“عبد الكريم” حديثه بالقول: “إن شرارة الثورات التي بدأت في تونس واجتاحت الدول العربية كانت ردّة فعل طبيعية من شعوب هذه الدول على ما مورس بحقهم من ضغط سياسي واجتماعي على مرّ عقود من الزمن، ووصول هذه الثورة الى سوريا كان متوقعاًً؛ لأن الواقع الموجود في سوريا، واستمرار حزب واحد في السيطرة على هذا البلد وممارسة الاستبداد وهضم الحقوق لم يعد بالإمكان تحمّله من قبل الشعب السورية”.
الشعب الكردي كجزء من المجتمع السوري لم يقف على الحياد وأصبح منذ البداية جزء من هذه الثورة، من خلال التنسيقيات الشبابية وأحزاب الحركة الوطنية الكردية التي أصبحت جزء أساسي من المعارضة الوطنية السورية, فانضمت بعض الأحزاب الكردية إلى صفوف هيئة التنسيق الوطنية، وقسم أخر في إعلان دمسق والمجلس الوطني السوري”.
أما فيما يتعلّق بالموقف الكردي من الثورة السورية وكذلك من بعض أطراف المعارضة السورية قال “عمر”: “وفي الساحة الكردية كان هناك توجّهين، الأول وهم بعض شباب التنسيقيات الذين يدعون إلى إسقاط النظام وتغيير الحكم وبعدها ستحلّ الديمقراطية في البلاد، ويمكن للكرد عندها المطالبة بحقوقهم، والتوجه الآخر كان من قبل بعض الأحزاب الكردية الذين رأوا مواقف بعض الأحزاب العربية القومية وجزء آخر من المعارضة ليس بعيدا عن أفكار ومواقف النظام الحالي، عندما حصروا مطالب الكرد بحقوق المواطنة وبعض الحقوق البسيطة الأخرى، ولكن تحت ضغط شديد اعترفوا ببعض المطالب السياسية للكرد، إلا أن أصحاب هذه التوجه لا يضمنون تنفيذ هذا الاعتراف مستقبلا”.
وتابع قائلاً: “برأي نحن ككرد نستطيع أن نسير وفق التوجهين معا، فيبقى الشباب جزء من الثورة والحراك الشعبي، والاحزاب الكردية يصبحوا جزء من المعارضة السورية، وككرد بشكل عام علينا الالتزام بخصوصيتنا وألواننا الكردية في هذه الثورة، وعلينا ان نتفاوض مع الجميع على أساس مصلحة الشعب الكردي، فالآن هو وقت السياسة، وهذه فرصة تاريخية قد لا تتكرر مئات السنين”.
وبخصوص التنسيق بين الأطراف الكردية المتعددة قال “عمر”:: “على الساحة الكردية هناك المؤتمر الوطني الكردي الذي يضم عشرة أحزاب كردية ونخبة من المستقلين والمثقفين، وهناك ستة أحزاب كردية اخرى بقيت خارج هذا المؤتمر، ومن طرف آخر هناك مجلس الشعب الكردي الذي يدعمه حزب الاتحاد الديمقراطي، فإذا كان هذه القوى الكردية لا تستطيع العمل في إطار موحّد، فالمفروض أن يكون هناك تنسيق بينها، لأننا ككرد عندما نتعامل برؤية سياسة مشتركة مع القوى الأخرى الغير كردية، سيكون لقراراتنا تأثير كبير ويمكننا أن نلعب دور كبير في وحماية شعبنا ونقدم خدمة كبيرة لشعبنا الكردي”.
وأشار “عمر” في سياق لقاءه مع مراسل وكالة فرات للأنباء إلى التدخلات التركية في سورية قائلاً في ذلك: “الدولة التركية صاحبة جيش كبير واقتصاد كبير وعضوة في حلف الناتو، تريد أن تلعب دور إقليمي كبير في هذه المرحلة، برأيي هناك صراع وتنافس كبير بين قوتين أساسيتين في المنطقة هم تركيا وإيران، فالثورة التي بدأت في تونس وقامت بها الطبقات المتعلمة والمثقفة في المجتمع التونسي وليست القوى الإسلامية، ركبت على موجتها الإسلاميين وحسب صناديق الاقتراع هم الفائزون، فانتصر حزب النهضة في تونس وفي مصر انتصر الأخوان المسلمين, وكذلك الحال يمكن في ليبيا واليمن ان يكون نفس الشيء، وفي سوريا قد يكون الأمر مختلفا لوجود القوميات والأديان والطوائف المختلفة، لذلك ترى الدولة التركية أن التيار القريب منها تنتصر في هذه الثورات وبالتالي مشروعها في المنطقة سوف يتحقق.
لكن على الدولة التركية أن لا تحلم بأنها تستطيع أن تلعب دور كبير في المنطقة مادام وضعها الداخلي غير مستقر، فهناك عشرين مليون كردي يعيشون على أرضهم التاريخية في تركيا وحقوقهم مهضومة من قبل الدولة التركية، فان لم تستطع الدولة التركية حل مشاكلها الداخلية مع شعبها لن تستطيع حل مشاكل غيرها في الخارج.
فلا يمكن لها أن تطالب غيرها بتطبيق الديمقراطية وهي لا تملك الديمقراطية، ولا يمكن لها تطالب الدول بحقوق شعوبها وهي تحرم شعبها من حقوقهم المشروعة”.
وبالنسبة إلى مسألة التآخي الكردي العربي المسيحي في المنطقة وظهور بعض الحساسيات والمشاكل بينهم في العقود الأخيرة، على رغم من أنهم عاشوا قبل ذلك بآلاف السنين مع بعضهم في جوّ من التآخي والمحبّة اختتم عضو المجلس الوطني الكردي “عبد الكريم عمر” حديثه بالقول:” في السابق كان الكرد والعرب والمسيحيين والأقليات الأخرى يعيشون مع بعضهم من دون تكون هناك مشاكل أو حساسيات بينهم، ولكن بعد مجيء الأنظمة الشمولية الديكتاتورية ونظام البعث واحدة منهم، ظهرت هذه الحساسيات والمشاكل بين الأطراف المختلفة.
نحن ككرد لا مصلحة لنا في الاحتقانات التي تظهر في المناطق الكردية، فالجميع في هذا الوطن على ظهر سفينة واحدة ولا خيار أمامنا سوى التعايش السلمي والحفاظ على السلم الأهلي تكون ذو أهمية كبيرة بالنسبة لنا ككرد، فقبل فترة ظهرت بعض المشاكل بين الشباب الكرد والسريان في مدينة “قامشلو”, واجتمع على الفور القوى الكردية مع اطراف من الشخصيات المسيحية، وعملنا سويا على حلّ المشكلة”.