كيف تصبح حزبيا .؟!

دهام حسن
يقول عالم أمريكي يدعى  “ماثيو آرنولد” (إن عديدا من الناس سيحاولون بيع الجماهير وهم ينادون باسمها) وهذا ما نلحظه في واقعنا السياسي الكردي، حيث لا تجد سوى باحثين عن مواقع حزبية، تدرّ لهم مالا وجاها، وتحوّل بهذا إلى بيروقراطي (مكتب وكراسي) وآخر  قد غدا كاتبا وربما شاعرا، إن الاضطرابات الشخصية في حياتهم، فضلا عن ممارساتهم، تكذّب ما تلوكه ألسنتهم في مقابلات متلفزة، وما (تشخبطه) أقلامهم،، على هؤلاء جميعا أن يدركوا أن السياسة ليست سوى علم وفن، لا يدركها المرء إلا بجهد جهيد وتفهّم الظروف، واستقراء  الواقع السياسي، وتبيّن الخيط الأبيض من الخيط الأسود،، وتحديد الأهداف النضالية، ودوما بأخذ الظروف بالحسبان عند نشدان التحالفات… 
إننا نشهد واقعا اجتماعيا متخلفا، وهذا ما ينعكس ويرتدّ في التحاور السياسي، إذ لا بد من تجذّر العقل العلمي، حتى الزعامات الحزبية مازالت تعيش عقلية الماضي، عقلية زعامة القبيلة، فاغلبهم ليس لديهم أفكار، بل مجرد اقوال وتعبئة حزبية دون مشروع ولا إرث ثقافي ، حتى وجدنا بينهم من يحصر في نفسه الحزب، (أنا الحزب) كما كان يقول لويس الرابع عشر (أنا الدولة) وهو بالتالي المرجع  الوحيد لسياسة الحزب، إن أصاب أصابوا، وإن اخطأ أخطؤوا.. لأن رفاقه أعضاء الحزب ليسوا سوى نفر من الأمعة دون رأي أو موقف..يمتثلون قوله وموقفه إن أصاب وإن أخطأ..تابع يمتثل عقلية الجاهلية 
       وما أنا إلا  من غزية إن غوتْ ….. غويت وأن ترشد غزية ارشد
تمنيت أن يكون للإنسان الحزبي موقف ما نابع عن قناعة العضو حتى لو خالف تعويذة السكرتير. وفي هذا السياق أقول: ثمّة أحزاب لا تعرف إلا من خلال شخص السكرتير وقد وصفتها بتسمية أحزاب الذرات لصغرها.. وهم نفر قليل لم يمارسوا السياسة من قبل، أو ربما كانوا قد ابتعدوا أو أقصوا لأسباب مختلفة، لكن اليوم تراهم يتهافتون إلى الأحزاب لتنظيمهم في خلايا حزبية حيث السبيل اليوم متيسرا  دون فكر أو تفكر سواء يمينا أو يسارا، أو صفّ مع هذا أو ذاك..وبالتالي فيختار وينتظم دون عائق أو ممانعة أو صعوبة.. وهذا ما ذكرني بهذه الحكاية الطريفة الساخرة .. كان أحد الفتية يتردد على أحد رفاقنا الشيوعيين ويلحّ عليه كيف له بأن يصبح شيوعيا.. فقال له ضاحكا: (البس كرافتة حمراء وأكفر بالدين تصبح شيوعيا..)

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

عدنان بدرالدين   بينما تتجه الأنظار اليوم نحو أنطاليا لمتابعة مجريات المنتدى الدبلوماسي السنوي الذي تنظمه تركيا، حيث يجتمع قادة دول ووزراء خارجية وخبراء وأكاديميون تحت شعار ” التمسك بالدبلوماسية في عالم منقسم”، يتبادر إلى الذهن تساؤل أساسي: ما الذي تسعى إليه أنقرة من تنظيم هذا اللقاء، وهي ذاتها طرف فاعل في العديد من التوترات الإقليمية والصراعات الجيوسياسية، خصوصًا…

جليل إبراهيم المندلاوي   في عالمنا المليء بالتحديات الجيوسياسية والأزمات التي تتسارع كالأمواج، هناك قضية كبرى قد تكون أكثر إلهاما من مسرحية هزلية، وهي “ضياع السيادة”، حيث يمكن تلخيص الأخبار اليومية لهذا العالم بجملة واحدة “حدث ما لم نتوقعه، ولكنه تكرّر”، ليقف مفهوم السيادة كضحية مدهوشة في مسرح جريمة لا أحد يريد التحقيق فيه، فهل نحن أمام قضية سياسية؟ أم…

أمجد عثمان   التقيت بالعديد من أبناء الطائفة العلوية خلال عملي السياسي، فعرفتهم عن قرب، اتفقت معهم كما اختلفت، وكان ما يجمع بينهم قناعة راسخة بوحدة سوريا، وحدة لا تقبل الفدرلة، في خيالهم السياسي، فكانت الفدرالية تبدو لبعضهم فكرة دخيلة، واللامركزية خيانة خفية، كان إيمانهم العميق بمركزية الدولة وتماهيها مع السيادة، وفاءً لما نتصوره وطنًا متماسكًا، مكتمل السيادة، لا يقبل…

بوتان زيباري   في قلب المتغيرات العنيفة التي تعصف بجسد المنطقة، تبرز إيران ككيان يتأرجح بين ذروة النفوذ وحافة الانهيار. فبعد هجمات السابع من أكتوبر، التي مثلت زلزالًا سياسيًا أعاد تشكيل خريطة التحالفات والصراعات، وجدت طهران نفسها في موقف المفترس الذي تحول إلى فريسة. لقد كانت إيران، منذ اندلاع الربيع العربي في 2011، تُحكم قبضتها على خيوط اللعبة الإقليمية،…