قلب عامودا لا يقبل القسمة

عمر كوجري

أكثر من ثلاثة جمع وأنا أكظم غيظي من جهة، ومن جهة ثانية أوقن نفسي بأن ما يحدث في عامودا حتى ليس سحابة صيف لتمضي سراعاً، وتأفل بشكل أسرع بل هو أبسط من ذلك.

لكن، يبدو أن الأمور تسير هناك إلى خلاف ما نريد لعامودا، فللأسبوع الثالث على التوالي أسمع، وأرى تظاهرات عامودا شابها بعض التفرق، وإن شئت التمزق، فليس من المجدي لا للثورة ولا لاسم عامودا أن تنطلق فيها تظاهرات أو تجمعات ثلاثة، وهذا الخروج الثلاثي الأبعاد خطأ من ناحية البنية المورفولوجية للسكان العاموديين.
لقد أثبتت عامودا أنها بحق معقل الأحرار، وكل الباحثين عن ظلال الحرية وأفيائها الوديعة، وهي لا تتصدر المشهد النضالي اليوم بل لها تاريخ حافل بمقارعة الطغيان في كل زمان، وليس جديداً مشاركتها مع أخواتها السوريات في التصدي للمحتل الفرنسي، وبقاع عزيزة كثيرة من ثرى عامودا ارتوت بدماء شهدائها نشداناً للحرية والحياة الأفضل.
يتملكني اليقين أن ما يحصل في عامودا من فوضى التظاهرات هو خطأ فاحش بعينه، فهل يعقل أن تخرج من عامودا البلدة الوادعة الصغيرة والتي تزخر بخيرة العقول في البلد وخيرة الشعراء والكتاب والفنانين أن تخرج في مظاهرة للحزب الفلاني بوسط السوق، ويكون الخروج خارجاً حتى عن العرف السوري من درعا إلى ديريك، وباسم آخر غير اسم بروتوكول الموت؟؟ وهل من المعقول أن تخرج مظاهرة باسم المجلس الفلاني أو العلتاني، وتكون المظاهرة الثالثة من نصيب شباب التنسيقيات.
بيقيني هذا الخطأ الذي أعده جسيماً، يتحمل مسؤوليته جميع الأطراف في عامودا، وعلى وجه التخصيص، طرف المجلس الوطني الكردي الذي انبثق مؤخراً، وهو الذي يطبّل، ويزمّر له إعلامياً على أنه خاتمة مآل الكرد في سوريا، وجاء رداً على حالة الانقسام والفوضى التي تعتري حياة الكرد السوريين منذ عقود عديدة، الآن هذا المجلس عاجز عن إيجاد آلية لتوحيد المظاهرات التي تنطلق في كل جمعة وكل يوم في عامودا.
 المجلس الوطني مضافاً إليه بعض المستقلين يفترض به المبادرة والمبادءة ولين الجانب وحسن المعشر تجاه الآخرين باعتباره يملك خبرة سياسية ثرة، وحضوراً حتى في الشارع الكردي، ومن المجحف عقد مقارنة بينه وبين تنسيقيات الشباب الكردي لأنها بالمحصلة لا تملك رصيداً كافياً من الخبرة والمران كما أن هذه التنسيقيات هي اسم على مسمى و” دمها حار” بالتعبير العامي، ربما اشتطت عن جادة التقدير، أو قدّرتِ المواقف بحيوية الشباب وعنفوانهم، أما المجلس فمعظم كوادره “متختخة” عمراً وخبرة ووو.
ويبقى التساؤل المحير الأخير:   
ماذا يريد حزب الاتحاد الديمقراطي من الحراك القائم؟؟ ولماذا يُميّع حتى أسماء الجمع التي يجمع عليها السوريون الذين يخرجون تحت هذه الأسماء كل جمعة منذ عشرة أشهر؟ ويدفعون على أسماء جمعهم دماء وشهداء أبرار.
هل ما نسمع عنه صحيح هنا وهناك؟؟
إذا استمرت الحال على هذا المنوال سيسير نهر الجموع البشرية الباحثة عن غدها هناك إلى نضوبه وتقوقعه ، وربما حتفه لا قدر الله

عامودا صاحبة القلب الكبير والعقول الضاجة بالإبداع لا تحتمل هذه الفوضى، قلب عامودا لا يقبل القسمة أيها الفوضويون أياً تكونون!!

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

ياسر بادلي ليس اختيارُ الرئيس العراقيّ السابق، برهم صالح، مفوّضاً سامياً لشؤون اللاجئين حدثاً عابراً يمرّ على أطراف الأخبار؛ بل هو لحظةٌ ينهضُ فيها تاريخُ شعبٍ كامل ليشهد أن الأمم التي صُنعت من الألم تستطيع أن تكتب للإنسانيّة فصلاً جديداً من الرجاء. فالمسألة ليست منصباً جديداً فحسب… إنه اعترافٌ عالميّ بأنّ الكورد، الذين حملوا قروناً من الاضطهاد والتهجير، ما زالوا…

المحامي عبدالرحمن محمد   تتواصل فصول المسرحية التركية وسياساتها القذرة في الانكار والنفي للوجود التاريخي للشعب الكوردي على ارضه كوردستان، ومحاولاتها المستمرة لالغاء ومحو كلمتي كورد وكوردستان بوصفهما عنوانا للهوية القومية الكوردية والوطنية الكوردستانية من القاموس السياسي والحقوقي والجغرافي الدولي، سواء على جغرافيا كوردستان او على مستوى العالم. تارة يتم ذلك بحجة وذريعة الدين (الاسلام)، وتارة اخرى باسم الاندماج والاخوة،…

  إبراهيم اليوسف وصلتني صباح اليوم رسالة من شاعرة سورية قالت فيها إنها طالما رأتني وطنياً لكنها تجدني أخرج عن ذلك، أحياناً. رددت عليها: صديقتي، وما الذي بدر مني بما يجعلك ترين وطنيتي منقوصة؟ قالت: أنت من أوائل الناس الذين وقفوا ضد ظلم نظام البعث والأسد. قلت لها: ألا ترينني الآن أقف أيضاً ضد ظلم السلطة المفروضة- إقليمياً ودولياً لا…

شادي حاجي في عالم يتزايد فيه الاضطراب، وتتصاعد فيه موجات النزوح القسري نتيجة الحروب والاضطهاد، تظلّ المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR) طوق النجاة الأخير لملايين البشر الباحثين عن الأمان. فمنظمة نشأت بعد الحرب العالمية الثانية أصبحت اليوم إحدى أهم المؤسسات الإنسانية المعنية بحماية المهدَّدين في حياتهم وحقوقهم. كيف تعالج المفوضية طلبات اللجوء؟ ورغم أن الدول هي التي تمنح…