شنگال ..أولوية التحرير والعودة

شــــريف علي 
     
العصابات الإرهابية، التي احتضنتها الأنظمة المستبدة في المنطقة، لمواجهة المد التحرري الديمقراطي في الشرق الأوسط واستهدفت كوردستان الجنوبية تحديدا باعتبارها نواة الدولة الكوردستانية، وأصبحت القلعة المنيعة في التصدي للمد الإرهابي في المنطقة والعالم لم يكن لتصل إلى ما وصلت إليه، وتلوث تراب كوردستان بجرائمها التي لم يسبق لها مثيل ببشاعتها ووحشيتها في تاريخ البشرية،لولا الدعم والمساندة اللوجستية والمادية التي تلقتها من حواضنها الإقليمية التي مهدت لها ممرات العبور والحركة عل امتداد الحدود الكوردستانية من خانقين وحتى كوباني و عفرين مرورا بشنگال حيث كانت مسرحا لبربرية القرن الحادي والعشرين التي تجلت بأبشع صورها في أسواق لبيع النسوة الكورد من بنات المنطقة في العديد من المدن التي سيطروا عليها أو تلك التي سلمت لهم ، لكن وبعد التضحيات الجسام من جانب الشعب الكوردي، متجسدا بملاحم قوات البيشمرگة، المدعومة بقوات التحالف الدولي المناهض للإرهاب، وبإشراف ميداني مباشر من الرئيس البيشمرگة مسعود بارزاني الذي أكد أولوية التحرير وطرد الغزاة على كل ما يمكن أن يعكر صفو الصراع ضد الإرهاب أو يحيد البيشمركة عن هدفهم الأساسي، وتوفير الأرضية الآمنة لعودة أبناء شنگال إلى ديارهم .
 تحررت شنگال، وتلاها تحرير غالبية المناطق الكوردستانية الأمر لذي لم يروق لحكام العواصم الإقليمية الغاصبة لكوردستان وتبعاتها من الميليشيات العاملة في الساحة الكوردستانية من عودة شنگال إلى المظلة الكوردستانية الشرعية بأمن وسلام ، مما دفع بهذه الأخيرة التي اختارت تبعية بغداد،و الممولة من محور طهران بغداد دمشق بالتنسيق مع أطراف كوردية من داخل الإقليم العاملة في نفس المحور، للبقاء على شنگال ممرا مفتوحا للإمدادات الإيرانية والعراقية إلى الداخل السوري والتفاعل سلبا مع المستجدات، والتحرك بموجب ما أمليَ عليها من أسيادها للوقوف حجر عثرة أمام خطوة ما بعد تحرير المنطقة من عصابات تنظيم الدولة، سيما من جهة إدارة المنطقة بشرعية قانونية تفرضها إرادة أبناء المنطقة، لتهيئة الظروف الأمنية والخدمية الملائمة لعودة المشردين من أبنائها إلى سكناهم، بل عمدت تلك الجهات إلى تنفيذ المخططات العدوانية الرامية لإجهاض المشروع القومي الكوردستاني والتفريط بالسيادة الكوردية ـ التي أنجزت بدماء آلاف الشهداء، وأحيت الحدود التاريخية لكوردستان ـ عبر آليات وسيناريوهات ومشاريع إدارة استبدادية دأبت تلك الجهات تكررها على امتداد الساحة الكوردستانية ،متسترة بالقناع الكوردستاني وراح ضحيتها آلاف الشهداء من أبناء شعبنا الكوردي لتكشف باستمرار حقيقة نواياها التآمرية، واعتماد أجندات الأنظمة  الغاصبة لكوردستان الأمر الذي وضع إدارة الإقليم في ظل تعنت الطرف الآخر المقنع كورديا والمنقاد إيرانيا برفض ما تقتضيه قوانين الإقليم، وفرض سلطته الميليشيوية أمام مسؤولية تاريخية جسيمة، وخيارين أحلاهما مر، إما أن تدع المنطقة وأبناءها بكل معاناتهم من نزوح وتشرد ودمار وتسلط لا قانوني وشأنها، أو أن تلجأ إلى استخدام القوة والانجرار،وفق ما يريده الأعداء إلى الاقتتال الكوردي/ الكوردي المرفوض من جانب قيادة الإقليم بأي شكل كان .
 الأمر الذي يحتم على قيادة حزب العمال الكوردستاني وكل الأطراف الكوردستانية ذات العلاقة ببقاء وضع شنگال معلقا، الانصياع لإرادة أبناء شنگال والقبول بما تفرضها قوانين الإقليم وأنظمتها حقنا للدم الكوردي، وترجمة قراراتها القاضية بسحب ميليشياتها من المنطقة مباشرة ودون شروط ، تمهيدا للانتقال إلى مرحلة ما بعد التحرير التي تكون الخطوة الأولى فيها عودة اللاجئين عودة آمنة ومستقرة، وتهيئة المناخ الخدمي والأمني لذلك، لما فيه خدمة أبناء  شنگال وعموم الشعب الكوردستاني  وقضيته العادلة لإنجاز وحدة تراب كوردستان واستقلالها . 
Sherifeli36@gmail.com   

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…