شورشفان بطال
صدق من قال بأن الطغاة لا يتعلمون الدروس من التاريخ والحاضر، وأن نيرون مات ولم تمت روما، وأن صدام أعدم وبقيت حلبجة وبارزان صامدتان، وأن التاريخ ووقائعه برهنوا أن الشعوب ستنال حريتها لا محال.
مناسبة هذا الحديث أن الحكام الجدد في كوردستان-سوريا أي الإدارة الذاتية التابعة لمنظومة العمال الكوردستاني، حيث وبعد أن استولى على الحكم في المناطق الكوردية بتواطؤ مع نظام الأسد في عملية استخبارية تنسيقية بحتة، ووضعوا اليد على كامل مفاصل الحياة في المناطق الكوردية، وأصبحوا أدوات في تنفيذ المشاريع التي تؤكل إليهم من قبل نظام الأسدي البعثي، حيث لم تفوت المنظومة برهة واحدة لتطبق كل الأساليب الوحشية والقمعية بحق أبناء شعبنا التواق للحرية والأمان والتخلص من العبودية، وبناء شخصية كوردية لها خصوصيتها في المنطقة والعالم.
رغم أن منظومة العمال الكوردستاني وتوابعها تعمدت في حرق مكاتب ومقرات الأحزاب، ونفي الشعب وطرده وقتله وتشريده، وإهانة العلم الكوردي وانتهاك حرمة الدم الكوردي، إلا أن الحركة الوطنية الكوردية السورية لم تنجر إلى ردة الفعل، وإعطاء الفرصة والمجال للعمال الكوردستاني في تحقيق غاياته ألا وهي حرب أهلية. وانطلاقا من مسؤوليتها التاريخية وبصفتها حاملة للمشروع القومي الكوردي، اتخذت الحركة الكوردية الحوار والتفاهم بينها وبين سلطة الأمر الواقع كمبدأ وأساس استراتيجي، وترسخ هذا المفهوم وتجسد بدعم من الرئيس مسعود البارزاني رئيس إقليم كوردستان العراق وتوجيهاته.
مع مرور الوقت، واستمرار ماكينة سلطة الأمر الواقع في ممارسة أبشع جرائم القمع والبطش تجاه شعبنا، وازدياد الضغط الشعبي على الحركة الكوردية، اضطر المجلس الوطني الكوردي على اتخاذ قرارات جديدة ووضع خيارات أخرى على الطاولة لحماية الشعب من الجحيم الذي فيه، حيث طالب المجلس في جل لقاءاته العديدة مع الدول الكبرى، بضرورة إدخال پيشمرگة الكورد السوريين إلى كوردستان-سوريا، لاسيما أنها قوة منظمة ومدربة، وحاربت داعش الإرهابية في مناطق مختلفة بقوة وضراوة، والأهم من كل ما ذكرناه هو أن پيشمرگة روج محل الثقة لدى التحالف الدولي والناتو كونها قوة دربت من وزارة الپيشمرگة التي تعد من أهم وأقوى حلفاء الدول الغربية في المنطقة، زد على ذلك هُنالك موافقة من عدة دول إقليمية لها ثقل ووزن في الملف السوري كالسعودية وتركيا على تلك القوات، بعكس منظومة العمال الكوردستاني، المرفوضة إقليميا ودوليا، بل إن داعهما السياسي الوحيد هي روسيا، التي ستتخلى عنها كون المصالح الاستراتيجية بين روسيا وتركيا أقوى وأكبر من دعم منظمة ما، إضافة إلى ذلك تتجلى نتائج فشل الإدارة الذاتية في استبعادها من كل المؤتمرات الدولية الخاصة بسوريا، وبدأت بتسليم بعض المناطق التي حررتها من داعش إلى النظام السوري. عدا ذلك هناك نقطة جوهرية هامة يجب أن نعرج عليها، وهي أن منظومة العمال الكوردستاني ضمن أدوات التحرك الإيراني في المنطقة، وهذا مرفوض إسرائيليا وخليجيا وتركيا وغربيا. أي أنها ليست حليفة، وهنا تكمن مصلحة تلك الأطراف مجتمعة.
وحسب المعلومات بأن في أخر لقاءات المجلس الوطني الكوردي مع الأطراف السورية المعارضة والإقليمية والدولية قد طالب بدخول الپيشمرگة إلى كوردستان-سوريا قبل الشهر السادس، وأنها ستتحمل تبعات هذا القرار مهما كان الثمن. بالتوازي مع ذلك تتعرض الإدارة الذاتية إلى ضغوطات كبيرة لإرضاخها على قبول دخول الپيشمرگة، وعلى إثرها عقدت عدة لقاءات بين ممثلي الإدارة الذاتية ووحدات حماية الشعب من جهة وممثلي إقليم كوردستان من جهة أخرى، إلا أنه لم يتمخض عنها نتائج مرجوة، ردا على ذلك وكخطوة استباقية من العمال الكوردستاني في منع دخول الپيشمرگة، بادرت إلى افتعال وخلق المشاكل، حيث اشتبكت مع قوة من پيشمرگة روج على الحدود، واستكملت حملتها المسعورة باعتقال العشرات من أنصار المجلس الوطني الكوردي عامة والحزب الديمقراطي الكوردستاني-سوريا خاصة، وربما تقوم في الفترة القليلة المقبلة بارتكاب المزيد من الحماقات، كل ذلك في محاولة بائسة منها تهدف لإرسال رسالة مفادها بأنها لن تقبل بدخول الپيشمرگة، لكن الضغط الشعبي المتزايد على قادة المجلس والاستنجاد الشعبي بالپيشمرگة، ستغير المعادلة وتفرض عليهم الدخول بشتى الوسائل والطرق، لحماية كوردستان-سوريا ووضع نهاية لهذا الكابوس الثقيل القابع على كاهل شعبنا حتى لو كان الثمن غاليا.