التجنيد الاجباري – عبودية في عصر الحريات

آواز حاج قاسم 
التجنيد الإجباري هو الذي يؤخذ فيه الإنسان إلى معسكرات التدريب راغباً كان به أو مكرهاً عليه. 
وكلمة “الاجباري” وحدها كافية للتعبير عن بشاعة هذه الجريمة التي تتعدى على حرية الانسان في الاعتقاد و إبداء الرأي و حتى حق الحياة  هذا ما تحفظه له قوانين حقوق الإنسان في العالم .
تبدأ الحكاية بانتشار إعداد من الرجال في زي موحد موكلين بمهمة جلب الرجال للدفاع عن الوطن  و غالباً ما تكون إعداد هؤلاء الرجال كافياً للنصر في احد المعارك الكبرى 
فينتشرون على مداخل الشوارع و صالات الألعاب و حتى في صالات الاعراس بغية إلقاء القبض على شاب يافع لربما كان خروجه سعياً لإيجاد عمل يعيل به أسرته الفقيرة  او بحثاً عن دواء لمريض في المنزل .
لربما كان يبتغي الحصول على طعام لاطفال لن يأكلوا أو زوجة ستنتظره كثيرا و الماء أمامها يغلي .
ثم يأتي أولئك الابطال فيعتقلونه اعتقال ارهابي بالجرم المشهود في صورة وحشية غير ابهين بتوسلاته او بما يترتب على هذا الاعتقال من عواقب . 
ثم يؤخذ هذا الشاب بما عليه من ثياب ليبقى ما يقارب السنة تحت ارهاب السباب و الوعيد و العقاب و …. التدريب ، و هو في الغالب ينسى ما تلقاه من تدريبات بعد ساعتين من انهاءه لتلك الخدمة .
طبعاً اذ كيف لاحدهم اتقان شي يكرهه و مجبر عليه .
ثم قد يعود إلى أهله او يزورهم في تابوت بارد زيارته الأخيرة ثم يغادر مع زغاريد الثكالى و إشارات النصر .
اية إنسانية هذه ؟ اية ديمقراطية ؟؟ أليست هذه اقرب الى المذبحة ؟؟
هل من المعقول أن تفرض الحكومات الديمقراطية التجنيد الإجباري على مواطنيها؟ 
كيف لهذا أن يعقل فهو يتعارض مع مبدأ الاختيار و حرية الاعتقاد التي تبنى عليها ديمقراطيات الشعوب. 
ثم عوضاً عن هذه الفكرة التي يريدون منها تجنيد اكبر عدد من الافراد، ألستم بقادرين على تحسين إعداد الجنود الموجودين مسبقاً و تدريبهم و تسليحهم بشكل أفضل ؟ . 
فالخدمة في الجيش ليست حمل السلاح و النصر في المعارك فقط . بل ايضاً تنمية العقول و تقوية القدرة على التركيز والسمع والحدس والذكاء الحاد وتنمية مهارات التكنولوجيا واستخدامها في القتال . و هذا ما تفتقر إليه قواتنا الكوردية التي اثبتت عجزها وفشلها كلياً امام التفجيرات التي تطالها و تطال أفرادها بين آن و آخر أو الكمائن التي تقع فيها هذه القوات كما نسمع بين الفينة و الأخرى .
او يمكن لتلك الاموال التي تصرف على معسكرات تجنيدها الإجباري ان تستثمر في إقامة مشاريع استثمارية زراعية صناعية او تجارية لشعب أنهكه الفقر و اخذت منه الحاجة ما اخذت .
التجنيد الإجباري كارثة إنسانية وجريمة بشعة مسكوت عنها في مجتمعنا ،
 لكن لماذا بعد الآن ؟! فلتتكاتف الأصوات المطالبة بالحد منها ضمن الإدارة الذاتية او خارجها فليقم كل منا من مكانه مطالباً بإلغاءها فذاك الشاب الراقد في قبره برزانياً هو ابن اخ لذاك الآبوجي المنتحب على جثمانه 
فلنطالب بالغاءها فلا يعقل أن نقاتل في الخارج في سبيل الحرية بينما شعبنا في الداخل يعاني ما يشبه العبودية.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…