وقد حاول النظام السوري الذي يشعر بضغط شعبي وخارجي كبيرين استثمار هذا النشاط ” المعارض” لمصلحته، أملاً منه في تحقيق أكثر من هدف في مرمى الاحتجاجات الشعبية المستمرة، ومحاولة ضرب المعارضات ببعضها” وتقديم المحتجين والمنتفضين في الشوارع السورية على أنهم ثلة من الزعران أو ” الحثالة” بحسب تعبير أحد – إن صحت التسمية- المحللين السياسيين والأساتذة الجامعيين، وبالتالي جعل كل الدماء السورية التي أريقت في كل بقعة من أرض سورية حلالاً زلالاً لأن الخارجين “خارجون عن القانون، ومارقون”.
وإرسال رسالة للخارج – يبدو أنها وصلت سريعاً من الجانب الأمريكي الذي أثنى، وبارك اجتماع المعارضة” الوطنية” على أرض الوطن، وبالتوازي صرحت فرنسا التي صعدت موقفها تجاه دمشق في الفترة الأخيرة بشكل غير مسبوق، ووقفت إلى جانب الانتفاضة الشعبية السورية مستنكرة الحل العسكري الذي تنتهجه السلطة منذ اليوم الأول من الاحتجاجات وإلى الآن، صرحت بأن هذا اللقاء هو بداية الطريق الصحيح، وكادت أن تعتذر عن كل جفاء بدر منها تجاه النظام!!!!
وكذلك أرسل الأوغلو التركي إشارات الأمان ورمش عين المغازلة بأنه قادم قريباً إلى دمشق ليعيد الحميمية والدفء بين الأحباب المتخاصمين حاملاً معه ورقة اللاجئين السوريين الدسمة!!
وفحوى رسالة النظام أنه صار ” يقرن الأقوال بالأفعال” وهاهي المعارضة السورية” الوطنية تجتمع في وسط دمشق دون أن يلاحَق المجتمعون، ودون أن يتعرض أحد للمساءلة!!
ولتقول للمعارضة الخارجية أنها تتقوّى بالخارج، وتريد تحويل سوريا إلى ليبيا أو عراق أخرى، وبالتالي لتزيل لون الوطنية من ردائها باحتضانها المباشر أو غير المباشر لذلك العنوان الكبير” سوريا للجميع في ظل دولة ديمقراطية مدنية”
ولتقول أيضاً- وللأسف على لسان بعض الحضور- ” الزائف” أي نعم وستين نعم، التظاهرات الشعبية غير بريئة، وهي متآمرة على الوطن، وإن هي إلا عصابة مسلحة تقتل العباد، وتريد أن تتلظى البلاد بجحيم التدخل الخارجي والتمزيق والحرب الضروس الطويلة.
وبالفعل كان مثار دهشة واستغراب حضور شخص من مستوى الممثل” أبو عصام” عباس النوري في اجتماع للمعارضة وهو الذي نفى عن المحتجين كل طموح بالتغيير، وكل حق بالتظاهر قبل أيام ،وغيره وغيراته كثيرون!!!؟؟
ولعل هذا ما دعا أحد المعارضين الحضور للقول بأن النظام قام باختراق المؤتمر إعلامياً عن طريق إرسال أشخاص غير مدعوين أساساً لإثارة البلبلة داخل المؤتمر، ولتمرير وجهة النظر الرسمية في تواطؤ بين هذه الشخصيات ووسائل الإعلام الرسمية.
والأنكى من كل هذا أن وسائل إعلام النظام الرسمية وغيرها الخاصة” الرسمية جداً” مثل الدنيا وأخواتها اللبنانيات، أبدت انزعاجها من البيان الختامي لاجتماع ” المعارضة” التشاوري، وقالت إنه خلا من ذكر العصابات المسلحة، ومن ذكر أن طابع الاحتجاجات في الشوارع السورية هو طابع ديني” إخواني – متطرف- طائفي- إقصائي ألخ ألخ…”
إذاً:
رغم النقاط التي سجلها هؤلاء الكتاب والساسة مثل رفض الخيار الأمني، والدعوة الصريحة للوقوف إلى جانب الشارع السوري المنتفض، وأنه لابد من زوال “نظام الاستبداد، ولا بد أن تسود المواطنة بين السوريين التي تحقق المساواة في ما بينهم.
ورغم أن المؤتمرين صرحوا أنهم ليسوا بديلاً لأي طيف أو أي تنظيم معارض و هو لا يضع نفسه في مواجهة قوى المعارضة الديمقراطية، ورغم أن اتحاد تنسيقيات الثورة السورية” المعارض لم يرق له ذلك الاجتماع جملة و تفصيلاً ورغم ورغم.
يبقى أخيراً أن النظام هو أكبر المستفيدين من اجتماع” فندق سميراميس” لأن الاجتماع منحه بعض الأوكسجين الذي افتقده في الفترة الأخيرة على المستوى الداخلي والخارجي.