عليكم التنحي والرحيل

  بافي روجين

كثر الجدل في الآونة الأخيرة حول انعقاد ” المؤتمر الوطني الكردي ” في سوريا بدءً من الفكرة أو- القرار- المتخذ بشأنه إذا صح التعبير ، ومروراً بتوقيته كظرف استثنائي للحالة السورية عموماً والكردية خصوصاً ، والكيفية التي يصار إلى التمثيل فيه ، وانتهاءً بالغاية المرجوة منه ، وما زال الإصرار قائماً من جانب قيادات الأحزاب الكردية المعنية بعقد المؤتمر حسب برنامجهم التحضيري له بالرغم من الملاحظات الكثيرة والانتقادات الشديدة والمتتالية دونما اعتبار أو تقبلها كمسؤولية وطنية – تاريخية .
وأنا كمتابع للشأن الكردي العام ، مامن خلاف حول ماهية عقد المؤتمر الوطني الكردي ليس الآن فحسب بل ومنذ أمد بعيد ، كمرجعية وطنية كردية حقيقية ، وإيجاد ممثلية شرعية وحيدة ، وتأسيس لحالة سياسية كردية موحدة وفاعلة – منظمة ومنتظمة – في القرار الوطني الكردي المستقل ، والأداء السياسي المرجو .

أشك في هكذا ( مؤتمر ) وتحت ظلال هكذا (قيادات) ، فالمؤتمر المزمع عقده وان – عقد –  فانه مؤتمر للأحزاب المعنية بذلك أي – حزبي – على غرار المؤتمرات والاجتماعات السابقة ..

وسيلد ميتاً لا محالة ، يريدون لهذا المؤتمر ، مقاساً معيناً ومواصفات محددة ، فهذا للآمر الداخلي ..

وذاك للآمر الكردستاني يكثرون بذلك  خطاياهم بحق الشعب ومصيره .


وللذكر فان مشروع عقد مؤتمر وطني كردي و تشكيل مرجعية سياسية وطنية كردية وبمشاركة الفعاليات الوطنية المستقلة تم طرحه على القيادة العليا (للتحالف الديمقراطي الكردي في سوريا) في عام 1994 من قبل حزب الاتحاد الشعبي كمشروع للمناقشة والإقرار بقبوله ، وللأسف قوبل المشروع بالرفض من حيث الفكرة بحجة أن المشروع صعب المنال وغير قابل للتحقيق وان التحالف هو الإطار الأمثل ودونما مراجعة لقياداتها ، كما وتم طرح المشروع في مراحل لاحقة من قبل البعض أيضاً .
وكذلك فان البارزاني الخالد بعظمته وكرمز للثورة الكردية لم يستطع أن يوحد حزبين كرديين سوريين في (مؤتمر الوحدة الوطنية) في (ناوبردان) إقليم كردستان العراق عام 1970 ، وقد رجع – المؤتمرون – وهم مصطفون في ثلاثة أحزاب ..

! فكيف لهم وهم الآن فقط سبعة عشر حزباً يستطيعون أن يصلوا إلى كلمة سواء بينهم ..؟ وفي ظل أي – عظيم أو قائد – سينعقد المؤتمر هذه المرة ؟؟ .

الم يفشلوا في معظم المراحل وفي كل مشاريعهم التنسيقية والائتلافية والتحالفية والجبهوية وحتى الوحدوية ..؟  وفي تصديهم للسياسات الشوفينية والعنصرية البغيضة بحق أبناء شعبنا الكردي ..؟
نعم ..

فشلوا وسيفشلون لاحقاً وحتماً ..! لأنهم – لم ولن يعترفوا – بفشلهم وعلى هذا الأساس لا يمكنهم التصدي لمهام المرحلة التي نعيشها منذ أكثر من سبعة أشهر بتلك الطريقة وذات التفكير وبنفس المفاهيم والمواقف السياسية ، وبالتالي بتلك العقلية الانعزالية المغتربة عن الجماهير المتقدة وحالتها الثائرة على كل أشكال الظلم والخنوع والذل ، ولا يمكنهم أيضاً المضي في مسيرة نضال شعبنا بالهياكل المجتزئة والأدوات المهترئة ولا ببناء أي صرح ولا ببلوغ الأهداف والطموحات ، بل ولا ينوون على ذلك .

ويتقصدون المواقف الضبابية غير الواضحة التي تقبل كل التأويلات والتفسيرات .


وبكل تأكيد فان مراجعة الذات والاعتراف بالفشل هو جزء مهم من النجاح ، ومقدمة لا بد منها عند التأسيس أو القيام بأي مشروع نهضوي ، وكذلك معيار أساسي لبلوغ الأهداف وتحقيق الغايات المرجوة ، ولا يمكن القفز فوقها امتثالاً لمقولة عفى الله عما مضى ، كما لا يمكن أيضا بالهياكل المجتزأة وبأدواتها المهترئة أن تبن صروحاً عالية ، والتجارب التي مرت بها الأحزاب الكردية خير دليل ولا سيما تجربة الانتفاضة المجيدة عام 2004 ، فالتضحيات التي قدمها الشعب الكردي لدليل آخر على أن الأحزاب – السياسية – الكردية لم تستفد مرة أخرى من تجربة ودروس تلك الانتفاضة الشعبية .
وهنا أستطيع أن أجد سبباً أساسياً من جملة الأسباب لذلك التقاعس فمجمل هذه الأحزاب انقسمت على نفسها مراراً وتكراراً ، بسبب غياب المناخ الديمقراطي وهيمنة المسؤول الأعلى أو جماعته على مقدرات ذلك الحزب أو التنظيم ، وبفعل قصور الوعي ، والجمود الفكري والسياسي ، والعيش ضمن حالة الاغتراب الجماهيري والجهل الثقافي والتخلف الاجتماعي ، وأحياناً أخرى بفعل الفاعل الخارجي أو الداخلي أو كليهما معاً ، وأمام هذه الظاهرة تجاوز البعض على البعض الآخر وحدث ما حدث من انعكاسات ونتائج سلبية على مختلف الصعد وفي شتى المجالات .
ولهذا فان القضايا السياسية بكل مندرجاتها كانت وما زالت غائبة عن الأحزاب وان وجدت فهي في آخر سلم الأولويات ، ولم نجد اتفاقاً حتى على مستوى الاحتفال بعيد نوروز أو الاحتفال بذكرى ميلاد الحزب أو على مستوى تشكيل قائمة انتخابية … ناهيك عن الموقف من الاقتتال الكردي – الكردي ..

أوالتظاهرات أو الاعتصامات أو الموقف من النظام ..! حتى أن الورقة السياسية لهذا المؤتمر المزمع عقده لم تطرح لمناقشتها من قبل المحاصصين !
كفانا وإياكم شراُ وبؤساً وذلاً ، فزمن القيل والقال ولى من دون رجعة ..

فنحن في زمن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ..

فما عليكم إلا التنحي والرحيل ..

23 / 10 / 2011

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

خالد حسو إن مسيرة الشعب الكوردي هي مسيرة نضال طويلة ومستمرة، لم تتوقف يومًا رغم الظروف الصعبة والتحديات المتراكمة، لأنها تنبع من إرادة راسخة ووعي عميق بحقوق مشروعة طال السعي إليها. ولا يمكن لهذه المسيرة أن تبلغ غايتها إلا بتحقيق الحرية الكاملة وترسيخ مبادئ العدالة والمساواة بين جميع أفراد المجتمع، بعيدًا عن أي شكل من أشكال التمييز القومي أو الديني…

مسلم شيخ حسن – كوباني يصادف الثامن من كانون الأول لحظة فارقة في التاريخ السوري الحديث. ففي مثل هذا اليوم قبل اثني عشر شهرًا انهار حكم عائلة الأسد بعد أربعة وخمسين عاماً من الدكتاتورية التي أثقلت كاهل البلاد ودفعت الشعب السوري إلى عقود من القمع والحرمان وانتهاك الحقوق الأساسية. كان سقوط النظام حدثاً انتظره السوريون لعقود إذ تحولت سوريا…

زينه عبدي ما يقارب عاماً كاملاً على سقوط النظام، لاتزال سوريا، في ظل مرحلتها الانتقالية الجديدة، تعيش واحدة من أشد المراحل السياسية تعقيداً. فالمشهد الحالي مضطرب بين مساع إعادة بناء سوريا الجديدة كدولة حقيقية من جهة والفراغ المرافق للسلطة الانتقالية من جهة أخرى، في حين، وبذات الوقت، تتصارع بعض القوى المحلية والإقليمية والدولية للمشاركة في تخطيط ورسم ملامح المرحلة المقبلة…

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…