المهلة الأخيرة لإبادة الشعب السوري

فرحان مرعي

يقال ان احد المحكومون بالاعدام قال للقيصر في مراهنة اللحظة الاخيرة: ماذا لو علمت حمارك اللغة الروسية خلال سنتين مقابل ان تعفي عني؟ رد عليه القيصر بعد عدم التصديق  والاندهاش موافقاً على الرهان، وعندما رجع المحكوم الى بيته قالت له زوجته هل انت مجنون كيف تعلم حماراً اللغة الروسية؟ رد مبتسماً : ان القضية هي قضية وقت ليس الا، فخلال هذين السنتين اما اموت انا، او يموت القيصر، او يموت الحمار، وفي كل هذه الاحوال ستتغير المعادلة.

وهذا المثال ينطبق على النظام السوري وكيفية لعبه بالوقت واستثماره له بدهاء، فهو يعول على الوقت اكثر من تعويله على القوة ، ولا يتوانى العالم حقيقة على اعطائه هذه الجوهرة،
 فاردوغان اعطاه مهلة خمسة عشرة يوماً ثم صمت صمت القبور والروس اعطاه شهراً كاملاً لعل وعسى ، والاشقاء العرب اعطوه مهلة خمسة عشرة يوماً اضافية، والنظام السوري مع كل مهلة يقول في نفسه قد استطيع ان انهي واقمع الاحتجاجات او يموت الرئيس الامريكي او تقترب الانتخابات الامريكية او يحدث انفجار ارهابي كبير في اوربا او امريكا على غرار انفجارات 11 ايلول 2001 وتغطي على الاحداث في سوريا وووالخ وهذه اللعبة الاممية القذرة اليوم لا تختلف كثيراً عن لعبة روما القديمة عندما كان يدفع بالمحكوم بالاعدام الى حلبة صراع مع وحش كاسر ذئباً او نمراً او اسداً فان استطاع ان يقتل الوحش يكون قد فاز بالعفو وان قتل هو يكون قد نال حكمه ،وهكذا العالم( الحر والديمقراطي والاشقاء ) بين فترة واخرى يعطون مهلة ووقت للنظام ويدفعون بالشعب السوري المحكوم بالاعدام الى حلبة صراع مع وحوش بشرية كاسرة ويتفرج وينتظر من سينهي الآخر في مباراة تراجيدية قل نظيرها في العصر الحديث، انها بالفعل مأساة العصر وكارثة انسانية بكل معنى الكلمة  .

يتحدث التاريخ عن مدن صامدة ،صمدت في وجه جبابرة عتاة ،ستالينغراد ،ديان بيان فو ،الجزائر ،جنين ،وغيرها من المدن والبلدان التي قاومت الغزو والاحتلال ، وسيتحدث التاريخ عن مدن صامدة واجهت اعتى العتاة في سوريا ، درعا ، داعل ، دوما، كفرنبل، الرستن، تلبيسة، حماه، دير الزور، تلكلخ، عامودا ….الخ ولكن الفرق بين الاولى والثانية ان الشعب السوري في المدن السورية تواجه الدبابات والطائرات والجنود المدججين باشد وافتك الاسلحة بصدور عارية وبالهتافات والاناشيد الثورية وهنا تكمن اسطورة الشعب السوري الذي يواجه لوحده هذه الالة الفتاكة مع صمت عربي ودولي مريب ،ولكن لماذا يتفرج العالم على ذبح شعب اعزل ينادي بالحرية والكرامة ؟ سوريا التاريخ والحاضر التي لم تقدم للعالم الا الخير والحضارة والزراعات و الزيتون والحبوب والقطن والمحبة  ، سوريا بلد الحضارات والابجديات ،  سوريا   بلد  المتعدد الثقافات ، بلد الكرد والعرب والتركمان والارمن والشركس والايزيد والاشور والسريان …..

لماذا يكافئ بهذا الشكل ؟؟؟    
اجتمع العالم على النازية والفاشية فهل الشعب السوري نازي وفاشي حتى يقتل بهذا الشكل من هو فاشي ،الشعب ام النظام ،وكيف سيتعامل العالم مع هكذا النظام اذاً اخلاقياً واجتماعياً وسياسياً واقتصادياً اذا انتصر على شعبه واباده ابادة كاملة ؟؟  

القيم الانسانية لا تباع ولا تشترى في سوق النخاسة وعالم بلا اخلاق وبلا قيم  عالم مصيره الانهيار والدمار،ولذلك تنهض الشعوب ضد ظالميها اليوم في الشرق والغرب الذين حولوا العالم الى غابة حيوانية شرسة ، وتحرك هذه الشعوب تؤكد على جدلية العلاقة بين الاستغلال والاستبداد، فالدول الغربية حمت الاستبداد الشرقي  لمدة القرن تقريباً ،كما قدمت هذه النظم الاستبدادية الشرقية كل الخيرات والثروات للشركات الاحتكارية الغربية الى ان وصلت درجات الاستبداد والاستغلال والتحالف غير المقدس بينهما الى حدودها القصوى فكان الظلم والفقر والتهميش والحروب على القسم الاعظم من الكرة الارضية حتى خرجت الشعوب من قمقمها منتفضة ضد جميع اشكال الظلم والاستبداد والاستغلال، واننا نعتقد ان عالماً جديداً يتكون، لينهار القيم المادية المبتذلة والجشع   وقيم السلطة الاستبدادية لتحل محلها عالماً جديداً متطوراً اخلاقياً ومادياً وحضارياً وروحياً  .

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

شادي حاجي القضية الكردية في سوريا ليست قضية إدارية تتعلق بتدني مستوى الخدمات وبالفساد الإداري وإعادة توزيع الوظائف الادارية بين المركز وإدارات المناطق المحلية فإذا كان الأمر كذلك لقلنا مع من قال أن المشكلة إدارية والحل يجب أن يكون إدارياً وبالتالي حلها اللامركزية الادارية فالقضية الكردية أعقد من ذلك بكثير فهي قضية شعب يزيد تعداده على ثلاثة ملايين ونصف تقريباً…

اننا في الفيدرالية السورية لحقوق الانسان والمنظمات والهيئات المدافعة عن حقوق الإنسان في سورية ومع مناصري ثقافة التسامح واحترام حقوق الانسان ومع أنصار السلم والحرية، نقف مع السوريين ضد الانتهاكات الجسيمة والاعتداءات الصريحة والمستترة على حقوق الانسان الفردية والجماعية، وسياسات التمييز ضد المرأة والطفل، وضد الأقليات، وضد الحرب وضد العنف والتعصب وثقافة الغاء الاخر وتهميشه، وتدمير المختلف، والقيام بكل ما…

نحن، المنظمات الحقوقية الكردية في سوريا، نهنئ الشعب السوري، بجميع مكوناته وأطيافه، على إسقاط نظام الاستبداد، إذ تمثل هذه الخطوة التاريخية ثمرة نضال طويل وتكاتف الشعب السوري ضد آلة القمع، وهي بلا شك نقطة انطلاق نحو بناء سوريا المنشودة. إن سوريا الجديدة، بعد إسقاط النظام البائد، تدخل مرحلة حاسمة، وهي مرحلة البناء والسلام والصفح. لذا، ينبغي أن تسود فيها العدالة…

خليل مصطفى بتاريخ 22/2/1958 (شهر شباط) تم التوقيع على اتفاقية الوحدة (بين مصر وسوريا)، حينها تنازل رئيس الجمهورية السُّورية شكري القوتلي عن الرئاسة (حكم سوريا) للرئيس المصري جمال عبد الناصر (طوعاً)، وقال لـ (جمال عبدالناصر): (مبروك عليك السُّوريون، يعتقد كل واحد منهُم نفسهُ سياسياً، وواحد من اثنين يعتبر نفسهُ قائداً وطنياً، وواحد من أربعة يعتقد بأنهُ نبي، وواحد من عشرة…