للمثقفين فقط … حملة : ( قضيتنا أولاً )

د.

علاء الدين جنكو

كثيراً ما كنت أقول لأصدقائي أن القومية لا تجمع الشعوب إلا إذا غُسلت بماء الإخلاص ولُبِّست بأثواب التضحية، فكانوا يتهموني بأني ألف وأدور وأضع المسألة في قوالبها الإسلامية ضمن إطار من الحكم المسبق الذي لا يقبله منطق ولا ترضى به الموضوعية ..
نعم لي قناعاتي الإسلامية التي أعتز بها بقدر اعتزاري باحترام الرأي المخالف لها، على أني أنظر بعين الواقع لا بعين الخيال والميتافيزيقيا، القومية لا تجمع الشعوب !!
كنت أتمنى أن ينجح بني قومي الكرد في إفشال هذه النظرة في تفكيري، لأنه سبقهم شعوب المنطقة في هذا الفشل فالعرب باسم قوميتهم العربية أذلوا شعوبهم، والأتراك بطورانيتهم كانوا متراجعين مئات السنين للوراء حتى شعروا بذلك فعملوا ومنذ سنين ليتحروروا منها ولو بدرجات ضئلة كانت كفيلة لانطلاقتهم للعالمية ..
الواقع الكردي هو الأكثر حاجة للوحدة والتلاحم بالرباط القومي، فنحن الأكثر إضطهادا في المنطقة عبر التاريخ المعاصر، وخاصة بُعيد نشوء الدول على الأسس القومية، بمعنى يلزم منا أن نخضع لتأثير القومية لنتحد تحت لوائها بحكم قدسيتها في قلوبنا، فبصراحة الكردايتي فينا احتلت من القداسة مكانا تجاوزت عند الكثيرين منا المقدسات الدينية !!
إذن لماذا السعي لإفشال أي محاولة من الوحدة والاقتراب منها، وخاصة من قبل حملة الأقلام من المثقفين القوميين الخُلَّص، وأقصد الخلص الذي يتجردون من كل القيود مقابل التوجه القومي .
نعم ظُلمنا لدرجة فاقت كل الحسابات، فكان المأمول من حالتنا نسيان ( الآنا ) والإلتفات حول محور واحد، يتنازل فيه الجميع عن بعض مطالبهم للحيلولة دون إفشال الخطوات المنجزة لصالح قوميتنا .
ماذا يعني ان أعارض السياسي واتهمه، بالتقصير حينا، والعمالة حينا آخر وبالخيانة تارة أخرى، للعلم ساعة كشف الحقيقة اقتربت، عند انتصار الثورة سيتبين الخيط الأبيض من الأسود ، سيظهر الجميع على حقيقتهم وخاصة أولئك الذي كانوا يسممون الجسم الكردي لإفشال أية محاولة لتوحيد المواقف .
الكرد خطوا بتشكيل مؤتمرهم خطوة كانت قبل تكونها أشبه بالمستحيل، لكنها تحقيق بفضل تنازل الجميع عن بعض مواقفهم، وعدم الوقوف عند نقاط الخلاف .
على أن البعض يصر بأنه لو لم يكن هو من بين الموجودين أو القائد لهم فالعملية بنظرهم فاشلة، ولا أدعي هنا التسويق للأحزاب فكل من يعرفني يعلم بأني اختلف مع جميع الأحزاب الموجودة إيديولوجيا، ولولا حساسية الموقف والحفاظ على الموقف الكردي لربما كان لي موقفا آخر .
هؤلاء البعض يثبتون نظرتي بأن القومية لا تجمع، على الرغم أن جميع هذه الأحزاب متحدة في الغالبية العظمى من مطالبها كما أنها متحدة في توجهاتها العلمانية التي أخالفها الرأي شخصياً، ومع ذلك أقف بكل صلابة وحمية من أجل مصلحة شعبنا في وقت نحن بأمس الحاجة لهذه الوحدة .
ومن هذا المنبر أوجه نداء اخوياً خالصاً – وربي يشهد علي بأني لا أحمل على أحد ضغية حتى أؤلئك الذين أساؤوا إلي في بعض مقالاتهم وعباراتهم التي لا تليق بهم كمثقفين – أن نأخذ موفقا أخلاقيا من هذه المرحلة الحاسمة في تاريخ شعبنا ومنطقتنا، موقف سيسجله التاريخ أن المثقفين والكتاب كانوا خير وقود للمكنة السياسية الداعمة لحقوق شعبنا .
وبعد أن تهدا الأمور ونحقق أجواء الحرية لبيتنا الكبير حينها لكل واحد منا الحق في المطالبة بمكانه المناسب له، أما ونتصارع على المكان والبيت مهدد بالسقوط علينا جميعا … لا شك أنها حالة المتهورين …
وعلينا ألا ننسى بأننا نحمل إضافة لهم شعبنا هَمَّ وطنٍ جريح ( سوريتنا الحبيبة ) يناضل من أجل حريته ويقدم إخوتنا من أبنائه كل يوم عشرات الشهداء ..

فالمسؤولية كبيرة …
أملي في جميع كتابنا ومثقفينا الخير – سواء اتفقنا أو اختلفنا – وأقترح على الجميع أنا نعلنها في حملة يقوم كل كاتب منا بكتابة مقالة تحت عنوان ( قضيتنا أولاً ) يدعم فيها فكرة الوحدة والتلاحم لنرمي الكرة في ملعب السياسيين حينها سيلعن التاريخ من عمل ضد إراده شعبه حتى لو كنت أنا … علاء الدين حنكو ..

وإبراء للذمة ها أنذا قد فعلتها أولاً ..

16 / 12 / 2011م

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

في الثامن من كانون الأول/ديسمبر، نحتفل مع الشعب السوري بمختلف أطيافه بالذكرى الأولى لتحرير سوريا من نير الاستبداد والديكتاتورية، وانعتاقها من قبضة نظام البعث الأسدي الذي شكّل لعقود طويلة نموذجاً غير مسبوق في القمع والفساد والمحسوبية، وحوّل البلاد إلى مزرعة عائلية، ومقبرة جماعية، وسجن مفتوح، وأخرجها من سياقها التاريخي والجغرافي والسياسي، لتغدو دولة منبوذة إقليمياً ودولياً، وراعية للإرهاب. وبعد مرور…

إبراهيم اليوسف ها هي سنة كاملة قد مرّت، على سقوط نظام البعث والأسد. تماماً، منذ تلك الليلة التي انفجر فيها الفرح السوري دفعة واحدة، الفرح الذي بدا كأنه خرج من قاع صدور أُنهكت حتى آخر شهقة ونبضة، إذ انفتحت الشوارع والبيوت والوجوه على إحساس واحد، إحساس أن لحظة القهر الداخلي الذي دام دهوراً قد تهاوت، وأن جسداً هزيلاً اسمه الاستبداد…

صلاح عمر في الرابع من كانون الأول 2025، لم يكن ما جرى تحت قبّة البرلمان التركي مجرّد جلسة عادية، ولا عرضًا سياسيًا بروتوكوليًا عابرًا. كان يومًا ثقيلاً في الذاكرة الكردية، يومًا قدّمت فيه وثيقة سياسية باردة في ظاهرها، ملتهبة في جوهرها، تُمهّد – بلا مواربة – لمرحلة جديدة عنوانها: تصفية القضية الكردية باسم “السلام”. التقرير الرسمي الذي قدّمه رئيس البرلمان…

م. أحمد زيبار تبدو القضية الكردية في تركيا اليوم كأنها تقف على حافة زمن جديد، لكنها تحمل على كتفيها ثقل قرن كامل من الإقصاء وتكرار الأخطاء ذاتها. بالنسبة للكرد، ليست العلاقة مع الدولة علاقة عابرة بين شعب وحكومة، بل علاقة مع مشروع دولة تأسست من دونهم، وغالباً ضدّهم، فكانت الهوة منذ البداية أعمق من أن تُردم بخطابات أو وعود ظرفية….