يوسف بويحيى (أيت هادي شيشاوة المغرب)
لم تعد المنظومة الدستورية تعي تجليات إشكالياتها فيما يخص التشريعات البرلمانية للقوانين الموثوقة المسيرة للنظام العام للدولة المغربية ،حيث لم يستطع الدستور أن يقر بعقد إجتماعي يضمن الرضى لكل مكونات المجتمع المغربي ،إذ لا يختلف إثنان على أن المعضلة تكمن في صناع قرار القانون التنظيمي للدولة ،حيث لا ينصب هذا الأخير إلا لصالح القوى الحاكمة و النخبة السياسية الرفيعة ،مما يؤدي ذلك إلى ظهور عدة تناقضات و إخفاقات على مستوى تحقيق أسس المواطنة الحقيقية البناءة لمجتمع قيم متراص يعي ما له و ما عليه تمهيذا إلى تشكيل وعي وطني جديد و الإستغناء عن الأول الذي مازال يعيش بين أبواب ديار الحضانة و عجزة القومية العربية ممن يتبجح بالعروبة المشكوك في عروبته ليس منا نحن الأمازيغ لكن من الخليج العربي الواصي و المستعمر له و لنا بوصايته المكية الوهابية الإسلامية و الفرنسية و الإسبانية إلى عصرنا الراهن .
لم يذكر في تاريخ المغرب المعاصر يوما أن البرلمان المغربي حسم في بند او ميثاق وطني بشكل مستقل عن المؤسسة الملكية ،أو حتى طعن فيما لا يتفق عليه ،وهذا ما يدل على ان كل القوانين و المستجدات الموافق عليها هي خارجية المصدر من البرلمان التشريعي لها .
لم يقف هذا الإجرام المقنن على هذا الحد بل أذى إلى تحويل قبة البرلمان إلى حلقة تسويقية و فكاهية بلهجات قد تتطلب بعض كلمات الشارع المثيرة للفث الإنتباه بكل وقاحة ممكنة (لي عاطينا ختو إجي إديها) ،الشيء الذي يوضح كذلك مذى عهرية الإعلام المغربي الناقل لهاته الكراكيز السياسية التي تتحرك وفق تجاه العظم المقيد بإحكام من طرف مربي كلاب الحراسة ،إذ سرعان ما ينزلق نقاش مستقبل الشعب و مشاكله إلى مهزلة و مسرحية فكاهية في كل زلة لسان مقصودة أو غير مقصودة تثبت مذى عدم جدية رجال الدولة فيما هم فيه و كذى قيمة الشعب لديهم .
لم تستطع الأحزاب المغربية أن تناضل من أجل التعددية الفكرية بل جميعها تنبح وفق إديولوجية مفبركة واحدة بطرق تختلف من حزب إلى أخر ،كما لم يسبق لأي حزب أن تجرأ ليقر على قانون تقسيم الثروات على كل فرد من أفراد الشعب المغربي كما في أوروبا المتقدمة أي ما يسمى عندهم “السوماج” ،حتى “بن بركة” لم يكن سعيه في الشعب المغربي بل كان في نيل حصته منها وذلك ما أثبته تاريخه السياسي و عمالته للحماية الفرنسية .
كما لم يسبق لأي حزب أن إنتقد سياسة تعدد الأحزاب بالرغم من تقاربها من حيث الإديولوجية كأحزاب اليسار فيما بينها و الأحزاب المحافظة المتنوعة ،الشيء الذي يمكن أن نسميه بلعب الكرة في بركة الوحل سواء معا أو ضد بعضهم البعض .
لم ينصف أي الأحزاب البرلمان المغربي في إعادة النظر في شرعنة و مشروعية الإعتراف بالحزب الديموقراطي الأمازيغي الذي يعتبر في الحقيقة إعادة الجوهر السياسي للذات السياسية و كذلك المجمتع و الشارع السياسي ،حيث لم تكتفي الفضيحة على الصمت بل على إحلال الحزب في فترة غير قانونية مقابلة مكافأة مادية للقاضية “فاطمة حجاجي” ،كما لم تعد مزاولة مهنة المحاماة لمؤسس الحزب الأمازيغي “أحمد الدغرني” أمرا هينا بإعتبار كل قضية يشرف عليها ذات خط أحمر عند القضاء المغربي حتى و إن كان مضمونها لا يحمل أية علاقة بالقضية الأمازيغية .
كما لم يؤكد أي حزب من قبل الإقرار بالأمازيغية لغة و ثقافة لشعب مهذور و مسحوق إجتماعيا و إقتصادية بٱسثتناء حزب “الحركة الشعبية” أنذاك على يد “المحجوبي أحرضان” أي قبل أن لا تكون الأمازيغية وسيلة و لعبة للإسترزاق في عصرنا الحاضر .
من من الأحزاب إنتفض من أجل أحداث الريف سنة 1984 بما فيهم الأحزاب التي تحت قيادة الريفيين ،كما لم يقف أحد الأحزاب بجانبها في مقتل “محسن فكري” و كذى في قضية “مي فتيحة”…..لكن يكفيهم التضامن مع “سعد المجرد” و “سعيد الصنهاجي” و “المغتصب الإسباني”…..
كيف لم ينطق حزب كل هذه المدة أن يخبر الشعب المغربي بأن قضية الصحراء ليست قضية وطنية تستلزم وعي الشعب بل هي مسألة إقتصادية لا غير ،أي شراكة بين كل من النظام المغربي و الجزائري بالوصايا من طرف فرنسا و إسبانيا ،كي يعيش الشعب نوعا من الإستقرار النفسي تجاه شعب آخر لا يختلف عنه في شيء إلا في الإسم الرسمي ،ليعلم الشعب أن لكل قضية لها مبادئها و تاريخها فأي الأشياء يعلمها الشعب في قضية الصحراء ،إن قلت أنه لن تجد ولا مواطنا قد يعطيك مبررا مقبولا في قضية الصحراء إلا بدافع الوعي الوطني الذي إجتهدت المدرسة أن تملئ بها عقول الشعب البريء ،حيث لم تستطع الدولة حتى أن تنجز تاريخا رسميا مقبولا عن قضية الصحراء بإسثتناء المسيرة الخضراء التي ألهمت عقول النخبة من الفئة المثقفة العامة ،لكن سرعان ما ينكسر ذلك السراب بحقيقة معاهذة “إكس ليبان” و “سايكس بيكو” .
من قام يوما من الأحزاب لينتفض في وجه القوى الحاكمة لما تجرعه الشعب من سمومها في سجن “تازمامارت” وفي كل المعتقلات السياسية المغربية القاطعة لأيدي و ألسنة المناضلين و المثقفين .
من السحر أن سمعنا وهما بأن حزبا أبان حقيقة ما يسمى القضية الفلسطينية بأنها تزييف للبنية العقلية للشعب المغربي الذي لا يجد في الفلسطيني ولا نقطة مشتركة إلا أننا كلنا بشر ،لم يدرك الشعب المغربي بأن الفلسطينيين توصلوا هم أنفسهم بأن الإسرائليين أجدر بهم من أرض فلسطين لتوفرهم عن التاريخ لذلك خرج أغلبية المثقفين الفلسطنيين للإعتراف بذلك ،كما أن معظم ما يسمى بالشعب الفلسطيني مسيحيين حوالي بمعدل 70℅ و رغم ذلك مازالت تعتبر الأحزاب المغربية مسألة فلسطين قضية وطنية مسلمة ،حيثما إذا كان إنتماءها العربي هو السبب في تبنيها فلماذا لم تتبنى الدولة المغربية القضية الأمازيغية بإعتبار أن معظم الأمازيغ هم مسلمين ؟؟؟ ،كما لم يتم فضح بأن الدولة لا تتبنى أي دين معين بل هناك فقط أديان سياسية ،كما رفضت كذلك وبشكل صريح البرنامج العلماني لما لهذا البرنامج من خطورة على مصالح الدولة و القوى الحاكمة و ليس الشعب كما تظن معظم الفئات المحقونة .
من أكدت من الأحزاب أن الفلسطنيين لم يكتفوا بالتنازل عن مسألتهم بل دخلوا إلى العالم بطرق أخرى غير مشروعة ،تحولوا إلى مرتزقات في كل المجالات بما فيها الفكرية و العسكرية كما أن تاريخ الشرق الأوسط دون كل الجرائم التي قامت بها النخبة الفلسطينية في حق كل من الأردن و العراق و لبنان و إيران ….
لماذا لم تخرج الأحزاب السياسية في التظاهرات الشعبية بشكل واضح و صريح دون الإستعانة بالمرتزقة الشعبية كما يفعل الحزبين بوجه مكشوف سواء الديموقراطي و الجمهوري في أمريكا ،أو في فرنسا و ألمانيا و مصر و البرازيل و كولومبيا…؟؟ .
كيف لحزب مغربي لم يستطع أن يحرر نفسه من دوامة التناقضات المفروضة و المجروعة التي لا تعترف حتى بحياة ذاته الحاملة لها ،أي ما يمكن أن نلخصه في مقولة الفيلسوف “جورج برنارد شو” (ليس كل من يكتب عن الحب فهو محب ،السجين أكثر كتاباته عن الحرية) ،لكن العجيب في أمر الأحزاب هو ليتهم يكتبون عن الحرية أو يقولوها بصدق ،بل يكتبون بصدق عن السجن و العنصرية بقناع الحرية .
أقسم لكم بكل ما تؤمنون أنه لم و لن و لن و لن تستطيع الأحزاب المغربية يوما أو في يوم من الأيام أن تحرر معاناة الشعب إلى حرية الكرامة ،كما يجب أن يسير المحزب الأمازيغي المثقف قدما في الأحزاب على أنها وسيلة لضرب أشرس الأعداء للأمازيغية و ليس إيمانا له بها (الأحزاب) ،لكن ليتعلم من “الميكياڤلية” بأن الغاية تبرر الوسيلة ،ولنؤمن جميعا نحن الأمازيغ بأن المعركة متواصلة ،وان قضية النضال هي قضية أجيال على حد تعبير المفكر الأمازيغي “مولود معمري” .