دلكش مرعي
أعتقد بأن الحديث عن حالة التشرذم والتفكك والهجرة التي مني بها غربي كردستان عبر مقال أو مقابلة تلفزيونية لم يعد كافيا لمعالجة ما جرى فهي وقائع يعيشها ويتلمسها الجميع ولا يحتاج إلى إثبات أو دليل أو برهان من قبل المثقف . فالحديث عن الحالة وحدها وتعداد مآسيها ولعنة المسبب لم يعد مفيد وكافياً ولن يغير من الواقع المعاش ولن يكون حلاً له ولن يكتسب أية أهمية دون إزالة الفكر والقيم التي أنتج هذا الواقع المؤلم . فالمريض لن يشفى عندما تقول له إنك مريض بل يحتاج إلى دواء شافي يشفيه من مرضه .
ما نود قوله هو إن وضع حداً لهذا النزيف ووقف هذا التحلّل والتعفن وتجنّب المزيد من الحطام والانهيار والحفاظ على ما تبقى من الشعب الكردي في هذا الجزء يتطلب من المثقف قبل كل شيء وعيا وتشخيصياً دقيقاً للأسباب الفكرية والقيمية والعادات التي أنتج هذا الواقع المزري فالحالة تحتاج إلى جهد عملي مشترك من قبل كافة المفكرين والكتاب والشعراء وبقية القوى الفاعلة التي تعز عليها غربي كردستان للعمل معاً لمعرفة الأسباب الفكرية والقيمية التي أنتجت هذه الحطام من جهة ومن جهة أخرى إيجاد نهجاً علمياً متفق عليه لتنقية الميراث الفكري والعقادي التي أوصلنا إلى هذه الحضيض . فالصراع في هذا العالم هو صراع فكري وليست صراعاً بين الحضارات أو صراعاً بين الأديان أو صراعاً طبقياً فهو صراع يجري بين الفكر العلمي بأنساقه المعرفية التي ينتج الرقي والازدهار والتطور المتنامي والمستمر للبشرية وفكر خرافي غيبي أسطوري متعفن ينتج الحروب و الدمار والتشرد والفقر والجهل للبشرية .. فلكل فكر نتاجه ولكل عادة نتاجها ولكل بزره نبتتها المميزة فلا يولد الإنسان متخلفا بالفطرة أو متشرذماً بالفطرة .. وحسب اعتقادي على المثقف – الربط بين الجهد والنتيجة – فالجهد الذي بذله المثقف في غربي كردستان لم يحقق النتيجة المرجوة التي كان يتوق ويطمح لتحقيقها وهذا الأمر يدل بأن هناك خلل ما في عمل المثقف فلماذا لم يحقق ما حققه غيره لشعوبهم من تطور ورقي وحضارة ؟
– يتبع –