بعيداً عن منطق الأغلبية وثقافة المنبع والأصل

افتتاحية جريدة المساواة
يجمع المتابعون لتطورات الشأن السوري ان اطراف الصراع باتوا يؤمنون بحقيقة استحالة الحل العسكري ولم يعد ذلك مجرد شعار وان الجميع توصلوا الى انه لم يعد للجسم السوري قدرة على مزيد من النزف , وجاء مؤتمر استانا بتركيبته والاطراف الراعية له وما تمخض عنه من نتائج في المقدمة منها تثبيت وقف اطلاق النار ووقف العمليات القتالية الا تأكيدا على ذلك وتمهيد السبيل لانطلاق قطار الحل السياسي من خلال النداء الذي جاء في البيان الختامي للمؤتمر الى تفعيل جنيف وان يتم البحث عن مخارج جديده لم يتوافق المعنيون عليها بعد .
ان ما يهم السوريين بعد ما ذاقوه من ويلات طيلة السنوات الماضية هو وضع حد لعذاباتهم وافشاء السلام في البلاد , لكن لتضميد جراحاتهم يجب تحقيق ما طمحوا اليه وثاروا وضحوا من اجله (الحرية والكرامة) في بلد لا مكان فيه للاستبداد والاقصاء , ويدرك المعنيون ومن آل اليهم القرار جيدا , ماهية هذه الطموحات وأهمية ذلك للتأسيس لسلام حقيقي وبناء بلد يطمئن اليه ليس السوريون فحسب بل الجوار والمجتمع الدولي الذي لم يسلم من شرور ما تولد في بيئة الصراع وتعشش فيه الارهاب والفساد . وفي خضم ما يجري تشهد الساحة السورية تكتلات وتموضعات جديده لقوى المعارضة وتطرح تصورات متباينة للمشهد السوري وافاق المستقبل الا ان ما يؤخذ على العديد منها انها لم تبتعد عن رؤية ومنطق النظام في تناولها للقضايا الجوهرية التي كانت من الاسباب لما اصبح اليه الوضع في البلاد , هذا المنطق الذي يأخذ الطابع الشعاراتي ويتم التحشيد لها عروبيا واسلامويا كقضية الديمقراطية وهوية الدولة وحقوق المكونات وفي المقدمة منها حقوق الشعب الكردي التي تعد من القضايا الوطنية بامتياز والمتجذرة منذ عقود والنظر اليها بعين الريبة والمؤامرة وتهديدها لوحدة البلاد كل ذلك في ظل غياب برنامج واضح ومتكامل لديها عن المستقبل , الامر الذي قلل من حماس المكونات وزاد لديها من حالة الخوف والقلق , وعليه فان المعارضة بكل تلاوينها امام تحد ومسؤولية وطنية لإجراء مراجعة شاملة لمجمل سياساتها تكون في المقدمة منها العمل وفق منحى يجمع ولا يفرق وبخطاب وطني ديمقراطي يلبي تطلعات الناس ويحظى بمصداقية الدفاع عن كل السوريين من اجل تغيير حقيقي ليس في السلطة وكرسي الحكم وانما في بنية النظام وركائزه والقطع مع كل المفردات والذهنيات التي اغتالت الدولة والوطن وتقمصتها بالسلطة وعصاها , بخطاب يعكس حقيقة التعدد القومي والديني الذي بدأ به الحراك الجماهيري بعيدا عن عقلية الاقصاء ومنطق الاغلبية وثقافة المنبع والاصل والسعي لبناء دولة المواطنة الحقه افرادا وجماعات في شراكة وطنية عبر نظام فدرالي برلماني ديمقراطي .

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…