ودار حديث قصير فيما بيننا لا زلنا نتذكر خلاصته , وربما قد قاله في مناسبات أخرى أيضاً حول مسألة التفكير المنتج والتثقيف الذاتي ومدى قدرة ودرجة اهتمام الشباب الكردي بالقراءة وتتبعهم مناهل المعرفة بمنهج صحيح وهم أحوج من غيرهم من الشعوب الأخرى لتغيير الثقافة القروية لديهم والتسلح بشتى المعارف العصرية بغية نشوء سلوك مغاير للسلف الذي ترك لنا إرثاً ثقيلا من المشاكل والقضايا ومن أهمها ما هي بنيوية في عمق الشخصية كذهنية الإقصاء وثقافة الغل والحكم المسبق التي يصعب حلها بسهولة ويسر لمجاراة العصر حيث لا سلوك جديد بلا ثقافة جديدة ولا تأتي إلا بالقراءة والبحث واستطرد قائلا :
فقد تعودنا مثل أسلافنا على الحديث الشفاهي والكسل والتلقين والثقافة العندية من دون بحث وعناء القراءة في الأصول.
فهذا هو حالنا الآن كما كان حال آبائنا وانتقل إلينا ذلك المنهج والسلوك المتخلف على شكل ثقافة بالوراثة .
لقد احترنا فيما نحن فيه حيث الكردي لا يسلك طريقا إلا بشق الأنفس وإذا سلكه لا يتركه إلا بشق الأنفس وأحياناً لا يترك سلوكه السلبي حتى لو قتلته “أي لا يغير ثقافته وسلوكه بسرعة تبعا للمرحلة” فلديه ذهنية صلدة وممانعة في قبول الجديد بعد أن تثاقل دماغه بموروث ثقافي معطل الذي يحد من الانتقال للمستقبل وبقينا بلا مستقبل.
أتدري لماذا ..؟ لأننا أبناء الكيف نكره القراءة والبحث عن الحقيقة حتى تلين العقول.
فقد كان آبائنا فقراء وأميين ولم يخططوا لإنجابنا حتى يخططوا لمستقبلنا فنحن نتاج تلك الثقافة والنزوة والموروث القروي ربما كان هذا هو السبب فيما يتصرف الشخص منا في أمور حساسة ومصيرية على مزاجه ومن تلقاء ذاته دون الأخذ بالأسباب ورأي الجماعة والتفكير بالنتائج والحيطة من التبعات السلبية.
فنحن نشبه السلف في الكثير من تفاصيل ومنهج الحياة ولم يكن يهم الآباء سوى لقمة عيش النهار ورضا الله والآخرة وها نمضي شباب عمرنا في بلاد الغربة مهجرين عنوة وبلادنا غني بما فيه من الكفاية من الخيرات والثروات والمياه ليس فقط لعيش /40/ مليون كردي بل /400/ مليون وأكثر بالإمكانات المتاحة حالياً.
لقد ألهتم الغريزة للتمسك بالحياة وليس شغف التواتر والتواصل والبناء للأجيال فتكاثروا على كل حال ونمط حياتهم كانت حلقة مفرغة من اللاـ إنجاز ونحن أبنائهم ورثنا عنهم الضياع والتشتت والاغتراب في الهوية والانتماء إلى هنا انتهى كلامه “.
إن بذل شخص ما جهدا فهذا لا يعني دائما قيامه بعمل “أي يكون له مردود حسب منطق العمل الفيزيائي” ومن المستحيل أيضاً أن يكون الكردي المهتم بالشؤون الكردايتي له مردود لأجل قضيته الذاتية في ظل ثقافة معوقة وإرث غير منتج قد عفا عليه الزمن ما لم يأخذ مسألة تقييم الذات والتثقيف عنده أولوية لكي يجاري العصر الذي يعيشه وفي إعداد وتأهيل الشخصية المنتجة حيث باتت الآن الأمية المقننة والمقنعة متفشية حتى لدى أصحاب الشهادات العليا ناهيك بين الشباب والطبقات الشعبية وكاد أن يصبح وباء اجتماعيا يستوجب التوقف عنده والحث عليه وما نصف العلم إلا أخطر من الجهل كما يقول المثل الانكليزي .
فما الذي يجعلنا عاجزين في فهم وإدراك عما يجري من حولنا من مستجدات وتطورات ونتطاير في تلك الأجواء بلا وزن وخاصة الأجواء السياسية منها كالطائرات الورقية وتأخذنا الظروف والتحديات في اتجاهات غير معروفة بما لا نشتهي هذا من ناحية ومن ناحية أخرى وخلال التماس المباشر مع الواقع المنظور والمعطيات الميدانية والعلاقات البينية حتى بين النخب تتقدم إشكالية كبرى بتبعاتها لتعترض سبيل الوعي الجمعي لتكوين رأي مشترك والتأسيس لمنهج تفكير سليم في القضايا الجماعية والذاتية ألا وهو القفز فوق الذات إلى الأمام وعلى الآخر عنوة إلى أن تشكلت ثقافة أنا الديك وأنا المركز وليكن العالم من حولي لدى المرء فينا واحتل منهج الإعاقة والتشوه المعرفي محل التفكير الصحيح فأسس لسلوك الاستبداد والإقصاء لإنكار الآخر وستبقى هذه الإشكالية قائمة ما دام هناك غياب لثقافة تقييم الذات والمراجعة وعدم قراءتنا لأفكارنا قراءة صحيحة وسبر المؤهلات الشخصية وصلاحياتها في أداء هذا العمل أو ذاك أولاً قبل قراءة الواقع والمعارف الأخرى وخاصة حينما يتعلق الأمر بمسائل الكردايتي علماً أن المشاعر الوطنية والرغبة الجامحة غير كافيتين ليكون أحدهم صالحا كرجل المهام الصعبة لأداء عمل ذات طبيعة يحتاج إلى موهبة وشخص مبدع وما كل إخفاقاتنا في أداء الأعمال الهامة والكبيرة تعزى إلى علل وعقد مستعصية داخلية وبنيوية حتى بات الشخص العادي فينا يتملكه الغرور بأنه حكيم زمانه ومدرك لكل شيء ومكتفي معرفياً وهو لا يدرك أنه أمي من الطراز الرفيع لفهم وأداء أي عمل ذاك ذات طبيعة خاصة يترتب عليه أن يكون مسئولا أمام الجماعة وموضع للنقد (أي هو رجل غير مناسب) مقارنة مع مؤهلاته وقدراته المتواضعة وفيما ينبغي عليه الإنجاز وقد يقوم هذا النموذج بالجهد ولكن لن ينجز عمل ..!!!