الأمازيغي: يوسف بويحيى
عندما كنت صغيرا لم أكن أحب السياسة و إلى اليوم انا أكرهها ،ليس لأني اراها علما سيئا بل لأن وجودنا فيها كان دائما واقعا مؤلما ،كل النظريات السياسية مورست على أجسادنا و على كل مضطهد مثلنا.
في نظرتي إلى واقع كورد سوريا في الإنتخابات تذكرت طفولتي و حنين براءتي التي كرهت السياسة دون أن اعرف لماذا ،رايت في الكوردي السوري نفسي بلحمي و عظمي ،على تلك المنصات و الأبواق قتل الساسة هنا و هناك أحلامنا الصغيرة ،كبرنا بدون حلم يذكر وجدنا أنفسنا أجسادا تفتقد للعقل الذي مات مع الحلم.
كم كنت أرنو و الكوردي أن نصبح مهندسين كي نبنيا بيوتنا من إسمنت و حديد ،كما كنا نرى بيوت الساسة على التلفاز ،لنعكس واقع قطرات المطر المتدفقة من ثقوب سقف بيتنا المكون من خشب و قصب البلدة ،كم كنا نطمح في الأفضل بتلك البراءة التي تعيشنا ،لم نكن نتوقع أننا سنفقد حتى ما كنا نملكه ولو كان بسيطا ،بلا بلدة بلا بيت بلا غرفة بلا سقف بلا خشب بلا قصب… ،وحده المطر من بقي وفيا يتهاطل على أجسادنا التي اكل منها الجوع و البرد و العراء.
بعد كل ما حل بالكوردي عادت الأحزاب إليه لتحقق له مطالبه و حقوقه شريطة ان يدلي بواجبه الإنتخابي ،واجب وطني لمواطن بلا وطن ،كوردي جائع لا يرى في الورقة الإنتخابية اكثر من كسرة رغيف علها تعيد نقطة من روحه إلى الحياة ،كان في عقلي و الكوردي مجموعة من الأسئلة لكن كنا جياع فلم نكن نرى ابعد من بطوننا فلا تلومونا بشيء.
أسئلة كثيرة تراودنا بلا توقف ،كأين كانت الأحزاب الكوردية عندما القدائف ترمى على بيوتنا نحن نيام ،و نقصف في مدارسنا و مستشفياتنا و شوارعنا ،لما تخلت عنا و نحن من كنا ندفع لها الأجور من بائع متجول و حمال و منظف الأحدية و متسول…،أسئلة عالقة كنا ننتظر لها أجوبة من أؤلئك الذين يأتون لأخد الأجور ،صباح ليلة القصف جاؤونا فبشرى لنا خيرا او بخبر يشفي غليلنا من كيد الأعداء ،نفسهم الأحزاب و ساساتها الكرام هجرونا من ما تبقى من بيوتنا و محو وجودنا من كوردستان ،مازاد الجرح نزيفا انها أحزاب كوردية ،و مازاد من إستحالة شفاء الجرح أنهم أتوا بغيرنا عربا و تركمانا ليسكنوا بيوتنا.
إلى أين نمضي أنا و الكوردي بعد كل هذا؟؟ ،قلنا إلى الجبل وعيا منا أن الجبال وحدها من لا تتخلى عنا ،لم نكن نعلم أن بعض الجبال (قنديل) هي مستقر رأس ذلك الثعبان الذي أباذنا سيطا بذيله ،علمنا من خلالها أنه ليس كل الجبال أصدقاؤنا ،بل فقط الجبال التي يسكنها الشرفاء و يحميها أمناء تحدي الموت و ترفرف عليها أعلام كوردستان تتوسطهم شمس الحرية.
عدنا من جبال الثعبان بعد أن إلتوى على العديد منا قصد التجنيد ،فكان لنا سوى حل البحر أو البقاء ،ألقى البعض نفسه بين الأمواج المتلاطمة و بقي البعض على حدود الشاطئ ،يحاصره بحر من الأمام ومن ورائه تزحف الثعابين ،لا أرض تبتلعه و لا سماء تغثه ،لا من هذا و ذاك.
للتو رجعت الأحزاب الكوردية لتبني مستقبلا جميلا للكوردي ،صدقا لكن أين؟؟ عجبا هل في البحر ام الغربة ام القبر!!؟؟ لأنني أرى الكوردي لا يسكن إلا الثلاث.
نعم مبروك عليكم نتائج الإنتخابات و مبروك عليكم سوريا ديموقراطية بدون كورد ،هذا كان مشروعكم و هذا ما كان مستقبلكم الذي توعدتم به الكورد.