هل عندما سجنتم بعيد مؤتمر حزبكم السادس حين تبنيتم الحكم الذاتي لكردستان سورية توقعتم ان تخرجوا من السجن والانتفاضة الشعبية على النظام المستبد تعم سورية طولا وعرضا?
في مرحلة اعتقالي مع الأخوين محمد مصطفى ومعروف ملا أحمد, كانت سورية تشهد حملة هوجاء من قبل أجهزة امن النظام شملت رموزا عديدة للقوى السياسية السورية ولا سيما المنتمين لقوى “اعلان دمشق” وكذلك طال القمع رموز الحركة الكردية وبخاصة المنتمين الى الأحزاب الأكثر جدية في النضال, كأحزاب لجنة التنسيق التي من ضمنها حزبنا وحزب الاتحاد الديمقراطي.
كان النظام يهدف بقمعه الى كبح جماح المعارضة عموما بعد أن شهدت البلاد فعاليات ومظاهرات لسنوات عديدة, تطالب بالديمقراطية وايجاد حل ديمقراطي للقضية الكردية, ومن هنا فلم أكن بهذا التوقيت أتوقع موجة الثورات والانتفاضات في الشرق الأوسط, رغم ايماني العميق بأن هذه المرحلة ستشهد نهوضا جماهيريا في وجه الحكام الطغاة المستبدين.
كيف ترى مستقبل الوضع في سورية فلا الشعب سيتراجع ولا يبدو ان النظام لديه نية للتراجع عن حلوله الدموية?
لقد انهار جدار الخوف في عموم المنطقة ومن الطبيعي أن تشهد سورية ثورة الشباب ومختلف المكونات, والقوى التي عانت المرارة والظلم والحرمان خلال عقود, واذا كان النظام يتمادى في استخدام الحل الأمني, فان هذا ليس في صالحه, لأن التغيير الجذري سيكون حتميا ومن العبث أن يقاوم النظام الطوفان.
أرى ان الثورة الديمقراطية السلمية لن تتوقف وعلى النظام قبول هذا الواقع وتوفير مستلزمات انقاذ البلاد من دوامة عدم الاستقرار والاستجابة لمطالب السوريين بكل مكوناتهم المتمثلة بنظام ديمقراطي جديد والاحتكام الى صناديق الاقتراع في بناء المؤسسات الدستورية والمجالس المحلية.
كيف تقيم الدور الكردي في الانتفاضة وما بعدها في حال سقوط النظام بمعنى ما تصوركم لحل القضية الكردية في سورية?
شعبنا الكردي انتفض العام 2004 وقبل ذلك وبعده حدثت مظاهرات في دمشق والمناطق الكردية احتجاجا على سياسة التمييز العنصري وانكار وجود شعبنا وحقوقه القومية, وفي مرحلة الثورة الحالية في عموم سورية يشارك الأكرد كباقي فئات الشعب السوري سواء في مناطقهم أو في الجامعات والأحياء الكردية في دمشق وغيرها من المدن السورية أو في بلاد الاغتراب.
أما حل القضية الكردية فالحركة الوطنية الكردية متفقة على الحد الأدنى كضرورة لا غنى عنها وهي الاعتراف الدستوري بوجود الشعب الكردي وايجاد حل ديمقراطي للقضية القومية الكردية.
وبرأيي فان هذا الاعتراف سيظل ضمانة لحقوق الاكرد في سورية المستقبل ومدخلا لتمكين الشعب الكردي من المشاركة بفعالية في ادارة البلاد والتمتع بخصوصيته القومية في مناطقه التاريخية.
أما موقف حزبنا فهو ان الحل يكمن في منح الحكم الذاتي لكردستان سورية في اطار وحدة البلاد.
ثمة طروحات تختزل حل القضية الكردية في المواطنة والمساواة ألا ترون في ذلك لعبا على الكلام والتفافا على كينونتها كقضية قومية لشعب يشكل مكونا رئيسيا الى جانب العرب في سورية?
في مرحلة الحكم الاسلامي ظلم الاكراد المخلصون لدينهم, فالشعوب الاسلامية شكلت دولها القومية وحارب الحكام في الدول الغاصبة لكردستان تطلعات الشعب الكردي, وفي مرحلة الأنظمة الاشتراكية تكرر الظلم والانكار, وفي المرحلة المعاصرة المتميزة بمفاهيم الديمقراطية والتفكير العالمي الجديد لن ينخدع الشعب الكردي مرة أخرى وسوف يكون مصرا على نيل حقوقه القومية في مناطقه التاريخية مع ترافق نضاله القومي بالنضال من اجل العدالة والمساواة والديمقراطية لعموم البلاد.
المعارضة السورية لطالما عرفت بمواقفها السلبية من القضية الكردية ما الضمانات حتى لا تكون سياساتها كما سياسات النظام الحالي حيال الأكراد?
كانت المعارضة تطرح حلولاً مبتورة للقضية الكردية, لكنني متفائل حالياً أكثر, بعد أن لمست المعارضة ميدانيا دور الشعب الكردي في النضال الخاص والعام, وهناك قوى وشخصيات عديدة تحترم ارادة شعبنا وحقوقه القومية, وآمل أن تتبنى عموم قوى المعارضة السورية حلاً ديمقراطياً واضحاً للقضية الكردية لضمان استقرار وبناء سورية ديمقراطية حرة وفاعلة ومزدهرة.
كيف تنظرون الى موضة مؤتمرات المعارضة ومجالس قيادة الثورة المتناسلة في اسطنبول وانطاليا وبروكسل خصوصاً وأنها تحاول فبركة تمثيلاً كردياً فيها عبر ضم أشخاص مشبوهين ومغمورين للتحدث باسم الأكراد في سورية, ألا يقلقكم أن من هب ودب وبالتعاون مع تلك الجهات المنظمة بات ينصب نفسه ممثلا للأكراد?
أنا أحترم كل شخص أو قوة سياسية تعارض قمع النظام, ولكن التمثيل الكردي يجب أن ينبثق من قواه السياسية المناضلة التي ضحت قرابة نصف قرن وعملت وكافحت من اجل حقوق شعبنا, ومن هنا فان على الاكراد المشاركين في مثل هذه التجمعات التحدث بأسمائهم الشخصية فقط ورفد النضال الكردي العام.
من هي الأطراف الأكثر قربا لكم كحزب, بمعنى هل يمكن أن يطور تحالف سياسي للقوى الكردية الفاعلة المؤمنة بكون قضية الأكراد قضية ارض وشعب في سورية?
ان اتفاق أطراف الحركة الكردية الآن على ضرورة الاعتراف الدستوري بالشعب الكردي وحقوقه يعتبر اتفاقا مقبولا في هذه المرحلة أما في المستقبل فان شكل حل القضية الكردية سيكون بيد عموم شعبنا الكردي.
الى اي حد يراهن السوريون المنتفضون على الاستبداد منذ اكثر من ثلاثة اشهر على التدخل الدولي أو أقله لنقل المواقف الدولية الضاغطة لكبح جماح النظام القاتل?
السوريون يعتمدون على طاقات الشعب, ومختلف المكونات من قومية ودينية وطائفية وقوى ديمقراطية وعلمانية, ولكنهم يتطلعون أيضا الى مواقف ايجابية للأمم المتحدة ومختلف القوى الديمقراطية في العالم من اجل ادانة السياسات القمعية للنظام السوري والضغط من اجل ارغامه على الاستجابة لنضال الشعب وانهاء سياسة القبضة الحديدية وتدخل الجيش والأمن, وارغامه على تقبل التغيير الجذري الديمقراطي السلمي.
لماذا يتحاشى النظام حتى الآن ارتكاب المجازر في المناطق الكردية وفي حال قام بها كما في المناطق السورية الأخرى كيف سيكون ردكم كحركة كردية?
أعتقد أن النظام يتحاشى اطلاق النار في المناطق الكردية لكونه يحاول عبثاً تحييد الاكراد المشاركين بفعالية في المظاهرات, وارى ان ليس من مصلحة النظام اثارة المناطق الكردية أكثر لما للاكراد من عمق كردستاني ومن عمق عالمي عبر الجاليات الكردية المنتشرة في أوروبا وأميركا وأستراليا.
الى أي حد تنسقون مع الأكراد في الأجزاء الأخرى من كردستان خصوصاً وان سورية مقبلة على تحولات كبرى مهما حاول النظام وأدها, بمعنى هل تؤمنون بوجود عمق ستراتيجي كردستاني لكم لاسيما وان ثمة محاولات لتمييع الانتماء القومي لأكراد سورية من قبل بعض الأوساط السورية?
للاكراد بعد كردستاني وبعد وطني بطبيعة الحال أما العلاقات مع الأطراف الكردستانية فهي تنحصر حتى الآن في الاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية, المهم أن شعبنا الكردي في سورية يعتمد على طاقاته الهائلة بالدرجة الأولى وهذا كفيل بتمكينه من انتزاع حقوقه القومية المشروعة.
ومن واجب أجزاء كردستان الأخرى أن تقدم لنا الدعم السياسي والمعنوي.
رفضتم طلب بشار الأسد للحوار معكم كأحزاب كردية لماذا?
لطالما نادينا بالأخوة العربية – الكردية وبالحوار لكن الأنظمة الحاكمة تجاهلت ذلك واعتمدت على الأسلوب الأمني, والنظام الحالي عليه اخراج الجيش من المدن والأرياف وانهاء دور الأجهزة الأمنية القمعية وانهاء سياسة ومشاريع التمييز ضد الاكراد اولاً لتكون الأجواء مهيأة للحوار, وهذا ما لم يفعله النظام وبالتالي لن نتحاور معه.
كلمتك الاخيرة للسوريين بعامة وللأكراد منهم بخاصة في هذا المخاض الدموي العاصف?
– العاصفة الثورية السلمية الديمقراطية ستطيح بالمستبدين حتماً, على السوريين والاكراد منهم متابعة النضال السلمي بلا تردد.
السليمانية – شيرزاد عادل اليزيدي