الحركة الوطنية الكردية و غياب الرؤية للمرحلة الراهنة

  محمد اقبال داود

مما لاشك فيه ان سورية تمر بمرحلة حساسة من تاريخها , وهي متميزة عن الفترات و العقود التي مضت و بالتحديد منذ الوحدة مع مصر التي تكونت بموجبها الجمهورية العربية المتحدة وكانت بداية تكوين السلطة الاستبدادية, سلطة القمع و الغاء الاخر.

كما تعطلت العملية السياسية الديموقراطية في سورية.
ومع استلام حزب البعث السلطة في عام 1963 عن طريق الانقلاب العسكري حول البلاد الى سجن كبير واعلن حالة الطوارئ و فرض الاحكام العرفية و كرس كل الجهود لتخليد النظام البعثي الى الابد و اطلق ايدي الاجهزة الامنية للحفاظ على جهاز الدولة الاشد قمعية و وحشية مما عرف حتى اليوم.
شاءت الاقدار بان يعلن محمد البو عزيزي ثورته على الظلم و الاستغلال بحرق جسده الطاهر احتجاجا على ما كان يعانيه فانتشرت الثورة و وصلت الشرارة الى السورية لتصبح لهيبا في وجه الديكتاتورية و الطغيان.

انتفض السوريون جميعا دفاعا عن حقوقهم ودفاعا عن كرامتهم ودفاعا عن الامهم و معاناتهم

واليوم تدخل الثورة السورية شهرها الخامس، التي حاول النظام قمعها بيد من الحديد مستخدما كافة الياته و اجهزته الامنية وشبيحته الا ان ارادة التغير اقوى من كافة اسلحته.

ازاء هذا الواقع الحركة الوطنية الكردية لم تتحرك بما هو مطلوب راهنا ، بغض النظر عن مشاركتها الفاعلة او عدمها في المظاهرات و الاحتجاجات الي تنادي باسقاط النظام، بالرغم من اهمية ذلك.

ان ما اريد قوله ان الحركة الكردية حتى اليوم لا تملك رؤية واضحة للمرحلة الحالية و مرحلة ما بعد انتصار الثورة فتتخبط في مواقفها و تحالفاتها فما ان تدخل حوار حتى تخرج منقسمة على ذاتها دون ايجاد مخرج او الية للعمل لاخراج اليلاد من الازمة التي تواجهها.

اثبتت التجارب مع غالبية المعارضة العربية في سورية انها تتفق مع النظام في مسألة القوميات في سوريا سواء كان مؤتمر الانقاذ او بروكسل او انطاليا…..

لهذا على الحركة الوطنية الكردية ان توحد صفوفها اكثر من اي وقت مضى وان تكون لها رؤية واضحة للمرحلة الحالية و مرحلة ما بعد انتصار الثورة.

وهنا ارى بان الحركة الكردية يجب ان تلحظ المبادئ والاسس التالية في مقاربتها للمرحلة الراهنة و مرحلة ما بعد انتصار الثورة:

  • على الحركة الوطنية الكردية ان تحدد موقفها بوضوح من النظام و الاحتجاجات الجارية
  • عدم التنازل عن الثوابت القومية للشعب الكردي في سوريا و على اساس مبدأ الشراكة الوطنية
  • الارتقاء بسوريا من دولة قطرية الى وطن لجميع المكونات المجتمع السوري
  • بناء دولة مدنية على اساس المواطنة و التزام باركانها المتمثلة القانون- الديمقراطية-ثقافة المساواة و التسامح-المواطنة.
  • العودة الى اسم الجمهورية السورية حسب دساتير ما قبل الوحدة مع مصر
  • ان يكون النظام الاداري في الجمهورية السورية نظاما فيدرياليا
  • لكل القوميات نفس الحقوق و الواجبات لكل حسب نسبته
  • كتابة دستور جديد يتلاءم مع العصر

     و في الختام على الحركة الوطنية الكردية ان توحد صفوفها اكثر من اي وقت مضى و ان تتخلى عن العقلية الحزبية الضيقة او الدعاية الحزبية وتسجيل النقاط على بعضها.

    ان قوتنا في وحدتنا و بدون اجماع كردي سيكون موقفنا ضعيفا في اي حوار او مشاركة في المؤتمرات مثلما حدث في مؤتمر الانقاذ الوطني او هيئة التنسيق.

    .

 

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف ليست القيادة مجرد امتياز يُمنح لشخص بعينه أو سلطة تُمارَس لفرض إرادة معينة، بل هي جوهر ديناميكي يتحرك في صميم التحولات الكبرى للمجتمعات. القائد الحقيقي لا ينتمي إلى ذاته بقدر ما ينتمي إلى قضيته، إذ يضع رؤيته فوق مصالحه، ويتجاوز قيود طبقته أو مركزه، ليصبح انعكاساً لتطلعات أوسع وشمولية تتخطى حدوده الفردية. لقد سطر…

نارين عمر تدّعي المعارضة السّورية أنّها تشكّلت ضدّ النّظام السّابق في سوريا لأنّه كان يمارس القمع والظّلم والاضطهاد ضدّ الشّعوب السّورية، كما كان يمارس سياسة إنكار الحقوق المشروعة والاستئثار بالسّلطة وعدم الاعتراف بالتّعدد الحزبي والاجتماعي والثّقافي في الوطن. إذا أسقطنا كلّ ذلك وغيرها على هذه المعارضة نفسها – وأقصد العرب منهم على وجه الخصوص- سنجدها تتبع هذه السّياسة بل…

فوزي شيخو في ظل الظلم والإقصاء الذي عاشه الكورد في سوريا لعقود طويلة، ظهر عام 1957 كفصل جديد في نضال الشعب الكوردي. اجتمع الأبطال في ذلك الزمن لتأسيس حزبٍ كان هدفه مواجهة القهر والعنصرية، وليقولوا بصوتٍ واحد: “كوردستان سوريا”. كان ذلك النداء بداية مرحلةٍ جديدة من الكفاح من أجل الحرية والحقوق. واليوم، في هذا العصر الذي يصفه البعض بـ”الذهبي”، نجد…

كفاح محمود تعرضت غالبية مدن الشرق الأوسط خاصة في الدول العربية المتعددة المكونات القومية والدينية والمذهبية منذ اكتشاف النفط وفي دول أخرى بُعيد انقلابات العسكر على النظم السياسية الى تضخم مريع في التركيب السكاني، وتغيير ديموغرافي حاد في ظل أنظمة اجتماعية قروية وسياسية شمولية، حولت المدن الى قرى مسرطنة بعد ان فعل الفقر والجهل والتصحر والعقلية السياسية المغلقة فعلته في…