إبراهيم اليوسف
لا أعرف، كيف أتناول السخرية الموغلة في المرارة، التي انتشرت في سوريا، عموماً، وفي مدن محددة منها، على وجه الخصوص، كحمص، عامودا، وكفرنبل، وهي تنم عن روح خاصة لدى إنساننا السوري، إذ أن المتظاهر السلمي، لا يفتأ يفكر بالتعبير عن حالته، عبر”نكتة” ساخرة، هنا، أو أغنية، ونشيد، هناك، في ذلك الوقت الذي ينتظر فيه “رصاصة” من قنَّاص، معتوه، أرعن، وحشي، هو في مرماه، تماماً، أو أنه قد يختطف، من قبل زبانية “الأمن” و”الشبيحة”، فيقطع جسده إرباً إرباً، ويسلم إلى ذويه، فينشر المجرمون، أنفسهم، صورته، وهو يعذب، ويهان، على أبشع وجه، كخطوة من العقل الأمني، لبثِّ الرعب، في صفوف شباب الثورة الذين حسموا خيارهم، وهم يعلنون ثورتهم السلمية، التي لا تراجع عنها، مهما كلفت التضحيات،… وأنى لهم ذلك….أنى..!.
ومن يتأمل في خريطة الثورة السورية، يجد أن لكل بقعة فيها خصوصيتها، وإن لكفرنبل ثمَّة خصوصية تامة، تكاد تتواشج –تحديداً- مع عامودا، أو حمص، بالرغم من حجم التضحيات الكبيرة التي يقدمها شعبنا السوري، في كل يوم، حيث للطرفة مكانها، لاتبرحه، تعوض في لحظة الحصار، عن الماء، والكهرباء، والرغيف، والدواء، تشحذ النفوس، وتستنهض الهمم، وهي تنبني على المفارقة.
وأهل “كفرنبل” الذين تم تهجير شبابهم، من بلدتهم، فغدوا في”ذمة العراء”، ينصبون بيوت الشعر، ملاجئ لهم، فما عادوا ينتظرون “جمعة” الأسبوع، اليوم، الأكثر استفزازاً في روزنامة بشار الأسد، وزبانيته- وهو الذي لم يسمع بعد بالثورة السورية، ولا بتنكيل مرتزقته بالثوار، بالرغم من أنه قد بدرت عنه إشارات، وتلميحات بل “تصريحات” قاطعة لمواجهة الثورة / المؤامرة، فبات يبرئ “ذمته” في آخر حوار أجرته معه “إي بي سي” الأمريكية ، وهل لأمثاله من ذمة، أو ضمير، وهو مؤشر على هزيمة “آلة القتل”، بل وهشاشة، وسذاجة تفكير القاتل…!.
ومناضلو كفرنبل -هؤلاء المهجرون- صورة عن أخوتهم من أهل مدننا الصامدة، التي تُرك بنوها في مهبِّ الريح، والبرد، يفترشون الأرض، و يتوسدون الحجارة، ويلتحفون السماء، تحت الحصار الوحشي، ببطون خاوية، ضاوية، يتضورون جوعاً، دونما دواء، يحدوهم الأمل الكبير، في صنع النصر، وتحرير سوريا من قبضة الاستبداد، بينما “صناع الكذب”، من أهل النظام، يشغلون المهلة المتاحة من “الجامعة العربية” تلو أختها، بإبداع ثمار التضليل والخداع، معرقلين كل هيئات العالم التي لما تصل إلى الاتفاق على عبارة “كفى…..!، وإن كان وجود أبطال، بواسل، على غرار أهل عامودا ممن حطموا أول صنم “رئاسي” في تاريخ سوريا، بالإضافة إلى أمثال أهل حمص، وعامودا، وجسر الشغور، وغيرها من أمَّات الثورة السورية الأعظم.
وإذا كان أهل “كفرنبل” أدركوا أن النظام الدموي، استطاع على امتداد أربعة العقود الماضية، خلق الفتنة بين المكونات السورية، وضربها، ببعضها بعضاً، وكان العمود الفقري لسياساته تذويب الإنسان الكردي في البوتقة العربية، ومحو خصوصيته، وتأثيمه، فدفع الكردي بذلك ضريبتين، مرة لأنه سوري، وأخرى لأنه كردي، إلا أن شباب “كفرنبل” رفعوا لافتة كتب عليها “عرب و”أكراد” ضد الاستبداد”، بل إنهم رفعوا العلم الكردي إلى جانب العلم السوري، وفي بضع الكلمات تلك، فلسفة شباب الثورة لأخوتهم الكرد، المكوِّن الشريك، في الوطن “سوريا”، ولعل العبارة تبدو عادية، من قبل من هم خارج سوريا، التي لم تعترف حتى اندلاع ثورة الكرامة بأن كلمة “كردي” ممنوعة الذكر، في وسائل الإعلام السورية، بالرغم من أن الكرد هم ثاني أكبر مكون سوري، وإنه لا تبث أغنية كردية من التلفاز، والمذياع، السوريين، الرسميين، بل ولا تنشر الصحف والمجلات السورية قصيدة لشاعر كردي، و إن “ضبط” قصيدة غزلية مع شاعر بلغته الأم كان يعرضه للاعتقال التعسفي، وقائمة المحظورات تطول، مع أن كرد سوريا هم شركاء في صنع خريطة سوريا اليوم، وإنهم يعيشون على أرضهم، أباً عن جد؟؟!!.
ومن اللافتات” اللافتة حقاً: “على النظام السوري الالتزام بالمبادرة، وإلا فهناك مهلة جديدة”، و” نطالب بدخول الجماعات المسلحة لتحمينا من الجيش”، و”لا تمسحوا أرقام هواتف الشهداء من جوالاتكم، لأنهم سيتصلون بكم سائلين: ماذا فعلتم من أجلنا؟ “، و”هذه المظاهرة برعاية الجهات الخارجية المجهولة”، و”سوريا خلصت والأزمة بخير”، و”رئيس غير شرعي، مجلس شعب غير شرعي، ودستور غير شرعي”، و”عرض خاص: تظاهر 3مرات واحصل على دبابة”، و”الجامعة العربية سترسل مراقبين بعد العيد، باعتبار العيد عطلة” …إلخ…..!
وإذا كانت كل عبارة، عرضها أهل “كفرنبل”، عبر لافتاتهم، تحمل دلالات عميقة، بل فلسفة خاصة بها، وإن كانت قد انبنت على المفارقة، فإن هذه العبارات، لابدَّ ستدخل تاريخ الثورة، بل تاريخ سوريا، كلها، وهي التي ترسل عبر رسائل “س.
م.
س”، لتقرأ، ليس ضمن حدود الوطن، وحده، بل لتتجاوز هذه الحدود، ليطلع عليها كل العالم، ناهيك عن عرضها عبراليوتيوب، والفيسبوك، والمدونات، إلى جانب عرض”بعض”منها عبر الفضائيات، كصور ضوئية، أو تعليقات وامضة، كسرت كل رقابة أو قيد.
ومقابل مثل هذه الكتابات الكاريكاتيرية، المكثَّفة، المشبَّعة بالدلالة، والتي قد تترافق فيها الصورة، عبر خطوط منها، إلى جانب المفردة، فإننا لنجد الملحة الساخرة، الهازئة، كما جاء في لافتة تتناول شخصية” الطبل”-أرجو ألا تقرأ “البطل” وليد المعلم حيث جاء فيها:”اضبط كرشك أولاً، ثم اضبط أمن سوريا ثانياً، ونجد آلاف التعليقات، حول وجوه نظام القتل، كل بحسب حصته من سفك وإراقة الدم السوري.
وبعد يقين أبناء “كفرنبل”، أن لا أحد للسوري، إلاه، وهو الذي لا يريد من أحد، سوى التضامن معه، فحسب، فهو وحده، من أسقط هذا النظام، أخلاقياً، وواقعياً، وإن كان -الآن- يستمرُّ ب “سند كفالة” روسية، صينية، مدعومة ب “كومبارس” رخيص، عربي، وغير عربي، حيث لكل منهم أجنداته، وأطماعه، من خيرات سوريا، فها هم هؤلاء الأبطال يخرجون، و قد أغلقوا أفواههم، بوضع”لصاقات” عليها دلالة، على هيمنة آلة القتل، والقمع، و لاجدوى الكلمة، مع النظام المجرم، رافعين أيديهم فقط، وهم صامتون، يرفعون لافتات” بيضاء” تخلو إلا من توقيع هو” كفرنبل المحتلة”.
ثمَّة مهمًّة كبيرة، أمام أبناء الشعب السوري، بعد سقوط النظام، سواء أكانوا داخل الوطن، أو مهجرين خارجه، تتجسد في أنه سيكون على رأس “أجندة” كل واحد منهم، أن تكون له “خريطته السياحية” الجديدة، كما قال أحد الأصدقاء، لنتعرف ب “عمق” على مدن وقرى كثيرة، ومن بينها “كفرنبل” وهي أكثر من أن تحصى، في هذه الوقفة، لأن كل ذرَّة تراب سورية، تستحقُّ
تقبيلها، وكل”ثائر” على امتداد خريطة وطننا، يستأهل الانحناء له.
المقال المقبل:” حمص: إعدام مدينة..!
وأهل “كفرنبل” الذين تم تهجير شبابهم، من بلدتهم، فغدوا في”ذمة العراء”، ينصبون بيوت الشعر، ملاجئ لهم، فما عادوا ينتظرون “جمعة” الأسبوع، اليوم، الأكثر استفزازاً في روزنامة بشار الأسد، وزبانيته- وهو الذي لم يسمع بعد بالثورة السورية، ولا بتنكيل مرتزقته بالثوار، بالرغم من أنه قد بدرت عنه إشارات، وتلميحات بل “تصريحات” قاطعة لمواجهة الثورة / المؤامرة، فبات يبرئ “ذمته” في آخر حوار أجرته معه “إي بي سي” الأمريكية ، وهل لأمثاله من ذمة، أو ضمير، وهو مؤشر على هزيمة “آلة القتل”، بل وهشاشة، وسذاجة تفكير القاتل…!.
ومناضلو كفرنبل -هؤلاء المهجرون- صورة عن أخوتهم من أهل مدننا الصامدة، التي تُرك بنوها في مهبِّ الريح، والبرد، يفترشون الأرض، و يتوسدون الحجارة، ويلتحفون السماء، تحت الحصار الوحشي، ببطون خاوية، ضاوية، يتضورون جوعاً، دونما دواء، يحدوهم الأمل الكبير، في صنع النصر، وتحرير سوريا من قبضة الاستبداد، بينما “صناع الكذب”، من أهل النظام، يشغلون المهلة المتاحة من “الجامعة العربية” تلو أختها، بإبداع ثمار التضليل والخداع، معرقلين كل هيئات العالم التي لما تصل إلى الاتفاق على عبارة “كفى…..!، وإن كان وجود أبطال، بواسل، على غرار أهل عامودا ممن حطموا أول صنم “رئاسي” في تاريخ سوريا، بالإضافة إلى أمثال أهل حمص، وعامودا، وجسر الشغور، وغيرها من أمَّات الثورة السورية الأعظم.
وإذا كان أهل “كفرنبل” أدركوا أن النظام الدموي، استطاع على امتداد أربعة العقود الماضية، خلق الفتنة بين المكونات السورية، وضربها، ببعضها بعضاً، وكان العمود الفقري لسياساته تذويب الإنسان الكردي في البوتقة العربية، ومحو خصوصيته، وتأثيمه، فدفع الكردي بذلك ضريبتين، مرة لأنه سوري، وأخرى لأنه كردي، إلا أن شباب “كفرنبل” رفعوا لافتة كتب عليها “عرب و”أكراد” ضد الاستبداد”، بل إنهم رفعوا العلم الكردي إلى جانب العلم السوري، وفي بضع الكلمات تلك، فلسفة شباب الثورة لأخوتهم الكرد، المكوِّن الشريك، في الوطن “سوريا”، ولعل العبارة تبدو عادية، من قبل من هم خارج سوريا، التي لم تعترف حتى اندلاع ثورة الكرامة بأن كلمة “كردي” ممنوعة الذكر، في وسائل الإعلام السورية، بالرغم من أن الكرد هم ثاني أكبر مكون سوري، وإنه لا تبث أغنية كردية من التلفاز، والمذياع، السوريين، الرسميين، بل ولا تنشر الصحف والمجلات السورية قصيدة لشاعر كردي، و إن “ضبط” قصيدة غزلية مع شاعر بلغته الأم كان يعرضه للاعتقال التعسفي، وقائمة المحظورات تطول، مع أن كرد سوريا هم شركاء في صنع خريطة سوريا اليوم، وإنهم يعيشون على أرضهم، أباً عن جد؟؟!!.
ومن اللافتات” اللافتة حقاً: “على النظام السوري الالتزام بالمبادرة، وإلا فهناك مهلة جديدة”، و” نطالب بدخول الجماعات المسلحة لتحمينا من الجيش”، و”لا تمسحوا أرقام هواتف الشهداء من جوالاتكم، لأنهم سيتصلون بكم سائلين: ماذا فعلتم من أجلنا؟ “، و”هذه المظاهرة برعاية الجهات الخارجية المجهولة”، و”سوريا خلصت والأزمة بخير”، و”رئيس غير شرعي، مجلس شعب غير شرعي، ودستور غير شرعي”، و”عرض خاص: تظاهر 3مرات واحصل على دبابة”، و”الجامعة العربية سترسل مراقبين بعد العيد، باعتبار العيد عطلة” …إلخ…..!
وإذا كانت كل عبارة، عرضها أهل “كفرنبل”، عبر لافتاتهم، تحمل دلالات عميقة، بل فلسفة خاصة بها، وإن كانت قد انبنت على المفارقة، فإن هذه العبارات، لابدَّ ستدخل تاريخ الثورة، بل تاريخ سوريا، كلها، وهي التي ترسل عبر رسائل “س.
م.
س”، لتقرأ، ليس ضمن حدود الوطن، وحده، بل لتتجاوز هذه الحدود، ليطلع عليها كل العالم، ناهيك عن عرضها عبراليوتيوب، والفيسبوك، والمدونات، إلى جانب عرض”بعض”منها عبر الفضائيات، كصور ضوئية، أو تعليقات وامضة، كسرت كل رقابة أو قيد.
ومقابل مثل هذه الكتابات الكاريكاتيرية، المكثَّفة، المشبَّعة بالدلالة، والتي قد تترافق فيها الصورة، عبر خطوط منها، إلى جانب المفردة، فإننا لنجد الملحة الساخرة، الهازئة، كما جاء في لافتة تتناول شخصية” الطبل”-أرجو ألا تقرأ “البطل” وليد المعلم حيث جاء فيها:”اضبط كرشك أولاً، ثم اضبط أمن سوريا ثانياً، ونجد آلاف التعليقات، حول وجوه نظام القتل، كل بحسب حصته من سفك وإراقة الدم السوري.
وبعد يقين أبناء “كفرنبل”، أن لا أحد للسوري، إلاه، وهو الذي لا يريد من أحد، سوى التضامن معه، فحسب، فهو وحده، من أسقط هذا النظام، أخلاقياً، وواقعياً، وإن كان -الآن- يستمرُّ ب “سند كفالة” روسية، صينية، مدعومة ب “كومبارس” رخيص، عربي، وغير عربي، حيث لكل منهم أجنداته، وأطماعه، من خيرات سوريا، فها هم هؤلاء الأبطال يخرجون، و قد أغلقوا أفواههم، بوضع”لصاقات” عليها دلالة، على هيمنة آلة القتل، والقمع، و لاجدوى الكلمة، مع النظام المجرم، رافعين أيديهم فقط، وهم صامتون، يرفعون لافتات” بيضاء” تخلو إلا من توقيع هو” كفرنبل المحتلة”.
ثمَّة مهمًّة كبيرة، أمام أبناء الشعب السوري، بعد سقوط النظام، سواء أكانوا داخل الوطن، أو مهجرين خارجه، تتجسد في أنه سيكون على رأس “أجندة” كل واحد منهم، أن تكون له “خريطته السياحية” الجديدة، كما قال أحد الأصدقاء، لنتعرف ب “عمق” على مدن وقرى كثيرة، ومن بينها “كفرنبل” وهي أكثر من أن تحصى، في هذه الوقفة، لأن كل ذرَّة تراب سورية، تستحقُّ
تقبيلها، وكل”ثائر” على امتداد خريطة وطننا، يستأهل الانحناء له.
المقال المقبل:” حمص: إعدام مدينة..!