رستم محمود
يشكل المنتفضون السوريون بطبيعتهم النفسية والاجتماعية، مادة أولية لفهم الجذر التكويني للمشكلة السياسية ـ الاجتماعية السورية التي تكونت خلال العقدين الأخيرين من تاريخها الحديث.
إذ أين المنتفضون من التباينات الاقتصادية والايدلوجية والطائفية المتمركزة في بنية دولتهم؟ وما هي مجموعة الخصائص الاقتصادية والمجتمعية والنفسية والسياسية الجامعة بينهم، ذلك يقال بالجملة ليتحدد سؤال واحد بسيط: هل ثمة تفسير واحد وبسيط لسبب الانتفاضة الشعبية التي تجري في البلاد منذ شهور؟ وبالذات هل يكفي التحليل الاقتصادي ـ الاجتماعي ـ الطبقي لتفسير الانتفاضة السورية.
يشكل المنتفضون السوريون بطبيعتهم النفسية والاجتماعية، مادة أولية لفهم الجذر التكويني للمشكلة السياسية ـ الاجتماعية السورية التي تكونت خلال العقدين الأخيرين من تاريخها الحديث.
إذ أين المنتفضون من التباينات الاقتصادية والايدلوجية والطائفية المتمركزة في بنية دولتهم؟ وما هي مجموعة الخصائص الاقتصادية والمجتمعية والنفسية والسياسية الجامعة بينهم، ذلك يقال بالجملة ليتحدد سؤال واحد بسيط: هل ثمة تفسير واحد وبسيط لسبب الانتفاضة الشعبية التي تجري في البلاد منذ شهور؟ وبالذات هل يكفي التحليل الاقتصادي ـ الاجتماعي ـ الطبقي لتفسير الانتفاضة السورية.
ليس بالضبط كما جرى في الثورتين المصرية والتونسية، فإن المنتفضين السوريين ليسوا بالضبط من أبناء الطبقة الوسطى السورية.
ذلك لا ينفي وجود أعداد كبيرة من أبناء الطبقة الوسطى بينهم، لكنهم ليسوا الجسم الأساسي في جماهير الانتفاضة.
وتفسير ذلك، يعود بجزء كبير منه إلى التشويه الذي أصاب التباين الحاد بين الشكل الاقتصادي ـ المالي والوصف الثقافي ـ الاجتماعي للطبقة الوسطى في البلاد.
فلو كانت الطبقة الوسطى السورية تعرّف اقتصاديا بأنها الجسم المجتمعي الذي يستحصل على مدخول شهري ثابت يتراوح بين (800 1000 دولار) حسب الوضع الاقتصادي ودخل الفرد في سوريا، فان أغلبية الذين يستحصلون على ذلك المبلغ الشهري، يتنافى تشكيلهم الثقافي/الاجتماعي مع الخصائص التقليدية لملامح الطبقة الوسطى.
فجملة أبناء الطبقة المدينيّة الناشطة في مجال البيروقراطيّة الوظيفيّة، والتي تعتبر جسم الطبقة الوسطى الثقافي والاجتماعي، من خلال خياراتها ومتطلباتها، تحصّل مدخولا شهريا يقل عن ذلك، بينما طبقة «اقتصاد الظل» غير المرئية، والتي تمتد على شبكة من النشاطات الاقتصادية غير المراعية للقوانين والأنظمة التقليدية، من دفع للضرائب والالتزام بقوانين العمل ومبادئ المحاسبة، هي التي تشكل تلك الطبقة السورية الوسطى، حيث إن الاقتصاد غير المرئي في سوريا، والذي يضم شبكات المهربين وعمال البناء المخالف وسماسرة القضاء وفاسدي القطاع العام وأصحاب البسطات التجارية..
إلخ تشكل ما يقدر ب 40 % من مجموع الاقتصاد السوري.
لذا فإن خيارهم السياسي غير متطابق تماما مع خيارات المنتفضين، وذلك لتضارب مصالحهم الاقتصادية مع ما ينادي به المنتفضون، هذا من حيث المبدأ.
لا يمكن إذن الحكم على الانتفاضة السورية، على أنها انتفاضة الطبقة الوسطى السورية وخياراتها السياسية.
في المقابل، فإن الطبقة الأكثر يسرا في المجال الاقتصادي السوري، تشغل موقعا شبه تشابكي بنيوي مع آليتي البيروقراطية والفساد الدولاتية، وليس من مصلحتها الاقتصادية والنفسية الخروج على البنية السياسية أو محاولة تبديلها ببنية وطبقة أخرى غير واضحة المعالم.
وخصوصا أن هذه البنية البيروقراطية الحالية هي التي ساعدت هذه الطبقة الميسورة على بناء شكلها وتفوقها وفرادتها الاستثنائية من طريق القفز على قواد التوزيع العادل للقوة الاقتصادية بين العامل والدولة والمنتج.
فالفساد والمحسوبية هما الأب الشرعي الذي أنتج هذه الطبقة الميسورة، ولا يمكن تصور أن تنقلب هذه الطبقة على قواعدها التأسيسية.
فالحكم المطلق الذي لا يمكن أن يطبق على الطبقة الوسطى، لا يمكن أيضا أن يطبق على الطبقة الأكثر يسرا، وهو الشيء نفسه الذي لا يمكن أن تنعت به الطبقة الشعبية السورية الأشد فقرا.
فلوحة الانتفاضة السورية، من زاويتها الاقتصادية، تتشكل من كافة أطياف الطبقات الاقتصادية والطبقية السورية.
انتفاء صحة التفسير الاقتصادي/الطبقي المطلق للحكم على طبيعة المنتفضين السوريين، يصح تماما على انتفاء صحة التفسير الجهوي المناطقي.
فالمنتفضون السوريون يتشكلون من ريفيين ومدنيين مثلا، وكذلك لم تكن هذه الانتفاضة خاصة بأي اقليم سوري بذاته، بل هي تمتد في كافة أنحاء البلاد.
والشيء نفسه يعتبر صحيحا في ما يخص المستوى التعليمي والتوجهات الايدلوجية السياسية والثقافية والتوزع الطائفي والديني لمجموع كتلة المنتفضين السوريين.
لكن المشترك الأعمق الجامع بين هؤلاء يتمثل في شكلي الممارسة اللتين تمارسان ضدهم من قبل «السيل السلطوي» الحاكم، والمتمثلتين بسحبها لطيفي الاعتراف السياسي والطمأنينة السيكولوجية منهم منذ نصف قرن.
وجل هذه الانتفاضة، حسب رأينا هي لاستعادة ذينك الطيفين ذلكم.
ففي مستوى سحب الاعتراف السياسي من المواطنين السوريين مثلا، نستطيع أن نرصد أن الدولة السورية الحديثة، تشكل نموذجا لكيان الدولة القائم على بنية ايدلوجية قومية عربية ممزوجة بشعارات المقاومة والممانعة السياسية في وجهة «المشروع الإسرائيلي الأميركي».
تلك البنية الايدلوجية للنظام تبدو ممزوجة بحمالات سياسية حداثوية يدعي النظام السياسي تبنيها، فسوريا ليست دولة ثيوقراطية وتبنى على بنية مريحة من العلمانية السياسية والاجتماعية، بالإضافة إلى شبكة علاقات خارجية مع جميع التكتلات العالمية التي تتكاثف تعبيراتها في معادلات الشرق الأوسط.
فسوريا كانت تجمع بكل اريحية علاقات مع إيران والعربية السعودية والعراق وتركيا والولايات المتحدة ومصر والحركات الإسلامية والاوربيين وقوى الممانعة ودون أن تغلق باب التفاوض مع إسرائيل في نفس الوقت.
ويلعب النظام السياسي في سياسته الخارجية منذ عقود على كافة تلك الخيوط والعلاقات مع كل تلك القوى والتجمعات والمشاريع السياسية، دون أن يكون للكتلة المطلقة من المجتمع السوري أي دور أو رأي أو تأثير في تلك التبدلات التي يمارسها نظامها السياسي في جملة علاقاته في السياسة الخارجية تلك.
حيث في مرات كثيرة، قلب النظام السياسي الحاكم الخيارات من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، وكانت الآلة الإعلامية الإعلانية للنظام تتبدل معها، فان ذلك كان يعمق دوما في ذوات السوريين شعورا بالتهميش وعدم الاعتراف بالأهلية، في قضية تبدو خارجية في ظاهرها، لكنها تمس جوهر علاقة المواطنين بموقعهم ومواقفهم الكبرى مما يجري حولهم.
ما يصح على عدم اعتراف النظام السياسي بأهلية مواطنيه ليكون لهم دور في تحديد خيارات سياساته الخارجية، يصح أيضا على السياسات الاقتصادية والسياسية الداخلية وسلوكه في اختيار السياسة الإعلامية والخطاب العمومي والمناهج التربوية والأولويات التي يجب أن تحل..
الخ.
فثمة دوما طبقة أولغارشية تستأثر بالعقل الجمعي وتنفرد بصناعة البداهة و»الواجب الوطني»…الخ.
وما يجمع السوريين اليوم، يكون هو في جزء كبير منه عبارة عن انتفاضة للعقل الجمعي.
أما مستوى الطمأنينة، فإن جل السوريين وبمختلف طبقاتهم الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والوظيفية، لا يشغلون تلك المواقع والمناصب والمراكز حسب عقود قانونية واعراف اجتماعية ثابتة، بل أن تموضعهم ذلك، وأيا كانت درجته، ناتج عن حالة من الرضى أو غض النظر من قبل التموضعات الأعلى في الهرم السياسي والقانوني.
فالسوريون يجمعون بشكل رهيب بين غياب تام للمنظومة العرفية للقوانين التي كانت تحكم وتنظم حراكهم.
حيث أن الضوابط العرفية لتحديد الحقوق والواجبات والعقوبات كانت محكمة التحديد والوضوح وتطبق بطريقة مجردة ولا يستثنى منها احد، بغض النظر عن قيم العدالة والمساواة التي كانت تكنها تلك المنظومة القيمية.
ويجمعون مع ذلك افتقادهم لمنظومة القانون الحديث الذي يحدد التجريم والعقاب والحقوق والواجبات في دولتهم.
فالمراكز التي يشغلونها، والأعمال التي يؤدونها والاعتبار الذي ينالونه..
الخ.
لا يكون بفضل منظومة قانونية واضحة، بل نتيجة لآلية الولاء والرضى وغض النظر، تلك التي يمكن ان تتغير بين أية لحظة وأخرى.
لذا فأن مجمل السوريين، يعيشون قلقا متراكما على مصير ومستقبل مراكزهم المادية والمعنوية، وهذه الانتفاضة في جزء كبير منها، هي سعي لاسترجاع تلك الطمأنينة.
هل ما يصح على سوريا وانتفاضتها، يصح على الدول المنتفضة الأخرى؟؟
نميل إلى الإجابة بنعم.
المستقبل – الاحد 25 أيلول 2011 – العدد 4125 – نوافذ – صفحة 11
ذلك لا ينفي وجود أعداد كبيرة من أبناء الطبقة الوسطى بينهم، لكنهم ليسوا الجسم الأساسي في جماهير الانتفاضة.
وتفسير ذلك، يعود بجزء كبير منه إلى التشويه الذي أصاب التباين الحاد بين الشكل الاقتصادي ـ المالي والوصف الثقافي ـ الاجتماعي للطبقة الوسطى في البلاد.
فلو كانت الطبقة الوسطى السورية تعرّف اقتصاديا بأنها الجسم المجتمعي الذي يستحصل على مدخول شهري ثابت يتراوح بين (800 1000 دولار) حسب الوضع الاقتصادي ودخل الفرد في سوريا، فان أغلبية الذين يستحصلون على ذلك المبلغ الشهري، يتنافى تشكيلهم الثقافي/الاجتماعي مع الخصائص التقليدية لملامح الطبقة الوسطى.
فجملة أبناء الطبقة المدينيّة الناشطة في مجال البيروقراطيّة الوظيفيّة، والتي تعتبر جسم الطبقة الوسطى الثقافي والاجتماعي، من خلال خياراتها ومتطلباتها، تحصّل مدخولا شهريا يقل عن ذلك، بينما طبقة «اقتصاد الظل» غير المرئية، والتي تمتد على شبكة من النشاطات الاقتصادية غير المراعية للقوانين والأنظمة التقليدية، من دفع للضرائب والالتزام بقوانين العمل ومبادئ المحاسبة، هي التي تشكل تلك الطبقة السورية الوسطى، حيث إن الاقتصاد غير المرئي في سوريا، والذي يضم شبكات المهربين وعمال البناء المخالف وسماسرة القضاء وفاسدي القطاع العام وأصحاب البسطات التجارية..
إلخ تشكل ما يقدر ب 40 % من مجموع الاقتصاد السوري.
لذا فإن خيارهم السياسي غير متطابق تماما مع خيارات المنتفضين، وذلك لتضارب مصالحهم الاقتصادية مع ما ينادي به المنتفضون، هذا من حيث المبدأ.
لا يمكن إذن الحكم على الانتفاضة السورية، على أنها انتفاضة الطبقة الوسطى السورية وخياراتها السياسية.
في المقابل، فإن الطبقة الأكثر يسرا في المجال الاقتصادي السوري، تشغل موقعا شبه تشابكي بنيوي مع آليتي البيروقراطية والفساد الدولاتية، وليس من مصلحتها الاقتصادية والنفسية الخروج على البنية السياسية أو محاولة تبديلها ببنية وطبقة أخرى غير واضحة المعالم.
وخصوصا أن هذه البنية البيروقراطية الحالية هي التي ساعدت هذه الطبقة الميسورة على بناء شكلها وتفوقها وفرادتها الاستثنائية من طريق القفز على قواد التوزيع العادل للقوة الاقتصادية بين العامل والدولة والمنتج.
فالفساد والمحسوبية هما الأب الشرعي الذي أنتج هذه الطبقة الميسورة، ولا يمكن تصور أن تنقلب هذه الطبقة على قواعدها التأسيسية.
فالحكم المطلق الذي لا يمكن أن يطبق على الطبقة الوسطى، لا يمكن أيضا أن يطبق على الطبقة الأكثر يسرا، وهو الشيء نفسه الذي لا يمكن أن تنعت به الطبقة الشعبية السورية الأشد فقرا.
فلوحة الانتفاضة السورية، من زاويتها الاقتصادية، تتشكل من كافة أطياف الطبقات الاقتصادية والطبقية السورية.
انتفاء صحة التفسير الاقتصادي/الطبقي المطلق للحكم على طبيعة المنتفضين السوريين، يصح تماما على انتفاء صحة التفسير الجهوي المناطقي.
فالمنتفضون السوريون يتشكلون من ريفيين ومدنيين مثلا، وكذلك لم تكن هذه الانتفاضة خاصة بأي اقليم سوري بذاته، بل هي تمتد في كافة أنحاء البلاد.
والشيء نفسه يعتبر صحيحا في ما يخص المستوى التعليمي والتوجهات الايدلوجية السياسية والثقافية والتوزع الطائفي والديني لمجموع كتلة المنتفضين السوريين.
لكن المشترك الأعمق الجامع بين هؤلاء يتمثل في شكلي الممارسة اللتين تمارسان ضدهم من قبل «السيل السلطوي» الحاكم، والمتمثلتين بسحبها لطيفي الاعتراف السياسي والطمأنينة السيكولوجية منهم منذ نصف قرن.
وجل هذه الانتفاضة، حسب رأينا هي لاستعادة ذينك الطيفين ذلكم.
ففي مستوى سحب الاعتراف السياسي من المواطنين السوريين مثلا، نستطيع أن نرصد أن الدولة السورية الحديثة، تشكل نموذجا لكيان الدولة القائم على بنية ايدلوجية قومية عربية ممزوجة بشعارات المقاومة والممانعة السياسية في وجهة «المشروع الإسرائيلي الأميركي».
تلك البنية الايدلوجية للنظام تبدو ممزوجة بحمالات سياسية حداثوية يدعي النظام السياسي تبنيها، فسوريا ليست دولة ثيوقراطية وتبنى على بنية مريحة من العلمانية السياسية والاجتماعية، بالإضافة إلى شبكة علاقات خارجية مع جميع التكتلات العالمية التي تتكاثف تعبيراتها في معادلات الشرق الأوسط.
فسوريا كانت تجمع بكل اريحية علاقات مع إيران والعربية السعودية والعراق وتركيا والولايات المتحدة ومصر والحركات الإسلامية والاوربيين وقوى الممانعة ودون أن تغلق باب التفاوض مع إسرائيل في نفس الوقت.
ويلعب النظام السياسي في سياسته الخارجية منذ عقود على كافة تلك الخيوط والعلاقات مع كل تلك القوى والتجمعات والمشاريع السياسية، دون أن يكون للكتلة المطلقة من المجتمع السوري أي دور أو رأي أو تأثير في تلك التبدلات التي يمارسها نظامها السياسي في جملة علاقاته في السياسة الخارجية تلك.
حيث في مرات كثيرة، قلب النظام السياسي الحاكم الخيارات من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، وكانت الآلة الإعلامية الإعلانية للنظام تتبدل معها، فان ذلك كان يعمق دوما في ذوات السوريين شعورا بالتهميش وعدم الاعتراف بالأهلية، في قضية تبدو خارجية في ظاهرها، لكنها تمس جوهر علاقة المواطنين بموقعهم ومواقفهم الكبرى مما يجري حولهم.
ما يصح على عدم اعتراف النظام السياسي بأهلية مواطنيه ليكون لهم دور في تحديد خيارات سياساته الخارجية، يصح أيضا على السياسات الاقتصادية والسياسية الداخلية وسلوكه في اختيار السياسة الإعلامية والخطاب العمومي والمناهج التربوية والأولويات التي يجب أن تحل..
الخ.
فثمة دوما طبقة أولغارشية تستأثر بالعقل الجمعي وتنفرد بصناعة البداهة و»الواجب الوطني»…الخ.
وما يجمع السوريين اليوم، يكون هو في جزء كبير منه عبارة عن انتفاضة للعقل الجمعي.
أما مستوى الطمأنينة، فإن جل السوريين وبمختلف طبقاتهم الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والوظيفية، لا يشغلون تلك المواقع والمناصب والمراكز حسب عقود قانونية واعراف اجتماعية ثابتة، بل أن تموضعهم ذلك، وأيا كانت درجته، ناتج عن حالة من الرضى أو غض النظر من قبل التموضعات الأعلى في الهرم السياسي والقانوني.
فالسوريون يجمعون بشكل رهيب بين غياب تام للمنظومة العرفية للقوانين التي كانت تحكم وتنظم حراكهم.
حيث أن الضوابط العرفية لتحديد الحقوق والواجبات والعقوبات كانت محكمة التحديد والوضوح وتطبق بطريقة مجردة ولا يستثنى منها احد، بغض النظر عن قيم العدالة والمساواة التي كانت تكنها تلك المنظومة القيمية.
ويجمعون مع ذلك افتقادهم لمنظومة القانون الحديث الذي يحدد التجريم والعقاب والحقوق والواجبات في دولتهم.
فالمراكز التي يشغلونها، والأعمال التي يؤدونها والاعتبار الذي ينالونه..
الخ.
لا يكون بفضل منظومة قانونية واضحة، بل نتيجة لآلية الولاء والرضى وغض النظر، تلك التي يمكن ان تتغير بين أية لحظة وأخرى.
لذا فأن مجمل السوريين، يعيشون قلقا متراكما على مصير ومستقبل مراكزهم المادية والمعنوية، وهذه الانتفاضة في جزء كبير منها، هي سعي لاسترجاع تلك الطمأنينة.
هل ما يصح على سوريا وانتفاضتها، يصح على الدول المنتفضة الأخرى؟؟
نميل إلى الإجابة بنعم.
المستقبل – الاحد 25 أيلول 2011 – العدد 4125 – نوافذ – صفحة 11