د.
آلان أوسمان
آلان أوسمان
اليوم يمرّ عام على استشهاد المناضل السياسي الكردي الرزين اسماعيل عموّ واحدى عشر يوما على استشهاد المناضل الثوري الكردي مشعل تمّو.
منذ اللحظة الاولى من نبأ استشهاد اسماعيل عمر والشك راود ومازال يراود الكثيرين من عقلاء الكرد بأن الرجل لم يمت بجلطة قلبية كما أدعي, كونه لم يكن مصابا بمرض القلب او غيره.
بعد وفاته اكد لي احد المقربين منه والذي شاهد جثته بان آثار الضرب واضحة على الجزء العلوي من جسده, وقد حصلت فيما بعد على صور لجثته وقمت بعرضها على مخبر جنائي في لندن ومن ثم على مخبر جنائي آخر في روما واكد لي المخبران الانكليزي والايطالي بأن علامات الضرب واضحة على الجثة.
منذ اللحظة الاولى من نبأ استشهاد اسماعيل عمر والشك راود ومازال يراود الكثيرين من عقلاء الكرد بأن الرجل لم يمت بجلطة قلبية كما أدعي, كونه لم يكن مصابا بمرض القلب او غيره.
بعد وفاته اكد لي احد المقربين منه والذي شاهد جثته بان آثار الضرب واضحة على الجزء العلوي من جسده, وقد حصلت فيما بعد على صور لجثته وقمت بعرضها على مخبر جنائي في لندن ومن ثم على مخبر جنائي آخر في روما واكد لي المخبران الانكليزي والايطالي بأن علامات الضرب واضحة على الجثة.
علما أن بعض من المناضلين الكرد الشرفاء كانوا قد سبقوني في مسألة عرض الصور على مخابر جنائية في المانيا وفي السويد وحصلوا على نفس النتيجة بان الجثة قد تعرضت للضرب.
وهنا يبدأ التساؤل, ترى لماذا قتل اسماعيل عمو وبأي ذنب ومن قتله ولماذا طمست الجريمة ومن يقف وراءها ؟ وهل كان يستحق فقط هذا من رفاق دربه ومن الحركة السياسية الكردية بشكل عام ؟ وهو الذي افنى عمره بكل وفاء واخلاص في سبيل قضية شعبه بلا تردد وخوف فجاءته الشهرة الى مقامه العالي مستصغرة بين يديه وهو الذي لم يبحث عنها ولم يذهب اليها قط.
ويبقى الاستفهام, ترى هل كشف الرجل اسراراً ماكان عليه كشفها ؟ أم قتلته ايادي الحقد والحسد لاولئك المتنفذين في اجهزة المخابرات السورية والذين باتوا جزءا لايتجزأون منها, يتأمرون بأوامرها ويتآمرون من خلالها وبمساعدتها لازالة كل من ينافسها على موقع القيادة ويحجب عنها الشهرة التي هم يعيشون من اجلها فقط ويحسون دائما ان الشعب الكردي في سوريا مجرد عبارة عن عشيرة قد طوبت باسمهم ولايمكن لاحد رئاستها سواهم, لذلك ساهموا في قتل الرجل وفق مؤامرة دنيئة وبدقة محكمة ورموه في صمت بيته في غياهب الليل مستغلين وجوده الانفرادي فيه.
وبهذا الصدد اقول مهما تباينت الآراء والأقاويل والأكاذيب ان شخصية متميزة بحجم اسماعيل عمر لايمكن ان يتم تصفيتها من دون المعرفة المسبقة لما تسمى ب”صمام الأمان” لسلطات البعث في المناطق الكردية وبمشاركة حليفتها اجهزة الامن السورية.
وماينطبق من دوافع واسباب في مقتل اسماعيل عمو ينطبق تماما وبحذافيره في مقتل مشعل تمو الذي ابى ان يكون تقليديا وناضل بشكل دؤوب من اجل ايجاد تنظيم سياسي كردي سوري حداثوي, قوائمه علماني تنويري وسقفه ثوري تغييري, نعم هكذا كان يفكر الرجل منذ ما كان بعد منظما داخل حزب الاتحاد الشعبي الكردي في سوريا واني اشهد للرجل بذلك واذكر انه في احدى لقاءاتنا وبينما كنت انتظر الباص في مدينة الدرباسية من اجل العودة الى الحسكة التقيته صدفة وهو يسوق سيارته وابى الا ان اركبها ومن ثم ادار مقودها واتجه بنا نحو الحسكة كي يوصلني الى بيتي ففعلها من تلقاء نفسه وعن طيب خاطر وهو المشهود له بكرمه بين كل رفاقه واصدقائه.
منذ اللحظة الاولى بدأت بيننا نقاشات ودية ساخنة, بينما هو كان يقود سيارته بكل هدوء وكأني شعرت بأنه يريد اطالة الوقت كي نبحث في المزيد من المواضيع, وفي مستهل الطريق قدم لي ولمجموعة من معارفنا الذين كنا جميعا قد تركنا الحزب وابتعدنا عن الاحزاب الكردية, النقد والعتاب وقال: “لو كنتم قد بقيتم حتى الآن لكنا استطعنا اعادة بناء اليسار الكردي الثوري الذي نطمح اليه جميعا الا انني اقول وبصراحة غالبية مثقفينا انتهاريون”, واجبته نعم اوافقك القول لكنك تعلم ان مجموعات الوصوليين والمتطفلين والانتهازيين ومعها مجموعات العملاء والخونة داخل الاحزاب الكردية كلها بينها تحالف مقدس ولها جبهة عمل مشترك وكأن كل نضالها محصور في محاربة كل من يناضل بشرف واخلاص ووفاء داخل تلك الاحزاب وجعله يشعر بأن نضاله ذاهب هباءً وان مايفعله ليس بالنضال, بل انه في النهاية ليس الا مجرد لعب اطفال.
وهنا اخذ مشعل مني الحديث وتابع, ” وعليك ان تعلم ايضا ان بعض احزابنا الكردية تشكلت باوامر اجهزة الامن السورية وبعضها قياداتها تقوم بين الحين والاخر بمساعدة الاجهزة الامنية ارسال بعض رفاقها الى السجون من اجل التخلص منها والبعض الاخر قام بتصفية الثوريين الكرد السوريين ومع هذا اقول يجب ان نبقى ونصمد في وجه اولئك ونتعاون ونتعاضد لكي نفشل مشاريعهم المشبوهة وننجح مشروع شعبنا في احقاق حقوقه القومية والانسانية “.
فجأة شاهدنا انفسنا بالقرب من بحيرة الماء المتفرعة من نهر الخابور وبمحاذاة الطريق, ننزل هناك لنمضي ساعة اخرى من الحديث, نقف بالقرب من الماء ونتحدث لكننا حينا وكأنه بشكل لاشعوري نرفع الحصى ونخرق بغضب اعماق البحيرة ونفجر الماء رذاذاً وحينا آخر نشهق بعمق ونزفر بكياسة في جوف الهواء, وتارة نشعر بأن افواهنا وحلوقنا قد تنشفت ونبصق بقوة في وجه الريح الآتي من الجنوب…؟ واتذكر اننا اتفقنا حينها بان الوضع النضالي الكردي في سوريا يتطلب التغيير وبحاجة الى تنظيم ثوري وان العمل الثوري يحتاج قبل كل شيء الى فكر ثوري ودعم مادي وغطاء عسكري هذا اذا اريد له الممارسة اولا على صعيدي الكتابة والخطابة والا سيتم وأده بسرعة وسيسحق كل من يقوم به كونه سيواجه عداوة متعددة الاطراف.
اعوام مضت ولم ييأس المشعل الثوري بل حقق مأربه وبارادة فولاذية حيث استطاع ممارسة العمل الثوري بشكل عملي على الصعيد التنظيمي والكتابة والخطابة لكنه لم يحظى بدعم مادي وبقي سماء نضاله السياسي مكشوفا كباقي الاحزاب الكردية التقليدية والدليل انه عندما استشهد لم يكن يحمل سلاحا ولم يكن له مرافقون مسلحون ولا خلايا عسكرية نائمة او على اهبة الاستعداد لمواجهة اي طارىء.
اذا هل ياترى اخطأ مشعل في مكان ما لعدم حمايته لنفسه من اعدائه الكثر, ولم يطبق ما كنا قد اتفقنا عليه ((ان من يريد ممارسة العمل الثوري في كردستان سوريا عليه ان يعلم اولا بانه سيفتح باب جهنم على نفسه من قبل السلطات السورية وسيواجه عداوة شرسة من قبل المعارضة العربية السورية كونها لاتؤمن بالحقوق القومية للشعب الكردي السوري ولا تختلف عن السلطات البعثية, وسيواجه عداوة اكثر شراسة من قبل الاحزاب الكردية التقليدية السورية ومن الاحزاب الكردستانية المسلحة التي لها وجود تنطيمي بين كرد كردستان سوريا كونها ستشعر بان البساط سينسحب من تحت اقدامها وهي التي يدور معظم نضالها بالاصل حول مسألة المنافسة والصراع على القيادة)).
وهنا اقول ان الحقيقة ما اجملها ان قيلت وانها تزداد رونقا ان اصغت اليها آذان الصدق وشدّقت بها اعين الحق, لقد خسر الشعب الكردي في سوريا خلال عام واحد ابرز قياديين سياسيين كرديين له, مشعل تمّو, الكردي اليساري الثوري المحترف الذي رأى فيه الجيل الكردي الشاب رمزاً لمستقبله ومستقبلا لطموحاته وكأن حفيد ابراهيم باشا المللي اراد اعادة احياء ثورته من جديد في وجه الطغاة والمستبدين.
اسماعيل عمّو السياسي الكردي المخضرم, الهادىء والمتواضع, الذي استطاع بدهائه السياسي وبالتعاون مع رفاقه ان يوحد معاً اكثر من ستة فصائل كردية متشرذمة في حزب موحد واحد – يكيتي – ردا على التكاثر الانشطاري الأرانبي الذي امتازت بها الاحزاب الكردية السورية في تلك الفترة والتي لعبت اجهزة الامن السورية دورا مميزا فيها, وبخصوص هذه النقطة الجديرة بالذكر للنضال الذي قاده اسماعيل عمر في تاريخ الحركة السياسية الكردية, اني اتذكر عام 1990 عندما زرت ذات مرة الشهيد الكردي السياسي المرموق كمال احمد درويش في بيته في القامشلي, وهو الذي كان يحب روح النكتة ويمتاز بلباقة الحديث, وعندما سالته كيف يمكن وقف الانقسامات داخل الاحزاب الكردية واعادة اللحمة اليها, اجاب مبتسماً ” قل هذا لصديقك اسماعيل عمو الذي ذهب ومعه جماعته وهم مجموعة من المدرسين, اعتادوا التعامل مع الآخرين من منطلق التعامل مابين الطالب والمدرس ” فاجبته ضاحكا, يا ابا خالد هل هناك مانع من نقل هذا القول لأبا شيار, فقال ” صدقني لقد قلته لك لانني اعرف انك لن تحرّف القول عندما تنقله ” , وبعدها في يوم آخر التقيت باسماعيل عمر ومازحته ونقلت اليه حديث ابا خالد فضحك ابا شيار وقال ” نعم انا مدرس والمدرس هو الذي خرّج المحامي والمهندس والطبيب والسياسي..والخ لكن كمال يعلم جيدا اني لن اترك الحزب من اجل زيادة الشرذمة بل خرجت من اجل لملمة الشرذمات والانقسامات واوعد الجميع وعدا بانني سافعل ذلك وكمال يعرف مدى معزته عندي وانه انسان بريء ونظيف القلب ولن اقل عليه ان يعرف كوني اعرف انه يعرف جيدا بانه لن يعاد انتخابه لزعامة حزبه مرة اخرى وان حزبه لن يبقى موحدا لانه يحوي بداخله جماعات التخريب المنظم للحزب “.
تمضي الايام ويصبح فيما بعد كمال احمد درويش الهادىء والمتزن شهيدا لامته وشعبه الكردي ويصبح القاتل المتهم مكابح سيارته التي لعب بها وبينما هو كان في الاجتماع للدفاع عن حقوق شعبه الكردي مع عصابات حزب البعث واجهزتها الامنية في مدينة الحسكة وهكذا سبق كمال, عمو وتمو في الشهادة, لكن وهل بقي ذكراه حاضرة في وسط الاحزاب والجماهير الكردية ؟ وهل يستحق الشعب الكردي في سوريا ان يستشهد من اجله الشجعان الثلاث كمال, اسماعيل, مشعل ؟ ام انهم سيبقون شهداء فقط لاحزابهم وربما فقط لعوائلهم وتنسى ذكراهم بالتقادم ؟ وكم يذكرني هذا بالمثل الشعبي الكردي الذي كان يردده الخالد المعلم الاول آبو أوسمان صبري على مسامعنا :
Xwelîli serê dunyayê be, mêrxas di mal a
bavê min de neman,dawîGurrî ma Axe.
ويتضح من الواقع المعاش ان روح الكردايتي بمفهومه العلمي ضعيف جدا لدى احزابنا الكردية وان من يستشهد لن يلقى اي اهتمام بتاريخه النضالي خارج حزبه, وكأن الكردايتي مجرد سلعة او مادة دعائية تستغلها الاحزاب الكردية من اجل الحصول على المكاسب والمنافع والمناصب.
وهنا اتساءل, هل لاحزبنا الكردية السورية دور في تصفية قياداتها بشكل مباشر او غير مباشر ؟
alanasman@hotmail.co.uk
وهنا يبدأ التساؤل, ترى لماذا قتل اسماعيل عمو وبأي ذنب ومن قتله ولماذا طمست الجريمة ومن يقف وراءها ؟ وهل كان يستحق فقط هذا من رفاق دربه ومن الحركة السياسية الكردية بشكل عام ؟ وهو الذي افنى عمره بكل وفاء واخلاص في سبيل قضية شعبه بلا تردد وخوف فجاءته الشهرة الى مقامه العالي مستصغرة بين يديه وهو الذي لم يبحث عنها ولم يذهب اليها قط.
ويبقى الاستفهام, ترى هل كشف الرجل اسراراً ماكان عليه كشفها ؟ أم قتلته ايادي الحقد والحسد لاولئك المتنفذين في اجهزة المخابرات السورية والذين باتوا جزءا لايتجزأون منها, يتأمرون بأوامرها ويتآمرون من خلالها وبمساعدتها لازالة كل من ينافسها على موقع القيادة ويحجب عنها الشهرة التي هم يعيشون من اجلها فقط ويحسون دائما ان الشعب الكردي في سوريا مجرد عبارة عن عشيرة قد طوبت باسمهم ولايمكن لاحد رئاستها سواهم, لذلك ساهموا في قتل الرجل وفق مؤامرة دنيئة وبدقة محكمة ورموه في صمت بيته في غياهب الليل مستغلين وجوده الانفرادي فيه.
وبهذا الصدد اقول مهما تباينت الآراء والأقاويل والأكاذيب ان شخصية متميزة بحجم اسماعيل عمر لايمكن ان يتم تصفيتها من دون المعرفة المسبقة لما تسمى ب”صمام الأمان” لسلطات البعث في المناطق الكردية وبمشاركة حليفتها اجهزة الامن السورية.
وماينطبق من دوافع واسباب في مقتل اسماعيل عمو ينطبق تماما وبحذافيره في مقتل مشعل تمو الذي ابى ان يكون تقليديا وناضل بشكل دؤوب من اجل ايجاد تنظيم سياسي كردي سوري حداثوي, قوائمه علماني تنويري وسقفه ثوري تغييري, نعم هكذا كان يفكر الرجل منذ ما كان بعد منظما داخل حزب الاتحاد الشعبي الكردي في سوريا واني اشهد للرجل بذلك واذكر انه في احدى لقاءاتنا وبينما كنت انتظر الباص في مدينة الدرباسية من اجل العودة الى الحسكة التقيته صدفة وهو يسوق سيارته وابى الا ان اركبها ومن ثم ادار مقودها واتجه بنا نحو الحسكة كي يوصلني الى بيتي ففعلها من تلقاء نفسه وعن طيب خاطر وهو المشهود له بكرمه بين كل رفاقه واصدقائه.
منذ اللحظة الاولى بدأت بيننا نقاشات ودية ساخنة, بينما هو كان يقود سيارته بكل هدوء وكأني شعرت بأنه يريد اطالة الوقت كي نبحث في المزيد من المواضيع, وفي مستهل الطريق قدم لي ولمجموعة من معارفنا الذين كنا جميعا قد تركنا الحزب وابتعدنا عن الاحزاب الكردية, النقد والعتاب وقال: “لو كنتم قد بقيتم حتى الآن لكنا استطعنا اعادة بناء اليسار الكردي الثوري الذي نطمح اليه جميعا الا انني اقول وبصراحة غالبية مثقفينا انتهاريون”, واجبته نعم اوافقك القول لكنك تعلم ان مجموعات الوصوليين والمتطفلين والانتهازيين ومعها مجموعات العملاء والخونة داخل الاحزاب الكردية كلها بينها تحالف مقدس ولها جبهة عمل مشترك وكأن كل نضالها محصور في محاربة كل من يناضل بشرف واخلاص ووفاء داخل تلك الاحزاب وجعله يشعر بأن نضاله ذاهب هباءً وان مايفعله ليس بالنضال, بل انه في النهاية ليس الا مجرد لعب اطفال.
وهنا اخذ مشعل مني الحديث وتابع, ” وعليك ان تعلم ايضا ان بعض احزابنا الكردية تشكلت باوامر اجهزة الامن السورية وبعضها قياداتها تقوم بين الحين والاخر بمساعدة الاجهزة الامنية ارسال بعض رفاقها الى السجون من اجل التخلص منها والبعض الاخر قام بتصفية الثوريين الكرد السوريين ومع هذا اقول يجب ان نبقى ونصمد في وجه اولئك ونتعاون ونتعاضد لكي نفشل مشاريعهم المشبوهة وننجح مشروع شعبنا في احقاق حقوقه القومية والانسانية “.
فجأة شاهدنا انفسنا بالقرب من بحيرة الماء المتفرعة من نهر الخابور وبمحاذاة الطريق, ننزل هناك لنمضي ساعة اخرى من الحديث, نقف بالقرب من الماء ونتحدث لكننا حينا وكأنه بشكل لاشعوري نرفع الحصى ونخرق بغضب اعماق البحيرة ونفجر الماء رذاذاً وحينا آخر نشهق بعمق ونزفر بكياسة في جوف الهواء, وتارة نشعر بأن افواهنا وحلوقنا قد تنشفت ونبصق بقوة في وجه الريح الآتي من الجنوب…؟ واتذكر اننا اتفقنا حينها بان الوضع النضالي الكردي في سوريا يتطلب التغيير وبحاجة الى تنظيم ثوري وان العمل الثوري يحتاج قبل كل شيء الى فكر ثوري ودعم مادي وغطاء عسكري هذا اذا اريد له الممارسة اولا على صعيدي الكتابة والخطابة والا سيتم وأده بسرعة وسيسحق كل من يقوم به كونه سيواجه عداوة متعددة الاطراف.
اعوام مضت ولم ييأس المشعل الثوري بل حقق مأربه وبارادة فولاذية حيث استطاع ممارسة العمل الثوري بشكل عملي على الصعيد التنظيمي والكتابة والخطابة لكنه لم يحظى بدعم مادي وبقي سماء نضاله السياسي مكشوفا كباقي الاحزاب الكردية التقليدية والدليل انه عندما استشهد لم يكن يحمل سلاحا ولم يكن له مرافقون مسلحون ولا خلايا عسكرية نائمة او على اهبة الاستعداد لمواجهة اي طارىء.
اذا هل ياترى اخطأ مشعل في مكان ما لعدم حمايته لنفسه من اعدائه الكثر, ولم يطبق ما كنا قد اتفقنا عليه ((ان من يريد ممارسة العمل الثوري في كردستان سوريا عليه ان يعلم اولا بانه سيفتح باب جهنم على نفسه من قبل السلطات السورية وسيواجه عداوة شرسة من قبل المعارضة العربية السورية كونها لاتؤمن بالحقوق القومية للشعب الكردي السوري ولا تختلف عن السلطات البعثية, وسيواجه عداوة اكثر شراسة من قبل الاحزاب الكردية التقليدية السورية ومن الاحزاب الكردستانية المسلحة التي لها وجود تنطيمي بين كرد كردستان سوريا كونها ستشعر بان البساط سينسحب من تحت اقدامها وهي التي يدور معظم نضالها بالاصل حول مسألة المنافسة والصراع على القيادة)).
وهنا اقول ان الحقيقة ما اجملها ان قيلت وانها تزداد رونقا ان اصغت اليها آذان الصدق وشدّقت بها اعين الحق, لقد خسر الشعب الكردي في سوريا خلال عام واحد ابرز قياديين سياسيين كرديين له, مشعل تمّو, الكردي اليساري الثوري المحترف الذي رأى فيه الجيل الكردي الشاب رمزاً لمستقبله ومستقبلا لطموحاته وكأن حفيد ابراهيم باشا المللي اراد اعادة احياء ثورته من جديد في وجه الطغاة والمستبدين.
اسماعيل عمّو السياسي الكردي المخضرم, الهادىء والمتواضع, الذي استطاع بدهائه السياسي وبالتعاون مع رفاقه ان يوحد معاً اكثر من ستة فصائل كردية متشرذمة في حزب موحد واحد – يكيتي – ردا على التكاثر الانشطاري الأرانبي الذي امتازت بها الاحزاب الكردية السورية في تلك الفترة والتي لعبت اجهزة الامن السورية دورا مميزا فيها, وبخصوص هذه النقطة الجديرة بالذكر للنضال الذي قاده اسماعيل عمر في تاريخ الحركة السياسية الكردية, اني اتذكر عام 1990 عندما زرت ذات مرة الشهيد الكردي السياسي المرموق كمال احمد درويش في بيته في القامشلي, وهو الذي كان يحب روح النكتة ويمتاز بلباقة الحديث, وعندما سالته كيف يمكن وقف الانقسامات داخل الاحزاب الكردية واعادة اللحمة اليها, اجاب مبتسماً ” قل هذا لصديقك اسماعيل عمو الذي ذهب ومعه جماعته وهم مجموعة من المدرسين, اعتادوا التعامل مع الآخرين من منطلق التعامل مابين الطالب والمدرس ” فاجبته ضاحكا, يا ابا خالد هل هناك مانع من نقل هذا القول لأبا شيار, فقال ” صدقني لقد قلته لك لانني اعرف انك لن تحرّف القول عندما تنقله ” , وبعدها في يوم آخر التقيت باسماعيل عمر ومازحته ونقلت اليه حديث ابا خالد فضحك ابا شيار وقال ” نعم انا مدرس والمدرس هو الذي خرّج المحامي والمهندس والطبيب والسياسي..والخ لكن كمال يعلم جيدا اني لن اترك الحزب من اجل زيادة الشرذمة بل خرجت من اجل لملمة الشرذمات والانقسامات واوعد الجميع وعدا بانني سافعل ذلك وكمال يعرف مدى معزته عندي وانه انسان بريء ونظيف القلب ولن اقل عليه ان يعرف كوني اعرف انه يعرف جيدا بانه لن يعاد انتخابه لزعامة حزبه مرة اخرى وان حزبه لن يبقى موحدا لانه يحوي بداخله جماعات التخريب المنظم للحزب “.
تمضي الايام ويصبح فيما بعد كمال احمد درويش الهادىء والمتزن شهيدا لامته وشعبه الكردي ويصبح القاتل المتهم مكابح سيارته التي لعب بها وبينما هو كان في الاجتماع للدفاع عن حقوق شعبه الكردي مع عصابات حزب البعث واجهزتها الامنية في مدينة الحسكة وهكذا سبق كمال, عمو وتمو في الشهادة, لكن وهل بقي ذكراه حاضرة في وسط الاحزاب والجماهير الكردية ؟ وهل يستحق الشعب الكردي في سوريا ان يستشهد من اجله الشجعان الثلاث كمال, اسماعيل, مشعل ؟ ام انهم سيبقون شهداء فقط لاحزابهم وربما فقط لعوائلهم وتنسى ذكراهم بالتقادم ؟ وكم يذكرني هذا بالمثل الشعبي الكردي الذي كان يردده الخالد المعلم الاول آبو أوسمان صبري على مسامعنا :
Xwelîli serê dunyayê be, mêrxas di mal a
bavê min de neman,dawîGurrî ma Axe.
ويتضح من الواقع المعاش ان روح الكردايتي بمفهومه العلمي ضعيف جدا لدى احزابنا الكردية وان من يستشهد لن يلقى اي اهتمام بتاريخه النضالي خارج حزبه, وكأن الكردايتي مجرد سلعة او مادة دعائية تستغلها الاحزاب الكردية من اجل الحصول على المكاسب والمنافع والمناصب.
وهنا اتساءل, هل لاحزبنا الكردية السورية دور في تصفية قياداتها بشكل مباشر او غير مباشر ؟
alanasman@hotmail.co.uk
روما 18 – 10 – 2011