وحسبما تبين فإن المكون الكردي انسحب من مؤتمر ما سمي بالإنقاذ الوطني في إستانبول، للأسباب التالية :
: 1 كان الشعار الموجود في الصالة باسم “الجمهورية السورية”، حسبما اتفق عليه مع غالبية المؤتمرين قبل المؤتمر ، وبعد انعقاد المؤتمر بساعة تفاجؤوا بتغيير الشعار إلى ” الجمهورية العربية السورية “، وهذا يعني أن سوريا للعرب، وليست لباقي مكونات الشعب السوري من الكرد والكلدوأشوريين والتركمان والشركس، وغيرهم، من أبناء الطيف السوري .
الجميع يعلم بأن كلمة ” العربية ” أضيفت إلى الجمهورية السورية، إبان اغتصاب البعث للحكم في سوريا العام 1963 ،وذلك بهدف ابتلاع حق كل إثنية غير عربية في العيش والمشاركة في تطوير سوريا ، ومن ضمن هذه الإثنيات “الكرد” الذين يشكلون أكثر من 15% من مجموع السكان ، وهم ثاني أكبر قومية في سوريا بعد القومية العربية، إن السير على منوال البعث الذي حاول صهر الإثنيات السورية كلها في بوتقة الإثنية العربية من خلال ممارسات وقوانين عنصرية بامتياز، دليل واضح على العقلية العفنة التي تسيطر على بعض العناصر المتحكمة بالمؤتمر ، والمدعومة مباشرة من النظام التركي الذي لا يختلف عقليته الأحادية العنصرية عن عقلية البعث، والنظام التركي يسعى أن يضع دفة الحكم البديل للنظام الحالي في فلكه من الآن عن طريق أزلامه الذين يختبئون خلف واجهات إسلامية، وهم بعيدون كل البعد عن الإسلام بأفكارهم وأفعالهم الشوفينية .
2: تبديل مشروع البيان الختامي للمؤتمر المتفق عليه، بالتنسيق مع مؤتمر الداخل الذي تم إلغاؤه ، بمشروع بيان آخر، تماشياً مع الرؤية الإقصائية والإنكارية للآخر،وهنا أقولها بصراحة للجيل القديم الذي عايش المؤامرات والالتفافات التي أصبحت جزءاً من عقيدته وممارساته، كما النظام الذي حكمه طيلة عقود ، أن يرحم جيل الشباب الحالي ، وأن لا يجره إلى المهاترات التي شب عليها ، كما أقول لشبابنا أن لا يرث عنا أفكارنا العنصرية الشوفينية ، فالمستقبل لكم ، وأنتم الذين زلزلتم شوارع سوريا، تحت أقدام “فرق الموت” الأمنية ، وأن استمرار نضالكم سيزلزل الضمير الإنساني النائم عند الدول المجاورة، وغير المجاورة ، لأن محاولات البعض منهم ليست بهدف شريف ، ليست لاستنكار مناظر الدم الطاهر المسال منكم على تراب وطنكم ، وإنما لاستبدال النظام الحالي بآخر، ألعن منه .
3: خرق جدول أعمال المؤتمر، وعدم إعطاء المجال لإلقاء كلمة باسم المكون الكردي ، والاكتفاء بالكلمة المصورة للأستاذ مشعل التمو ، وعدم إفساح المجال لأي كردي بالمشاركة في اللجنة التحضيرية، والإطلاع على حيثيات جدول أعمال المؤتمر، ولجنة صياغة البيان الختامي، وباقي وثائق المؤتمر .
4: رفض تشكيل حكومة ظل في هذا المؤتمر، كون هذا المؤتمر لا يعبر عن كافة أطياف المعارضة السورية، وهو يعود للجهد الكبير من قبل د.
برهان غليون، الأكثر رزانة في المؤتمر.
.
إن عدم السماح بإلقاء كلمة للمشاركين الكرد في الجلسة الافتتاحية ، وعدم السماح بدخول ممثلين عن الكرد في اللجنة التحضيرية، ولجنة صياغة البيان الختامي للمؤتمر لهو تهميش مفتعل عن سابق إصرار وتعمد لكل الإثنيات غير العروبية في سوريا، كما أن المنظمين وأصحاب إرسال الدعوات للمشاركة في المؤتمر لا يعطيهم الحق بالتحكم في سير أعمال المؤتمر والسيطرة عليه ، وفرض إرادتهم وعقليتهم في استبعاد من يريدون، وهذه الأعمال إن دلت على شيء، فإنما تدل على أن خلافهم مع السلطة الحاكمة هي خلاف على الكراسي، ومتى تم جلوسهم عليها فإنهم سيحكمون بنفس العقلية البعثية، لأنهم تدربوا في مدارسها، وتربوا وتشربوا من شعاراتها البراقة ، فأين هم من تضحيات الشباب السوري في سبيل حرية بلدهم من رجس الأنظمة الأمنية الكريهة … وليكن بمعلوم الجميع أن سوريا هي بلد الخليط من القوميات والمذاهب التي نريد لها عيشاً متجانساً على الأرض المعطاءة التي تتسع للجميع .
وختاماً، أوجه كلامي إلى الشباب الكردي المناضل، وإلى أحزابنا الكردية الهرمة التي لا تتجدد ( مع العلم أنها مدعاة فخرنا في الحفاظ على هويتنا )، بأن ما حصل في استانبول له دلالات تسيء لسمعة شعبنا الكردي، ولو أن المؤتمرين هم جزء بسيط من المعارضة السورية الخارجية ، وعلينا أن نتواصل مع المعارضة الحقيقية على الأرض السورية ، وأن لا نقف كثيراً عند تصرف هذه الفئة الشوفينية، لأن الكثيرين من أعضائها معروفون بأنهم يكرهون سماع كلمة ” كردي ” التي ستظل مدوية في آذانهم إلى أن تصرعهم ، ولكن ذلك لن يتم إلا بإدراكنا للعبة السياسية في المنطقة، وإن كان الكثيرون أدركوها فعليهم إتقان أصولها وتحقيق شروطها ، الأمر الذي يتطلب منا جميعا كأفراد وأحزاب أن ننسى خلافاتنا الضيقة، ونجمع صفوفنا، ونسعى إلى ترتيب أوراقنا، بتوحيد قراراتنا بما يتلاءم والمصلحة الكردية، قبل الدخول في أي حوار مع أي مكون سوري، والفرص لا تتكرر دائماً