بكري مسرو
تعجّ صفحات التواصل الاجتماعي، والمواقع الالكترونية المقربة من منظومة حزب العمال الكوردستاني بتصريحات القيادي مراد قريلان، وهو قيادي بارز في العمال الكوردستاني، ودائماً يتوعد فيها خصومه بمسحهم من الحياة، ويبدو أن هفال “أي الرفيق“ مراد يصرح عندما تزداد عنده نسبة الأدرينالين، ويصيبه هذا الحماس المفرط في تصريحاته، والتي معها يمسح الدول من الخارطة العالمية، كما كان يفعل البرميل السوري وليد معلم، الذي مسح أوروبا من الخريطة.
ففي الكثير من المناسبات مسح قريلان تركيا من الوجود، وأزالها من الخريطة، هادفاً من خلال هذه التصريحات للملمة مشاعر الشارع الكوردي، الذي ضاق ذرعاً من ممارسة هذا التنظيم، وبعد أن أصبحت شعبيتهم في القاع نتيجة تخبط منظومة العمال السياسية والفكرية والعسكرية ولا سيما في سوريا، فالأقوال في وادٍ والأفعال في وادٍ آخر سواء لهذا القيادي أو غيره من قادة الـ PKK.
وبالرغم من ذلك فإنه في المقابل يتلقى الردود المباشرة وغير المباشرة من القيادي الآخر لهذه المنظومة، والذي يُدعى جميل باييق المعروف بقربه من إيران “عميل إيران” في حزب العمال الكوردستاني.
في تصريح قريلان الأخير الذي أكد فيه دعم العمال الكوردستاني لحكومة الإقليم وعملية الاستفتاء التي تجري في كوردستان، حيث قال: “إن قوات الكريلا ستواجه بغداد وكل مَن يحاول عرقلة الاستفتاء عسكرياً”. جاء الرد من صاحبه بايق وذلك من خلال حملة اعتقالات تعسفية طالت أكثر من عشرين قيادياً من المجلس الوطني الكوردي بينهم قيادات بارزة تعمل داخل مدن غربي كوردستان، كل ذنبهم أنهم كانوا يحضرون ويستعدون لإقامة احتفالات شعبية جماهيرية دعماً للاستفتاء على استقلال إقليم كوردستان، فالرسالة جاءت واضحة من بايق ولسان حاله يقول بإن القرارات لا تصدر من قريلان وغيره وإنما من مكان آخر وما تأمر به إيران، وما يخدم مصالحها سيتم تنفيذه.
هذه ليست المناسبة الأولى في رد بايق على قريلان، وهذا التناقض الواضح في التصريحات والأقوال والأفعال بين هذين القياديين في العمال الكوردستاني، ففي مذبحة كوباني التي راحت ضحيتها 600 شهيد غالبيتهم من المدنيين، والدمار الذي لحق بالبنية التحتية كان من أهم الأسباب قضية المحروقات التي باتت معروفة، حيث أن قريلان كان يخطط لتسهيل المعيشة في غربي كوردستان مما يشجع سكانها إلى العودة إليها، فقد شهدنا حينها انخفاض أسعار المحروقات والمازوت خصوصاً، حيث انخفض السعر في زمن قياسي من (230) ليرة سورية إلى (20) ليرة سورية، والتي بدورها أثرت سلباً على تجارة باييق وعمليات النهب والسرقة الممنهجة لموارد غربي كوردستان.
فكان لا بد لباييق أن يجد طريقة ليرد على قريلان، فقد تم أمر الحواجز بعدم تفتيش المركبات العسكرية ولمدة يومين (فقط لمدة يومين)، لكن هذه المرة كانت لأجل دخول ما يسمى الأمير «أبو طلحة القعقاوي» برفقة رفاقه الدواعش إلى كوباني بكامل عتادهم العسكري دون أي تفتيش ومساءلة، مما أدى لاحقاً لتلك المجزرة النكراء في كوباني الصامدة.
ومن ناحية أخرى، والشيء بالشيء يذكر، حين هاجمت فلول داعش إقليم كوردستان صرح زعيم PKK عبد الله أوجلان نفسه بأن البيشمركة والكريلا سيقفون معاً في خندقٍ واحد لمواجهة إرهاب داعش، ورأينا ردة فعل رفاقه على تضحيات البيشمركة، حين جاءوا ببعض الصبية على الساتر الترابي وشتم قيادات كوردستان والبيشمركة، وأيضاً لم تمر تصريحات أوجلان دون ردّ، فبعد يوم واحد من هذا التصريح جاء باييق ليكذّب ما قاله معلمه، ويؤكد بأن “القرارت لا تصدر من إمرالي أو من السجون وإنما من قنديل”.
واضح تماماً هذا التناقض وحفلة الخطابات المتبادلة بين قيادات منظومة حزب العمال الكوردستاني بأن هناك أكثر من مركز داخل هذه المنظومة، لديهم سياسات وأهداف مختلفة، وما يقوم به باييق ضد رفاقه خير دليل على موعد اقتراب تفكيك كامل لهذه المنظومة القنديلية المتخبطة في الفوضى، عاجلاً وليس آجلاً.