وغداً بالمبادرة الثالثة وهكذا والنتيجة ستكون قواقع فارغة وهياكل صماء والقطار يسير..
بصراحة لا لبس فيها لا يوجد ذلك الخطاب والقرار الذي تبحثون عنه في ظل غياب الإرادة السياسية وعدم وضوح الأهداف في هذه المرحلة حتى يتم جمع شمله وأين ذلك الموقف المسئول حتى يتم التفكير أو الشروع بتوحيده على افتراض أنه مبعثر ومتشتت…؟ فالأهداف الكبيرة هي التي تولد الإرادات والإرادات تولد السياسات والسياسات تنشأ عنها الخطب والقرارات المسئولة والتنظيم وضمن هذه الأنساق الطبيعية والاشتقاقات يمكن الحديث عن الوحدة والتوحيد إذا تطلب الأمر ذلك ولكن عمليا لا توجد بيئة ومكان لتلك المفاهيم عملياً على الساحة السياسية الكردية بعد خمسين عاما من العمل التنظيمي
فما نفكر به بأننا نحن الكرد نمتلك من السياسة الفعلية من شيء لشعب له قضية وحقوق هو أقرب إلى الخيال والتشخيص غير دقيق منه إلى الواقع فنتوهم بما يتراءى لنا من خيالات مقلوبة في زمن كاد الحراك العنيف والساخن في الشارع السوري أن يصل إلى درجة الاحمرار وما زال الغرور يسيطر على النفوس فنكابر بوجودنا المزيف حتى بات مثلنا كما قال (ماو تسي تونغ) كالكلب الذي يمشي في ظل العربة فيظن أن ظل العربة ظله.
فما نراه في الشارع السوري قد لا يكون للكرد فيه من ناقة أو جمل فنحن في مجملنا متخلفين عنه وعن المرحلة على كل الأصعدة.
فالسياسة هي فن الممكنات يمارسها الحكماء والموهوبين والتعامل الحرفي مع الواقع والوقائع و طبيعة العناصر الموجودة على الأرض فيحللها ويفككها ومن ثم يتم تركيبها من جديد فلا من سياسة ومشروع حقيقي يمكن أن يبنى على أسس وهمية وفي الخيال .
فعزائنا لكم أيها الأخوة في إعلان قامشلو ويا ليت من وجود خطاب حقيقي كان مبعثرا حتى يكون لكم شرف المحاولة لتوحيده والسعي لترتيب البيت الكردي في نفس الوقت وعلى كل حال نشكر مساعيكم ونياتكم إذا كانت طيبة ولا نشك بغير ذلك وتعكس روح الإحساس بالمسئولية تجاه المرحلة.
لا بد من عمل شيء للكرد من قبل نخبه لكن الإشكالية التي سوف تواجه إعلان قامشلو مثلما واجهت غيرها من المبادرات ليست في كيفية توحيد الخطاب والقرار الكردي بل المشكلة في إيجاد مثل هذا القرار والخطاب والأزمة في بينة الشخصية التي يمكن الاعتماد عليها للتغلب على الصعوبات التي سوف تعترض سبيل أي مشروع كردواري .
فنحن الآن نعيش زمن العوز وندرة الرجال الغيارى لذا على القائمين البحث عن الخطاب في شوارع وأزقة قامشلو أولاً قبل الإقدام على أي عمل تلافيا لهدر الوقت والتعب فإن وجدوه حينها تكون الانطلاقة ببدء المشروع ولا نعتقد أن هم سيجدونه لأنه لم يلد بعد وسيكون مثلهم كمثل البحث عن المستحيلات الثلاثة ” الغول والعنقاء والخل الوفي” وهنا تكمن المفارقة والسخرية في الحياة السياسية للكرد.
لقد وقع غيركم من قبل في نفس الوهم وتبين بأنه ليست هناك ثمة خطاب وقرار كردي مشتت حيال الأحداث الجارية ولا هناك رجال حقيقيون للتنجيد لهذا الهدف بنكران الذات بل هناك فعلا تشتت وتمزق رهيب في بنية الجسم الكردي فكرا وسلوكا ووجدانا وتنظيماً وقيادة .
إذا كان الذي يتراءى أما م البصر وما نسمعه أحياناً من بقايا كلام الذي استهلك كله في زمن مضى ورؤى مشوشة حيال مسالة ما أو حتى التعليق على خبر ورد في محطة تلفزيونية أو مقالة رأي ما من باب التسلية وتمضية الوقت الفائض وبروز الذات بأنه خطاب سياسي حقيقي يمكن التعويل عليه ويتماشى مع التطورات والمستجدات التي تحصل على ساحة الوطن السوري غير صحيح بمنطق الفلسفة والسياسة وعلم الاجتماع بل هو تخبط واضطراب ربما هو مقصود لوهم المحيط .
فالذي يسعى بجدية وإخلاص إلى تجنيد نفسه للدعوة إلى حقوق الشعب الكردي بمسؤولية يستطيع أن يوحد الخطاب الكردي خلال أسبوع لا أكثر “إذا وجد مشتتاً ” ولكن هناك حقيقة لا يدركها الكثيرين أو يقفزون فوقها عمداً حفاظا على مصالحهم وهي أن الذي بعثر الخطاب منذ البداية ليس في نيته توحيده الآن لكي يبقى هو العائم ومحط أنظار في الواجهة وإلا لماذا بعثره وما الذي ينقصه لجمعه من جديد.
وللتذكير فقط أن القرارات المصيرية والكبيرة والتاريخية يصدرها الأحرار ممن هو مسئول عنها في كل الظروف فلا خطاب جاد ولا قرار مصيري ومسئول يمكن أن يتكفل به إنسان غير حر.
فالعبيد مثلا لا يستطيعون إصدار قرارات عتقهم إلا إذا عرفوا أنهم عبيد وامتلكوا إرادة التغيير وأدركوا حقيقة ماهية الثقافة التي تنتج سلوكهم والمناهل التي هي سبب عبوديتهم وإذا ما بحثوا عن سبل إيجاد مناهل وأدوات تحررهم سيكون خطوة إلى الأمام وحينها يمكن الحديث عن خطاب حداثي وقرارات قابلة للنقاش والتشاور وأخيراً نثمن جهودكم ونتمنى لكم التوفيق يا إعلان قامشلو وبانتظار إعلان ديركا حمكو وكوباني وعامودا وعنترية …..ولله في خلق نخب الكرد شؤون .