د.
محمود عباس
في زمن عاصف، ومكان آسن، تجتمع المعارضة السورية بشكل متناوب، وتخرج بأجندات متماهية، مع خطاب متلعثم، وتردد في تكفير السلطة، تسبقها أتفاقيات سياسية لعزل الحركة الكردية بمجملها عن رسم المستقبل، لسوريا الوطن، المثخن بالجراح والمليء بالمستعصيات.
محمود عباس
في زمن عاصف، ومكان آسن، تجتمع المعارضة السورية بشكل متناوب، وتخرج بأجندات متماهية، مع خطاب متلعثم، وتردد في تكفير السلطة، تسبقها أتفاقيات سياسية لعزل الحركة الكردية بمجملها عن رسم المستقبل، لسوريا الوطن، المثخن بالجراح والمليء بالمستعصيات.
مؤتمرات وإتفاقيات، نادراً ما تعكس مفاهيم شباب الثورة السورية، مدعومة بالمال والإملاءات السياسية من قوى خارجية وعلى رأسها تركيا، مع شروط دقيقة وبعيدة الغايات، وفي مقدمتها أقصاء الحركة الكردية، أو اشراكها تحت أملاءات فرضية لمستقبل ضبابي للكرد في سوريا القادمة، يرسمونها بذاتهم، ودون أن يكون للكرد فيه أيادي حقيقية، للمشاركة، والتخطيط للبناء القادم.
هناك من يدفع الكرد إلى الخلف، إلى الماضي، لتأزيم المستقبل أو التباحث حول المستقبل، المعارضة العربية السورية بمجملها ” أستثني أفراداً ” لم تتجرأ حتى يومنا هذا الدخول في مباحثات واضحة ومباشرة حول القضية الكردية، أو حتى فتح نقاش ذو سوية منطقية حولها، فهم بهذا يضعون النقطة النهائية حول اتجاهاتهم السياسية الخفية، وخطاباتهم المتكاثرة في المؤتمرات التي جرت معظمها في تركيا، الدولة المعروفة بنواياها حول القضية الكردية، ولا داعي للحديث عن مؤتمرات بروسكل الخاص بالتيار الإسلامي وأجنداتها الملغي للآخر غير العربي الإسلامي.
خرج أعضاء مؤتمر أستانبول الأخير في 1672011 كالسابقات لها بخطاب ناقص لم يشملوا سوى أجزاء من سوريا وقضاياها العالقة منذ عقود، ولم يشملوا جزء مهم من المجتمع السوري.
تغاضوا عن قضايا مستعصية في سوريا، أدركت الحركة الكردية هذه مسبقاً، لذلك تخلى عن المشاركة قادتها، وأنسحبت الأغلبية المشاركة من المؤتمر الأخير بعد عدة جلسات، وكان واضح بأنه هناك من كان يدفع لهذه النتائج، لهذا تبينت الحواجز المموهة للحقيقة إلى الوضوح، وتكشفت للأبصار أثناء تلاعب وخطاب اللجنة المنبثقة عن المؤتمر.
يؤكدون على حقيقة مرة، وهي أنهم يجبرون على غض الطرف عن المستقبل المنشود، من قبل الشارع السوري، تبين ذلك عندما أعادوا صياغة بعض المقاطع في البيان الختامي، والتي ستؤدي إلى ظهور تحديات جديدة لدى الكرد في وجه المعارضة، كما هي الآن مع السلطة نفسها، وستكون المواجهة مقيتة وهي مأزومة من قبل البعض، أغلبه من التيار الإسلامي، ومن هذه اللحظة.
كانت الحركة الكردية صاحبة الكلمة والنواة التي أجتمعت حولها المعارضة السورية في السابق، والآن تود المعارضة السورية العربية ومن يقف ورائها قلب الصورة، وتغيير الأحداثيات، حتى لو أدى هذا إلى اخفاق التلاحم والتركيبة الأساسية التي بنيت عليها المعارضة، رغم ما تملكه الحركة الكردية من مواقف مشرفة في تمتين هذه المعارضة أيام هزالها، وأسنادها وتقويتها يوم تشتتها وضعفها، وربما، الخطأ الذي جلبته الحركة الكردية لنفسها من ذلك كان توسيع الهوة بين الحركة السياسية والشعب الكردي في الشارع ومعهم الحركة الثقافية، ولا زالت الحركة السياسية تدفع ثمن ذلك.
التحركات السياسية في المنطقة حول القضية الكردية، تود تبيان مفهوم مخالف للواقع، وهي أن المعارضة العربية السورية هي التي تملك الكلمة القوية وهي الصوت المعارض الصارخ، وبمعزل عن المكونات السورية الأخرى، وكأننا أما إقصاء من نوع آخر، لكنه لا يختلف نوعياً عن أقصاءات الحزب الحاكم والسلطة الحالية، وعلى المعارضة أن تعود إلى جادة المنطق والتفكير العملي السليم، ومشاهدة الحقيقة، وهي بأن الحركة الكردية لا تزال تملك الكلمة القوية، وهي أحد الأصوات الرئيسية في الشارع السوري، والجماهير الكردية هم القوة المعارضة الأكثر تماسكاً من معظم المكونات السورية الأخرى، وغير هذا المفهوم والتعامل على أساسه ستمر المسيرة بالعديد من المطبات، وبذلك ستكون المعارضة السورية بمجملها أمام واقع مأزوم وحقيقة باهتة واضحة ستؤدي إلى تبيان ضعف المعارضة بإظهار ضغط فعلي على السلطة أو اسقاطها، لهذا لم تتمكن حتى يومنا هذا من فرض أي من شروطها على السلطة، وسوف لن تتمكن بدون وجود دعم الحركة الكردية، حتى ولو تكاثرت محافلها الدورية والتي تكالبت أماكن إقامتها بشكل اساسي في تركيا.
من سيكون المستفيد من هذه السياسة المترددة والإقصائية التي سبقت معظم تلك المؤتمرات؟.
مواقف الحركة الكردية ثابتة، بعدم التهافت على موائد ليس لهم فيها شراكة، وتفعيل عمل يثبت على أنهم أصحاب القضية المتحاورة عليها من على تلك المائدة، فهم المشاركون بالعمل التام مع الشارع السوري أو الكردي بكل قواه الشبابية، إلا أنهم يؤكدون بشكل مباشر على أن هذه المؤتمرات التي تقام في الخارج أو في الداخل، لا تملك الصلاحية الكاملة بأن تقرر بما يطلبه الشعب، وتصبح في وضع أضعف بكثير عند أقصائها المتعمد للحركة الكردية، كما ولا يمكنها وهي على هذه السوية أن تواجه السلطة وتطالبها بمتطلبات الشارع، ولا يحق لهم تعيين المجالس الإنتقالية أو غيرها، فمثل هذه الأعمال تؤكد على أمتطاء الثورة بل وتقييدها بشروط مسبقة، فالثورة هي التي تخلق شروطها في حينه، ولكل فترة أو مرحلة من مسيرتها متطلباتها ولا يمكن أن تعكس أصحاب هذه المؤتمرات تلك المتطلبات، لهذا فالحركة الكردية هي الأصح في قراراتها، ومواقفها، وهي الأقرب إلى الشارع من المعارضة العربية السورية رغم عدم أشتراكها فيه بشكل فعال، لكنها معها معنوياً وأعلامياً وبشكل صادق دون أملاءات خارجية، وبدون خدع وألتفاتات جانبية منبثقة من أجندات ومؤتمرات همها أستلام الحكم وليس تغيير السلطة بكل مكوناتها الفاسدة.
كان لنا حديث طويل مع مجموعة من الذين خططوا لمؤتمر استانبول الأخير، وكان الجدال حول مكان أنعقاده، قبل أعلانه بأكثر من أسبوع، وحول القوى التي تقف ورائه، وكان هناك نقاش حاد وطويل، وقد توقعت عدم ظهور القوى الكردية، ونبهت إلى عملية أقصائهم للحركة، والمفروضة عليهم من مضيفي المؤتمر، بل ونبهت بإنسحاب الكرد ربما من داخل المؤتمر لأنهم سوف لن يقبلوا الأملاءات التي ستفرض عليكم حول القضية الكردية، إلى أن حدى بالبعض على تصريح ترضية، وهو أنهم يقيمونها في تركيا بسبب المهاجرين السوريين الموجودون في المخيمات، والذين يعدونهم ممثلوا الثورة في الخارج، إضافة إلى أن غايتنا لم شمل المعارضة بشكل مبدئي، أما عن مستقبل القضية الكردية ما بعد سوريا الحالية، لا خلاف لنا عليه معكم، مع ذلك أنتهى النقاش بأن سوريا ستكون للكل، لكن وبقي الأصرار على تركيا مكاناً لإقامة المؤتمر الثالث من نوعه في نفس الدولة، وللمرة الثالثة تهمش الحركة الكردية، ويشترك الكرد فيها بشكل جزئي، للحد من ثقلهم السياسي في مجموعة المعارضة.
تبقى قراءتنا لمواقف المعارضة السورية العربية المتذبذب أو المشكوك في أمر قيادته من القضية الكردية واضحة وفيها الكثير من عدم الثقة، تكاد أحياناً تصل إلى حد سوية تلك الثقة المعدومة بالسلطة.
كما ويوجد في الفكر أستنطاق لما يبان عن العلاقة بينهم وبين الحكومة التركية، خاصة بروز التيار الإسلامي المتصاعد بالهيئة الليبرالية على شاكلة حزب العدالة والتنمية، وعلى نفس منطقه من القضية الكردية!.
السلطة السورية جاهدت وعلى مدى أكثر من نصف قرن، لأقصاء الكرد عن المكان والزمان، تاريخياً وجغرافياً، والآن المعارضة السورية العربية بعشوائيتها في المسيرة النضالية، وبدعم من تركيا، وضغوط من الحركة الإسلامية، تود أقصاء الكرد المتمثل بحركتها السياسية والثقافية عن المساهمة في تفعيل الشارع السوري وتحديد مستقبلها والشراكة في عملية تغييرها وإعادة بنائها، فهم يودون أن يكونوا منفردين أو سادتها في حاضر ومستقبل الثورة وسوريا القادمة، وهذا ما رفضه الشعب الكردي مع السلطة وترفضه جملة مع المعارضة المليئة بالأملاءات المعادية للكرد عامة.
وللكرد نضال طويل وتاريخ مشرف بوقوفهم الدائم في وجه أعمال السلطة المستمرة وعلى مدى أكثر من نصف قرن لأحداث شرخ أثني بين الكرد والعرب، والرد على تلك السياسة العنصرية كان تأسيس الجبهات المعارضة السورية التي كانت الحركة الكردية نواتها الأولى.
لنعود إلى المربع الأول، الحديث عن تشتت الحركة الكردية، والتنافر في المواقف، والتي تعد من إحدى أهم اسباب عدم تردد القوى المعارضة العربية السورية في أقصاء الحركة الكردية، وهي التي مدهم بالقدرة على التلاعب بأطراف القوى الكردية على أنفراد، لذلك سنكرر الحديث عن جمع شمل الحركة الكردية، كمنطق وحيد، يمكنها فيه الحفاظ على ماضيها القريب، وإسمها، كنواة أساسية للمعارضة السورية، على الأقل التجمع على النقاط الرئيسية الأساسية، والتي تدركها جميع أطراف الحركة الكردية، رغم وجود التنوع في أساليب النضال، الجميع يعلم ” حركة وجماهيراً ” وعلى قناعة تامة بأن جمع شمل الحركة في هيئة واحدة وعلى المدى الطويل، تعتبر من الأمور الصعبة، ومعظم التجمعات أثبتت على آنيتها وتحت ظروف سياسية خاصة مؤقته، لكن ما لا يسمح به هو عدم ظهور أية بادرة جدية على الساحة، كإقامة مؤتمر، تجمع فيه القوى الكردية شملها وتخرج بهيئة تتحدث بإسم جماهيرها، وقد كنا أحد أوئل الذين طالبوا بإقامة مؤتمر كردي عام، وذلك عن طريق مقال بعنوان ” علينا بمؤتمر كردي ” ولا زلنا حتى اليوم مصرين على إقامته، رغم أننا لا نزال في مرحلة التحضير له، ولا مانع لدينا ك ” المجلس الوطني الكردستاني- سوريا ” أن يتقدم آخرون بمثل هذا الأقتراح ونعمل معاً لأكمال تحضيراته، وإقامته، على أن يشارك فيه جميع القوى الكردية.
الأيام القادمة ستثبت على مدى مصداقية الشعب الكردي مع مسيرة الثورة وضحالة المعارضة العربية السورية في أعمالها، خاصة في مؤتمراتها وأجندتها الملقنة مسبقاً.
نأمل بأن لا نكون أمام بداية تكوين أزمة عدم ثقة فاضحة، بين الحركة الكردية والمعارضة السورية العربية.
وتبقى على كاهل المعارضة العربية السورية إزالة هذه الرواسب، وإعادة الثقة المتبادلة، وتصفية الغايات، وذلك بالتخلص من أجندات الحكومة التركية المباشرة، وفتح مجاري المحاورات، بنية صادقة، ودون دراسات من وراء الستارة.
وليعلموا، بأنه بغير هذا المنطق سيكون المستفيد الأول والأخير السلطة السورية الحالية.
د.
محمود عباس
الولايات المتحدة الأمريكية
MAMOKURDA@GMAIL.COM
خرج أعضاء مؤتمر أستانبول الأخير في 1672011 كالسابقات لها بخطاب ناقص لم يشملوا سوى أجزاء من سوريا وقضاياها العالقة منذ عقود، ولم يشملوا جزء مهم من المجتمع السوري.
تغاضوا عن قضايا مستعصية في سوريا، أدركت الحركة الكردية هذه مسبقاً، لذلك تخلى عن المشاركة قادتها، وأنسحبت الأغلبية المشاركة من المؤتمر الأخير بعد عدة جلسات، وكان واضح بأنه هناك من كان يدفع لهذه النتائج، لهذا تبينت الحواجز المموهة للحقيقة إلى الوضوح، وتكشفت للأبصار أثناء تلاعب وخطاب اللجنة المنبثقة عن المؤتمر.
يؤكدون على حقيقة مرة، وهي أنهم يجبرون على غض الطرف عن المستقبل المنشود، من قبل الشارع السوري، تبين ذلك عندما أعادوا صياغة بعض المقاطع في البيان الختامي، والتي ستؤدي إلى ظهور تحديات جديدة لدى الكرد في وجه المعارضة، كما هي الآن مع السلطة نفسها، وستكون المواجهة مقيتة وهي مأزومة من قبل البعض، أغلبه من التيار الإسلامي، ومن هذه اللحظة.
كانت الحركة الكردية صاحبة الكلمة والنواة التي أجتمعت حولها المعارضة السورية في السابق، والآن تود المعارضة السورية العربية ومن يقف ورائها قلب الصورة، وتغيير الأحداثيات، حتى لو أدى هذا إلى اخفاق التلاحم والتركيبة الأساسية التي بنيت عليها المعارضة، رغم ما تملكه الحركة الكردية من مواقف مشرفة في تمتين هذه المعارضة أيام هزالها، وأسنادها وتقويتها يوم تشتتها وضعفها، وربما، الخطأ الذي جلبته الحركة الكردية لنفسها من ذلك كان توسيع الهوة بين الحركة السياسية والشعب الكردي في الشارع ومعهم الحركة الثقافية، ولا زالت الحركة السياسية تدفع ثمن ذلك.
التحركات السياسية في المنطقة حول القضية الكردية، تود تبيان مفهوم مخالف للواقع، وهي أن المعارضة العربية السورية هي التي تملك الكلمة القوية وهي الصوت المعارض الصارخ، وبمعزل عن المكونات السورية الأخرى، وكأننا أما إقصاء من نوع آخر، لكنه لا يختلف نوعياً عن أقصاءات الحزب الحاكم والسلطة الحالية، وعلى المعارضة أن تعود إلى جادة المنطق والتفكير العملي السليم، ومشاهدة الحقيقة، وهي بأن الحركة الكردية لا تزال تملك الكلمة القوية، وهي أحد الأصوات الرئيسية في الشارع السوري، والجماهير الكردية هم القوة المعارضة الأكثر تماسكاً من معظم المكونات السورية الأخرى، وغير هذا المفهوم والتعامل على أساسه ستمر المسيرة بالعديد من المطبات، وبذلك ستكون المعارضة السورية بمجملها أمام واقع مأزوم وحقيقة باهتة واضحة ستؤدي إلى تبيان ضعف المعارضة بإظهار ضغط فعلي على السلطة أو اسقاطها، لهذا لم تتمكن حتى يومنا هذا من فرض أي من شروطها على السلطة، وسوف لن تتمكن بدون وجود دعم الحركة الكردية، حتى ولو تكاثرت محافلها الدورية والتي تكالبت أماكن إقامتها بشكل اساسي في تركيا.
من سيكون المستفيد من هذه السياسة المترددة والإقصائية التي سبقت معظم تلك المؤتمرات؟.
مواقف الحركة الكردية ثابتة، بعدم التهافت على موائد ليس لهم فيها شراكة، وتفعيل عمل يثبت على أنهم أصحاب القضية المتحاورة عليها من على تلك المائدة، فهم المشاركون بالعمل التام مع الشارع السوري أو الكردي بكل قواه الشبابية، إلا أنهم يؤكدون بشكل مباشر على أن هذه المؤتمرات التي تقام في الخارج أو في الداخل، لا تملك الصلاحية الكاملة بأن تقرر بما يطلبه الشعب، وتصبح في وضع أضعف بكثير عند أقصائها المتعمد للحركة الكردية، كما ولا يمكنها وهي على هذه السوية أن تواجه السلطة وتطالبها بمتطلبات الشارع، ولا يحق لهم تعيين المجالس الإنتقالية أو غيرها، فمثل هذه الأعمال تؤكد على أمتطاء الثورة بل وتقييدها بشروط مسبقة، فالثورة هي التي تخلق شروطها في حينه، ولكل فترة أو مرحلة من مسيرتها متطلباتها ولا يمكن أن تعكس أصحاب هذه المؤتمرات تلك المتطلبات، لهذا فالحركة الكردية هي الأصح في قراراتها، ومواقفها، وهي الأقرب إلى الشارع من المعارضة العربية السورية رغم عدم أشتراكها فيه بشكل فعال، لكنها معها معنوياً وأعلامياً وبشكل صادق دون أملاءات خارجية، وبدون خدع وألتفاتات جانبية منبثقة من أجندات ومؤتمرات همها أستلام الحكم وليس تغيير السلطة بكل مكوناتها الفاسدة.
كان لنا حديث طويل مع مجموعة من الذين خططوا لمؤتمر استانبول الأخير، وكان الجدال حول مكان أنعقاده، قبل أعلانه بأكثر من أسبوع، وحول القوى التي تقف ورائه، وكان هناك نقاش حاد وطويل، وقد توقعت عدم ظهور القوى الكردية، ونبهت إلى عملية أقصائهم للحركة، والمفروضة عليهم من مضيفي المؤتمر، بل ونبهت بإنسحاب الكرد ربما من داخل المؤتمر لأنهم سوف لن يقبلوا الأملاءات التي ستفرض عليكم حول القضية الكردية، إلى أن حدى بالبعض على تصريح ترضية، وهو أنهم يقيمونها في تركيا بسبب المهاجرين السوريين الموجودون في المخيمات، والذين يعدونهم ممثلوا الثورة في الخارج، إضافة إلى أن غايتنا لم شمل المعارضة بشكل مبدئي، أما عن مستقبل القضية الكردية ما بعد سوريا الحالية، لا خلاف لنا عليه معكم، مع ذلك أنتهى النقاش بأن سوريا ستكون للكل، لكن وبقي الأصرار على تركيا مكاناً لإقامة المؤتمر الثالث من نوعه في نفس الدولة، وللمرة الثالثة تهمش الحركة الكردية، ويشترك الكرد فيها بشكل جزئي، للحد من ثقلهم السياسي في مجموعة المعارضة.
تبقى قراءتنا لمواقف المعارضة السورية العربية المتذبذب أو المشكوك في أمر قيادته من القضية الكردية واضحة وفيها الكثير من عدم الثقة، تكاد أحياناً تصل إلى حد سوية تلك الثقة المعدومة بالسلطة.
كما ويوجد في الفكر أستنطاق لما يبان عن العلاقة بينهم وبين الحكومة التركية، خاصة بروز التيار الإسلامي المتصاعد بالهيئة الليبرالية على شاكلة حزب العدالة والتنمية، وعلى نفس منطقه من القضية الكردية!.
السلطة السورية جاهدت وعلى مدى أكثر من نصف قرن، لأقصاء الكرد عن المكان والزمان، تاريخياً وجغرافياً، والآن المعارضة السورية العربية بعشوائيتها في المسيرة النضالية، وبدعم من تركيا، وضغوط من الحركة الإسلامية، تود أقصاء الكرد المتمثل بحركتها السياسية والثقافية عن المساهمة في تفعيل الشارع السوري وتحديد مستقبلها والشراكة في عملية تغييرها وإعادة بنائها، فهم يودون أن يكونوا منفردين أو سادتها في حاضر ومستقبل الثورة وسوريا القادمة، وهذا ما رفضه الشعب الكردي مع السلطة وترفضه جملة مع المعارضة المليئة بالأملاءات المعادية للكرد عامة.
وللكرد نضال طويل وتاريخ مشرف بوقوفهم الدائم في وجه أعمال السلطة المستمرة وعلى مدى أكثر من نصف قرن لأحداث شرخ أثني بين الكرد والعرب، والرد على تلك السياسة العنصرية كان تأسيس الجبهات المعارضة السورية التي كانت الحركة الكردية نواتها الأولى.
لنعود إلى المربع الأول، الحديث عن تشتت الحركة الكردية، والتنافر في المواقف، والتي تعد من إحدى أهم اسباب عدم تردد القوى المعارضة العربية السورية في أقصاء الحركة الكردية، وهي التي مدهم بالقدرة على التلاعب بأطراف القوى الكردية على أنفراد، لذلك سنكرر الحديث عن جمع شمل الحركة الكردية، كمنطق وحيد، يمكنها فيه الحفاظ على ماضيها القريب، وإسمها، كنواة أساسية للمعارضة السورية، على الأقل التجمع على النقاط الرئيسية الأساسية، والتي تدركها جميع أطراف الحركة الكردية، رغم وجود التنوع في أساليب النضال، الجميع يعلم ” حركة وجماهيراً ” وعلى قناعة تامة بأن جمع شمل الحركة في هيئة واحدة وعلى المدى الطويل، تعتبر من الأمور الصعبة، ومعظم التجمعات أثبتت على آنيتها وتحت ظروف سياسية خاصة مؤقته، لكن ما لا يسمح به هو عدم ظهور أية بادرة جدية على الساحة، كإقامة مؤتمر، تجمع فيه القوى الكردية شملها وتخرج بهيئة تتحدث بإسم جماهيرها، وقد كنا أحد أوئل الذين طالبوا بإقامة مؤتمر كردي عام، وذلك عن طريق مقال بعنوان ” علينا بمؤتمر كردي ” ولا زلنا حتى اليوم مصرين على إقامته، رغم أننا لا نزال في مرحلة التحضير له، ولا مانع لدينا ك ” المجلس الوطني الكردستاني- سوريا ” أن يتقدم آخرون بمثل هذا الأقتراح ونعمل معاً لأكمال تحضيراته، وإقامته، على أن يشارك فيه جميع القوى الكردية.
الأيام القادمة ستثبت على مدى مصداقية الشعب الكردي مع مسيرة الثورة وضحالة المعارضة العربية السورية في أعمالها، خاصة في مؤتمراتها وأجندتها الملقنة مسبقاً.
نأمل بأن لا نكون أمام بداية تكوين أزمة عدم ثقة فاضحة، بين الحركة الكردية والمعارضة السورية العربية.
وتبقى على كاهل المعارضة العربية السورية إزالة هذه الرواسب، وإعادة الثقة المتبادلة، وتصفية الغايات، وذلك بالتخلص من أجندات الحكومة التركية المباشرة، وفتح مجاري المحاورات، بنية صادقة، ودون دراسات من وراء الستارة.
وليعلموا، بأنه بغير هذا المنطق سيكون المستفيد الأول والأخير السلطة السورية الحالية.
د.
محمود عباس
الولايات المتحدة الأمريكية
MAMOKURDA@GMAIL.COM