د.إسماعيل حصاف
لابد أولا من التمييز مابين مفهومي الحركة التحررية الكردية وبين الأحزاب الكردية ، فالأولى إمتداد تاريخي ليقظة الكرد القومية تبلورت بشكل أكثر في عصر ثورات التحرر العالمية المنادية بإنهاء الحكم الإستعماري وتأسيس الدول القومية ، وبهذا المعنى تعتبر حركة التحرر الكردية ملك لجميع أبناء الشعب الكردي ، في حين أن الأحزاب تمثل مجموعات من الناس داخل الأمة ترتبط كل واحدة منها مصالح وأهداف مشتركة فكريا وأيديولوجيا وإقتصاديا …إلخ .
لابد أولا من التمييز مابين مفهومي الحركة التحررية الكردية وبين الأحزاب الكردية ، فالأولى إمتداد تاريخي ليقظة الكرد القومية تبلورت بشكل أكثر في عصر ثورات التحرر العالمية المنادية بإنهاء الحكم الإستعماري وتأسيس الدول القومية ، وبهذا المعنى تعتبر حركة التحرر الكردية ملك لجميع أبناء الشعب الكردي ، في حين أن الأحزاب تمثل مجموعات من الناس داخل الأمة ترتبط كل واحدة منها مصالح وأهداف مشتركة فكريا وأيديولوجيا وإقتصاديا …إلخ .
تخلفت حركة التحرر الكردية عن غيرها كثيرا لأسباب موضوعية وذاتية ، دولية وخارجية ، ولعل أحد أهم اسباب فشل الشعب الكردي في تحقيق طموحه القومي هو العامل الذاتي ، القائم على التصدع وفرقة الشعب وغياب المشروع القومي الإستراتيجي المتبلور ، وغموضية الأهداف والتذبذب في المواقف والطروحات .
وإذا كانت معظم حركات التحرر قد تمكنت في اعقاب الحرب العالمية الثانية من التحرر وبناء الدول المستقلة ،فإن الحركة التحررية الكردية لاتزال في طور التكوين وتكامل الذات بعد أن فشلت فشلا ذريعا في فرض الذات الكردي واللحاق ببقية دول شعوب المعمورة .
ففي سوريا أصبحت القضية الكردية جزءا من العملية الوطنية لدولة سوريا الوليدة ، بعد أن تحررت من النفوذ الفرنسي بفضل نضال الشعبان الكردي والعربي والأقليات القومية الموجودة .
ووجد الحزب الديمقراطي الكردستاني (الكردي فيما بعد) ومنذ ميلاده الأولى عام 1957 ، نفسه في أزمة من الداخل ، بسبب التركيبة الإجتماعية الهشة للحزب الذي ضم في صفوفه جميع الفئات المجتمعية والتي سرعان مافرقتها المصالح الإقتصادية المتضاربة والرؤى الإيديولوجية المختلفة ، مما برز نهجان مختلفان في الفكر والممارسة .
ولعل كونفرانس الخامس من آب عام 1965 ، يشكل قفزة نوعية وثورية في عملية التحول الإجتماعي – الفكري ببروز ايديولوجية نضالية واضحة ، وذلك بربط النضالين القومي والطبقي والدفاع عن حقوق الكرد في سوريا وحماية نهج الثورة الكردية في كردستان العراق بقيادة الثائر الكردي مصطفى بارزاني .
وبالتالي فإن سنوات العشر من 1965 – 1975 هي من أفضل فترات الكفاح الكردي في كردستان سوريا ، فإلى هذه الفترة تعود الفضل لبروز العشرات من الكادر الكردي الملتزم والمتمرس في العملية النضالية ، ولايزال العديد منهم يلعب أدوارا ريادية طليعية في إنجاز مستلزمات النضال التحرري القومي ، وبحق فقد أنجبت مدرسة آب ” النخبة ” النضالية لكرد سوريا ، وإذا كانت هناك مرحلة نضالية تفتخر بها الشعب الكردي في سوريا فهي مرحلة بروز اليسار الكردي ، وتبلور شخصية عثمان صبري (آبو) مؤسس الحزب ، الذي كان يمكن أن يتحول إلى قائد كاريزمي للحركة في هذا الجزء من كردستان لولا مغادرته العمل السياسي مبكرا .
ومنذ الثمانينات من القرن الماضي دخلت الحركة السياسية الكردية في كردستان سوريا في أزمة داخلية ، فكرا وممارسة ، نتيجة الانشقاقات الخطيرة واللامبررة وظهور عدد كبير من التيارات الحزبية ، وتقويض الحركة السياسية السورية عموما من قبل الأجهزة الأمنية التي حولت العديد من الأحزاب الوطنية إلى مكونات فارغة .
ويبدوا أن الأحزاب الكردية وكغيرها من الأحزاب العربية ، قد تأثرت بثقافة البعث الحاكم ، وأخذت تطبق فيما بينها السياسة نفسها التي تنتهجها النظام وتطبقها في البلاد ، سياسة التفرد بالساحة وإعطاء الشرعية لنفسها ، مع أن هذه الشرعية غير مستمدة من المد الجماهيري ومن الشارع الكردي ، هذا الأسلوب الخاطئ الممنهج من قبل الأحزاب الكردية في كردستان سوريا ، لن تخدم بالتأكيد الأجندة الكردية بل أجندات معادية للطموح الكردي بشكل أو آخر .
لم تحصل منظمة التحرير على الشرعية الدولية كممثل للشعب الفلسطيني إلا بانضمام جميع التيارات الوطنية الفلسطينية .
ولم تتحول جبهة فيتنامين إلى قوة فاعلة ، إلا بعد أن ضمت كافة الفصائل والمجموعات بمن فيهم الإمبراطور المخلوع آنذاك، وهناك عشرات من الأمثلة ونماذج جبهوية في العالم قادت شعوبها نحو النصر .
ولكن إحدى المشاكل الرئيسة المعرقلة لعملية الوحدة والتحول الثوري الديمقراطي داخل الحركة الكردية في سوريا غياب ” الشخصية الكاريزمية ” التي عادة تتحول إلى رمز جامع لجميع التيارات والكتل السياسية ووقوعها بيد التيار الانهزامي في الحركة الكردية بسوريا .
يدور حاليا الحديث عن إنعقاد مؤتمر وطني وشيك لمجموعة الأحزاب الكردية التسعة “الأعضاء الدائمون في مجلس الأمن “؟! ، وبغياب بقية الأحزاب الكردية والكردستانية والتنسيقيات التي تمثل الشارع الكردي في غرب كردستان إلى جانب الشخصيات المستقلة من رجالات الفكر والكتاب والأكاديميون والتي تغرد خارج هذا السرب…إلخ.
يأتي الحديث عن هذا المؤتمر المزمع عقده في وقت بات سقوط النظام قاب قوسين أو أدنى ، بينما تعاني الأحزاب الكردية من حالة من الفراغ الفكري- الإستراتيجي ، والعملي – النضالي .
أسئلة كثيرة تطرحها الأوساط الكردية والمتابعون في الداخل والخارج ، وهي أسئلة مشروعة ، تتعلق بميقات انعقاد المؤتمر وأجواء انعقاده وتداعياته ، وهل سيساهم في تقويض وإسقاط النظام أم في تقويته؟، هل سيؤسس لمشروعية التمثيل الكردي ، أم سيولد ميتا لحظة انعقاده ؟، وهل سيخرج بمشروع نهضوي قومي قادر على فرض الملف الكردي على الساحة السورية في مرحلة مابعد النظام أم لآ …إلخ .
والمطلوب كرديا في المرحلة الراهنة في سوريا :
– ترتيب البيت الكردي من الداخل وعدم تهميش اي طرف في الحركة الكردية أحزابا ، شخصيات وطنية ، من خلال عقد بإسم “المؤتمر القومي الكبير ” ، وأن ينبثق عنه مجلس قومي كبير يضم مؤسسات بروفيسيونالية راقية المستوى .
– وضع مشروع قومي يتضمن الحقوق الكردية بشكل جرئ وواضح بما فيه ضرورة الإقرار الدستوري بالشعب الكردي كثاني قومية رئيسة في البلاد وبناء الدولة الدمقراطية على أساس من الشراكة والنظر إلى المناطق الكردية كإقليم له خصوصياته القومية .
– المطالبة بحل القضية الكردية في سوريا حلا ديمقراطيا جذريا على أساس فدرالي وهو الحل الأمثل للوضع السوري في إطار سوريا موحدة وتأمين حقوق الأقليات الإتنية والمذهبية في البلاد.
– البحث عن شخصية كاريزمية للحركة الكردية في كردستان سوريا والتخلص من مرض ” الأنا “.
– عقد المؤتمر في أجواء حرة يفضل أن يكون خارج البلاد ليتسنى اتخاذ القرارات بحرية دون إملاءات او تدخلات أو تأجيله إلى حين مناسب.
إن أي مؤتمر يتم إنعقاده من قبل أحزاب كردية وتهميش الآخرين سيكون مؤتمرا هداما يمثل منظميه لاغير وسوف لن يمثل الشارع الكردي، لابل سيفتح صفحات جديدة من الخلافات الكردية – الكردية ، وسيولد ميتا لامحال .
الشرعية الدمقراطية تأتي من الصندوق الانتخابي عبر الاستفتاء الشعبي وليس بقرارات فوقية مطبوعة وفقا لأهواء ونزوات ورؤى خاصة وشخصية أو تنفيذا لإرادات أخرى.
ففي سوريا أصبحت القضية الكردية جزءا من العملية الوطنية لدولة سوريا الوليدة ، بعد أن تحررت من النفوذ الفرنسي بفضل نضال الشعبان الكردي والعربي والأقليات القومية الموجودة .
ووجد الحزب الديمقراطي الكردستاني (الكردي فيما بعد) ومنذ ميلاده الأولى عام 1957 ، نفسه في أزمة من الداخل ، بسبب التركيبة الإجتماعية الهشة للحزب الذي ضم في صفوفه جميع الفئات المجتمعية والتي سرعان مافرقتها المصالح الإقتصادية المتضاربة والرؤى الإيديولوجية المختلفة ، مما برز نهجان مختلفان في الفكر والممارسة .
ولعل كونفرانس الخامس من آب عام 1965 ، يشكل قفزة نوعية وثورية في عملية التحول الإجتماعي – الفكري ببروز ايديولوجية نضالية واضحة ، وذلك بربط النضالين القومي والطبقي والدفاع عن حقوق الكرد في سوريا وحماية نهج الثورة الكردية في كردستان العراق بقيادة الثائر الكردي مصطفى بارزاني .
وبالتالي فإن سنوات العشر من 1965 – 1975 هي من أفضل فترات الكفاح الكردي في كردستان سوريا ، فإلى هذه الفترة تعود الفضل لبروز العشرات من الكادر الكردي الملتزم والمتمرس في العملية النضالية ، ولايزال العديد منهم يلعب أدوارا ريادية طليعية في إنجاز مستلزمات النضال التحرري القومي ، وبحق فقد أنجبت مدرسة آب ” النخبة ” النضالية لكرد سوريا ، وإذا كانت هناك مرحلة نضالية تفتخر بها الشعب الكردي في سوريا فهي مرحلة بروز اليسار الكردي ، وتبلور شخصية عثمان صبري (آبو) مؤسس الحزب ، الذي كان يمكن أن يتحول إلى قائد كاريزمي للحركة في هذا الجزء من كردستان لولا مغادرته العمل السياسي مبكرا .
ومنذ الثمانينات من القرن الماضي دخلت الحركة السياسية الكردية في كردستان سوريا في أزمة داخلية ، فكرا وممارسة ، نتيجة الانشقاقات الخطيرة واللامبررة وظهور عدد كبير من التيارات الحزبية ، وتقويض الحركة السياسية السورية عموما من قبل الأجهزة الأمنية التي حولت العديد من الأحزاب الوطنية إلى مكونات فارغة .
ويبدوا أن الأحزاب الكردية وكغيرها من الأحزاب العربية ، قد تأثرت بثقافة البعث الحاكم ، وأخذت تطبق فيما بينها السياسة نفسها التي تنتهجها النظام وتطبقها في البلاد ، سياسة التفرد بالساحة وإعطاء الشرعية لنفسها ، مع أن هذه الشرعية غير مستمدة من المد الجماهيري ومن الشارع الكردي ، هذا الأسلوب الخاطئ الممنهج من قبل الأحزاب الكردية في كردستان سوريا ، لن تخدم بالتأكيد الأجندة الكردية بل أجندات معادية للطموح الكردي بشكل أو آخر .
لم تحصل منظمة التحرير على الشرعية الدولية كممثل للشعب الفلسطيني إلا بانضمام جميع التيارات الوطنية الفلسطينية .
ولم تتحول جبهة فيتنامين إلى قوة فاعلة ، إلا بعد أن ضمت كافة الفصائل والمجموعات بمن فيهم الإمبراطور المخلوع آنذاك، وهناك عشرات من الأمثلة ونماذج جبهوية في العالم قادت شعوبها نحو النصر .
ولكن إحدى المشاكل الرئيسة المعرقلة لعملية الوحدة والتحول الثوري الديمقراطي داخل الحركة الكردية في سوريا غياب ” الشخصية الكاريزمية ” التي عادة تتحول إلى رمز جامع لجميع التيارات والكتل السياسية ووقوعها بيد التيار الانهزامي في الحركة الكردية بسوريا .
يدور حاليا الحديث عن إنعقاد مؤتمر وطني وشيك لمجموعة الأحزاب الكردية التسعة “الأعضاء الدائمون في مجلس الأمن “؟! ، وبغياب بقية الأحزاب الكردية والكردستانية والتنسيقيات التي تمثل الشارع الكردي في غرب كردستان إلى جانب الشخصيات المستقلة من رجالات الفكر والكتاب والأكاديميون والتي تغرد خارج هذا السرب…إلخ.
يأتي الحديث عن هذا المؤتمر المزمع عقده في وقت بات سقوط النظام قاب قوسين أو أدنى ، بينما تعاني الأحزاب الكردية من حالة من الفراغ الفكري- الإستراتيجي ، والعملي – النضالي .
أسئلة كثيرة تطرحها الأوساط الكردية والمتابعون في الداخل والخارج ، وهي أسئلة مشروعة ، تتعلق بميقات انعقاد المؤتمر وأجواء انعقاده وتداعياته ، وهل سيساهم في تقويض وإسقاط النظام أم في تقويته؟، هل سيؤسس لمشروعية التمثيل الكردي ، أم سيولد ميتا لحظة انعقاده ؟، وهل سيخرج بمشروع نهضوي قومي قادر على فرض الملف الكردي على الساحة السورية في مرحلة مابعد النظام أم لآ …إلخ .
والمطلوب كرديا في المرحلة الراهنة في سوريا :
– ترتيب البيت الكردي من الداخل وعدم تهميش اي طرف في الحركة الكردية أحزابا ، شخصيات وطنية ، من خلال عقد بإسم “المؤتمر القومي الكبير ” ، وأن ينبثق عنه مجلس قومي كبير يضم مؤسسات بروفيسيونالية راقية المستوى .
– وضع مشروع قومي يتضمن الحقوق الكردية بشكل جرئ وواضح بما فيه ضرورة الإقرار الدستوري بالشعب الكردي كثاني قومية رئيسة في البلاد وبناء الدولة الدمقراطية على أساس من الشراكة والنظر إلى المناطق الكردية كإقليم له خصوصياته القومية .
– المطالبة بحل القضية الكردية في سوريا حلا ديمقراطيا جذريا على أساس فدرالي وهو الحل الأمثل للوضع السوري في إطار سوريا موحدة وتأمين حقوق الأقليات الإتنية والمذهبية في البلاد.
– البحث عن شخصية كاريزمية للحركة الكردية في كردستان سوريا والتخلص من مرض ” الأنا “.
– عقد المؤتمر في أجواء حرة يفضل أن يكون خارج البلاد ليتسنى اتخاذ القرارات بحرية دون إملاءات او تدخلات أو تأجيله إلى حين مناسب.
إن أي مؤتمر يتم إنعقاده من قبل أحزاب كردية وتهميش الآخرين سيكون مؤتمرا هداما يمثل منظميه لاغير وسوف لن يمثل الشارع الكردي، لابل سيفتح صفحات جديدة من الخلافات الكردية – الكردية ، وسيولد ميتا لامحال .
الشرعية الدمقراطية تأتي من الصندوق الانتخابي عبر الاستفتاء الشعبي وليس بقرارات فوقية مطبوعة وفقا لأهواء ونزوات ورؤى خاصة وشخصية أو تنفيذا لإرادات أخرى.
ومن هنا على قادة الأحزاب الكردية في كردستان سوريا الوقوف مليا أمام مسؤولياتهم التاريخية واستيعاب مهمات المرحلة الثورية التي تشكل نقطة انعطاف بالنسبة للمنطقة عموما والكرد خصوصا وإلا سيلفظهم التاريخ وسيسقطهم الشعب .