قهرمان مرعان آغا
هل الشعب الكوردي في كوردستان الكبرى , بحاجة إلى إندلاع حرب عالمية ثالثة شاملة او محدودة , حتى يتحرر وطنه كوردستان من غاصبيه الترك والفرس والعرب , أم أنَ الحروب الداخلية في كل جزء من أجزائه الملحقة بتركيا وايران والعراق وسوريا كفيلة لإعلان استقلاله ولوعلى فترات متباعدة أو متلاحقة وحسب خصوصية وظروف وتطور قضيته في كل جزء , أم إننا بحاجة إلى حروب إقليمية لتحقيق ذلك , طبعاً مع استبعاد الحل السلمي الديمقراطي للقضية الكوردية في الشرق الأوسط , بسبب إجرام و تعنت الأعداء خلال قرن كامل وعدم إعترافهم بحق الوجود للشعب الكوردي , كشعب أصيل يعيش على أرضه التاريخية , حافظ على خصوصيته القومية في مواجهة أبشع أساليب إبادة الجنس البشري من خلال القتل الجماعي وإنكار وطمس هويته ومحاولات تزويبها في بوتقة القوميات السائدة قسراً وظلماً وعدواناً , ناهيك عن عدم إحترام إرادة شعبه لتقرير مصيره بنفسه , حسب الدستوري الوطني , ووفق العهود والمواثيق الدولية , كما حصل في نتيجة ريفراندوم 25 ايلول 2017 في إقليم كوردستان العراق . كخطوة سلمية , ديمقراطية , وتعبير جمعي حضاري لتحقيق استقلاله الذاتي وإعلان دولته .
تجربة شعب كوردستان العراق في الكفاح الثوري المسلح مع غاصبيه مريرة ومؤلمة بالرغم من جنوحه دائماً للسلم والعيش المشترك مع القومية العربية , وإصراره على الديمقراطية للعراق والحل السلمي للقضية الكوردية , مع إبقاء وضع كركوك لإجراءات الحل الدستوري , و دون جدوى , إلا إن الحكومات المركزية في بغداد لا تنفك أن تغدر به وتتنكر لحقوقه , بالرغم من الاتفاقات بدءا من عهد الجمهورية 1958 ومرورا باتفاق الحكم الذاتي 1970 وما سبقه من وثائق وبيانات ولغاية دستورالدولة الاتحادية 2005 , وكان لتحالفات المحاصصة اثرها البالغ في تأخير تسوية ملف كركوك والمناطق المستقطعة , ومع مرور الزمن اصبح تحالف الاحزاب الكوردستانية يفقد بعض حلقاته وأنعكس تأثيرذلك ليس في المركز فحسب بل على الوضع الداخلي ايضاَ , في حين ازداد قوة التحالف الشيعي على حساب الجميع إضراداً مع إزدياد نفوذ ايران .
ما أتخذه بغداد في ظل الحكومة الطائفية الحالية من قرارات وإجراءات شكليه , يستهدف الانسان الكوردستاني في حياته اليومية وبتآمر وتنسيق مع ايران وتركيا, يفوق حجم التصورالذي يختزنه الذاكرة الكوردستانية أضعاف المرات من سياسات وإجرام حكومة البعث الصدامي , لهذا لم تعد الثقة بحاجة إلى إعادة تدوير لأن مخلفاتها لم تعد صالحة وعليه يجب العودة إلى أصل العلاقة التي حددتها تآمر الحلف المذهبي لترتيب هجوم داعش /2014 على كوردستان وبالتالي تحريرها من جبروت الأعداء , بتضحيات البيشمركة الأبطال , حيث مقومات الدولة المستقلة أصبحت منجزة وقد يدفع المتآمرون القيادة الكوردستانية والبرلمان إلى الإستعجال في إعلانها .
لم يسعف شعب كوردستان المتغيرات الداخلية الكبرى في الدول التي تقتسم وطنهم , حيث سقوط أنظمة حكم ملكية, فردية , ثيوقراطية, وتأسيس جمهوريات , سواء السلطنة العثمانية بالجمهورية التركية/1923 ولا المملكة العراقية بالجمهورية العراقية/1958 ولا اتحاد دول سوريا بالجمهورية السورية /1932 ولا شاهنشاهية ايران بالجمهورية الإسلامية /1979 ..؟ بمعنى لم تكن هناك اي تغيير في الموقف من قضية الشعب الكوردي القومية ’ بل على العكس أزداد الصراع وبوسائل أكثر دموية من السابق وأصبحت معاناة الناس أضعاف مضاعفة .
وكذلك لم تكن للحروب الأقليمية في ظل الحرب الباردة , سوى مزيد الإنكسارات بين القوى الكوردستانية المسلحة التي توزعت نفوذها بين طرفي الحدود , كل في ساحة الآخر ومع غاصب مختلف , جلبت بالنتيجة الويلات والكوارث على شعب كوردستان , كما حصل في الحرب العراقية /الايرانية (1980ـ 1988) .
في الحروب العالمية الأولى والثانية , لم يتبلور فكرة تأسيس تنظيم قومي كوردي مسلح , بل طال التجنيد الاجباري الشباب الكوردي في الدول المقتسمة لوطنه , لسوقهم إلى جبهات القتال ومحارق الموت منذ (سفر برلك)والحرب العالمية الأولى (1914ـ1918) إلى يومنا هذا , في طريق غير سالك دون رجعة , لهذا شارك الأرمن في فصائل ومجموعات تطوعية ضمن الجيش الروسي وبخاصة في المعارك التي خاضها الروس ضد السلطنة العثمانية ( دول المحورـ المركز) رداً على معاناة الإبادة الجماعية بحقهم , كما شارك الفيلق اليهودي في الحرب العالمية الثانية (1939ـ1945) مع الحلفاء في مواجهة النازية إنتقاماً لضحايا المحرقة , مع الإشارة بأنه في ذلك الوقت لم تكن لا أرمينية موجودة ولا اسرائيل , في حين كانت مشاركة الكورد بصفاتهم الشخصية كمواطنين صالحين غيورين على عقيدة وأوطان الغير , تعبير عن النزعة الفردانية التي يتصف بها أبناء الشعب الكوردي على مر العصور , مع أخذ الفارق الديني في الإعتبار وتأثيراللوبي الأرمني واليهودي في الاوساط الدولية آنذاك .
هناك معطيات على الأرض فيما يتعلق بلعبة محاربة الإرهاب في المنطقة والإصطفافات الدولية التي تتأرجح كفتها لصالح محورالإجرام المتمثل بـ روسيا وايران وتركيا , الهدف منه تقزيم الدور الأمريكي وتحالفه الدولي ومحاصرة وجوده على الأرض ضمن جزر عازلة من القواعد العسكرية على اليابسة , هنا وهناك , في حين أصبح البحر المتوسط والخليج وبحر العرب وسواحل إفريقيا , يتزاحم فيها أساطيل الدول المذكورة مع الأمريكان بندية واضحة , والمشهد السياسي العام لا يخلو من التجاذبات بين الدول الإقليمية وكلاً من أمريكا وروسيا , قد يتوسع مدى الصراع , بعد إتخاذ الرئيس الأمريكي قراره بإلغاء الإتفاق النووي مع ايران , فيما سيضطر الدول الأوربية إلى مراجعة الموقف من ايران على ضوء الوضع الجديد , ناهيك عن تهديدات الحرس الثوري الايراني و إستطالاته للمصالح والوجود الأمريكي في المنطقة , ويبدو أن منظومة الحكم في تركيا أردوغان , سينحى منها دكتاتوريات الشرق نحو الغطرسة وهي تسعى لمد وتوسيع نفوذها العسكري في سوريا جنوباً بتخاذل وتآمر على القضية السورية مع الروس ,إلى قطر حيث الجزيرة العربية والإنقسام الخليجي وغربا إلى الصومال والقرن الإفريقي .
لقد تغيَّر العالم ولم يَعُد بإمكان أحد , سواء غاصبي كوردستان أو الدول المهيمنة , من كبح جماح المارد الكوردستاني الذي سيحتفظ بموقعة الحقيقي في أي حدث إقليمي أو عالمي بصفته القومية الكوردستانية ,وستكون وطنه كوردستان , كل كوردستان , نصب عينيه وهدفه الأسمى في الحرية وفي الاستقلال .
دويتش لاند 10/10/2017
(صحيفة كوردستان العدد 570 ـ 15/10/2017)