسالة تكشف نية بغداد و دول التحالف هي قطع موازنة كوردستان ،الفعل الذي يعتبر أكبر تهور من حكومة بغداد جعلها تجني من ورائه العديد من الخيبات و النكسات و الخرقات التي عاجلا أو آجلا ستجعلها على هامش المنظومة السياسية العالمية ،إنه امر بدا واضحا من الآن والحلقة الضيقة التي تعمل فيها حكومة بغداد سواء داخليا و خارجيا.
من بين التجارب التي لم تستفد منها حكومة بغداد من الأنظمة السابقة في تعاملها مع الكورد هي أن الشعب الكوردي لا يمكن هزم إرادته عسكريا و لا حتى ٱقتصاديا عن طريق التجويع و التفقير أبدا و عبر حقب التاريخ لم تنجح سياسة الأنظمة الإستعمارية ضد الكورد بخصوص هذه النقطتين ،الشيء الوحيد الذي ينجحون فيه ضد الشعب الكوردي هي الطاولة السياسية بالخصوص الإعتماد على الخيانة و تفكيك البيت الكوردي سياسيا.
نية الهجوم على كوردستان كانت واردة بعد أن رفض الزعيم “مسعود بارزاني” ولاية الفقيه رفضا قاطعا ،بعدها تم دعم و شحن حكومة بغداد على الهجوم بدريعة الإستفتاء ،علما أن قوات بغداد و طهران لن تكف عن مهاجمة كوردستان حتى لو تم إلغاء الإستفتاء من طرف القادة الكورد بشكل رسمي ،لهذا فكوردستان كانت مستهدفة سواء بالإستفتاء و بلا إستفتاء.
بعد كشف نوايا كل من إيران و بغداد لم يبقى للزعيم “مسعود بارزاني” سوى الإندفاع إلى الأمام و تقرير الإستفتاء الذي ربح فيه الشعب الكوردي العديد من المكستبات بالرغم من سقوط “كركوك” حيث أن إسترجاع كركوك مسألة وقت ليس إلا ،تم تدويل القضية الكوردية عالميا و كسب وثيقة رسمية تثبت كوردستانية المناطق المتنازع عليها و التي ستصبح مناطق كوردستانية إلى الابد بفعل وثيقة الإستفتاء ،كانت لعبة ذكية من “بارزاني” للإطاحة بالدستور العراقي و حذف المادة 140 بطريقة سياسية سترونجية خرقتها بغداد بشكل رهيب تحت اعين العالم ،زيادة انه تم تدويل كل جرائم كركوك و خورماتو…إنسانيا في الأمم المتحدة مما يجعلها ورقة ضغط على “العبادي” كما سبقه بذلك “المالكي” ،تم توريط حكومة بغداد بذكاء خارق من قيادات كوردستان مما يؤكد أن بقاء حكومة بغداد مجرد وقت ليس بطويل.
تقرير مسألة الإستفتاء كشفت مجموعة من الأمور و مواقف الدول المتحالفة التي لم تتفق أبدا مع رغبة الشارع الكوردي بدريعة أن الوقت غير مناسب ،أمريكا بدورها طالبت تأجيل الإستفتاء بوعد منها انها ستحترم نتائجه ،بالمقابل رحب “بارزاني” بفكرة التأجيل مقابل ضمانات دولية و بالأخص أصر على أمريكا أن تغير مصطلح “سنحترم” بمصطلح “سندعم” ،لكن تم رفض هذا الإقتراح من أمريكا مما جعل السيد “مسعود بارزاني” مصرا بأن يمضي قدما إلى صناديق الإقتراع.
السيد “مسعود بارزاني” كان ذكيا جدا و لعب بكل الأوراق السياسية الممكنة رغم قصرها بعد رفض امريكا و المجتمع الدولي قرار الإستفتاء مما جعله مضطرا إلى اللعب حتى بأوراقه الشخصية في مسألة إنجاح الإستفتاء ،افشل كل محاولات الأنظمة الإقليمية و أمريكا و بريطانيا و فرنسا التي جرت مرارا لوقف و التراجع على الإستفتاء.
بعد كل هذا العداء و الرفض لعب “بارزاني” لعبته الشخصية بإدخال الروس في اللعبة من الناحية الإقتصادية سرا مما جعل أمريكا في موقف متدبدب لخسارة مصالحها الإقتصادية و الإستراتيجية في كوردستان (ليس السياسية) ،كل هذه الحنكة لم تأتي عبثا او وليدة الصدفة بل الزعيم “مسعود بارزاني” تعلم كثيرا من تاريخ و أحداث جمهورية “مهاباد” التي كانت حليفة الإتحاد السوفياتي مما جعله يجمع كل من روسيا ٱقتصاديا و أمريكا عسكريا ،تخاذل أمريكا في “كركوك” كان لأسباب كثيرة و من بينها ردا على “مسعود بارزاني” بعد أن إتخد خطوة فردية في إدخال اللبي الروسي دون مشاورتها ،سقوط “كركوك” جعل من اللبي الروسي يتوغل كثيرا لقطع الكثير من الإمتيازات الأمريكية في كوردستان الشيء الذي إضطر من خلاله الأمريكان للعودة إلى التملق و التودد إلى رئاسة الإقليم.
هذا التعقيد و تضارب القوى فيما بينها زيادة إلى تشبت القادة الكورد بنتائج الإستفتاء و الإستقلال يجري في صالح كوردستان ،نيل الشعب الكوردي إستقلاله مسألة ترتيب البيت الكوردي سياسيا فقط ،بعدها مسألة تحرير المناطق المحتلة مؤكدة تليها إقرار نتائج الإستفتاء بتوافق روسي أمريكي بعدها مجد دولة كوردستان.