في تاريخ ” 21 ” تشرين الأول 2017 ، أرسل إلي غيسَل كاراتاش، وهو صحفي مقيم في فرنسا، رسالة تتضمن تسعة أسئلة تدور حول كركوك وروجآفا كردستان، وهأنذا أوردها مع أجوبتها أدناه :
1-بم تفكَّر حول الاستفتاء في جنوب كردستان ومسيرة تداعياته؟
لقد تمت العملية، وما جرى اليوم نظير هزيمة عام 1975 وأكثر. فهذه الهزيمة تأكدت باتفاق من النظام الدولي المعادي للكرد سنة 1975، وذلك برعاية تركيا في الجزائر، حيث تم التقارب بين محمد رضا بهلوي شاه إيراه وصدام حسين ممثّل العراق، وبدورها، فإن قوات دولة مثل الدولايات المتحدة الأميركية DYA، والاتحاد السوفيتي، وبريطانيا، وفرنسا، وكذلك فإن الجزائر شجَّعت على ذلك وأيَّدته.
وقد تنازل العراق عن حقوقه في شط العرب لإيران، وبدورها فإن إيران أوقفت مساعداتها للكرد، وكان ذلك انهياراً للكرد هؤلاء، لأنهم كانوا يتلقون الدعم منها.
واليوم، نشهد انهياراً من هذا النوع ، في نطاق التعاون مع العدو، من خلال أفراد من عائلة طالباني. فهناك بافل الابن الأكبر لطالباني، ومن ثم أولاد أخته وأمه هيرو ابراهيم أحمد أيضاً، وقد كَّونوا جماعة وقَّعت على اتفاق سري مع قاسم سليماني، وما يعرَف هو أن الحشد الشعبي تنظيم معاد ٍ للكرد، وقد تشكَّل باسم إيران داخل العراق، ومن المؤكد أن الزيارات المتكررة لقاسم سليماني آمر الحشد الشعبي مثيرة للشبهات.
وقبل ذلك بعدة أشهر، كان اصطحاب جلال طالباني إلى طهران لهذا الغرض بالمقابل…وقد ورد في الصحف أنه بغية التضييق على الاستفتاء، أن إيران قدَّمت في هذا المنحى نقوداً” رشوة ” إلى أشخاص من هذه العائلة، وكان يظهر مدى تصدُّع موقف العائلة هذه، وذلك يفسّر أن إيران ما كانت تجرؤ على إيجاد كرد آخرين في هذا المقام. …إذ إن قوة مكلَّفة بحراسة كركوك، تراجعت عنها وسلَّمتها للعدو جرّاء هذا الاتفاق السرّي .
لقد قال بافل طالباني في حديث له ما يلي ” ما كنت أريد حماية نفط كركوك المسروق .”، ” مفهوم النفط المسروق “، مفهوم يخص الدولة العراقية، والعراق يتصرف من خلال دعوى الكرد على أن نفط كركوك لهم، بزعم أن ” الكرد سرقوا نفطي “، واليوم يسرق العراق وطنك ، ولقد تمت سرقة هويتك، فهل يجري الحديث عن النفط؟ إن فكرة كهذه، وسياسة كهذه معادية للكرد. فكرة، سياسة كهذه تمارس العداء المكشوف للكرد، لا بد أن ذلك يتم بالتعليم حصراً، ولهذا لا بد أنها دراسة مهمة، تلك التي تتعرض عملية هؤلاء الأشخاص من عائلة طالباني والذين يوقّعون على اتفاقية ضد الكرد .
كردستان جريحة، جريحة وجرحها غائر/ عميق، وأعداء الكرد/ كردستان منتشون، إنهم يعيشون نشوة كبرى. والشعب الكردي تعرَّضوا لغدر كبير، وهو يعاني آلاماً كبرى، إذ إن الكرد واجهوا مجازر جماعية مباشرة في مناطق مثل طوز خرماتو وعلى أيدي الحشد الشعبي. تلك المناطق المفصولة عن كردستان، تتعرض لهجوم كبير وموسَّع ومذهبي حديثاً، وأصدقاء الكرد متفجعون بما يجري.
مؤكد أن الاستفتاء كان ضرورياً، حيث إن نسبة المشاركين كانت ” 72 ” بالمائة،و ” 93 ” بالمائة بـ” نعم ” في التصويت بالمقابل. ولو أن نسبة المشاركة كانت أقل من ” 70 ” بالمائة، وأن نسبة المصوتين ” 51- 52 ” بالمائة بـ” نعم ” أيضاً، لكان الاستفتاء مقبولاً، وبالكاد كان يوقف الدعاية القائلة بـ” الشعب الكردي لا يريد الاستقلال “. والآن لا يشار أبداً إلى هذه النتائج، بحيث يؤخَذ الموقف، كما لو أن ليس هناك من واقعة بهذا الخصوص.
كيف يمكن الخروج من هذا المأزق؟ لا بد على الفئة الكردية التي تعلم أن الحياة المعيشة من خلال تعاون الأعداء ليست حياة، أن تعرّف بنفسها. لا بد أن فئة كردية ستخرج إلى الساحة وهي تعلم أن الحياة عبر حمْل أسلحة العدو، تمحق شرف الكرد على المستوى القومي، وأن هذه الفئة الجديدة ستكون مؤثرة في سياسة الكرد/ كردستان .
2- ما رأيك في الاتفاق القائم بين كل من DYA، وPYD ؟ هل يمكن لهذا الاتفاق أن يصبح تعاوناً استراتيجياً ؟
الشمال السوري، من الجزيرة حتى عفرين، إلى البحر المتوسط، كانت منطقة كردية. وكان يقال عن هذه الجهات ” الهلال الخصيب “، وفي عام 1960 و1970، باشر حزب البعث بنقل الكرد من المنطقة ونفيهم إلى جنوب سوريا، وإحلال العرب في المناطق التي أفرغوها من الكرد. تلك كانت سياسة بلبلة نفوس كردستان، والتي كانت تتبَّع بشكل ممنهج من قبل حزب البعث في كل من العراق وسوريا. لقد تم اعتماد سياسات النفي هذه بحذافيرها في عام 1960، في عهد نورالدين الأتاسي رئيس الجمهورية السورية، وفيما بعد في عهد حافظ الأسد.
ولو أن اتفاقاً بين DYA وpyd، يمكنه بناء اتحاد كردستاني، سيكون ذلك مفيداً. ومن أجل ذلك، على PYD التخلّي عن كلمات مثل ” نحن لا نريد دولة كردية مستقلة “، ” نحن لا نريد اتحاداً كردياً “، إنما عليه التخلي عن أفكار ومواقف معادية للكرد.
3- أي طريق تغيير يمكن لاتحاد شمال سوريا أن يمهّد له في الشرق الأوسط ” على مستوى الحياة السياسية، الفنية، الثقافية، النساء والمجتمع “؟
إن تعبير اتحاد شمال سوريا في غير محله. الصحيح هو: جنوب غرب كردستان محل روجآفا كردستان. عن هذه المنطقة يجب أن يقال ” اتحاد كردي “. وطبيعي، أن المنطقة كانت كردية قبل أن يباشر حزب البعث بعملية النفي، وكان ممن يعيشون فيها السريان والتركمان كذلك، سوى أن غالبية من كانوا يعيشون فيها تمثَّلت في الكرد.
وتستخدَم عبارة ” ديمقراطية ” وصفاً للمقاطعات/ المناطق. وثمة فروق كبرى ضمن موقف PYD إزاء العرب، السريان، التركمان والكرد. حيث إن PYD يقول للكرد الذين يكونون خارجه ” أعترف بكم حصراً، إذا كنتم معي، وتحت رايتي “، ويكون عامل إعاقة في وجه الكرد ممن هم خارج دائرته، ولا يمكن أن تكون هناك ديمقراطية في ضوء هذه الذهنية الأحادية التفكير. إن الذهنية التي تحظر العلم الكردي لا تكون ديمقراطية.
4- من وجهة نظرك، كيف يكون انتصار HDP وانكساره ؟
جرّاء انتخابات ” 7 ” حزيران 2015 أصبح هناك ثمانون برلمانياً باسم HDP في المجلس الوطني التركي الكبيرMMMT. ولو أن HDP بعد ذلك ، مارس نضالاً حول اللغة الأم، لكان ذلك أفضل بكثير. إن النضال الحياتي والحياة الكردية هو في اللغة الأم…وكان ذلك من شأنه أن يضع النضال السياسي في الواجهة الأولى . وكان لا بد على HDP أن يضع حداً لحرب الخنادق، كان عليه أن يوجه نقداً إلى كل من PKK، و KCK، مهما برزا مصرّين في هذا المجال أيضاً. وذلك يعني أن وعي ” سوف لن نجعلك رئيساً ” هو خاطىء. وأن وعي ” لن نتحالف مع AKP ” كذلك في غير محله. إنه شعار اليسار التركي: لا فائدة لكردستان من أجل الكرد. إذ إن اليسار التركي هو يسار الدولة قبل كل شيء، حيث إنه يحمي مصالح الدولة أكثر بكثير من سواها.
5- هل هناك إمكان القيام بعملية جديدة للحل ؟
لست مقتنعاً بوجود عملية جديدة، قريبة أو مرتقبة للبدء بحل. إنما يجب على الكرد في موضوع الحياة، والحياة الكردية، الدخول في نضال كبير وموسَّع حول اللغة الأم، وربما لا تتجاوب الدولة مع الكرد بفتح مدرسة للتعلم باللغة الكردية لهم، إنما يجب أن يصبح كل بيت مدرسة من أجل أطفال الكرد.
وعليهم أن يشدّدوا على بناء كيان سياسي كردستاني. على الكرد الابتعاد عن كلمات معادية للكرد مثل ” نحن ضد دولة كردية مستقلة “، ” نحن ضد اتحاد كردي “، إذ ليس هناك حتى ولو كردستان مستعمَرة، وعليهم أن يكونوا على علم بهذا الفارق .
6- هل ترى تقدماً جوهرياً في وعي الكرد في السنوات الأربعين الأخيرة ؟
في الأربعين سنة الأخيرة كان شعار PKK في مباشرته الحربَ هو ” كردستان مستقلة وموحدة “. واليوم يردد في المحصّلة” نحن ضد دولة كردية مستقلة “، ” الدولة مضرَّة … ” .
إن الذين يعادون دولة كردية، يتمثلون في دول مثل تركيا، إيران، العراق وسوريا. تلك الدول التي تتحالف معاً في إدارتها، هي التي يهمها ما تقدم حصراً، وليس سواها، أي ” نحن ضد دولة كردية مستقلة “.
إن مقولة ” الدولة مضرَّة “، هي من هذا النمط كذلك. إنه شعار لا يتردد إلا من أجل دولة كردية محتملة، وإلا، فإن الذين يرددونه، لم يقوموا بأي نقد، أو احتجاج أبداً ضد العراق، مثلاً، والذي ارتكب جينوسايداً ضد الكرد/ كردستان. ومن هذا الجانب، فإن شعار” الدولة مضرة ” بالمقابل، شعار يخدم مصلحة الدول المتحالفة والتي تتصرف بالكرد/ كردستان. ويعرَف عن قرب، وبشكل لماح، عن أن الذين يمثّلون هذا الموقف، مثل دعم الدولة المستقلة لعرب فلسطين، يشجعون هذا التوجه.
ومن المؤكد أن هناك تقدماً في الوعي في مناطق أخرى. وهناك زيادة عدد الدراسات التي تخص اللغة الكردية، الأدبيات الكردية، الثقافة الكردية، التاريخ الكردية، وبنية المجتمع الكردي، إلى جانب أنشطة فنية مثل الموسيقا، الصورة،المسرح حول الكرد/ كردستان. وثمة تأسيس لافت لها حول هذه المجالات في كردستان، وقياساً إلى ” 40 ” سنة الأخيرة، يمكن تقييمها من منظور وعي عميق وموسع.
7- في تقديرك، هل سينهار AKP ؟
في تركيا، ليس من حزب سياسي، سواء أكان يسارياً، أم ليبرالياً، أو محافظاً، يعرَف بـ” مصيره ” تالياً. حيث إن هذه الأحزاب عموماً تحمي مصلحة الدولة عبر مواقف محافظة، يسارية وليبرالية. والذين يجبِرون الدولة على المصالحة هم الكرد، وطريق ذلك بالمقابل يتم بتوسيع النضال الحياتي والمعايشة الكردية.
وأنا لست بتلك القناعة في أن انهياراً سيصيبAKP عن قرب . إنما أكون مقتنعاً في أن AKP سوف يخدع البعض بأسلوب التملق، والبعض الآخر بجوائز مادية، أو معنوية، والبعض الثالث بالتهديد، والبعض الرابع بالتوظيف، وهكذ يحمي نفسه.
8- ما رأيك بمطلب PKK بنموذج إدارة ذاتية يحل محل ” الدولة الكردية المستقلة ” ؟
ثمة سؤال في غاية الأهمية يجب أن يطرَح هنا، وهو: من قبل أية جهة تدفَع رواتب الموظفين في المقاطعة ” الكانتون “؟ لو أن الرواتب تدفَع من جهة الحكومة السورية، هذا يعني الارتباط بسورية. وجرّاء ذلك، لن تتشكل أرضية للحرية وللديمقراطية.
9- بالرغم من كل هذا الخراب والدمار اللذين شملا الدولة القومية أيضاً، على الكرد التأكيد على المطالبة بالدولة القومية ؟
من ناحية، سؤالكم يكون خاطئاً، ومن ناحية أخرى، تكون نظرتكم خاطئة في هذا الموضوع. إنها شعارات/ خطاطات، صمّمت بغية خداع الكرد. فخلال الـ ” 20-25 ” سنة الأخيرة، ظهرت إلى الوجود قرابة ثلاثين دولة جديدة. فقد نجمت عن انهيار الاتحاد السوفيتي ولادة خمسة عشرة دولة، وعن تداعي يوغسلافيا سبع دول، وأصبحت تشيكوسلوفاكيا دولتين/ قسمين، واستقلت أريتريا، وجنوب السودان انفصل عن السودان عن طريق الاستفتاء. واستقلت تيمور الشرقية جرّاء خوضها نضالاً ضد أندونيسيا، وحازت فلسطين منصب صفة عضو مراقب في الأمم المتحدة، والجمهورية التركية في قبرص مضى عليها حين من الدهر وهي بصفة دولة.
إن لم تكونوا أهلاً لدولة، فإنه جائز أن تواجهوا الجينوسايد مباشرة في أي يوم كان. لقد خاطب تيودور هرتزل ” 1860- 1904 “، أغنياء اليهود في عام 1890 ما يلي ” إن لم تكن لديكم دولة، لا قيمة أبداً لغِناكم “، وعليكم التنبه إلى عالم اليوم. الأرمن لم يتعرضوا لجينوسايد بعد، وهتلر لم يظهر بعد في الساحة، وعلى الكرد بلوغ وعي هذه العلاقات، وأن يتخذوا من اليهود أمثولة لهم.
العنوان : kerkûk,û,rojavayê,kurdistanê
المصدر: Rojnameya Kurdistan
الترجمة عن الكردية اللاتينية : ابراهيم محمود