الإسلاميون بين فضيحة التورط و النكسة السياسية

بقلم : يوسف بويحيى (أيت هادي شيشاوة المغرب)
التورط: لا يختلف أي مثقف حر على حقيقة وصول الإسلاميين إلى السلطة في سنة 2011، المتزامنة بثورات المغرب الكبير أو كما أستأنس شخصيا أن أسميها بثورة القطيع، وذلك بتغير مجراها الحقيقي المنبثق من رحم الشعب و الحراك الإجتماعي و المجتمع المدني إلى مجرى النخبة السياسية التي كسبت الرهان بالتنسيق مع قوى النظام التي مافتئت في شعاراتها المناهضة لها قبل الثورة، فكانت أول خطوة لذلك عندما ركع “عبد الإله بن كيران” أمام المخزن بطلبات منه له أن يتدخل كي يحمي حياة الإنسانية الشيء الذي أثار حفيظة كل المتثبعين لأخبار حركة 20 فبراير بما فيها المثقفين و المحللين السياسيين و النقاد ، لم يكن يعلم الجميع أنه من هذه النقطة بدأت المسرحية و الركوب السياسي على قضايا الشعب المغربي ،
وكان دافع ذلك من الإسلاميين عندما واجهوا خطابا قويا من طرف الحداثيين  (الحركة الأمازيغية) و اليساريين الذين كانوا هم من أنجحوا التظاهرات في جميع أرجاء الوطن الذي أجبر بالإسلاميين بالإنسحاب من الحراك الإجتماعي السياسي، لتعقد المؤامرة المشؤومة على الفكر الأمازيغي و الفكر اليساري ونتج عن ذلك تحلل حركة 20فبراير و قمع وٱعتقال أبناء الشعب بما فيهم المعجبين ب عبد “الإله بن كيران” كقذوة سياسية حتى ظن الجميع أن “عبد الكريم الخطيب” لم يمت فكريا بل جسديا لأنهم كانوا يرون فيه وريثا شرعيا له، لم يخذل الإسلاميين الشعب المغربي و التلاعب بالقضايا فحسب، بل تجاوز بهم الأمر إلى أن يتخاذلوا على حزبهم الذي لم يكن حرا في مضمونه السياسي و لا في برنامجه التشريعي و لا حتى في موسوعته الفكرية لأنه ليس حزبا مستقلا بل فرعا مغربيا يستمد وجوده من مصر و تركيا (التيار الإخواني و المؤيدة له)….،كان مؤكذا أن ينتصر الإسلاميين في الإنتخابات البرلمانية حتى و إن لم يصوت أحد لهم وذلك هو ما كان متفق عليه في المؤامرة، ونفس الشيء حدث في تركيا بعدما تنازل النظام التركي ل “أردوغان” على السلطة بالتنسيق معه من أجل التطهير العرقي للأكراد و إباذتهم من تركيا ولهذا صنع أردوغان داعش،  المهم أن الإسلاميين باعوا الشعب من أجل المنصب فهنيئا لكم.
النكسة: دخل الإسلاميون الحكومة بمشروع يفتقر إلى برنامج محكم مستقل عن السلط التنفيدية و التشريعية، فما لبث إلا أشهر حتى تغير خطابهم الإسلامي الفكري السياسي إلى تناقض حاد جعلت من الشعب يشك في نفسه و في تلك المخلوقات البيضاء الأنيقة التي أصبحت تربط رابطة العنق بإحكام دون أن تنسى التباهي بذلك ،تلا ذلك سلسلة من المشاريع الخفية بين كل من التماسيح و العفاريت التي يعرفها الجميع من تكون ،حيث ٱستسلم الإسلاميون من جديد لخيانة الأمانة مع التماسيح و العفاريت وتحالفوا معهم ضد اللوبيات اليسارية و الليبرالية من داخل البرلمان و كذا البرنامج التشريعي و الإقتصادي و السياسي ،حيث إنصب الإسلاميون لصالح التماسيح و العفاريت و شدوا الخناق على الشعب في شتى المجالات بداية بصندوق المقاصة إلى المحروقات إلى المواد الغذائية…. كل هذا كان مشروعا ناجحا في جيوب التماسح و العفاريت ، مما يجعلنا نطرح سؤالا على ما الذي إستفاده المواطن البسيط من ذلك إلى يومنا هذا ؟؟؟؟ ( لا شيء)، وما الذي خسرته البورجوازية المتمكنة من الإقتصاد من أجل المواطن البسيط؟؟؟؟(لاشيء ،بل استفادت إثر الزيادات)، الكل يتساءل و الكل مازال يتوهم بغد جميل ،لم يكن الإسلاميون أقل حنكة بعد النكسة كي يحفظوا ماء وجههم بل كانوا أكثر ذكاء عندما حولوا خطابهم من خطاب سياسي إقتصادي إلى خطاب أممي دعوي لينزلق الشعب في الأفيون (المخدر) و بداية الصراع الديني السياسي و الفكر الحداثي و الليبرالي ،لينسى الشعب بذلك المشروع الحكومي و تمتلىء جيوب التماسح و العفاريت من الشعب في هذوء تام .
كما لم يجهل مثقفو الإسلاميين مذى خطورة خطواتهم المسبوقة مند الثورات إلى الإنتخابات إلى الحكومة بحقيقة المصيدة و الفخ الذي وقعوا فيه على يد الطرف الذي تحالفوا معه بنوعيه (النظام+التماسح و العفاريت) ،حيث أدى بالبعض بالتخلي و الإنسحاب من الحزب (سعد الدين العثماني)، و البعض بالإعتراف بأشياء كانت مخفية (عبد الإله بن كيران) ،البعض التزم الصمت خوفا من المجهول ،والبعض كان في خضم المجهول .
إنتهت الولاية الأولى على هذا النحو بدون جديد ولا نتيجة تذكر ،
في هذا العام بالذات 2016 فاز الإسلاميون بالإنتخابات ونالوا ولاية ثانية لكن بذون حماس يذكر عن سابقه و كأن الحزب علم مذى صعوبة الموقف و أن المجرى لن يختلف عن سابقه، وأن توليه الحكومة مرة ثانية هي بمثابة سبب يعمل على تلاشيه و إضمحلاله ،و خصوصا بوجود معارضة قوية بقيادة غول قادم سيحصد الأخضر و اليابس و بوجود التماسح و العفاريت .
لا أرى شيئا جديدا سوى أن الحكومة ستبدأ بمشروعها المعروف في الزيادة و خصوصا في المحروقات و المواد الغذائية و ذلك بما يعرفه العالم من حروب و ثوترات و قلق سياسي .
ملاحظة: كن حذرا أن تناقش الإسلاميين عن سبب الزيادة بحجة أن صندوق المقاصة إستفاد في الولاية الأولى ،فقط ستسمع أكاذيب و الحقيقة أن أموال الشعب ذهبت لجهات وتنظيمات رسمية و معنية .

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

خالد ابراهيم منذ أربعة عشر عامًا، كان الأطفال السوريون يعيشون في مدارسهم، في بيوتهم، في أحلامهم. كان الحلم بالغد أقرب إليهم من أي شيء آخر. وكانوا يطمحون لمستقبل قد يحمل لهم الأمل في بناء وطنهم، سوريا، بكل ما تعنيه هذه الكلمة من عزةٍ وكرامة. كان العلم هو السلاح الوحيد الذي يمكن أن يغير مجرى الحياة. لكن بعد ذلك، غيّرت الحرب…

اكرم حسين لطالما كان الكرد في قلب الجغرافيا الشرق أوسطية أحد أكثر الشعوب تعرضاً للتهميش والاضطهاد القومي، بالرغم من كونهم يشكلون ثاني أكبر قومية في المنطقة بعد العرب، ويملكون تاريخاً عريقاً وثقافة غنية ومطالب سياسية مشروعة في الاعتراف بهويتهم القومية وحقوقهم في الحكم الذاتي أو المشاركة العادلة في السلطة. في تركيا وإيران وسوريا والعراق، تكررت السياسات ذاتها: إنكار…

دلدار بدرخان لم يعد اليوم بالأمر الصعب أن تكشف افتراءات وأضاليل الجهات التي تحاول تزوير التاريخ وتشويه الحقائق كما كان في السابق، فما هي إلا كبسة زر لتحصل على كامل المعلومات حول أي موضوع أو مادة ترغب بمعرفته، ولم يعد الأمر يحتاج إلى مراجع وكتب ضخمة غالبيتها مشبوهة ومغلوطة، بل يكفي الاتصال بالإنترنت، ووجود هاتف بسيط في متناول اليد، وبرنامج…

بوتان زيباري في قلب النقاشات، كانت الأصوات تتعالى لتؤكد أن هذه الأرض، التي يسميها البعض “كوردستان سوريا” أو “غرب كردستان”، ليست ملكًا حصريًا لقومية واحدة، وإن كان للكورد فيها حق الدم والعرق والتاريخ. بل يجب أن يُبنى الإقليم المرتجى بروحٍ تعترف بجميع مكوناته من عرب وآشوريين وسريان وغيرهم، كي لا يقع البناء الجديد فريسة لمرض القوميات الذي مزق سوريا…