مبروك لـ (الشيوعيين) السوريين الخزي والعار

هيبت بافي حلبجة

بقدر ما يتطلب منا  نحن الماركسيون أن ننافح عن روح الماركسية الحقة ، وأن نترجم جوهرها على الصعيد الفعلي بنزاهة ودقة معرفية متناهية ، بقدر ما يتطلب ذلك منا فضح هذه الممارسات البذيئة القميئة من قبل بعض أطراف التي تسمي نفسها زوراُ وبهتاناُ بالشيوعية (الحزب الشيوعي السوري  جناح خالد بكداش)، تلك الممارسات التي كانت ولا تزال إحدى أهم الأسباب الجاثية وراء همجية السلطة الحاكمة وتماديها في عمليات القمع والقهر من جانب ، ومن جانب آخر فإن تلك الممارسات بررت قيام السلطة السورية بالجور والظلم والأستعباد ضد شعبها ، وأضفت الشرعية المزيفة على جرائمها وعلى ذاتها من خلال الجبهة الوطنية التقدمية المزورة هي الأخرى لأنها لاتعبر إلا عن إرادة الجريمة والقهر والقمع .

وبقدر ما يتطلب منا ، نحن الحريصون على كل فعل ماركسي حقيقي ، أن نزهو ونتباهى بأفكار ماركس التي أعادت الروح إلى التجربة التاريخية البشرية ، وأصلت العلاقة الجدلية الحدية ما بينها وبين المدلول الأصلي للمعرفة والعلم والتحليل الموازي ، بقدرما يتطلب ذلك منا أن نتقيأ هذه الأنحرافية المقصودة في محتوى – الشيوعية – ، وأن نستهجن هذه الدناءة القذرة في تقويم العلاقة ما بين الخاص والعام ، والعلاقة مابين مصالح الأمبريالية والقتل الجماعي الداخلي .

ففي 11 – 6 – 2011 نظم هذا الحزب ، الحزب الشيوعي السوري بقيادة عمار خالد بكداش ، تظاهرة محدودة في مدينة القامشلي الكردية ، دفاعاُ عن المذابح الجماعية للسلطة وعن وطنية النظام وتحت شعار ما سماه – الهجمة المسعورة من قبل الأمبريالية العالمية ضد النظام الوطني في سوريا – وبلافتات وسمت تلك الهجمة المسعورة !! –  بمؤامرة خبيثة تقودها قوى الشر ضد سوريا – وهذا ما يقودنا إلى الملاحظات التالية .

الملاحظة الأولى : إن هذا الحزب التاريخي المجيد الذي تأسس تحت أسم حزب الشعب (السوري اللبناني)  في عام 1924 ، وتغير أسمه إلى الحزب الشيوعي عام 1927 تحت ضرورة حضوره مؤتمر الكومنترن الذي إقتضت شروطه   حضور الأحزاب الشيوعية فقط ،  ظل يعاني ولازال من مشكلتين أساسيتين بنيويتين .الأولى : مفهوم النص لدى خالد بكداش – خليفة فؤاد الشمالي عام 1933 –  الذي لم يع الشيوعية إلا من خلال الأطروحات الجامدة التي لايجوز في المطلق إدراكها كما هي ، فالنص هو الذي أنتصر على فحوى الشيوعية لدى خالد بكداش وتغلب بنفس المستوى على الواقع ، وكأن هذا الأخير لاوجود له إلا من خلال إرادة المبادىء المحضة ، في حين إن من المفروض أن يكون الواقع هو سيد المبادىء ، وهو في الحقيقة كذلك ، وإلا ما وجدت الماركسية ، وما تحولت العلاقة ما بينها وبين التاريخ البشري إلى مستوى العلمي – الماركسية العلمية –  .

الثانية : مفهوم الأزدواجية المضاعفة ، الستالينية الكومنترية والتروتسكية البليدة ، فهذا الحزب تعامل مع تنظيمه الداخلي والكثير من علاقاته بروح ستالينية كومنترية بحتة ، وتعامل مع مفهوم النضال المفترض بروح تروتسكية بليدة عن طريق الدمج ما بين الثورة الدائمة وفحوى إن أرض موقع النضال لاتهم طالما هو موجه ضد الأمبريالية ، ولذلك عارض خالد بكداش بقوة دلالات البروسترويكا وأعتبرها طعنة نجلاء في خصر الشيوعية .

الملاحظة الثانية : إن هذا الحزب بعد أن أصبح عضواُ في ما سمي بالجبهة الوطنية التقدمية المزورة – التي أنشئت عام 1972 بعضوية خمسة أحزاب التي أنقسمت كلها ماعدا حزب البعث وأمست حالياُ تسعة أحزاب –  غدا ذيلاُ بليداُ لحزب البعث العربي الأشتراكي وشريكاُ له في تحمل المسؤولية ، فقط أنظروا إلى مهام هذه الجبهة وهي تسعة ، نذكر منها ، تحرير الأراضي العربية !!! ، أقرار مسائل الحرب والسلم !!!! ، والمادة الثامنة : العمل المتواصل من أجل الوصول بالحوار الإيجابي والتفاعل الجماهيري داخل الجبهة إلى– أنظروا – التنظيم السياسي الموحد !!!!! .

الملاحظة الثالثة : إن هذا الحزب بتصرفاته الرعناء الهوجاء أثبت أنه ثمت لافرق بينه وبين أي حزب ديكتاتوري مستبد في السلطة ، فبوفاة خالد بكداش عام 1995 ، أستلمت رئاسة جمهورية – الحزب – السيدة الفاضلة وصال فرحة بكداش ، زوجة الزعيم !! الذي حضر أجتماع مؤتمر الكومنترن عام 1935 كممثل !! عن وفود العربية في المؤتمر السابع له .

وبالله عليكم أنظروا إلى هذا النص : أنتهى أعمال المؤتمر الحادي عشرعام 2010 للحزب الشيوعي السوري – جناح خالد بكداش – بأنتخاب الأمين العام السابق للحزب وصال فرحة بكداش رئيساُ للحزب ، وأنتخاب نجلها عمار خالد بكداش عضو المكتب السياسي أميناُ عاماُ للحزب !!!! الملاحظة الرابعة : عندما أنتحر غازي كنعان عام 2005 – أو نحروه ولافرق ما بين الأمرين –  وصفت جريدة صوت الشعب الجريدة المركزية للحزب الشيوعي السوري – جناح خالد بكداش – اللواء غازي كنعان وزير الداخلية بأنه مناضل كبير ، وإن إنتحاره خسارة وطنية جسيمة لسوريا ولشعبها !!! ولم تسأل الجريدة نفسها عن سبب إنتحاره !! وطالما إن أنتحاره يشكل خسارة كبيرة للدولة والوطن فلماذا يقدم على الأنتحار !! طالما إن أموره وسمعته ونضاله وكفاحه بألف خير !! مع العلم فقط إن المحكمة الدولية الخاصة بأغتيال الشهيد رفيق الحريري أحتسبته من المتهمين بالأغتيال وكانت قد جمدت أصوله المالية ، فهل هكذا شخصية تمثل خسارة كبيرة للشعب والبلد بفقدانها !!!.

الملاحظة الخامسة : لن نسأل مطلقاُ عن دور هكذا حزب في الأنتفاضة السورية البطلة ، وحجم الجرائم الوحشية ، ومجازر الإبادة الجماعية ، ومقتل الأطفال والأبرياء ، وعدد المعتقلين ، ولا عن عدد النازحين والمنكوبين ، ولاعن التمثيل والتنكيل بالأجساد ، لسبب بسيط هو أن هذا الحزب الشيوعي الوطني يرأى إن النظام وطني ، وإن هنالك مؤامرة كونية – على حد تعبير الكاتبة كوليت الخوري – وإن هناك مؤامرة خبيثة تقودها قوى الشر ضد سوريا دولة التصدي والصمود والممانعة ، ضد النظام الوطني – الماركسي اللينيني الشيوعي – !!! …

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

خالد حسو إن مسيرة الشعب الكوردي هي مسيرة نضال طويلة ومستمرة، لم تتوقف يومًا رغم الظروف الصعبة والتحديات المتراكمة، لأنها تنبع من إرادة راسخة ووعي عميق بحقوق مشروعة طال السعي إليها. ولا يمكن لهذه المسيرة أن تبلغ غايتها إلا بتحقيق الحرية الكاملة وترسيخ مبادئ العدالة والمساواة بين جميع أفراد المجتمع، بعيدًا عن أي شكل من أشكال التمييز القومي أو الديني…

مسلم شيخ حسن – كوباني يصادف الثامن من كانون الأول لحظة فارقة في التاريخ السوري الحديث. ففي مثل هذا اليوم قبل اثني عشر شهرًا انهار حكم عائلة الأسد بعد أربعة وخمسين عاماً من الدكتاتورية التي أثقلت كاهل البلاد ودفعت الشعب السوري إلى عقود من القمع والحرمان وانتهاك الحقوق الأساسية. كان سقوط النظام حدثاً انتظره السوريون لعقود إذ تحولت سوريا…

زينه عبدي ما يقارب عاماً كاملاً على سقوط النظام، لاتزال سوريا، في ظل مرحلتها الانتقالية الجديدة، تعيش واحدة من أشد المراحل السياسية تعقيداً. فالمشهد الحالي مضطرب بين مساع إعادة بناء سوريا الجديدة كدولة حقيقية من جهة والفراغ المرافق للسلطة الانتقالية من جهة أخرى، في حين، وبذات الوقت، تتصارع بعض القوى المحلية والإقليمية والدولية للمشاركة في تخطيط ورسم ملامح المرحلة المقبلة…

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…