ابراهيم محمود
هذه ليست كردستان التي باسمها ومن خلالها، ينطلق الكرد المعنيون بها، وجل الذين يتهجونها، جعلوها جعبة كبيرة، ملؤها سهام الحقد والتباغض والتنافر، يخرِجون منها سهاماً، ويطلقونها على بعضهم بعضاً، فتصيبمن أهلها الكرد كباراً وصغاراً وكائناتها مقتلاً.
هذه ليست كردستان التي شُكّلت في هيئة نعاج وأبقار ودجاجات وأرانب فيحيلها الغيورون عليها، وباسم كردية لا تثلم، وهم من لحمها ودمها، ليصبحوا ذئاباً وضباعاً وبنات آوى وديداناً، فلا يعود مما ذكرنا سوى طنين الذباب الأحمر.
هذه ليست كردستان التي تُسمَّى سكراً وماء سلسبيلاً وخضرة زاهية ومجاورة لخالق الأرضين والعالمين، فيقبِل عليها أولو أمر كرد ساعين إلى نصب أنفسهم عليها ولاة ودعاة وحماة وعتاة، ليجعلوها علقماً، ومستنقعاً وقاعاً صفصفاً.
هذه ليست كردستان التي يقسَم باسمها، قياماً وقعوداً، وجرّاء القسم المتكرر بها، كما هم متصدرو واجهتها العريضة، لتغدو مع الزمن هزيلة، ضئيلة الحجم، قميئة، وقد بقيت جلداً على عظم كرباً ووجعاً ونزِف قوى على وقْع الإيمان الكاذب.
هذه ليست كردستان التي يخرج منها المتصرفون بها سكارى، ليعودوا إليها شُعثاً، متبلبلين، في خبط عشواء، فينزلون فيها تمزيقاً وتخريقاً وتخريفاً، وهي مذهولة مما يعمل بها القيّمون عليها منذ زمان طويل.
هذه ليست كردستان التي لا يعرَف من حساب العدد جهة متزعميها إلا الكسر الوطني، ولا يدرك من منطق التمثيل عنها إلا شكله القومي والظامىء إلى مضمونه، ولا يعايَن في لغة الإعراب فيها إلا المعتل الآخر.
هذه ليست كردستان التي تقع في الجهة الأقصى من القلب، فلا يشاهَد إلا الكم المريع من المتشددين على تمثيلها باسم السياسة، إلا طعاناً في نياط القلب، لتكون في غرفة العناية المشدَّدة للتاريخ حتى الآن.
هذه ليست كردستان التي شرب كل الذين رفعوا باسمها شعاراتهم، وهم يشربون من حليبها، لينكشفوا بهذا الكم المقيت من معجّنيها، ومهجنيها ومدجنيها ، فلا يبقى من اسمها إلا عويل جغرافيا تستصرخ القلة القليلة من العالمين بهمها وغمها وجرحها العميق العميق، والحريصين عليها، وليس لهم القوة الكافية لتكون كردستان التاريخ والشعب والأمة.
هذه…!
دهوك، في 7-1-2017