علي حامد
ان القول ان ايران تخوض ومنذ ان ابصرت النور وترعرت كدولة حديثة على يد شاهنشاهات الصفويين والسلالات الحاكمة المتلاحقة، والى اوج نشاطها القمعي باستلام ايات الله العظمى الحكم منذ تفجر الثورة الاسلامية سنة 1979، حربا ضروسا ضد التوجهات التحررية الكوردية، هو امر ليس فيه وجه غرابة ولا يحمل اي مضمون جديد بحد ذاته، لان النظام الايراني اللاهوتي وبما عرف به من الحكة الجلدية العنصرية وعقيلة عدم التورع عن استخدام اقذر الاسلحة والخطط للتخلص من خصومها السياسيين وخصوصا القادة الكورد، بات من الامور المسلم بها وجرائم اغتيال عبدالرحمن قاسملو وصادق شرف كندي نهاية الثمانينيات وبداية التسعينيات من القرن الماضي وقتل رفاقهم والالاف من النشطاء الكورد واعدام كل من يلقى القبض عليهم، هي ادلة ساطعة على سلوك الدولة الاجرامي وسوء سمعتها ورداءة صيتها في مجال حقوق الانسان.
ولكن ما يلفت الانتباه اكثر، ان النظام القمعي الايراني يؤدي حاليا دورا اكثر شرا تجاه القضية الكوردية ، والمتمثل بقيادة حصانه القمعي نحو سياج كوردستان بصورة سافرة، ومحاربة الكورد ليس في الجزء الذي يسيطر عليه فحسب ، بل التحالف مع تركيا واجهزتها الامنية والعسكرية ومهاجمة قواعد الثوار الكورد على الحدود المشتركة بينهما بصورة لم يسبق لها مثيل، واذا كان التاريخ يذكر لنا امثلة كثيرة ومناسبات عديدة عن التعاون الايراني ـ التركي، من اجل قمع الروح التحررية الكوردية مثلما حدث خلال يوميات انتفاضة آرارات المعروفة في الفترة(1927ـ 1931)، فان التعاون التركي ـ الايراني وصل حدودا ومستويات عالية من التنسيق ، ولا نغالي اذا قلنا ان العامل الكوردي هو السبب الابرز وراء ذلك، الى درجة ان الدولتين باتتا تنسقان كثيرا من سياساتها الخارجية، واخر تطوراتها كانت زيارة وزير الخارجية التركي احمد داود اغلو الى طهران قبل ايام معدودة.
واذا اتجهنا الى تجربة كوردستان ـ العراق، الجزء الوحيد من كوردستان الذي يرتفع فيه العلم الكوردي القومي بكل حرية، نرى ان النظام الايراني لم يكف يوما عن العمل والسعي الدؤوب لزعزعة الاوضاع العامة في الاقليم الكوردي وبشتى الوسائل والطرق الملتوية، كان من مظاهرها الواضحة، دعم بعض الاطراف الكوردية المحسوبة فكريا وايديولوجيا على تيارها، بغية اضعاف نفوذ وشعبية الاحزاب القومية الكوردية، ومن جهة اخرى لم يمر يوم، الا كانت فيه المناطق الحدودية الايرانية ـ العراقية، مرمى لمدافع الجيش الايراني الذي لم يبخل بقصف القرى الكوردية النائية، بذريعة ملاحقة نشاطات حزب بيجاك والاحزاب الكوردية الايرانية المعارضة، ولم تهدأ آلتها الاعلامية في اتهام القادة الكورد في الاقليم بايواء المعارضين لنظامها وتوفير الملاذ الآمن لهم، ومع ان القادة الكورد طالبوا الايرانيين بوقف قصف القرى الكوردية مرارا كما فعل رئيس الاقليم مسعود البارزاني قبل بضعة ايام، الا ان حدة اللهجة العسكرية للحرس الثوري الايراني وتوغلهم الى اراضي الاقليم لم تتوقف للحظة، ومؤخرا اعلنوا انهم تمكنوا من الاستيلاء على ثلاث معسكرات للمعارضة الكوردية في اراضي الاقليم.
واذا اتجهنا الى الجزء الغربي من كوردستان، نرى ان النظام الايراني هو الحليف الاكثر صلة والتصاقا بالنظام السوري، المعروف بانه الاكثر اضطهادا وقمعا للكورد من بين كل السوريين، ويبرز دور الايرانيين في قمع الثورة السورية بصورة اكثر وضوحا ، من خلال الاعلان عن مد النظام السوري بالسيولة المالية اللازمة وكميات كبيرة من النفط، لانه يعلم ان اركان النظام الاقتصادية تترنح وبحكم شبه الساقط.
ان ما تمارسه ايران من السياسات العدائية لاي امكانية وفرصة تطور ايجابي للقضية الكوردية، عابرة بذلك الحدود المقسمة لكوردستان، تدل دلالة واضحة على ان احمدي نجاد والفريق الذي معه و بمباركة المرشد الايراني، لا يتورعون عن مهاجمة القضية الكوردية اينما كانت، لا يهمهم في ذلك الا القضاء على التوجه التحرري الكوردي، مع ان التاريخ اثبت عقم مثل ذاك التوجه، وان ما تقوم ايران به من القوة الوحشية، لن يكون سوى الوهج التي تصدرها الحباحب والمعروف عنها سرعة زوالها.