عميان لا يرون أنفسهم ؟!

د. ولات ح محمد
“الكورد غير متفقين وموقفهم غير موحد. فكيف لهم المطالبة بدولة ثم النجاح في بنائها وإدارتها؟”. هذا ما يردده ويسوق له بعض العراقيين وخصوصاً من رفاق نوري الفاسد وأعضاء (انفكاك) دولة الـ(لا)قانون العاملين لدى طهران. والحقيقة أن نظرة حيادية إلى هذه النقطة ستكتشف أن الكورد أكثر وحدة من كل شعوب المنطقة ومن كل مكونات العراق نفسه، وذلك وفق المعطيات الآتية: 
– المواطنون في دول المنطقة يتصارعون وتتنازع الأحزاب فيها على السلطة منذ سنوات طويلة حتى سالت الدماء وأزهقت الأرواح واحترق الأخضر واليابس. وما حصل في كل من سوريا وليبيا واليمن والعراق مثال على ذلك. ولو كانت هذه الشعوب وأحزابها تتمتع بوحدة موقف لما حصل كل هذا الدمار. مع التذكير بأنها تعيش في دول قائمة منذ عقود وليس في دولة قيد الإنشاء، فهي أحرى بالانسجام ووحدة الموقف.
– حزب نوري الفاسد نفسه من المفترض أن يكون فيه حد أعلى من وحدة الموقف، كونه حزباً واحداً. ومع ذلك هناك تياران داخل الحزب يتصارعان على السلطة وسيخوضان الانتخابات بقائمتين. وصار أحدهما مع إيران والآخر مع السعودية، والأول يخطط للإطاحة بالثاني. فهل هذه هي وحدة الموقف التي تتوفر عند حزب نوري ويعيب على الكورد فقدانها بين أحزابهم الكثيرة؟؟! 
– الخلاف السني الشيعي والذي أوصله نوري إلى حد الحرب الطائفية في عهده الفاسد والفاشل لا يحتاج إلى دليل. فهل في ذلك وحدة موقف لشعب العراق الذي يعيش في دولته منذ أكثر من سبعين عاماً؟! 
– الخلاف والصراع بين الأطراف الشيعية نفسها صار عنواناً بارزاً للمشهد السياسي العراقي، وآخر تجلياته كان انفصال عمار الحكيم عن المجلس الأعلى. ناهيك عن الصراع بين نوري والصدر وانقسامهما بين إيران والسعودية. فهل الشيعة في العراق موحدون، على الرغم من امتلاكهم السلطة ومن وجود معلم أكبر يديرهم جميعاً؟؟!!.
– منذ ربع قرن لم يطلق كوردي عراقي رصاصة على أخيه، أما أنتم فمنذ نصف قرن لم يطلق أحدكم رصاصة إلا على صدر شقيقه وجاره وشريكه في الوطن، وحتى رفيقه في الحزب الواحد.
وأخيراً، وبعد كل هذا ألا تخجلون أيها الكارهون للحياة – وأنتم بيوتكم من زجاج – أن ترموا بيوت الآخرين بالحجارة؟؟. أم أنه مجرد اصطياد في مياهكم العكرة كذممكم الواسعة الفاسدة والعفنة؟؟!!
قفوا أمام المرآة، انظروا جيداً إلى أنفسكم المشرذمة لتروا أن الكورد موحدون جداً جداً جداً ..
_________
** المقال منشور في جريدة (كوردستان) العدد 568، بتاريخ 15/9/2017.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…