التنسيقيات الكردية.. القوة الضاربة للحراك الكردي

نبو عبدالله

تشكل التنسيقيات الكردية في معظم المناطق الكردية حالة من التمرد ليس على قيم الاستبداد والنهب والعنف التي تمارسها السلطات الأمنية منذ ما يقارب نصف قرن بل رد عنيف على حالة التهميش التي تعرضت لها شريحة الشباب الكردي من قبل الحركة الكردية وهياكلها التنظيمية خلال السنوات الماضية وفي مراحل مختلفة من النضال السياسي كان ذروتها الأعوام القريبة حيث تخلو الفصائل الكردية من تنظيمات الشبيبة المكافحة والمناضلة إلا ما ندر وفي أطر ضيقة حيث تكون فروع الشباب وأقسامها في هذه التنظيمات ملاصقة للقيادة التقليدية تأمر بأمرها وان خرجت على طاعتها رميت بها في الشوارع والأزقة ..
وقد أخرجت التنسيقيات الكردية القضية الكردية من وضعية تجاذبات قوى أمن السلطة التي استطاعت أن تحرف القضية الكردية من مسارها الصحيح  كقضية شعب مضطهد  يعاني الحرمان ضمن محيطه السوري إلى ألعوبة بيدها ومطية ومطيعة لأوامرها من جهة والفصائل الكردستانية في تركيا والعراق من جهة أخرى والتي استخدمتها كثيراً كورقة سياسية مهمة في  أروقة السياسة الكردستانية فخرجت القضية عن مسارها الوطني السوري لتصبح رهناً بيد بعض التنظيمات الكردستانية وسياساتها التي لا تتفق مع مصلحة الشعب الكردي في سورية في الكثير من الموقف والمنعطفات السياسية.

ووضعت التنسيقيات القضية الكردية في مجرى حراكٍ سياسي وطني شامل أوصلت صوت الكرد الوطني الخالي من الشوائب والزوارب إلى العالم في الداخل والخارج لتعلن عن ميلاد فجر جديد اسمه القضية الكردية رجالها شباب التنسيقيات وحماتها مجمل شرائح الشعب الكردي بفعالياته وتنظيماته ومؤسساته المدنية والثقافية…
لكن خوفاً مشروعاً ينتاب كل ذي بصيرة على مستقبل هذه التنسيقيات ومشروعها السياسي فضعف الخبرة السياسية وقلة التجربة النضالية قد تدخلها في متاهات وألاعيب السياسيين على المستوى الوطني في ظل حالة اللاطئمنان والغموض الذي يكتنف الخطاب المعارض في سوريا حيال عدالة القضية الكردية.
فرغم الإفرازات التي أفرزتها الثورة السورية المباركة على الصعيد الكردي والتي كانت أولى نتائجها بزوغ التنسيقيات الكردية كخط نضالي وطني مستقل بعيد عن حيل السلطات المتربصة  بمصير الشعب الكردي ومرابطها وجذورها وتدخلاتها، ترسم سياسة كردية وطنية لكنها تخلو من استراتيجيات تحديد الهدف النهائي المتمثل في دولة مدنية ديمقراطية ينتفي في مكامنها جميع أشكال التمييز العنصري والطائفي والطبقي ويحترم خصوصية الشعب الكردي في سورية، وكذلك لا تملك مهارات التفاوض والحوار مع الأطراف المتصارعة على الساحة السورية إذ لا تكفي رفع الشعارات والذود عنها لحل القضية الكردية في سورية فلابد من قيادة سياسية واعية وخبيرة ببواطن الأمور والتوازنات الداخلية والخارجية للوصول بالقضية إلى بر الأمان، وهنا يأتي دور الحركة الكردية بفصائلها وكذلك النخب السياسية والثقافية في المجتمع والتي وإن فشلت خلال الخمسين سنة ماضية في جذب الشباب الى صفوفها إلا أنها استطاعت أن تكسب الخبرة السياسية الكافية لتجاوز الأزمات واختبار القدرات والاستفادة من المنعطفات وتسخير الإمكانات لما فيه خير الكرد ومنفعتهم.


كاتب كردي

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

مسلم شيخ حسن – كوباني يصادف الثامن من كانون الأول لحظة فارقة في التاريخ السوري الحديث. ففي مثل هذا اليوم قبل اثني عشر شهرًا انهار حكم عائلة الأسد بعد أربعة وخمسين عاماً من الدكتاتورية التي أثقلت كاهل البلاد ودفعت الشعب السوري إلى عقود من القمع والحرمان وانتهاك الحقوق الأساسية. كان سقوط النظام حدثاً انتظره السوريون لعقود إذ تحولت سوريا…

زينه عبدي ما يقارب عاماً كاملاً على سقوط النظام، لاتزال سوريا، في ظل مرحلتها الانتقالية الجديدة، تعيش واحدة من أشد المراحل السياسية تعقيداً. فالمشهد الحالي مضطرب بين مساع إعادة بناء سوريا الجديدة كدولة حقيقية من جهة والفراغ المرافق للسلطة الانتقالية من جهة أخرى، في حين، وبذات الوقت، تتصارع بعض القوى المحلية والإقليمية والدولية للمشاركة في تخطيط ورسم ملامح المرحلة المقبلة…

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…