الكرد طلاب حقوق وليسوا متمادين!!! (ردا على الناطق بإسم جماعة الإخوان المسلمين)

  المحامي محمود عمر

في معرض رده على سؤال,عن سبب انسحاب الكرد من مؤتمر الإنقاذ الذي انعقد في اسطنبول,أجاب السيد زهير سالم الناطق بإسم جماعة الإخوان المسلمين على شاشة قناة المستقلة, بان الكرد قد تمادوا في مطالبهم ثم أراد أن يستدرك ويصحح الخطأ الذي وقع فيه بالقول إن أطروحات الكرد قد وردت ضمن إطار ما يمكن تسميته بردات الفعل العنيفة, واستطرد بأن إصرار الكرد على تثبيت حقوقهم القومية وتغيير اسم الدولة فيه نفي لحقوق الغالبية في سوريا , وعند هذا الحد نكتفي برد الأخ زهير لنقول: بان الكرد وعبر تاريخهم النضالي الطويل لم يكونوا يوما باغين أو متمادين أو مستعمرين بل أنهم كانوا وعلى الدوام طلاب حقوق وصاحب الحق وكما يقال ـ وان لم يتحقق ـ سلطان, وإنهم ـ أي الكرد ـ حين سادوا وحكموا فإنهم حكموا بالعدل والإحسان وربما يكفي أن نشير في ذلك إلى حكم الدولة الأيوبية كمثال فقط ليس إلا.
ونلفت عناية الأخ الناطق وبشهادة الكثيرين بان الجانب الأخلاقي كانت سمة مميزة للنضال الكردي السياسي والثوري وعلى مختلف الصعد , وان مطالب الكرد في هذا المؤتمر وغيره والتي أثارت حفيظته وبعض حاضري المؤتمر, لم تخرج من خانة  مطالبهم الاعتيادية, على اعتبارهم شعب كبقية شعوب المعمورة ـ ومفهوم الشعب كما نعرفه جميعا يتناول مجموعة من البشر يعيش على أرضه التاريخية وله عادات ولغة وثقافة وطبائع وتاريخ تميزه عن غيره من الشعوب, والكرد في نضالهم انطلقوا دوما من هذه القاعدة سواء أكان ذلك في وجه الأنظمة التي اغتصبت حقوقهم أو على طاولة المفاوضات, وهذه الشرعية في الطرح والمطالبة لم يخترعها الكرد لأنفسهم, بل كفلتها كافة الشرائع السماوية والوضعية وشرعة حقوق الإنسان  والعهود والمواثيق الدولية التي أجمعت على حق الشعوب في تقرير مصيرها.

أما محاولات البعض التستر وراء مصطلحات الدولة المدنية ودولة المواطنة والمساواة في الحقوق والواجبات لذر الرماد في العيون وعدم الاعتراف  بوجود قضية كردية في سوريا  كما هي تحتاج إلى الحل فإن ذلك لم  يفضي إلى نتيجة  في الماضي, وفي زمن القهر والاستبداد, ولن يؤدي هذا التجاهل إلى الحل في زمن الحاضر أو المستقبل الذي نتطلع إن يكون زمن الحرية والأمن والأمان لكل السوريين.
 وإذا كانت الدعوة إلى الحوار كسبيل لحل القضايا دعوة سامية وحميدة وجديرة بالاحترام, فإن أول شرط للحوار حتى يستقيم هو ضرورة  الاعتراف بالآخر وبالحقائق كما هي,وليس كما تهوى أنفسنا, وان حسن النوايا وصدقها والتخلي عن الأحكام المسبقة والقناعات الضيقة والعصبية, كفيلة بأن تسير بالمقدمات الصحيحة إلى نتائج أكثر صحة ورضا , وانه إذا تم البحث وفق هذه القاعدة  مع قضية الكرد في سوريا كقضية أرض وشعب فلا شك بأن النتائج ستكون مرضية ولن نورث للأجيال القادمة تركة ثقيلة هم بغنى عن تحمل تبعات عدم حلها ما دمنا نحن قادرين على ذلك كما ندعي.
نحن ـ  ككرد سوريين ـ  كنا وما زلنا نتطلع إلى حل قضيتنا بأقل تكلفة , ولذلك كانت أدوات نضالنا هي أسلوب العمل السياسي الديمقراطي السلمي وكان طرحنا أن يتم الحل في الإطار السوري الجامع, وبشرط وحيد هو إن يتم التعامل مع قضيتنا كما هي كقضية أرض وشعب,وان أكثر الممارسات عنصرية وعنجهية وكافة السياسات التمييزية لم تنل من عزيمتنا وإرادتنا  ولم تنجح في أن تحيدنا عن هذا الدرب في الكفاح,و لذلك فإننا على قناعة بأنه إذا كانت الدولة المدنية هي حاجة كل المواطنين في سوريا مرة واحدة, فأن حاجة الكرد إلى هذه الدولة المدنية  هي مرتين , لأن المخاض وان بشر في البداية بولادة دولة مدنية غير كاملة أو ناقصة الشروط, و فأنها ستوفر وعلى أقل تقدير لنا ككرد سوريون شروط النضال والمطالبة بحقوقنا بعيدا عن شبح القتل ,والتعذيب, والاعتقال, والتهجير,والتعريب, والمحاربة في لقمة العيش وغيرها من الأساليب التي مورست طيلة عقود بحق الكرد وقضيتهم العادلة.
وللحقيقة فإننا نهمس همسة ود في إذن الأستاذ زهير ونلفت انتباهه بأننا إذا كنا نسعى  جمعيا ـ كسوريين ـ للخروج من عنق الزجاجة ـ كما يقال ـ ونتطلع لبناء دولة مدنية عصرية تعددية تكفل للجميع حقوقهم, فإن هذه الدولة تكسب أول شرط  من شروط مدنيتها من الاسم فالمكتوب ـ وكما يقال ـ يقرأ من العنوان و وضمن هذا السياق ورد مطلب الكرد بضرورة النقاش حول اسم الدولة, لأن شروط  الدولة المدنية لا تستقيم بإلباسها ثوب العباءة العربية, وذلك تحت حجج وذرائع الأكثرية والأقلية وغيرها من  المصطلحات التي كانت مفردات لمرحلة سابقة وكانت على الدوام حجرة عثرة في طريق تطور الشعوب وتقدمها.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

خالد حسو إن مسيرة الشعب الكوردي هي مسيرة نضال طويلة ومستمرة، لم تتوقف يومًا رغم الظروف الصعبة والتحديات المتراكمة، لأنها تنبع من إرادة راسخة ووعي عميق بحقوق مشروعة طال السعي إليها. ولا يمكن لهذه المسيرة أن تبلغ غايتها إلا بتحقيق الحرية الكاملة وترسيخ مبادئ العدالة والمساواة بين جميع أفراد المجتمع، بعيدًا عن أي شكل من أشكال التمييز القومي أو الديني…

مسلم شيخ حسن – كوباني يصادف الثامن من كانون الأول لحظة فارقة في التاريخ السوري الحديث. ففي مثل هذا اليوم قبل اثني عشر شهرًا انهار حكم عائلة الأسد بعد أربعة وخمسين عاماً من الدكتاتورية التي أثقلت كاهل البلاد ودفعت الشعب السوري إلى عقود من القمع والحرمان وانتهاك الحقوق الأساسية. كان سقوط النظام حدثاً انتظره السوريون لعقود إذ تحولت سوريا…

زينه عبدي ما يقارب عاماً كاملاً على سقوط النظام، لاتزال سوريا، في ظل مرحلتها الانتقالية الجديدة، تعيش واحدة من أشد المراحل السياسية تعقيداً. فالمشهد الحالي مضطرب بين مساع إعادة بناء سوريا الجديدة كدولة حقيقية من جهة والفراغ المرافق للسلطة الانتقالية من جهة أخرى، في حين، وبذات الوقت، تتصارع بعض القوى المحلية والإقليمية والدولية للمشاركة في تخطيط ورسم ملامح المرحلة المقبلة…

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…