ماجد ع محمد
“إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ”
سورة النحل
من الأخطاء التي غالباً ما يقع فيها القراء هو أنهم ولمجرد أن يقرأوا بحثاً أو مقالة أو دراسة لكاتب ما حتى يباشرون بتصديق ما كتبه ذلك الكاتب ويعولون على المعلومات التي أوردها في سياق مكتوباته والتسليم بما قاله، وذلك باعتبار أن المكتوب كان مطابقاً لأهوائهم، أو داعماً لآرائهم الشخصية في مسألة من المسائل، ومتفقاً بالتالي مع ما يتمنونه في دخيلة أنفسهم، من دون أي تأكيد من المعلومات أو تمحيص لما قرؤوه، متناسين بأن الكاتب في نهاية المطاف هو نفر مثله مثل أي مواطن قد تكون له مقابح وأهواء وأحقاد وتفاهات ونذالات لا تعد ولا تحصى، بما أن معشر الثقافة والكتابة حالهم كحال أية فئة من فئات المجتمع كالمزارعين والقصابين والحدادين والخضرجية والسماسرة،
فليس من الغريب أن يتواجد بينهم من شتى صنوف الأوادم من أقبحهم إلى أفضلهم، ومن أكذبهم إلى أصدقهم، ومن أوضعهم سلوكاً إلى أرفعهم شأنا، لذا فعلى القارئ عدم الركون إلى ما يورده الكاتب الذي يغذي العواطف بالأكاذيب التي تتوافق مع هواجس الناس، وألا يعتمد على كل ما يأتي في سياق المدونات، وألا يصدق منشورات أي كاتبٍ كان خاصةً في المواضيع الإشكالية إلاّ بعد التأكد من صدق المعلومات التي جاء بها أو التأكد من هوية الكاتب، معرفة القيم التي يحملها، والجهة التي يعمل بأمرتها الكاتب، ومن ثم تحري ومراجعة كتاباته السابقه الدالة على كنهه، والإلمام بشيء عن تاريخه الشخصي وسيرته الذاتية لئن ليس كل مَن حمل القلم هو من أهل التنوير، لئن ثمة أقلام لا تحمل في جوفها إلاّ آيات الظلام والكذب والضلال، وليس كل من حمل الكوزَ هو سقّاء زمزم في واحات هذه البلاد، إنما كثيراً ما ينشر بعض الكتاب ترهاتهم وسخائمهم وسمومهم التي يتصورها القراء على أنها الماء الزلال.
وكنموذج من الكتّاب الأفاكين الذين يلبسون الحق بالباطل هو ما يقوم به الكاتب حامد زامل عيسى، حيث أن الكاتب المذكور اختلق افتراءات من لدنه ونسبها لكاتب بريطاني مشهور، وذلك حتى يمرر تلفيقاته التي تتوافق مع أهوائه وأحقاده فينسبها إلى بروفيسور غربي بكونه محط ثقة ومصداقية، لأنه لو لم ينسب اختلاقاته إلى ذلك المؤرخ المشهور لما صدّقه أو التفت إليه أحد، إذ أنه قوّل البروفيسور والمؤرخ البريطاني تشارلس تريب المتخصص بتاريخ العراق السياسي ما لم يقله الرجل جملةً وتفصيلا، وقد تم تعرية أفك وافتراءات حامد زامل عيسى بعد اتصالٍ لموقع روداو مع البروفيسور تشارلس تريب، الذي يدرس السياسة والتاريخ في كلية الدراسات الشرقية والأفريقية، في جامعة لندن، حيث رفض تريب ما قيل على لسانه، في رسالة بعثها البروفيسور لموقع روداو، نافياً إلقاءه أية محاضرة حول الموضوع الذي نشره حامد زامل عيسى والذي قال فيه عيسى بأن ثمة محاضرة لـ(تريب) يقول: “فيها بها بأنه لا يوجد عرق كوردي، بل هم قومية مستحدثة، وهم يرجعون الى اصل فارسي، وان الأرض التي يعيشون عليها تعود للآشوريين وعاصمتها نينوى” ومن الترهات التي سبق وخطها هذا الكاتب هو اجترار ما سبقه من كتاب العرائض السلطانية عن أصل الكرد وفصلهم خاصة مقالته “الاكراد واختطاف الجغرافية والتاريخ” حيث مرة يود أن يجعلهم فرساً ومرة يبغي جعلهم عرباً أقحاح، المهم لدى هذا الكاتب الحقود هو أن لا يكون ثمة وجود للكرد في هذا العالم، فلا بأس بوجود آلاف الأقوام والكون يتسع للكل أما بالنسبة لمن يجرون الأحقاد التاريخية وراءهم فمن الصعوبة عليهم تقبل وجود قوم اسمهم كرد على الخارطة الكونية، وموقف هذا الكاتب هو كموقف من كان ذا ارثٍ سلوكيٍّ سيء وسيرة تعيسة، لذا يضيق ذرعاً بحضور كل من كان نزيهاً وناصع السيرة، إذ وفي مكانٍ آخر نشر المدعو حامد زامل عيسى سمومه وذلك عبر مقالة له بعنوان: “الاكراد بين التسفير والترحيل لفارسيتهم في منظومة التفكير البعثي” المنشورة في 5 نيسان 2016 فبدلاً من أن يستنكر الكاتب المذكور ما جاء في إحدى وثائق حزب البعث العربي الاشتراكي والذي يبين فيها نية نظام البعث تهجيرالأكراد من المنطقة الشمالية للعراق الى ايران لشمولهم بالتبعية الايرانية حسب تهمة العفالقة على غرار ما فعله البعث بالكرد الفيلية أي الكرد الشيعة، إذ أن السيد زامل عيسى يحاول أن يجعل من وثيقة البعث قرآنا حتى يتناسب مضمون ما جاء في الوثيقة مع الأحقاد الجوفية للكاتب أي بجعل الكرد كلهم تابعين للمجوس وبذلك يتخلص السيد عيسى من الوجود الكردي من خلال وثيقة حزب ميشيل عفلق العنصري، تلك الوثيقة التي تتواءم مع رغبات الضغينة المتأصلة لدى حامد زامل عيسى ومن هم على شاكلته، لذا فمن خلال متابعة بعض ما يكتبه هذا الكاتب يظهر بأن ما نقله أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم يناسب مقام كل كاتبٍ أفاك حيث يقول أبي هريرة على لسان النبي: “آية المنافق ثلاث إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان”، ومع كثرة الأقلام الأفاكة في المواقع الالكترونية التي لا تحاسب الكُتّاب على ما ينشرونه من الأكاذيب والضلالات تبقى مسؤولية المثقف كما يشير إلى ذلك المفكر الأمريكي نعوم تشومسكي هي في قول الحقيقة وفضح الأكاذيب وتعرية المفترين.
ختاماً فبرأينا المتواضع أن الكاتب الذي يزوِّر الحقائق بكل صفاقة، ويحرف التاريخ من دون أي وازع أخلاقي، ويشوه تراث ملة من الملل من باب الحقد والنكاية والتشفي، أو ينفي وجود شعب بأكمله كرمى إرضاء خبث أهوائه القومية أو الدينية أو الطائفية هو ليس فقط ينبغي تعريته وتصغيره وتحقير كتاباته، إنما كذلك ينبغي ملاحقته أينما كان لينال بالتالي جزاءه العادل، وذلك سواءً بالغرامة والفضحِ أو بالحبس أو بالجَلد إذا أمكن، وذلك ليكون القصاص جزاء لما اقترفه، وحتى يكون عبرةً لكل مَن يحاول أن يقتفي أثره في عالم الكتابة.